عاشت محافظة الحسكة شرق سوريا قبل عدة أيام صدمة كبيرة على وقع جريمة بشعة هزت المحافظة.. حادثة ليست الأخيرة في منطقة يأخذ عليها الطابع العشائري ولكن هذه المرة تميزت الجريمة المرتكبة الذي شارك بها كالمعتاد أقارب الضحية ” الأب – الأخ” ضد فتاة قاصر، تميزت توثيقها بالفيديو الذي حمل بدقائقه القليلة مدى الظلم الذي تعيشه المرأة ضمن عادات وتقاليد بالية قائمة على قوانين تحلل هدر روح فتاة بمجرد ارتكاب خطأ وربما الشبهة.
فيديو يظهر مشاهد بشعة للجريمة، حيث أطلق المجرمون النار على الضحية من رشاش، وكان أحد الحاضرين يردّد ”أرميها برأسها” بكل برودة دم، الفيديو انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأثار موجة من الغضب تجاوزت حدود البلاد، وأطلق ناشطون هاشتاغ (حق فتاة الحسكة)، مطالبين بمحاكمة الجناة ووقف القتل والعنف ضد النساء.
اعتداء وحشي:
الفتاة المغدورة عيدة الحمودي السعيدو من حي غويران في مدينة الحسكة عاشت قبل أيام من قتلها الحرمان من الطعام والماء لأيام، حيث تم الاعتداء عليها بشكل وحشي حتى اكتمال الجريمة بقتلها بأسلحة رشاشة ومسدسات من قبل أكثر من شخص” بحسب مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا والذي أكد بدوره أنّ عائلة “عيدة” تباهت بنشر مقطع الفيديو المروع والذي يظهر جريمة قتل فتاة بالرصاص، قرب منزل مهجور بريف مدينة المالكية حيث بدوا سعداء بجريمتهم وهم يتناوبون على التنكيل بجسد الفتاة الضعيفة الخائفة المرعوبة وينال كل واحد من الأشخاص الـ11 الذين شاركوا في الجريمة نصيبه من دمها.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، نقل عن مصادر محلية، أنّ المسلحين الذين شاركوا بالجريمة تعمدوا نشر الشريط المصور لإشهار ‘غسل العار’ حسب معتقداتهم العشائرية.”
بدوره، رصد تقرير خاص لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة” المعنية بتوثيق الانتهاكات في سوريا، أكثر من 24حادثة قتل العام الماضي في عموم البلاد، ذهب ضحيتها 16 امرأة على يد أقرباء لهم بحجة الشرف غالبيتهن من محافظتي إدلب وحلب، فيما قُتلت الأخريات بذرائع مختلفة.
وقالت المنظمة في بيانها، إنّ جرائم القتل بذريعة الشرف ازدادت حدّتها مع تصاعد وتيرة النزاع السوري، وخاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل الموالية لتركيا في إدلب وريف حلب.
جريمة مكتملة الأركان:
وتنص المادة “17” من قانون المرأة الذي أقرته الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا على تجريم القتل بذريعة الشرف واعتباره جريمة مكتملة الأركان .
هذه الجريمة دفعت المئات من النسوة في مدينة الحسكة للتظاهر ضد ارتكاب ما يسمى “جرائم الشرف”، وذلك بعد مقتل شابات على أيدي أقاربهن، حيث ارتدت المتظاهرات قمصاناً بيضاء، كتبت عليها عبارة بأحرف حمراء: “لا للعنف”، كما كتب على لافتات عبارة: “توقفوا عن قتل النساء”، فيما كتب على لافتة أخرى: “لا شرف في القتل”…. المتظاهرات تجمعن أمام منزل آخر ضحية، وهي فتاة تبلغ من العمر 16 سنة، قتلها والدها الأثنين الماضي عبر خنقها وذلك بسبب اغتصابها من قبل أحد أقاربها منذ أكثر من عام.
جريمة أخرى لن تكون الأخيرة في ظل مجتمعات وأشخاص يأخذون على عاتقهم ممارسة القتل كحل وحيد لمعالجة خطأ قد ترتكبه فتاة قاصر يترافق كل ذلك مع قوانين وتشريعات للأنظمة المحلية الحاكمة لم تفرض عقوبات مشددة ورادعة لهذه العمليات البشعة التي تتوافق بشكل كبير مع خصوصية المناطق الريفية والتي تعتبر محافظة للغاية، وتفرض قيوداً على حركة النساء وتكثر فيها حوادث العنف ضد المرأة، لا سيما ما يعرف بـ”جرائم الشرف” .. الأمر الذي تؤكده بشكل مستمر منظمات محلية عن حوادث مشابهة في مختلف المناطق، يضاف إلى ذلك سنوات الحرب الطويلة التي فاقمت من معاناة النساء السوريات اللواتي تعرضن لكافة أشكال العنف، بما فيها القتل والاغتصاب، على أيدي العديد من أطراف النزاع.
يعقوب سليمان / أوغاريت بوست