تواصل تركيا استخدام “المياه” كسلاح حرب، فعلى الرغم من الدعوات الدولية ودعوات تجنب استخدام المياه كأحد أدوات الحرب فإنّ الاستجابة التركية تظل دون الحد الأدنى، بتاريخ 31 مارس، 2020 طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، تركيا باستئناف عمل محطة مياه “علوك” في ريف الحسكة، لضمان إمداد المياه لمناطق سيطرة الإدارة الذاتية في شمال وشرقي سوريا.
وقالت “هيومن رايتس” إنّ “تقاعس السلطات التركية عن ضمان إمدادات مياه كافية لمناطق سيطرة الكرد في شمال شرقي سوريا يضر بقدرة المنظمات الإنسانية على تجهيز المجتمعات الضعيفة لحمايتها، في ظل انتشار فيروس “كورونا” الجديد المسبب لوباء “كوفيد-19″ العالمي”.
وتخدم المحطة /460/ ألف شخص في محافظة الحسكة (مدينة الحسكة، وثلاثة مخيمات نازحين)، وقامت السلطات التركية بإيقاف ضخ المياه عدة مرات كان آخرها في 29 آذار/ مارس الجاري.
وقال مايكل بيج، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط في المنظمة الدولية، “في خضم وباء عالمي يثقل كاهل أنظمة حكم وبنى تحتية متطورة، قطعت السلطات التركية إمدادات المياه عن المناطق الأكثر ضعفاً في سوريا. ينبغي على السلطات التركية بذل جهدها لاستئناف إيصال المياه إلى تلك المجتمعات فوراً”.
وأضافت “هيومن رايتس” في تقريرها، أنّ الإدارة المحلية والمنظمات الإنسانية في شمال شرقي سوريا تواجه عقبات هائلة أمام محاولاتها وضع خطة جهوزية لمواجهة فيروس “كورونا”، ولم تتمكن من جلب إمدادات إضافية إلى المنطقة بسبب إغلاق الحدود مع إقليم كردستان العراق، وإلغاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التفويض بمرور المساعدات عبر معبر اليعربية في كانون الثاني/ يناير الفائت، بسبب تهديد روسيا في الشهر ذاته باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد القرار بأكمله.
400 ألف هكتار من الأراضي الزراعية على خط “الجفاف”
تعتبر بحيرة الفرات -وهي أكبر بحيرة صناعية في سوريا- وبدأ منسوب مياهها بالانخفاض بشكل ملحوظ منذ بداية العام 2013 ووصل الحدود الدنيا بعد عام 2018 لينذر بكارثة تهدد سد الفرات الذي يغذي المنطقة بالكهرباء والمياه.
ويقدر طول بحيرة الفرات الواقعة شرقي سوريا بنحو 85 كيلومترا، ويصل عمقها في المنتصف إلى نحو 85 مترا وتحتوي على أكثر من 14.200 مليار متر مكعب من المياه. ويشهد مستوى المياه فيها انخفاضا متواصلا بفعل تحكم تركيا بتدفق المياه (دولة المنبع) للأراضي السورية، حيث تشير البيانات الأولي أنّ منسوب المياه في البحيرة الواقعة خلف السد وصل إلى مستوى مقلق، وهو 298.5 مترا، علما أنّ مستوى البحيرة يبلغ 304 أمتار.
وخفضت تركيا معدل المياه المتدفقة في نهر الفرات إلى الأراضي السورية بنسبة 60% مع بداية شهر أيار / مايو الجاري، للمرة الثانية خلال 4 أعوام.
وتروي مياه الفرات سهول على امتدادٍ واسع على طول ضفافه في حوض الفرات شمال شرق سوريا، إذ تقدر المساحات المزروعة بالحبوب وأهمها القمح إلى جانب البساتين وأشجار الفاكهة بـما يقارب 400 ألف هكتار من الأراضي الزراعية بحسب عدد من لجان وهيئات الزراعة في مناطق مختلفة.
تقول سعاد دمر الرئيسة المشتركة لمجلس ناحية القناية غربي مقاطعة كوباني، إنّ خفض الدولة التركية لمنسوب مياه النهر عمداً يهدد الإنتاج المحلي من الخضار على طول امتداد المجرى في المقاطعة، والتي تغذي مناطق مختلفة من شمال وشرق سوريا.
وتثير الكمية الضئيلة من المياه القادمة من الأراضي التركية، المخاوف من انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 12 ساعة في اليوم، حيث تضخ تركيا المياه بمعدل 200 متر مكعب في الثانية، مخالفة اتفاق عام 1987 بين دمشق وأنقرة والذي ينص على أن تضخ تركيا المياه بمعدل 500 متر مكعب في الثانية تذهب 58% من تلك الكمية للأراضي العراقية.
49 منظمة سورية تدين قطع تركيا المتعمّد للمياه في شمال شرق سوريا تكرار قطع المياه من محطة “علوك” يضع حياة نحو 600 ألف شخص في دائرة الخطر الوشيك ويمنع جهود مكافحة فيروس كورونا
مجدداً، وبتاريخ 21 آذار/مارس 2020، قامت القوات التركية المسيطرة على “محطة مياه علوك” بقطع المياه عن حوالي 600 ألف شخص من سكان مناطق شمال شرق سوريا؛ بعد عمليات قطع متكررة حدث آخرها بتاريخ 24 شباط/فبراير 2020.
تشكّل المحطة الواقعة في الريف الشرقي لمدينة رأس العين/سري كانيه؛ المصدر الرئيسي للمياه الذي يعتمد عليه سكان مدن: الحسكة وتل تمر ومخيمات الهول والعريشة و”واشو كاني” وغيرها من المناطق، وإنّ تكرار عمليات وقف ضخّ المياه الصالحة للشرب يدفع بالسكان إلى مصادر مياه غير آمنة وهو ما يشكّل خطراً جسيماً على حياتهم في ظل الجهود المحلّية للتصدي لفيروس كورونا المستجد (كوفييد 19).
هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها حرمان السكان من الوصول إلى مصادر المياه من محطة “علوك”، فقد أدى قصف القوات التركية أثناء العمليات العسكرية خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر 2019 إلى توقف ضخ المياه من المحطة، وذلك بعد أن تعرّض مبنى المحطة لعدة قذائف، فيما أصابت أخرى خطوط الكهرباء المغذية لها.
تحتوي محطة “علوك” لتجميع وضخ المياه على 30 بئراً، باستطاعة ضخ تبلغ نحو 175 ألف متر مكعب يومياً، وإنّ حرمان مئات الآلاف السكان من المياه يعني حرمانهم من مورد أساسي لحماية أنفسهم من فايروس كورونا حيث أنّ غسل اليدين بالصابون أمر بالغ الأهمية في مكافحة الفيروس.
تدين المنظمات الموقعة على هذا البيان هذا القطع المتكرر والمتعمد لضخّ المياه من محطة “علوك” من قبل الحكومة التركية وتذكّر أنّ هذا الحرمان المتعمد من المياه للسكان يشكّل انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي ويشكل جريمة حرب، وانتهاكاً لحقوق جميع سكان شمال شرق سوريا الأساسية بالحصول على مياه صالحة للشرب والاستعمال، وتدعو الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، إلى:
الضغط على الحكومة التركية من أجل السماح بإعادة ضخّ المياه باتجاه المناطق المحرومة منها بشكل فوري وعاجل، وضمان عدم تكرار عمليات القطع تحت أي ذريعة.
تحييد محطة مياه “علوك” من الصراعات السياسية والعسكرية وإخضاع إدارتها إلى فريق مدني مختص ومستقل، وذلك بإشراف ورقابة دولية وكف يد القوات التركية من استخدامها كورقة ابتزاز
ضمان أن يستفيد جميع سكان منطقة شمال شرق سوريا من الموارد المائية بشكل عادل ودون أن تمييز من أي نوع كان.