أصدرت السلطات اليونانية اليوم الاثنين حكما قضائياً مشدداً على 3 سوريين اتهمتهم بالنشاط في مجال تهريب البشر.
وقالت صحيفة “Neues Deutschland” الألمانية إنّ القضاء اليوناني أصدر أحكام قضائية غير عادلة على 3 سوريين بتهمة تهريب البشر”.
وأضافت: “أنّ السوريين الثلاثة هم عبد الله وخير الدين ومحمد كانوا على متن قارب كان يحمل أكثر من 80 راكباً غرق بالقرب من جزيرة باروس اليونانية العام الماضي”.
وأردف: “أنّ السلطات اليونانية وجهت تهمة للسوريين الثلاثة بمساعدة أشخاص على اجتياز الحدود بطريقة غير شرعية”.
Even though the court acknowledged that they are not smugglers that acted for profit, dropped the charges of "being part of a criminal organization" and did not impose life sentences, the three fathers were still convicted for "facilitating unauthorized entry". /1#Paros3 pic.twitter.com/aqPBbyTYRf
— borderline-europe (@BorderlineEurop) May 5, 2022
منظمات وناشطون انتقدوا تلك الأحكام القاسية، التي أرجعها بعضهم إلى “الجنون” الذي يحكم القوانين الأوروبية بما يتعلق بقضايا الهجرة. حوالي خمسة قرون سيقضيها هؤلاء خلف القضبان لأنّهم، وفقا لشهود كانوا معهم، كانوا يحاولون الحصول على حياة أفضل.
التهمة التي حكم بها على المهاجرين الثلاثة كانت “مساعدة آخرين على الدخول بشكل غير قانوني إلى الأراضي اليونانية”. أحدهم، وفقا للائحة الاتهام، حكم بصفته قبطان القارب ونال 187 عاماً بالسجن، في حين اعتبر الآخران معاونان (مساعد للقبطان وميكانيكي) ونال كل منهما 126 عاماً في السجن.
“بوردر لاين يوروب”، وهي منظمة غير حكومية ألمانية، تحدثت عن تلك القضية، وذكرت على حسابها على تويتر “على الرغم من أنّ المحكمة أقرت بأنّهم ليسوا مهربين يعملون من أجل الربح المادي، وأنّها أسقطت عنهم تهمة الانتماء لمنظمة إجرامية… إلا أنّه تمت إدانة هؤلاء الآباء الثلاثة بتهمة تسهيل الدخول غير القانوني” إلى الأراضي اليونانية.
مهاجرون ضحايا شبكات التهريب:
المتهمون الثلاثة كانوا من بين الناجين من حادث غرق وقع في 24 كانون الأول/ديسمبر 2021. القارب الذي كانوا على متنه كان يحمل أكثر من 80 مهاجراً، معظمهم سوريون وأتراك. نتيجة للأحوال الجوية السيئة تعطل محرك القارب، وبعد نحو 10 ساعات من مصارعة الأمواج، بدأ القارب بالغرق. للأسف تلك الحادثة لم تنته بسلام، حيث تم تسجيل فقدان 18 شخصاً من هؤلاء المهاجرين حياتهم غرقا.
كان عبد الله ومحمد يبلغان من العمر 32 عاماً عند وقوع الحادثة، وكلاهما أب لأربعة أطفال. أما خير الدين، فكان يبلغ من العمر 39 عاماً وهو والد لطفلين. وبهذه الحال، سيخرج هؤلاء من السجن بعد أن يتموا مدة حكمهم وعمر كل منهم يفوق 150 عاماً!.
ولكن لماذا وجهت تلك التهم لهؤلاء الثلاثة تحديدا، وما هي الأسس التي اعتمدتها السلطات لتصنيف مهمة كل منهم؟
وفقا لـ”بوردر لاين يوروب”، قال ناجون ممن كانوا على متن القارب إنّ تكلفة الرحلة تراوحت بين سبعة آلاف و10 آلاف يورو للمهاجر، بعضهم اضطر لبيع كافة مقتنياته وممتلكاته للقيام بها. لكن الرجال الثلاثة لم يملكوا ذلك المبلغ، فتبرعوا بمساعدة الركاب وإصلاح الأعطال الميكانيكية على القارب، مقابل أن يحصلوا على خصم بالسعر.
وأوضحت المنظمة غير الحكومية أنّه في رحلات مشابهة، المهاجرون هم من يقودون القارب وليس المهربين، وهذه ممارسة شائعة على تلك الطريق البحرية.
وأضافت “بوردر لاين يوروب” في تغريدتها أنّه أثناء المحاكمة التي جرت في الرابع من أيار/مايو الجاري، “أكد أقارب المتهمين ما أدلوا به (أثناء التحقيقيات). وأوضح أحد الخبراء أنّه ليس المهربون، بل المهاجرون هم من يتولون قيادة القارب”. وشاهد الادعاء، ضابط الشرطة الذي كان في الميناء لحظة عملية الإنقاذ، لم يحضر الجلسة.
عقب صدور الحكم، توالت ردود الأفعال من منظمات إنسانية وغير حكومية، تنتقد “سوريالية” العقوبة. ديميتريس كوليس، المحامي المتخصص في حقوق طالبي اللجوء، حمل المسؤولية لـ”جنون القوانين الصارمة لأوروبا” (عملية قلعة أوروبا)، وقال: “نحن بحاجة إلى تغيير في القانون. طلب اللجوء ليس جريمة”.
أما منظمة هاتف الإنذار، فعلقت على حسابها على تويتر قائلة “حكم عليهم بالسجن 439 عاماً لمحاولتهم الفرار إلى أوروبا. حكم عليهم بالسجن 439 عاماً لفرارهم من حطام سفينة. حكم عليهم بالسجن 439 عاماً لرغبتهم في بناء مستقبلهم”.
مؤخرا، باتت تلك الأنواع من الأحكام والإدانات شائعة في اليونان. مثلا، هناك قضية محمد هناد عبدي، صومالي يبلغ من العمر 27 عاماً، حكم عليه بالسجن 146 عاماً في أيار/مايو 2021. وفي كانون الأول/ديسمبر القادم، ستتم محاكمة رجلين بالتهمة نفسها، ويتوقع أن يصدر حكم بالسجن بحق كل منهما 50 عاماً. وكما في حالة الرجال الثلاثة أعلاه، رفض القضاة اعتماد رواية خفر السواحل (تعريض حياة ركاب القارب الآخرين للخطر)، لكنهم لم يسقطوا تهمة مساعدة آخرين على دخول اليونان بشكل غير شرعي.
ماريون بوشتيل من منظمة “المركز القانوني” غير الحكومية في ليسبوس، قالت لمهاجر نيوز “التهمة الموجهة لهم أنّهم مهربون، لكن من دون أي إثبات. شهادة خفر السواحل التي استندت إليها الإجراءات برمتها لم تتحدث عن ذلك حتى. تم تبرئتهم من تعريض الآخرين للخطر، ولكن تمت إضافة تهمة أخرى بشكل موارب”.
وينتظر في السجون اليونانية حوالي ألفي مهاجر، جميعهم موقوفون بنفس التهمة، ويتوقع أن تصدر بحقهم أحكاما قاسية كالتي تحدثنا عنها. ولهذا السبب، باتت هذه الفئة من الموقوفين تشكل ثاني أكبر فئة متواجدة في السجون في اليونان.
المصدر : هنا