تمر الحكومة السورية المؤقتة بضائقة مالية شديدة قد تؤدي إلى حلها وإعلان إفلاسها رسمياً، ما لم يتم إسعافها وتأمين الدعم المادي لها خلال أيام.
وأكد مصدر مُطلع داخل المؤقتة لـ “زمان الوصل”، أن الخزينة شبه خالية رغم أن رواتب موظفيها استحقت للدفع.
ويشير متابعون لانطلاقة المؤقتة في السنة الماضية التي تم خلالها تأسيس الحكومة، وبدء عملها، إلى فساد إداري ومالي استنزف منحة التأسيس المقدمة من الحكومة القطرية، والبالغة 50 مليون يورو.
وحصلت “زمان الوصل” على معلومات تؤكد استهتار رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة وسوء إدارته في صرف المنحة، إضافة إلى حصول حالة اختلاس بلغت 100 ألف دولار أمريكي، من صندوق إحدى وزارات الحكومة، وتعرض المؤقتة لعملية نصب من قبل شركة لتأجير السيارات بحوالي 65 ألف دولار أمريكي.
كما تثبت المعلومات الواردة لـ”زمان الوصل” قيام أحمد طعمة بتوظيف عدد كبير من الأشخاص في الحكومة بشكل مناطقي، حيث تجاوزت نسبة الموظفين الديريين “من دير الزور -مسقط رأس طعمة” 23% من إجمالي موظفي المؤقتة، وفق دراسة أجرتها مجموعة “أصدقاء الشعب السوري” قبل عدة أشهر، علاوة على تسمية عدد كبير منهم بصفة ـ”مدير مديرية”، علماً أن معظم المديريات التي يرأسها أولئك الأشخاص لا تضم سوى موظف واحد هو المدير.
ويبلغ راتب مدير المديرية حوالي 3000 دولار أمريكي.
*فساد في بيت الحكومة
وتعد قصة المبنى الرئيس في شارع “فوزي جقماق” وسط مدينة عنتاب، إحدى قصص فساد الحكومة المؤقتة.
وأفادت المصادر بأن “المؤقتة” استأجرت بتاريخ 1-1-2014 مبنى مكونا من 3 طوابق و9 شقق سكنية وصالة تقع في الطابق الأرضي من المبنى، وتضمن عقد الإيجار شروطاً تعجيزية فرضها مالك المبنى، ويمنع المالك بموجب العقد، الذي بلغت قيمته 400 ألف ليرة تركية (نحو 200 ألف دولار أمريكي حينها)، قيام المستأجر بفك أو إزالة أي ملحق تم وضعه في المبنى من أجهزة التدفئة “كومبي” العشرة المركبة والتي تبلغ قيمة الواحد منها 1000 دولار، إلى جانب المكيفات.
واشترط مالك المبنى -حسب المصادر- أن لا يتم القيام بأي صيانة أو ديكور للمبنى إلا من خلاله، كونه يعمل متعهد ديكور، وفعلاً قام بنفسه بـ”تقطيع” صالة الاستقبال التي تم تخصيصها لاحقاً لرئاسة الحكومة والأمانة العامة، وجهّز مكتب “الرئيس” وسوّر المبنى بقواطع حديدية ثقيلة وأقام غرفتين مسبقتي الصنع على باب المبنى للحرس، وتجاوزت فواتير هذا الأعمال تجاوزت 100 ألف ليرة تركية.
*استئجار 5سيارات بـ 65 ألف دولار
وأضافت المصادر أن موظفا مقربا من رئيس الحكومة استقدم إحدى شركات تأجير السيارات، بعد طلب “طعمة” تأمين سيارات لأعضاء حكومته.
وقدمت الشركة عرضاً يشمل تأجير 23 سيارة للمؤقتة بقيمة 130 ألف ليرة تركية، ما يعادل 65 ألف دولار أمريكي سنوياً، وتم توقيع العقد بين الشركة كمالك والحكومة المؤقتة كمستأجر، على أن يتم تسليم السيارات خلال مدة أقصاها شهر.
وبعد مماطلات استمرت شهرين استلمت الحكومة 5 سيارات فقط من أصل 23، ولم تعترف الشركة بعد بذلك بالمبلغ الذي دفعته الحكومة ولا بصيغة العقد المبرم معها، وإثر ذلك رفعت الحكومة دعوى قضائية لدى الأتراك بحق الشركة، إلا أنها لم تخرج بنتيجة حتى كتابة هذه السطور، لأن الحكومة المؤقتة لا تعد ذات صفة اعتبارية لدى القضاء التركي.
وبعد ذلك، تحفظت “المؤقتة” على السيارات الخمسة التي استلمتها من الشركة، والتي اتضح لاحقا أنها غير صالحة للاستعمال بسبب وجود أعطال كثيرة فيها، علما أن السيارات ستعود عاجلاً أو آجلاً للشركة كونها مسجلة باسمها.
- رواتب خيالية بلا دوام
وأكدت المعلومات أن أرقاما خيالية تدفعها الحكومة رواتب لأشخاص لم يزوروا مبنى المؤقتة بتاتاً، مشيرة إلى أن رئيس المؤقتة “أحمد طعمة” عين 13 مستشارا من جميع الكتل السياسية في الائتلاف الوطني بغرض إرضاء جميع الأطراف، وخصص لكل “مستشار” منهم مبلغاً خيالياً يبلغ 3500 دولار أمريكي كراتب شهري، وعمد “طعمة” قبل أقل من شهرين إلى فصل عدد منهم.
وأكدت مصادر من داخل الحكومة المؤقتة أن معظم المستشارين لم يداوموا ساعة واحدة منذ تعيينهم، سواء في مقر الحكومة المؤقتة في “عنتاب”، أو حتى في أحد مكاتبها بتركيا.
- مستشارو الحكومة
وتنشر “زمان الوصل” أسماء مستشاري الحكومة الذين عينهم طعمة براتب 3500 دولار أمريكي شهرياً ولازالوا يتقاضون رواتبهم، رغم أن أغلبهم لا يداوم:
1- محمد سرميني– بداوم شبه كامل
2- زردشت محمد – لا يداوم
3- محمد حاجي درويش- بدوام لا يتجاوز 10 أيام في الشهر، حاصل على لجوء سياسي في ألمانيا
4- محي الدين هرموش– لا يداوم
5- رغدة الحسن– لا تداوم
7- خلدون القصيري– لا يداوم
8- عبد الرحمن الحاج – لا يداوم -
10 آلاف دولار سمسرة لموظف
بعد مضي أقل من ثلاثة أشهر على استئجار المبنى الرئيس للحكومة المؤقتة في شارع فوزي جقماق وسط مدينة عنتاب، بدأت وزارات ومديريات المؤقتة بتقديم طلبات لاستئجار مكاتب خارجية لعدم اتساع الشقق المخصصة لكل وزارة لموظفيها، فاقترح الرائد المنشق “محمد رسلان” والموظف بصفة مدير أمن مبنى الحكومة السورية المؤقتة على رئيس الحكومة أن يقوم باستئجار مبنى آخر أكبر بحيث يتسع لكافة الوزارات والمديريات التابعة للمؤقتة.
وقام “رسلان” بتأمين مبنى ضخم كان عبارة عن مشفى في حي “قرطاش”، واتفق مع أحد المكاتب العقارية في تركيا أن يقنع “طعمة” باستئجار المبنى على أن يستفيد هو من قيمة الكمسيون بمبلغ 10 آلاف دولار، ونجح في ذلك، وقام طعمة بتوقيع العقد واستئجار المبنى بقيمة 400 ألف ليرة تركية (نحو 200 ألف دولار) سنوياً، تشمل الكمسيون، على أن يبدأ الإيجار من تاريخ 1-4-2014، ولا يزال المبنى مهجوراً حتى الساعة، ولا يوجد فيه سوى الحراس الذين تم فرزهم من قبل المؤقتة وهيئة شؤون اللاجئين السوريين الفلسطينيين التي لا يتجاوز عدد موظفيها 10 أشخاص.
- ألفا دولار لطعمة بدل سكن دون سكن!
يبلغ راتب رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة بعد قرار التخفيض الذي أصدره -والتف عليه- 6 آلاف دولار أمريكي ، فضلا عن ألفي دولار بدل السكن، رغم أن “طعمة” يقيم في مبنى الحكومة المؤقتة، في غرفة قام بتجهيزها لتكون غرفة منامة له، فيما حصل جميع أفراد أسرته على اللجوء في ألمانيا ويقيمون فيها.
*اختلس 100 ألف دولار بعد توظيفه بـ”الواسطة”
قام محاسب وزارة العدل في الحكومة السورية المؤقتة والمنتدب من وزارة المالية بإفراغ خزنة الوزارة قبل عطلة عيد الفطر الماضي بتاريخ 26/7/2014. وأوضح تقرير لجنة الجرد التي شُكلت بعد مرور أكثر من 10 أيام من الحادثة، أن المبلغ المختلس هو 94645 (أربع وتسعون ألف وستمئة وخمس وأربعون دولارا أمريكياً)، بالإضافة إلى 3358.9 (ثلاثة آلاف وثلاثمئة وثمان وخمسون ليرة تركية وتسعين قرشاً)، وذلك وفق البيان الذي نشرته المؤقتة عبر موقعها الرسمي بتاريخ 9/8/2014.
وكانت “زمان الوصل” أول من أثار قضية الاختلاس المشار إليها، ونشرت في سبق صحفي بتاريخ 8-8-2014 كافة المعلومات التي أكدتها المؤقتة عبر البيان المذكور، وأشارت “زمان الوصل” آنذاك إلى أن المحاسب المختلس يدعى “عفيف حاج عمر” ويتحدر من القامشلي، وهو سوري كردي تم توظيفه قبل أقل من شهرين من اختلاسه، عقب تزكيته من أحد المقربين من “إبراهيم ميرو”، الذي يتولى حقيبة وزير المالية والاقتصاد في حكومة طعمة.
وقالت المؤقتة إن “وزارة المالية والاقتصاد” قامت بعد اكتشاف الاختلاس في 8-8-2014 بالتواصل والتنسيق مع الجهات التركية المختصة، وتم تقديم الشكوى بحق المذكور تمهيدا لإلقاء القبض عليه وتقديمه للعدالة أينما وجد، إلا أن القضية لم يطرأ عليها أي تطورات ولم يتم القبض على “عفيف” حتى الآن، وأشارت مصادر لـ “زمان الوصل” أن المحاسب تمكن من الحصول على لجوء في إحدى الدول الأوربية.
- 3 ملايين يورو ثمن “صفقة” لصاقات تمديد الجوازات
قام عضو الهيئة السياسية في “الائتلاف الوطني” بالتوصل لاتفاق مع الشركة السلوفينية المسؤولة عن طباعة لصاقات تجديد الجوازات لنظام الأسد، يقضي بتسليم الحكومة المؤقتة مليون نسخة لصاقة تمديد، على أن تكون الصفقة “سرية”.
وأطلع عضو الائتلاف “نذير الحكيم” رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة على الموضوع، وقام الأخير بتحويل مبلغ مليون يورو لحساب الحكيم، على أن يقوم -أي الحكيم- بتسديدها كدفعة أولى للشركة، وقضى الاتفاق أيضاً أن يتم تسليم الائتلاف عينة من اللصاقات ليتم استخدامها وتجريبها على جوازات بعض أعضاء الائتلاف الذين يحملون جوازات منتهية الصلاحية، للسفر بها عبر المطارات الدولية.
*مليون يورو
واطلعت “زمان الوصل” على وثائق تثبت تحويل مليون يورو من حساب المؤقتة البنكي لحساب “نذير الحكيم”، كما اطلعت على المراسلات التي جرت بين الحكيم من جهة ورئيس المؤقتة ووزير ماليته إبراهيم ميرو من جهة أخرى، حيث كان “الحكيم” يطالب طعمة ووزير المالية باستكمال المبلغ وتحويل المليوني يورو المتبقية لإتمام الصفقة.
وأكد مصدر مصطلع لـ”زمان الوصل” قيام طعمة بإحداث مكتب في اسطنبول تابع لحكومته ومهمته متابعة “صفقة” الجوازات، أطلق عليه اسم “مكتب المعلومات” وقام بتوظيف 5 موظفين فيه.
وأشار المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، إلى أن “صفقة” الجوازات تعثرت ولم تكتمل بسبب تسريب الخبر لنظام الأسد من قبل جهة مجهولة، دون معرفة مصير المليون يورو التي ضاعت بين الحكيم وطعمة وشركة طباعة اللصاقات.