ضرورة تحقيق العدالة ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب في سوريا

منذ عام 2011، دخلت سوريا في نزاع مسلح دامٍ أودى بحياة مئات الآلاف من المدنيين وأدى إلى تدمير البنية التحتية للعديد من المدن. تنوعت الأطراف المشاركة في النزاع بين النظام السوري، فصائل المعارضة المسلحة، التنظيمات الإرهابية، والداعمين الدوليين. وبينما أُدينت جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها النظام السوري، لا يمكن إغفال الانتهاكات التي ارتكبتها بعض فصائل المعارضة المسلحة-التي وصلت إلى السلطة الآن-، التي كانت بدورها جزءًا من النزاع، خاصة في المناطق التي استولت عليها تلك الفصائل.

أهمية تحقيق العدالة: تحقيق العدالة يشمل جميع الأطراف التي ارتكبت جرائم حرب، سواء كانت تابعة للنظام أو المعارضة. العدالة ليست مجرد عقاب، بل هي وسيلة لإعادة حقوق الضحايا، وتضميد الجروح، وبناء مستقبل يتسم بالسلام والمصالحة. من الضروري أن تركز محاكمات جرائم الحرب على الجميع دون استثناء، لردع ارتكاب مثل هذه الجرائم في المستقبل وضمان ألا يفلت أحد من العقاب.

الانتهاكات وجرائم الحرب: في إطار النزاع السوري، ارتكبت العديد من الأطراف انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، حيث شملت:

الهجمات ضد المدنيين: من قبل النظام السوري وفصائل المعارضة، بما في ذلك استهداف المناطق السكنية بالقصف العشوائي، ما أسفر عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين.

التعذيب والاعتقال التعسفي: حيث تعرض العديد من المدنيين للاحتجاز التعسفي والتعذيب على يد كل من النظام وفصائل المعارضة في المناطق التي تم السيطرة عليها، بما في ذلك التصفية والتهجير القسري.

استخدام الأسلحة المحرمة دوليًا: سواء من قبل النظام السوري، الذي استخدم الأسلحة الكيميائية في العديد من الهجمات، أو من قبل بعض فصائل المعارضة التي استخدمت الأسلحة البرميلية بشكل عشوائي ضد المدنيين.

التطهير العرقي: قامت بعض فصائل المعارضة بتهجير السكان من بعض المناطق التي كانت تحت سيطرتها، وتعرضت بعض المجموعات العرقية والإثنية للتهجير والتصفية.

الاعتداءات على العاملين في المجال الإنساني: حيث تعرضت المرافق الطبية للعديد من الهجمات من قبل جميع الأطراف، بما في ذلك فصائل المعارضة.

التحديات أمام محاسبة مرتكبي الجرائم:

تعقيد النزاع وتعدد الأطراف: وجود أطراف عديدة في النزاع، بما في ذلك فصائل المعارضة التي تغيرت تحالفاتها بشكل متكرر، يجعل من الصعب تحديد المسؤولين عن الجرائم.

غياب آلية محاسبة فعالة: في ظل غياب محاكم مستقلة وفعالة، يظل العديد من مرتكبي الجرائم بعيدين عن المساءلة.

التدخلات الدولية: تداخل المصالح الإقليمية والدولية في سوريا يجعل من الصعب الوصول إلى توافق حول آليات محاسبة عادلة وفعالة.

التوصيات:
إعادة توجيه التحقيقات لتشمل جميع الأطراف: من الضروري أن تشمل محاكمات جرائم الحرب جميع الأطراف المتورطة في النزاع، بما في ذلك النظام السوري وفصائل المعارضة المسلحة، خاصة تلك التي ارتكبت انتهاكات ضد المدنيين. يجب أن تكون هناك آلية محاسبة موحدة تشمل جميع الأطراف المتورطة.

إنشاء محكمة دولية مختصة: يجب أن تُنشأ محكمة دولية متخصصة للنظر في جرائم الحرب المرتكبة في سوريا. هذه المحكمة يجب أن تكون قادرة على محاكمة الأفراد الذين ارتكبوا جرائم، سواء كانوا من النظام أو من المعارضة.

دعم العدالة الانتقالية: يجب أن يتم دعم جهود العدالة الانتقالية في سوريا، من خلال توثيق الانتهاكات وتعويض الضحايا، ودعم مبادرات المصالحة بين المجتمعات المتضررة.

تعزيز دور المحكمة الجنائية الدولية: يجب أن تواصل المحكمة الجنائية الدولية العمل على التحقيق في جرائم الحرب في سوريا، مع التركيز على محاكمة جميع الأطراف التي ارتكبت هذه الجرائم.

التعاون الدولي: يجب على المجتمع الدولي زيادة الضغط على جميع الأطراف، بما في ذلك القوى الداعمة لفصائل المعارضة، لضمان تقديم المسؤولين عن الجرائم إلى العدالة.

امن المهم أن تكون العدالة شاملة وعادلة لجميع الأطراف، وأن يتم محاكمة المسؤولين عن الانتهاكات سواء كانوا من النظام السوري السابق او الحالي. العدالة والمساءلة لا تقتصر على العقاب فقط، بل تشمل أيضًا ضمان عدم تكرار هذه الجرائم في المستقبل، وإعادة بناء المجتمع السوري على أسس من المساواة والعدالة.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك