الكرد ومقاومة محو الهوية في عفرين

في فبراير 2018، شنّت تركيا عملية عسكرية أطلقت عليها اسم “غصن الزيتون”، مستهدفة منطقة عفرين في شمال سوريا. هذه العملية أسفرت عن احتلال عفرين وتسببت في موجة واسعة من الاضطهاد والانتهاكات بحق السكان الأكراد الأصليين. تنفذ هذه السياسات بالتنسيق مع ميليشيات الجيش الوطني السوري، وتتنوع هذه السياسات بين العنف والتهجير والخطف والتهديد والتعذيب والقتل، بالإضافة إلى الاستيلاء على الممتلكات وقطع الأشجار وتجريف القبور ونهب الآثار والتلاعب بالهندسة الاجتماعية والتغيير الديمغرافي.

العنف والتهجير
تُستخدم تركيا وميليشياتها المسلحة العنف والتهجير كوسيلة لفرض السيطرة وتفريغ المنطقة من سكانها الأصليين. منذ دخول القوات التركية وميليشيات الجيش الوطني إلى عفرين، تم تهجير الآلاف من الكرد من منازلهم وقراهم. هذا التهجير القسري يهدف إلى تغيير التركيبة السكانية للمنطقة لصالح العناصر المدعومة من تركيا، مما يعكس نمطاً من التغيير الديمغرافي الممنهج.

الخطف والتهديد والتعذيب
تم توثيق حالات عديدة من الخطف والتهديد والتعذيب. يتم خطف المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال، بهدف ترهيب المجتمع الكردي وإجباره على الامتثال للسياسات الجديدة. يتعرض المخطوفون للتعذيب والانتهاكات الجسدية والنفسية، وغالباً ما يُطلب من عائلاتهم دفع فدية مالية للإفراج عنهم.

الاستيلاء على الممتلكات وقطع الأشجار وتجريف القبور
يعد الاستيلاء على الممتلكات وقطع الأشجار وتجريف القبور من بين السياسات الممنهجة الأخرى التي تهدف إلى محو الهوية الثقافية والتاريخية للأكراد في عفرين. تم الاستيلاء على منازل وأراضي المدنيين للكرد، ونُهبت ممتلكاتهم. كما تعرضت آلاف الأشجار للقطع، وهو ما يمثل اعتداءً على البيئة المحلية وعلى وسائل العيش للسكان.

تجريف القبور وإزالة المعالم الأثرية والتاريخية يعكس محاولة لمحو الذاكرة الجمعية للكرد في المنطقة. نهب الآثار والتلاعب بالمواقع التاريخية يهدف إلى طمس الهوية الثقافية للكرد.

التلاعب بالهندسة الاجتماعية والتغيير الديمغرافي
أحد الأهداف الرئيسية للاحتلال التركي هو تغيير الهندسة الاجتماعية لعفرين. يتم جلب عناصر من خارج المنطقة، غالباً من مجموعات تدعمها تركيا، لتوطينهم في عفرين. هذا التغيير الديمغرافي القسري يهدف إلى خلق واقع جديد يتيح لتركيا والميليشيات المتحالفة معها السيطرة الدائمة على المنطقة.

التتريك
تواصل تركيا فرض المزيد من الإجراءات التعسفية والخطوات التي تهدف إلى تتريك المناطق السورية المحتلة. في الوقت الذي تعتبر فيه هذه المناطق جزءًا من الأراضي السورية ذات السيادة، تواصل تركيا التدخل العميق في شؤونها، مما يثير قلق العديد من الجهات الدولية والمحلية.

تعيين قادة المعارضة السورية في الخارج
من بين الخطوات التي تتخذها تركيا، تدخلها في تعيين قادة الائتلاف السوري في إسطنبول. هذا الائتلاف، الذي يشمل مجموعة واسعة من المعارضين السوريين في الخارج، يرتبط غالبهم بتنظيم الإخوان المسلمين المحظور. يثير هذا التدخل التركي العديد من التساؤلات حول استقلالية هذا الائتلاف ومدى تأثير تركيا عليه.

السيطرة على الحكومة السورية المؤقتة والأجهزة الأمنية
إلى جانب ذلك، تفرض تركيا وزراء ورئيس الحكومة السورية المؤقتة في مدينة عينتاب. كما تعتبر الجهة التي تقوم بتعيين قادة الأجهزة الأمنية المختلفة، بما في ذلك جهاز الأمن العسكري، والسياسي، والشرطة. هذه السيطرة تشمل أيضًا تعيين قيادات ميليشيا الجيش الوطني، وفرض أسماء معينة على الحواجز والمؤسسات الأمنية والسجون، مما يضعف من إمكانية وجود أي استقلالية في هذه المؤسسات.

تعيين رؤساء المجالس المحلية ومدراء المؤسسات
كما تفرض تركيا تعيين رؤساء وأعضاء المجالس المحلية، ومدراء المدارس والدوائر كافة، بالإضافة إلى فرض القضاة والمحامين. في كل هذه التعيينات، تختار تركيا أشخاصًا مرتبطين بها وموالين لها على حساب الكفاءة، التي لا تساوي شيئًا في نظرها.

تشكل هذه الإجراءات جزءًا واسعًا من ممارسات التتريك وتقسيم سوريا. بالإضافة إلى ذلك، تعمل تركيا على تغيير أسماء القرى والبلدات والشوارع إلى أسماء تركية، ورفع الأعلام التركية وصور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الساحات والدوائر الحكومية.

في ظل هذه السياسات، تتجه الأنظار نحو المجتمع الدولي ليتخذ موقفًا واضحًا حيال هذه التدخلات التركية، والعمل على الحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها، والضغط على تركيا لوقف ممارساتها التعسفية التي تهدف إلى تغيير الهوية السورية وفرض واقع جديد يخدم مصالحها الخاصة.

رغم هذه السياسات القمعية، يواصل الكرد في عفرين وبقية المدن المحتلة مقاومة محاولات محو هويتهم. هذه المقاومة تتجلى في التمسك بالعادات والتقاليد واللغة الكردية، إضافة إلى النشاطات الثقافية والحقوقية التي تسعى لتوثيق الانتهاكات ورفع الوعي الدولي بشأنها. جهود المنظمات الحقوقية المحلية والدولية تلعب دوراً مهماً في تسليط الضوء على هذه الانتهاكات والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عنها.

يمثل الوضع في عفرين جزءاً من النضال الأوسع للكرد في مواجهة سياسات القمع والتهجير. على الرغم من الظروف الصعبة، تستمر المقاومة والتشبث بالهوية في وجه محاولات محوها.

تركيا تواصل تتريك شمال سوريا… من بوابة الاقتصاد هذه المرة

“خطوة تتريك أخرى”.. افتتاح مدرسة باسم ” كورت آر حاجي مولود أويصال” في الراعي السورية

تتريك المدن السورية : المزيد من الأعلام والشعارات التركية والكثير من صور أردوغان

تركيا تواصل ( التتريك ) وتجرّد المدن من سوريتها تدريجيا

تركيا لا تكترث لشيء… وتواصل تتريك مدن الشمال السوري من دوار “أرطغرل” إلى معهد “يونس أمره”

الترميم وسيلة جديدة تتبعها تركيا للتتريك ومحو معالم والمراكز الأثرية والدينية في عفرين

“سياسة التتريك”.. من جمال باشا السفاح إلى أردوغان!

بعد مرور عامين على “الاحتلال”: عفرين تتعرّض لأشد عمليات التتريك لمناطق الشمال السوري

عفرين السورية.. هوية كردية في مهب “حروب التتريك”

تركيا تواصل تتريك الشمال السوري عبر بوابة التعليم

أنقرة تسعى لتتريك مُدن شرق الفرات من بوابة التعليم والخدمات والنازحين

صور من “منطقة أردوغان الآمنة”: تتريك، تهجير، مجازر وخطف وتفجيرات

مظاهر جديدة من “التتريك” شمال سوريا

لتعزيز دورهم…تركيا ترعى مؤتمرا للتركمان في بلدة سورية تم تتريك أسمها

تركيا تكثف أنشطة “التتريك” في شمال سوريا

تتريك شمال سوريا

عفرين… «تتريك» وتغيير ديموغرافي

تتريك واستتراك ناعم في الشمال السوري

على خُطى التتريك: جامعات تركية في مناطق “درع الفرات” و”غصن الزيتون”

بعد مرور عام على “الاحتلال”: عفرين تتعرّض لأشد عمليات التتريك لمناطق الشمال السوري

تركيا تسعى إلى “تتريك” شمال سوريا وضمه إليها

«تتريك» نظام أردوغان يتفاقم في مناطق بشمال سورية

بعد تغيير أسماء الساحات العامة في عفرين: الفصائل تبدأ بتتريك أسماء القرى

عفرين بين تطبيق سياسات التتريك والتعريب

https://vdc-nsy.com/archives/1269

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك