لتعزيز دوره كمرجعية في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا شمال سوريا وبالتنسيق مع ميليشيا “الجبهة الشامية” في الجيش الوطني السوري وتحت حمايتها، دخل رئيس المجلس الإسلامي السوري أسامة الرفاعي إلى منطقة ريف حلب الشمالي قادماً من تركيا حيث يقيم، وأجرى عدة لقاءات مع المؤسسات المدنية وقادة الجماعات العسكرية المسلحة، في زيارة وضع خلالها حجر الأساس لمبنى المجلس الإسلامي في مدينة اعزاز إلى جانب مكتب الائتلاف والحكومة السورية المؤقتة وجميعا كيانات موالية لتركيا التي تدفع رواتب أعضاءها وموظفيها. ولم تتطرق الزيارة مطلقا للانتهاكات التي تجري في تلك المناطق من قبل قادة وعناصر هذه الميليشيات وحملات التهجير والتغيير الديمغرافي ونهب القرى والبلدات ومصادر الممتلكات وخطف المدنيين والفساد.
جولة أسامة الرفاعي شمالي حلب:
تكفلت “الجبهة الشامية” بدعم تركي تنسيق دخول رئيس المجلس الإسلامي إلى منطقة شمالي حلب، وحمايته خلال اجتماعاته مع بعض المؤسسات والدعاة والمشايخ في المنطقة، وكان لافتاً حضور قائد الجبهة “أبي أحمد نور” في معظم اللقاءات التي أجراها “الرفاعي”.
والتقى “الرفاعي” خلال جولته بمجلس أمناء المجلس الشرعي في محافظة حماة، وأعضاء الهيئة العمومية في المجلس الإسلامي، كما زار الثانوية الشرعية في قرية تركمان بارح وجميعها هيئات ومنظمات تتبنى فكر تنظيم الإخوان المسلمين”، وجامعة حلب الحرة، وعدداً من العلماء في مدينة عفرين دون التطرق لما يجري فيها من جرائم اغتصاب وجرائم حرب.
كما حضر الرفاعي اجتماعاً في مقر وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة بمدينة اعزاز، ضم قادة معظم الفصائل العاملة في الجيش الوطني السوري، والجبهة الوطنية للتحرير، وقادة الشرطة العسكرية والمدنية.
وفي أسباب هذه الزيارة يقول الباحث الإسلامي جمعة لهيب، ” إنّ الزيارة جاءت بطلب تركي مباشر ضمن مساعي تعزيز دور مؤسساتها ضمن المناطق الخاضعة لسيطرتها “.
ويبدو أنّ تركيا تسعى إلى التأثير على الناس عبر المشايخ لتعزيز دور الائتلاف والحكومة المؤقتة والفصائل في المنطقة لا سيما مع تصاعد وتيرة المظاهرات ضد تركيا نفسها وضد مختلف الهياكل التي أسستها في المناطق المحتلة شمال سوريا، ومحاولة توفير الغطاء الديني من خلال المجلس الإسلامي.
https://t.co/6j9JRfenrc pic.twitter.com/HFmKtlZZZk
— مركز توثيق الانتهاكات (@vdcnsyria) August 11, 2021
خطبة إعزاز المثيرة للجدل :
ضمن النشاطات التي أقامها الرفاعي برعاية الجبهة الشامية هي خطبة يوم الجمعة في مدينة اعزاز السورية بتاريخ 6 آب / أغسطس 2021 والتي أثارت جدلا واسعا لما تضمنته من دعوات تحريض من جهة وهجوم على الغرب ومنظمات المجتمع المدني.
الرفاعي حذر من ما وصفها بـ “الدوائر الاستعمارية الغربية ودوائر الكفر والضلال ” التي تغزو المنطقة – في إشارة الى المناطق شمال سوريا – وقال إنّ هذه الجيوش تم إدخالهم إلى سوريا بغرض التلاعب بعقول الشباب والبنات ودفعهم للانحراف عن ” القيم والأخلاق والدين” وذكر مثالا عن وجود نساء مجندات من قبل الأمم المتحدة التي وصفها بمركز للتضليل والكفر، وأنّ هذه المنظمات تنشر أفكار سيئة بين النساء منها ” تحرير المرأة و الجندرة “ويتحدثون عن حرية المرأة ، وأنها مستعبدة من قبل الرجل ( سواء أكان زوجا أم أب أم أخ ) ويطالبونها بأن تطالب بحقوقها وحريتها كفرد من المجتمع متساو مع الرجل … الرفاعي اعتبر هذه الدعوات كفر وتضليل ومن اعمال الشيطان.
وقال “يسربون لشبابنا وبناتنا الأخلاق الضالة والعري والتعري وأشياء أخرى هؤلاء مجندات من قبل الغرب لإفساد نسائنا” أضاف ” السبب الباطن في هذا أنّ الغرب فقد قيمة العظمى منذ أكثر من قرن أو قرنين ، وفقد قيمة الأسرة …في الغرب الرجل يفعل ما يشاء والمرأة تفعل ما تشاء ولو خرجت عن طاعة الزوج هو حرية…”
وذكر أمثلة عن رجل تزوج من أجنبية في الولايات المتحدة ، وقام بعد فترة قصيرة بالطلاق بعدما أخبرته أنّ لديها صديقا سيشاركها الغذاء ، وأنّه عاد لرشده وتزوج من امرأة مسلمة من بلده….”
الرفاعي تحدث عن الأسرة في منظور الغرب وسرد معتقدات خاطئة يحملها بنفسه عنهم ومنها أنّ الأب والأم في الغرب يقومون بتخيير ابنتهم أو ابنهم إذا بلغ الـ 18 من العمر بين البقاء في المنزل ودفع ثمن آجار غرفته فيه وثمن طعامه أو سيتم طرده ، وزعم إنّ القانون في الغرب يتضمن هذا الأمر…. وذكر الآية “وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً..” محذرا عبرها من الاقتداء بالأفكار القادمة من الغرب ، ومنها المساواة بين الرجل والمرأة ، الجندرة.
أضاف الرفاعي “الغرب يرغب مننا أن نخسر كما هم خسروا، وهم يسعون لاختراق مجتمعنا عبر تدمير الأسرة من خلال بث أفكارهم ومعتقداتهم في عقول الشباب” وطالب بالحذر والحيطة لإفشال مخططات الغرب في هذا المجال محملا المسؤولية للأب وأنّه يوم القيامة سيحاسب أمام الله على اهماله وعدم القيام بواجبه الفرض عين وهو عن الأبناء والنساء والزوجة وأنّ العقاب سيكون شديدا.
كما وحذر الرفاعي من النشاطات التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني لا سيما دورات التنمية والتمكين واعتبرها من عمل الشيطان ومحرمة قال ” انتبهوا للمنظمات التي تكون بعناوين خيرية واغاثية وتنمية وتدريبية … انتهبوا لبناتكم وشبابكم والدورات التي تقيمها هذه المنظمات مجانا بعناوين مغرية .. هي السم الزعاف الذي يدخل دين وأخلاق بناتنا هذه الدورات من أخطر ما يكون… انتشرت منذ سنوات وهي من أرذل ما يمكن أن تتصوروا…. الأمور التي تدرس فيها خطيرة…. لا تدعو أولادكم فريسة للشيطان”
الرفاعي في خطبته قد فطن إلى أنّ دعوته قد تتضمن عنفا، لذا توجه قبل ختامها بأن يقوم الآباء بالتعامل باللطف وليس القوة مع النساء والأبناء وكسب واستمالة قلوبهم قبل أن يتملكها من سماهم بالأعداء من ذلك ذاكرا الحديث “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”.
ولد الشيخ أسامة الرفاعي في دمشق عام 1944، وتخرج في مدارس دمشق ، ثم التحق بجامعة دمشق ودرس اللغة العربية وعلومها في كلية الآداب قسم اللغة العربية، وتخرج منها عام 1971، وأصبح خطيبا في جامع الشيخ عبد الكريم الرفاعي (نسبة لوالده) في دمشق. غادر إلى المملكة العربية السعودية عام 1981 على خلفية أحداث حماة وحملة حافظ الأسد ضد تنظيم الإخوان المسلمين.