في 22 آب 2018 ظهرت امرأة في مقطع فيديو وهي تتهم ( محمد الجاسم، الملقب بأبو عمشة ) الذي يتزعم مع أخوته ميليشيا “سليمان شاه” باغتصابها.
وفي 30 سبتمبر 2020 اتهمت امرأة ثانية، المدعو سيف الجاسم (أبو عمشة) باغتصابها، بعد إرسال زوجها المقاتل ضمن الفصيل إلى ليبيا، و سيف هو أخ ونائب (محمد الجاسم).
مدينة عفرين احتلتها القوات التركية وميليشيا الجيش الوطني في آذار 2018، إثر عملية عسكرية استمرت شهرين وأدت إلى مقتل المئات ونزوح عشرات آلاف الأشخاص.
القضية الأولى:
“إسراء يوسف خليل” من أهالي ريف حلب الشمالي وزوجة مقاتل في لواء السلطان مراد وهو أحد فيالق ميليشيا (الجيش الوطني السوري) المدعوم من تركيا، تحدثت في شريط فيديو مصور عن تعرضها للاغتصاب بقوة السلاح عدة مرات من قبل المدعو محمد الجاسم الملقب أبو عمشة الذي يتزعم ميليشيا سليمان شاه.
وروت إسراء يوسف خليل في تسجيل مصور قصة اغتصابها من قبل “أبو عمشة” عدة مرات، حيت بدأت بالتعريف بنفسها بذكر اسمها الثلاثي، ووضعها الاجتماعي كسيدة متزوجة.
ووضحت إسراء: “زوجي كان عنصراً في اللواء وعن طريقه بدأ عدد من العناصر بالتردد على منزلنا، ومنهم قائد الفصيل محمد جاسم والذي يلقب بـ(أبو عمشة)”، مضيفةً “كنت أقوم بغسل ملابسهم وطهي الطعام لهم”، وبينت أنّ “اثنين من عناصر اللواء واللذين كانا يترددان على منزلنا هما (سيف ومحمد)”.
وأشارت إسراء إلى أنّ أبو عمشة زار منزلهم وقام بإرسال زوجها وهو عنصر في فصيله لمقر القيادة، وثم قام بضربها واغتصابها وتهديدها وعائلته إن كشفت ذلك، بينما كان شقيق أبو عمشة (سيف) ينتظره أمام الباب.
واستمرت اسراء بسرد الروايات حول فضائح محمد الجاسم أبو عمشة وإقدامه مع قيادات أخرى في ميليشيا سليمان شاه على اغتصاب العديد من النساء في منطقة الشيخ حديد تحت تهديد السلاح وجميعهن زوجات مقاتلين في الفصيل.
وبيّنت إسراء إنّها كانت حاملاً في شهرها الثالث وخسرت طفلها بعد عملية الاغتصاب، وأضافت أنّ العديد ممن اغتصبن كن حوامل وأسقطن، وهن أساساً زوجات مقاتلين في الفصيل نفسه.
وتزامن اتهام “أبو عمشة ” مع تواجده في السعودية حيث كان يؤدي مناسك الحج، ويتمركز فصيله في قرية الشيخ حديد بريف عفرين التي شهدت أيضاً عدة حالات اغتصاب لنسوة بعضهن زوجات لعناصر في “درع الفرات” وحالات لقتل تحت التعذيب وخطف.
إلى أين وصل التحقيق، وأين اختفت إسراء؟
بعد انتشار التسجيل المصور، وحديث إسراء عما تعرضت له، اضطرت قيادات الجيش الوطني للتدخل تحت الضغط وادعت أنّه تمّ تشكيل لجنة بتاريخ 29 آب 2018 مؤلفة من العقيد هيثم العفيسي، والقاضي فراس النجار من المحكمة العسكرية في “الجيش الوطني”، وقائد الشرطة العسكرية في عفرين وقتها العقيد حسن الحسين، وقائد الشرطة العسكرية في منطقة راجو المقدم جراح الكماري، وأحمد حافظ مندوباً عن الأركان، وتعهدوا بإصدار تقرير وحماية المرأة التي تعرضت للاغتصاب وللتهديد من عناصر وقيادات العمشات. وتوارت عن الأنظار. وتعهدوا بإصدار تقريرها خلال أيام، وهو ما لم يحدث، لكن المرأة (إسراء) منذ ذاك الوقت اختفت، ولا أحد يعلم مصيرها، خطفت ام قتلت ام نفيت لا أحد يعلم.
نحن في مركز توثيق الانتهاكات شمال سوريا، كنا قد تابعنا قضية إسراء وقتها، وتمكنا من الاتصال بها كانت قد أبدت شكوكها من اللجنة، وإنّها لا تأمن على حياتها، وقالت إنّها اضطرت للخروج على الإعلام، بعدما شاهدت مغتصبها (أبو عمشة ) في السعودية وهو يؤدي مناسك الحج، وأنّها كانت فرصتها لكشف جريمته، وجرائمه أولا لأنّها أدركت أنّه بعيد الآن ولن يستطيع أذيتها. إسراء كانت خائفة، وبالفعل اختفت بعد تلك المحادثة القصيرة، ومازال مصيرها لليوم مجهولا، لكن مصدر مقرب من أسرتها أكد أنّ ملثمين اقتحموا مكان إقامتها، بعد يومين فقط من تشكيل تلك اللجنة، وأنّها استأمنت هيثم العفيسي الذي تحدثت معه عبر الهاتف وأخبرته بمكان إقامتها، لتخطف بعد ساعات، المصدر لم يكن يشك في إمكانية قتلها ودفنها في مكان مجهول لطمس الفضيحة ووأدها، خاصة وأنّ المتورط فيها المدعو أبو عمشة يعتبر أحد صبيان المخابرات التركية، وهو محمي من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
تسلسل زمني…محاولات الالتفاف على القضية، وتسجيل اعترافات تحت التهديد:
القضية الثانية :
اتهمت زوجة أحد عناصر “لواء السلطان سليمان شاه” بريف حلب الشمالي، نائب قائد الفصيل الذي يسيطر على بلدة “شيح الحديد” في منطقة عفرين، سيف الجاسم باغتصابها، بعد إرسال زوجها المقاتل ضمن الفصيل إلى ليبيا.
وتروي (ريم بسام الأحمد) في تسجيل مصور – والذي يبدو أنّه مصور وأرسلته لزوجها في ليبيا – قصة اغتصابها من قبل “سيف عمشة الجاسم”، وتبدأ بذكر أسم زوجها عماد الفهد، إنّها اغتصبت عدة مرات.
وتقول ريم: ” يا عماد….. سيف صار يتصل ع رقمك التركي بعدما رحت أنت إلى ليبيا، ويجبرني أن افعل أشياء لا أريدها…. وصار يهدد، ويدق علي الباب ويخافوا الولاد…. اقتحم الدار، واغتصبني غصبا عني…مو بارادتي”.
اعتقلت وعذبت وظهرت تكذب نفسها:
لم تمضي ساعات على انتشار مقطع الفيديو الذي تكشف فيه ريم عن تعرضها للاغتصاب من قبل قائد الامنيات في العمشات، وشقيق قائدها حتى ظهرت في مقطع فيديو ثاني وهي مصابة (تعرضت لكسر في اليد\ الكتف) في جلسة تواجد فيها عسكريون وعناصر من الشرطة، وهي تضع يدها على القرآن، وتقول هذه المرة إنّها اكرهت على نشر فيديو تعرضها للاغتصاب بضغط من زوجها، عماد وقالت إنّه كان يعذبها وتغيير كثير بعد العودة من ليبيا.
كما وتحدث أحد الحاضرين ويدعى فؤاد حسن محمود (يبدو أنه من شرعيي العمشات) وأنّه على معرفة شخصية بعماد، وأنّ عماد لديه سوابق تتعلق بتعاطي المخدرات وقضايا السرقة وانتهاك الأعراض وغيرها.
عماد يظهر في مقطعي فيديو:
نشرت صفحات مقربة من فصيل العمشات فيديو لعماد الفهد وهو يمتدح العمشات وقادتها وأنّ كل ما نشرته وتدعيه زوجته ريم بسام الأحمد كاذب ومحض افتراء لكن ظهر في نهاية الفيديو صوت وكأنّه يلقن عماد العبارات.
وظهر عقب ذلك مقطع فيديو ثاني لعماد وهو يقول إنّه اضطر وأجبر على تصوير الفيديو الأول الذي يبرئ فيه سيف ( العمشات ) بعد أن تلق تهديدات بقتل أطفاله من قبل ( سيف عمشة ) وكشف إنّه عاد من ليبيا من أجل هذه القضية، وإنّه كان على علم بوجود علاقة تربط زوجته بسيف عمشة. وإنّه تعرض للطعن في شرفه من قبل فصيله الذي انضم إليه منذ تأسيسه (قبل 10 سنوات).
من هم العمشات؟
ينضوي “لواء السلطان سليمان شاه” تحت راية الفيلق الأول في ميليشيا “الجيش الوطني”، يتزعمه محمد حسين الجاسم الملقب بأبو عمشة وأغلب مقاتليه ينحدرون من القومية التركمانية في حماة، وغالب مقاتليه انتقلوا إلى ليبيا بأوامر تركية بينهم قائد الفصيل.
تأسس الفصيل أواخر 2011 تحت مسمى “لواء خط النار” في المنطقة الغربية لريف حماة.
وفي أوائل 2016 أعلن عن تسمية لواء خط النار بـ “لواء السلطان سليمان شاه” نسبه إلى الجد المؤسس للإمبراطورية العثمانية، ويرجع تسمية الفصيل بالعمشات نسبة إلى قائده أبو عمشة.
تلقى الفصيل دعمه العسكري والمادي من غرفة عمليات “موم” التي تأسست على الأراضي التركية .
ميليشيا العمشات متورطة بتهجير سكان كرد من مناطقهم، ضمن خطة شملت تفريغ 70 قرية كردية شمال الباب من أهلها حيث تعرضت أغلب القرى الكردية للتغيير الديموغرافي في المنطقة الممتدة بين جرابلس وإعزاز، وزيادة عمليات التطهير العرقي بعد عملية “درع الفرات” في 2016، كما طرد العوائل الكردية من قرية “نعمان”، وأسكن بدلاً منهم أكثر من 200 فرد من العوائل التركمانية من ريف حمص.
واعترف لواء السلطان سليمان شاه، في 2017، بتهجير السكان الكرد من قريتي سوسنباط وقباسين في ريف حلب الشمالي، قائلاً ” تم توطين 60 عائلة قدمت من حمص، ومن مخيمات جرابلس في منازل الكرد”.
يرفع قيادات وعناصر الفصيل ذاته أعلام تركية على عرباتهم، إلى جانب تزيينا بصور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، في منطقة عفرين في خطوة لاستفزاز السكان الكرد في عفرين، شارك الفصيل في أكبر عملية سرقة جماعية في عفرين.
بالفيديو…مقاتل من الجيش الوطني الموالي لتركيا يقتل قائد كتيبته بتهمة محاولة اغتصاب زوجة أخيه المعتقل