سوريا .. قصة النصب التذكاري لشهداء السيفو بالقامشلي الذي تعرض للتخريب

تعرض النصب التذكاري لشهداء الإبادة السريانية في شارع القوتلي وسط مدينة القامشلي، شرقي سوريا، لعملية تخريب من قبل أشخاص مجهولين.

والنصب التذكاري يرمز لمذابح سيفو أو الإبادة الجماعية للآشوريين/للسريان وتعرف كذلك باسم المذابح الآشورية أو مذابح السريان، وتصنف كجرائم ضد الإنسانية ضد الشعب الاشوري والسرياني من قبل القوات العثمانية

مذابح سيفو
تُطلق على سلسلة من العمليات الحربية التي شنتها قوات نظامية تابعة للدولة العثمانية بمساعدة مجموعات مسلحة شبه نظامية استهدفت مدنيين مسيحيين آشوريين/سريان/كلدان (ينتمون في الغالب إلى الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، وكنيسة المشرق، أو الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية) أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى في المناطق الشرقية من الدولة العثمانية، والمناطق المجاورة من بلاد فارس (الدولة القاجارية). أدت هذه العمليات التي حصلت على يد القوات العثمانية، إلى مقتل مئات الآلاف من الآشوريين/السريان/الكلدان كما نزح آخرون من مناطق سكناهم الأصلية بجنوب شرق تركيا الحالية وشمال غرب إيران. اعتبرت عمليات ترحيل وذبح المسيحيين في الأراضي العثمانية والمناطق المجاورة من بلاد فارس بمثابة إبادة جماعية من قبل العديد من العلماء والباحثين، وحدثت بالتزامن مع الإبادة الجماعية للأرمن واليونانيين.

ذُبح ونُقل السكان المدنيون الآشوريين/السريان/الكلدان في بلاد ما بين النهرين العليا (بلدات أورفة وماردين ومديات، فضلاً عن المناطق الريفية في مناطق طور عبدين وهكاري ووان وبدلبس في جنوب شرق تركيا حاليًا، ومنطقة أرومية في شمال غرب بلاد فارس) قسراً من قبل الجيش العثماني، بين عامي 1914 و1920، كما تعرض المدنيون الفارون العُزَّل إلى هجمات من قبل الميليشيات التابعة للعثمانيين.

شارك الباب العالي في تدمير المجتمعات الآشورية بشكل أقل بالمقارنة مع الإبادة الجماعية للأرمن. تم قتل الآشوريين في كثير من الأحيان بمبادرة من السياسيين المحليين المعينين من قبل السلطان العثماني، الذين نهبوا الأراضي الآشورية والسريانية خلال هذه الهجمات. أدت الهجمات والمرض والمجاعة أثناء هروب الآشوريين إلى زيادة عدد القتلى، وتعرضت النساء لاختطاف واغتصاب على نطاق واسع.

لا توجد إحصائيات دقيقة للعدد الكلي للضحايا، غير أن الدارسين يقدرون أعداد الضحايا السريان/الآشوريين بين 250,000 إلى 500,000 شخص. كما يضاف إلى هذا العدد حوالي مليوني أرمني ويوناني بنطي قتلوا في إبادات جماعية مشابهة معروفة بالإبادة الجماعية للأرمن والإبادة الجماعية لليونانيين. لكن على عكسهما، لم يكن هناك اهتمام دولي بمجازر سيفو، ويعود السبب إلى عدم وجود كيان سياسي يمثل الآشوريين في المحافل الدولية. كما لا تعترف تركيا رسمياً بحدوث عمليات إبادة مخطط لها. بدأت جهود الاعتراف الرسمي بالإبادة الجماعية للآشوريين في التسعينيات من القرن العشرين وقادها الآشوريون في الشتات. اعترفت عدة دول، بما في ذلك الولايات المتحدة، بأن الآشوريين في الدولة العثمانية كانوا ضحايا للإبادة الجماعية من قبل الأتراك.

بدأت هذه المجازر في سهل أورميا بإيران عندما قامت بعض العشائر المسلحة بتحريض ديني من العثمانيين بالهجوم على قرى آشورية فيه، كما اشتدت وطأة المجازر بسيطرة العثمانيين عليه في كانون الثاني 1915. غير أن عمليات الإبادة لم تبدأ حتى صيف 1915 عندما دفعت جميع آشوريي جبال هكاري إلى النزوح إلى أورميا كما تمت إبادة وطرد جميع الآشوريين/السريان/الكلدان من ولايات وان وديار بكر ومعمورة العزيز.

خلال هذه الفترة قامت الحكومة العثمانية بمهاجمة وقتل مجموعات عرقية مسيحية أخرى منها الأرمن واليونانيين البنطيين وغيرهم، ويرى العديد من الباحثين أن هذه الأحداث، تعتبر جزء من نفس سياسية الإبادة التي انتهجتها الحكومة العثمانية ضد الطوائف المسيحية. وأدت سلسة المجازر هذه بالإضافة إلى المجازر الأرمنية وعمليات التبادل السكاني مع اليونان إلى تقلص نسبة المسيحيين في تركيا من حوالي 17.5% أو 33% قبيل الحرب إلى 0.1 حاليا ونزوح مئات الآلاف من الآشوريين/السريان إلى دول الجوار. وانحفضت أعداد المسيحيين في تركيا الحالية من 3.2 مليون نسمة عام 1910 إلى 310,000 نسمة عام 2010.

مسؤولية الحكومة العثمانية
اتبع العثمانييون سياسة إبادة منهجية ضد مختلف الأٌليات الدينية والعرقية. ومجازر سيفوا كانت جزء من نفس سياسية الإبادة التي انتهجتها حكومة تركيا الفتاة، حيث تم استهداف ومهاجمة وقتل مجموعات عرقية مسيحية أخرى خلال هذه الفترة وكان منها السريان والكلدان والآشوريين والكرد واليونانيين البنطيين وغيرهم.

وبعد انتصار الأتراك في حرب الأستقلال التركية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، قاموا بترحيل آخر من تبقى من السريان والأرمن في مناطق الجزيرة العليا وقيليقية وقد هاجر معظم هؤلاء إلى مدن سوريا الشمالية (حلب ، القامشلي ) هربا من الإبادة. بالإضافة لذلك نزح أغلب السريان الكاثوليك إلى بيروت فعاشوا بالبداية بمخيمات بالقرب فيما أصبح لاحقا حي السريان ولم يحصلوا على الجنسية اللبنانية حتى سنة 1971.

طرق الإبادة
تم استخدام العديد من الطرق في قتل المدنيين، وقد كان استخدام السلاح الأبيض الأكثر شيوعا لكونه غير مكلف ومنه انحدر اسم المجازر بالسريانية. ويروى أنه في بداية المجازر في آمد (ديار بكر) أعتقل حوالي الألف من أعيان البلدة من الأرمن والسريان/الكلدان في بتهمة حيازة أسلحة وبعد أن جمع مبلغ مالي مقابل إطلاق سراحهم قرأ عليهم المفتي خبر الصفح عنهم، وبعد أن سيقوا في شواع البلدة وضعوا في عوامات خشبية (كلك) على نهر دجلة ليتم إيقافهم في ملتقى نهر بطمان بدجلة جنوبي المدينة حيث عروا من ملابسهم وذبحوا من قبل الأتراك ورمت جثثهم بالنهر. كما قامت السلطات بأخبار أهاليهم بوصولهم سالمين إلى الموصل. وقد قام العثمانيون بهذه العملية عدا مرات حتى أنه يروى أن أهالي الموصل كانوا يشاهدون وصول العوامات الخشبية الفارغة متبوعة بجثث المقتولين طافية على النهر.

أثناء مجازر نصيبين وجزيرة ابن عمر الثانية في آب 1915 اقتيد الرجال إلى وادي بعيد وتم ذبحهم بعد تخييرهم بين الموت ودخول الإسلام. فقتلوا خلال يومين 800 رجلا.[109] بعد يومين أرسلت بقية العوائل في عوامات خشبية، وبأعالي النهر تم التقاطهم واغتصاب النسوة وقتلهن ورمي جثثهن بالنهر.

تعتبر قرية قرة باش شمال شرق آمد من أولى القرى السريانية التي تم إبادة سكانها بشكل شبه كامل. فبحد أن تم تجميع جميع قطع الأسلحة فيها، دخلها مجموعة من خمسين رجلا وقاموا بجمع الرجال بها وقتلهم بعدها قام مسؤولان من حركة تركيا الفتاة بتحريض سكان القرى بالهجوم على قرة باش واعدين إياهم بالغنائم مقابل إبادة سكانها. وبالفعل هوجمت القرية في أيار 1915 فنهبت المنازل وأحرقت كما قام المهاجمون باغتصاب النسوة وقتلهن.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك