الطبيعة الفريدة والتضاريس التي تحيط مدينة عفرين الكردية في أقصى الشمال الغربي من سوريا، جعلت منها جنة سياحية لطالما قصدها السوريون، عفرين كانت تتمتع بالامان والاستقرار وظلت بمعزل عن الحرب السورية الدامية، وكانت مقصدا لالاف الفارين للاستقرار فيها.
بحيرة ميدانكي:
يعتبر سد 17 نيسان أو بحيرة ميدانكي كما يطلق عليها سكانها المحليون، من أهم مراكز السياحة في عفرين ، نظراً لاتساعها بشكل كبير.
تقع بحيرة ميدانكي في أسفل الجبال المحيطة، وأقيم عليها سد 17 نيسان لتغذية مدينة عفرين بالمياه.
هي بحيرة اصطناعية نشأت بعد حجز مياه نهر عفرين خلف السد منذ عام 2000.
أُنشئت البحيرة من خلال مشروع اقتصادي حيوي تم البدء بتنفيذه منذ عام 1984. وتقع البحيرة إلى الجنوب من قرية ميدانكي بنحو 2 كم، وإلى الشمال الشرقي من مدينة عفرين بنحو 15 كم، كما يحيط بها قرية كفر جنة السياحية. يعتبرها السكان المحليون الملجأ الوحيد للاستمتاع بالمناظر الخلابة التي تحيط البحيرة من بساتين وجبال وسهول وهضاب. يخرج الناس إلى بحيرة ميدانكي لقضاء يوم ربيعي أو صيفي، وحتى في الخريف، نظراً لزهو المكان. فتجتمع آلاف العوائل ومجموعات الشبان حول محيط البحيرة. منهم من يأتي بطعامه وشرابه، قبل أن تنتهي النزهة بالسباحة، علّ الماء تغسل آثار الحرب ورمادها.
السياحة في عفرين تعود إلى زمن الآشوريين.
إلى جانب البحيرة، تحتوي عفرين على عشرات المواقع الأثرية الهامة؛ إذ وجدت آثار تعود للكثير من الشعوب حسب ما تذكر المصادر التاريخية. والتي تعرضت للدمار والسرقة والنهب من قبل فصائل ومجموعات تابعة للمعارضة السورية عقب العملية العسكرية التركية التي انهت في اذار 2018 باحتلالها.
مدينة النبي هوري.. معابد ومسارح رومانية ومسجد للمصلين
تقع مدينة النبي هوري في أقصى الشمال الشرقي لمدينة عفرين، الذي يبعد عن الحدود السورية – التركية 2 كم. أما المسافة التي بين قلعة النبي هوري ومركز منطقة عفرين فتصل حوالي 45 كم، وأقرب ناحية إليه تبعد عنه 20 كم وهي بلبل. ويمر إلى الشرق منها نهر سابون، ويوجد فيها قلعة أثرية، وتتميز بأنها مركز ديني وعسكري مهم وذات شهرة كبيرة. اسمها اليوناني (سيروس)، كما سميت (أجيابولس) أي مدينة القديسين (كوزما) و(دميانوس). وبنيت كنيسة حول قبريهما، وكنيسة سمعان الغيور التي بناها ودفن فيها بعد موته. وتعرض الموقع للنهب والتخريب من قبل مسلحين فصائل سورية تابعة للقوات المسلحة التركية.
وتقول بعض المصادر إن التسمية اليونانية (سيروس) تعود لكلمة مورش، وهو اسم الملك الفارسي كورش. وشكلت المدينة في السابق مركزاً مهمًا لعبادة الإلهين (أثينا) حامية بلاد اليونان العظيمة (وزيوس) إله الصاعقة. ويعتقد أن معبد زيوس كان يقع على قمة الجبل المجاور للمدينة، إضافة إلى ذلك يوجد فيها حمامات ومدافن وشارع رئيسي. كما تحوي المدينة قبراً لقائد روماني على شكل برج مسدّس، وفي باحة المدفن مسجد مؤرخ في عام 1859 ميلادي يرتاده المصلون من القرى المجاورة في صلاة الجمعة والعيدين. كما تحوي مدينة النبي هوري مسرحاً تاريخياً يعود للعصر الروماني. في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد، أصبحت المدينة تابعة إدارياً لمنبج بحاميتها العسكرية الكبيرة، ومن العواصم السبع على الحدود البيزنطية. وفي سنة 1314 للميلاد بنى والي حلب علاء الدين الحاجب المملوكي التركي جامعاً له فيها. واعتبرت المدينة من أهم أماكن الاصطياف الجميلة في محافظة حلب، إذ ارتادها في السنوات الماضية مئات المصطافين، كما زارتها مجموعات سياحية أجنبية تعرفت عليها وعلى آثارها. وخلال السنوات الأخيرة تعرضت المدينة للكثير من السرقة والبحث عن الآثار من قِبل تجار الآثار نتيجة الحرب الدائرة في المنطقة. وبعد سيطرة قوات غصن الزيتون على المدينة عادت كمركز سياحي مهم يستقطب الكثير من القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة.
قلعة عيندارا.. إرث من العصر الحجري للتذكير بأهمية المضي قدماً:
تقع قلعة عيندارا 5 كلم جنوب مدينة عفرين، وتحيط بها سهول خصبة من ثلاث جهات كما يحدها نهر عفرين من الغرب على بعد مئات الأمتار. ويضاف إليه جدول ماء نبع يطلق عليه نبعة عيندارا، الذي يصب في نهر عفرين. وتقسم قلعة عيندارا إلى قسمين؛ الأول مرتفع صغير من الأرض، تبلغ مساحته نحو دونم واحد (ألف متر مربع)، يقال إنه قرية زراعية من العصر الحجري الحديث.
سكنها الإنسان منذ حوالي عشرة آلاف عام، لكن لم تشهد أعمال تنقيب واسعة، سوى عملية سبر بسيطة أظهرت بعض الأدوات الصوانية، وأحجار بناء، تعود في تاريخها إلى العصر الحجري الحديث. أما القسم الثاني من القلعة فأحيط بأسوار دفاعية وأبراج ولا تزال أجزاء من أسوارها قائمة. ويحتوي الموقع على 4 أبواب من جهاتها الأربع. تختلف الأقوال عن تاريخ هذه القلعة، إلا أن مصادر تاريخية رجحت عودته إلى الحقبة الآرامية. استقطبت المنطقة السياح في فترات ما قبل اندلاع الثورة السورية، إلا أن أهاليها اعتبروها كمركز السياحة في عفرين، يفرغون به أحزانهم لمناظرها الخلابة والجميلة.
قرية براد الأثرية.. عمارية رومانية استقطبت سياح العالم
تقع قرية براد الأثرية على جبل ليلون جنوبي شرقي مدينة عفرين، بمسافة لا تقل عن 15 كم. وتعتبر القرية أكبر القرى الأثرية في الشمال السوري، ويوجد فيها العديد من الأبنية ودور السكن المتناثرة ذات الأحجار المتضلعة.
تعود المنطقة للفترة الرومانية والقرنين الثاني والثالث للميلاد، كما تحتوي على حمامات ومدفن روماني ويوجد في وسطها كنيسة القديس جوليانوس. استقبلت القرية العديد من الحضارات المتعاقبة، كما استقطبت السياح العرب والأجانب.
قلعة باسوطة.. بقعة من الحضارة وسط أشجار الفاكهة:
تقع وسط قرية الباسوطة الجميلة وتزينها زخرفة الحضارات القديمة، وتحيط بها العديد من البساتين التي تضم مختلف أنواع الفواكه. تحتوي القلعة على تاريخ عريق وقديم، وتختلف المصادر في ترجيح تاريخها. إلا أنها شهدت حكماً متعدداً من العائلات الكردية المختلفة. كان من أبرزهم آل روباري في النصف الأول من القرن الثامن عشر، ثم آل كنج وبطال آغا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر والربع الأول من القرن التاسع عشر. عندما خطط السلطان محمود الثاني لتقوية الإدارة المركزية في السلطنة، أنهى نفوذ معظم العائلات، بالقتال وغيره. فآل مصير قلعة باسوطة إلى الإهمال والخراب، وكانت آثارها قائمة حتى أوائل القرن الماضي.
ثم أكمل سكان باسوطة وغيرهم هدم البقية الباقية من حجارتها لبناء منازلهم، حتى لم يتبق منها سوى الأساس الذي بنيت عليه وغرفة كبيرة. وتحتوي الباسوطة على مراكز للاصطياف، وخلال السنوات السابقة كانت البلدية تدير شؤونها، حيث يمر فيها نهر غزير ينبع من أسفل جبل ليلون، كما يمر في الغرب من البلدة نهر عفرين. وأنشأت البلدية في السنوات الأخيرة قبل اندلاع الثورة سداً بين جبلين، ولا يزال أهالي المناطق المجاورة في أرياف حلب وإدلب يزورون المنطقة في العطل الصيفية كأحد مواقع السياحة في عفرين . عفرين كغيرها من المدن السورية العديدة تؤوي مراكز أثرية للحضارات القديمة، ولكنها تدمرت نتيجة الإهمال الذي طرأ عليها خلال السنوات الماضية، أو حملات الهدم المتتالية.
ومع آثار مدينة عفرين التي تعرضت للهلاك مؤخرا بفعل العملية العسكرية التركية والقصف الجوي والمدفعي لتتعرض لاحقا للسرقة والنهب والحفر وبذا ضاعت شواهد تاريخية لإحدى أقدم المدن في تاريخ الحضارة البشرية.