حذرت إدارة سد تشرين،ثاني أكبر محطة كهرومائية في سوريا، من استمرار حبس تركيا لمياه نهر الفرات داخل أراضيها، ما يعكس سلباً على اقتصاد المجتمع والأمن الغذائي العام وتوفير مياه الشرب للمواطن.
وتحبس 6 سدودٍ تركية مياه نهر الفرات قبل تدفقها إلى سوريا، من بينها سد أتاتورك ثاني أكبر السدود في الشرق الأوسط والذي يخزن 48 مليار متر مكعب من المياه. كما نصت اتفاقية حول نهر الفرات أبرمت عام 1987 بين تركيا وسوريا على حصول الأراضي السورية على 500 متر مكعب مياه في الثانية، أي ما يعادل 2500 برميل.
ويتحول انخفاض منسوب مياه نهر الفرات الذي تتلاعب فيه الدولة التركية، إلى كارثة قد تطال توفير مياه الشرب لسكان مناطق شمال وشرق سوريا، إلى جانب انخفاض ساعات توليد التيار الكهربائي وتهديد الإنتاج المحلي من الأراضي الزراعية على ضفاف النهر.
وانخفض منسوب مياه الفرات حيث بلغ وسطي الوارد خلال الفترة الماضية منذ بداية شهر حزيران أقل من ربع الكمية المتفق عليها، وهو وارد منخفض لمثل هذه الفترة من السنة, ونظرا لوصول استهلاك الري إلى الذروة، مترافقا مع انخفاض مناسيب بحيرات السدود الثلاثة حيث بلغ منسوب بحيرة تشرين 322.42 منسوب مطلق بتاريخ 23/6/2020, وبلغ منسوب بحيرة الفرات 301.29 منسوب مطلق بنفس التاريخ, وهو منسوب منخفض جدا في مثل هذه الفترة من العام.
ويعتبر النهر شريان الحياة لملايين السوريين في إقليم الفرات شمالي البلاد ومناطق أخرى كالرقة ودير الزور بالإضافة إلى تزويد ثاني أكبر مدينة في البلاد وهي حلب بمياه الشرب إضافة للآثار السلبية الكبيرة على البيئة بسبب نقص المخزون المائي حيث سينعكس مباشرة على الثروة البيئية والمنتجات الزراعية وبالتالي ستؤثر بشكل مباشر على اقتصاد والأمن الغذائي العام للمواطن.
وأعلنت إدارة السد عن تقليص ساعات توليد الطاقة الكهربائية من محطتي الفرات وتشرين بنسبة 33% بدءً من بداية الأسبوع الماضي، لتولد السدود الطاقة الكهربائية 12 ساعة فقط، بعدما كانت 18 ساعة يومياً توزع على مناطق شمال وشرق سوريا.
انخفاض مياه الفرات سيفرض تقنيناً قاسياً في الكهرباء بالطبقة
بيّنت مديرية الكهرباء في منطقة الإدارة الذاتية شمال شرق سوريا أنّ ساعات التقنين الـ 13 الحالية مرتبطة كلياً مع تواصل انخفاض معدل منسوب مياه الفرات، ولا يمكن تحديد مدة ثابتة للساعات، في حين تدرس المديرية إمكانية إحداث مكتب لمكافحة السرقات والحد من كميات الإسراف الكبرى.
الانخفاض المستمر لمنسوب مياه بحيرة الفرات والناجم عن انقطاع الوارد المائي من الأراضي التركية، فاقم مشكلة توريد التيار الكهربائي إلى المنطقة، ما دفع بالدائرة الفنية لسد الفرات وغرفة العمليات إلى فرض 13 ساعة تقنين موزعة بين المدينة وأريافها، في حين حذر مسؤولون في وقت سابق من أنّ المنطقة باتت على عتبة كارثة في حال تواصل هذا الإجراء الجائر” بحق الإنسانية”.
الرئيس المشترك لمديرية الكهرباء في الطبقة لورنس الجاسم أشار إلى أنّه في الوقت الراهن ووفق معدلات وارد المياه لسد الفرات لا يمكن التكهن بالمدة التي قد نضطر لفرضها كساعات تقنين خلال المرحلة القادمة، إذ تبقى هذه المدة متفاوتة، وقد حددنا برنامجًا لتقنين وفق الخطط الاستراتيجية لمنسوب المياه”.
تحديد ساعات التقنين يتم بناءً على تقارير غرفة عمليات سد الفرات
ويتم تحديد مدة ساعات التقنين بناءً على التقارير التي تصدر عن غرفة العمليات المشتركة لسد الفرات، وذلك وفق معدلات الحمولة التي تحددها المؤشرات الصادرة والواردة لحجم التغذية الكهربائية وفق الاستهلاك المطلوب للمدينة، حيث يتم تقنين الكهرباء مدة 4 ساعات بالنسبة لمركز المدينة، و6 ساعات للريفيين الشرقي والشمالي الغربي.
في حين تم تحديد 3 ساعات للتقين على مخارج محولة الـ 10 ميغا، بدءاً من الساعة الـ 4 فجراً، حيث تعد هذه المحولة المغذي الوحيد للمرافق الحيوية في المنطقة ومنها “المشفى الوطني، ومحطات ضخ مياه الشرب، ومحطات الري، ومعبر الطبقة، وصوامع البوعاصي، والمطاحن”.
صيانة محولة الـ 30 ميغا تسبّب بتقنين الـ 9 ساعات
وتعليقاً على انقطاع التيار الكهربائي خلال الأسبوع الفائت ولمدة وصلت إلى 9 ساعات متواصلة في كل يوم، أوضح الجاسم الأسباب التي دفعت المديرية إلى هذا الإجراء على خلفية عدة عمليات صيانة لمحولة الـ 30 ميغا الموجودة في ساحة التوزيع والتحويل، إذ قال “نتيجة الاختبارات الدورية التي تقوم بها ورشات المحولات توضح ارتفاع في معدل الغازات الطائرة للزيت المبرد للمحولة، وهذا ما استوجب علينا إجراء إصلاحات متعددة وفصل التوتر العالي المغذي للمحولة لتدارك هذه المشكلة بشكل مستعجل”.
وعلى ضوء الاختبارات التي أجرتها الورشات سجلت نسبة وجود الغازات المنبعثة أكثر من 200 بالمئة، وهي نسبة تساوي ضعف المعدل الطبيعي لسلامة عمل المحولة التي تعد المغذي الوحيد للمنطقة بشكل عام، إذ أرجع المشرفون ظهور هذه المشكلة إلى تفاوت الحمولات وعدم استقرارها بشكل منتظم.
إلزام المشتركين بتركيب قواطع الـ 10 أمبير
وبالانتقال إلى المشكلة التي كانت ولاتزال عائقاً أمام عمل مديرية الكهرباء خلال الفترات السابقة، بيّن الجاسم الخطوات التي ستتخذها المديرية إزاء إلزام المشتركين بتركيب قاطع باستطاعة 10 أمبير للحد من الاستهلاك الكبير.
وخلال فصل الشتاء شهد التيار الكهربائي في منطقة الطبقة انقطاعات متكررة ولفترات زمنية طويلة، عزاها آنذاك المسؤولون إلى االإسراف الزائد وغياب آلية المحاسبة، إذ تسببت هذه الانقطاعات بهبوطات ضمن شبكات التوتر العالي التي أدت إلى خروج 3 محولات عن الخدمة حينها.
خطط مديرية الكهرباء
وعن الخطط التي طرحتها مديرية الكهرباء لتحسين وضعها الراهن أشار الجاسم إلى أنّه “تم تقديم طلب لمكتب الطاقة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا لتزويد ساحة التوزيع والتحويل في سد الفرات بمحولة إضافية دون اللجوء إلى قطع التيار الكهربائي لساعات طويلة أو أيام بحسب الحاجة”.
يذكر أنّ مديرية الكهرباء وضمن إطار مشروع تنوير مدينة الطبقة تمكنت من استهداف 60 مركزاً حيث عملت على مضاعفة استطاعة المحولات الكهربائية ضمن مركز المدينة، واستبدال الكابلات لتحسين شدة النقل وتجنباً للهبوطات التي قد تنجم عن رداءة الناقل.