الإعدامات الميدانية “جرائم حرب”.. كيف يُحاسب مرتكبوها؟

قال ديفيد إل. فيليبس، مدير برنامج بناء السلام والحقوق في جامعة كولومبيا، والذي شغل فيليبس منصب كبير المستشارين في وزارة الخارجية الامريكية في عهد الرؤساء السابقين بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك أوباما.

أن الجرائم التي يرتكبها مقاتلو المعارضة الذين تدعمهم تركيا بحق المدنيين الأكراد في شرق الفرات هي كما فعلوا في منطقة عفرين في شمال غرب سوريا، وقال إن ترامب في الشهر الماضي أيد بشكل أساسي مذبحة تركية ضد الأكراد.

وقال فيليبس “ثمة نمط من الفظائع التي كانت قائمة لبعض الوقت … الجرائم التي يرتكبها مرتزقة الجيش السوري الحر باسمه تقع مسؤوليتها على عاتق أردوغان، ويخضع الجيش السوري الحر لقيادة تركيا”.

وحدد فيليبس سلسلة من الخطوات السياسية من شأنها تهميش الحكومة التركية بشكل فعال وربما تؤدي إلى تغيير النظام هناك. أولاً، ينبغي حث الأمم المتحدة أو هيئة مستقلة أخرى على محاسبة أردوغان.

وقال فيليبس “لا ينبغي أن يكون أردوغان في البيت الأبيض، بل يجب أن يكون في لاهاي أمام قضاة بسبب الجرائم التي ارتكبها”، مضيفاً أنه يجمع مع آخرين بيانات عن جرائم الحرب في سوريا.

ثانياً، يتعين على الكونغرس الأميركي المضي قدماً في اتخاذ إجراءات ضد تركيا لشراء منظومة الدفاع الجوي الروسية إس-400 بموجب قانون مكافحة خصوم أميركا من خلال العقوبات ومشروع قانون آخر بسبب هجومها على سوريا.

وأردف فيليبس قائلاً “يجب أن يتحرك الاثنان للأمام. لا تستجيب تركيا إلا تحت ضغط … تركيا الآن ليست صديقة للولايات المتحدة، يجب أن نتوقف عن التظاهر بذلك. الطريقة الوحيدة لتغيير سلوك تركيا هي أن نكون أكثر صرامة مع أردوغان. لا أعتقد أن ترامب لديه الشخصية لتحقيق ذلك”.

وستتمثل الخطوة الثالثة بالنسبة للولايات المتحدة في إخراج أسلحتها النووية من قاعدة إنجرليك الجوية في جنوب تركيا.

وقال فيليبس “لا يجب أن يكون لدينا 50 سلاحاً نووياً على الأراضي التركية، وقد أصبحت قاعدة إنجرليك بالفعل زائدة عن الحاجة”، مشيراً إلى القواعد الأميركية في الأردن والخليج. وتابع قائلاً “لا أعتقد أننا نخسر الكثير إذا أغلقت قاعدة إنجرليك أبوابها وتوقفت الولايات المتحدة عن تعاونها هناك”.

المسلحون التابعون لتركيا ارتكبوا جرائم حرب بغطاء وحماية تركيا:

لم تكن تحركات “الجيش الوطني” في شمال شرقي سوريا ضمن العملية العسكرية التركية قد مرّ عليها أكثر من أربعة أيام، حتى بدأت المقاطع المصورة عن انتهاكات بحق مقاتلين من “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، ومدنيين بالانتشار، لم يسلم من تلك الانتهاكات لا الاطباء ولا النساء ولا الصحفيين.

أشخاص يقضون رميًا بالرصاص على قارعة طريق فرعي، بعد تكبيل أيديهم إلى الخلف، وثلاث ممرضين تم ايقاف سياررة الاسعاف التي تقلهم اعدموا ميدانيا وثم الاتصال بهواتفهم مع ذوييهم والتشفي بهم، ايضا السياسية الكردية هفرين خلف حيث تم اعدامها ميدانيا ودوس جثتها امام الكميرا واخرين….

حملت المشاهد، التي انتشرت ضمن تسجيل مصوّر في 13 من تشرين الأول الماضي، الدولة التركية لاصدار قرار بمنع التصوير، وليس منع الانتهاكات… وكأنها تقول “افعلوا ما شأتكم لكن دون تصوير…” لكن رغم ذلك تتالت المشاهد لاحقا، اعدام 3 شباب في رأس العين، كتابات على المنازل، التمثيل بجثث مقاتلات كرد، حملة فتاة كرردية وسوقها للذبح وشعارات التكبير، التجمع حولها وكأنها فريسة ووو..

ولشدة الفظائع وصمت تركيا تدخلت “منظمة العفو الدولية” واتهمت عناصر الفصائل المدعومة من تركيا وخاصة فصيل “أحرار الشرقية” بارتكاب عملية إعدام ميداني، بـ “صورة وحشية”، للناشطة السياسية السورية الكردية البارزة، هفرين خلف.

ولعل تاريخ المعارضة مليئ بهكذا عمليات اعدام، ومن أشهرها عملية إعدام ميداني قامت بها فصائل المعارضة كانت في آب 2012، عندما أقدم مقاتلون محسوبون على “الجيش الحر” على إعدام مجموعة ممن وصفوهم بـ “الشبيحة” ميدانيًا في مدينة حلب.

وبحسب تسجيل انتشر حينها على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر اعتقال المقاتلين عددًا من العناصر الموالين للنظام من آل بري، كانت وجوههم ملطخة بالدماء وأبرزهم قائد المجموعة، ويدعى علي زين العابدين بري، المعروف باسم زينو.

واقتاد مقاتلو “الجيش الحر” المعتقلين إلى خارج المدرسة التي كانوا يوجدون فيها، وأعدموهم بالرصاص الحي أمام عدد من الأهالي.

كما وسجلت الكثير من الحالات الاخرى بررمي جنود في منطقة طريق الباب بحلب من سطح بناء لمحكمة، او تقطيع جثة جندي سورري وأكل الكبد من قبل احد قادة كتائب الفاروق يدعى ابو صقار وظهر لاجقا في تسجيل صوتي اثناء سيطرة النصرة وفصائل المعارضة على مدينة ادلب واخرى، لا تقل بشاعة عن عمليات اعدام ارتكبها جنود سورييون وموالون لهم من ما يسمى ب شبيحة.

وأصدرت “منظمة العفو الدولية” بيانًا طالبت فيه بوقف هذه الخروقات على الفور مع ضرورة توثيقها لإحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وطالبت المنظمة، بإجراء تحقيق فوري في عملية الإعدام لمحاسبة المتورطين وأكدت على احترام القوانين الدولية ومنها اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بالأسرى.

الإعدامات الميدانية “جرائم حرب”.. كيف يُحاسب مرتكبوها؟
مع تكرار سيناريوهات الإعدامات الميدانية في المشهد السوري من قبل أطراف مسلحة عدة، والتي ترافق بعضها مع عمليات تمثيل بالجثث، والتباهي بالقتل، ونشر صور الضحايا على وسائل التواصل الاجتماعي، تسببت هذه الممارسات باحتقان مجتمعي وزيادة في التفرقة والأحقاد والرغبة بالانتقام.

تمثل عمليات الإعدام الميداني انتهاكًا جسيمًا وصريحًا لمبادئ القانون الدولي، التي تؤكد على تجريم جميع الإعدامات التي تتم خارج نطاق القانون، وبشكل تعسفي، ودون محاكمات أيًا كان سببها والدافع وراءها.

وتحمي اتفاقية جنيف الرابعة، التي وقعت عليها 196 دولة في شهر آب من عام 1949، المدنيين في أوقات الحروب والنزاعات، وتحظر إصدار أحكام عليهم أو تنفيذ إعدامات بحقهم.

جرائم حرب
وصفت اتفاقية جنيف لعام 1929 القواعد التي تكفل حماية أسرى الحرب، والتي تم تنقيحها في نص اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949، إثر الدروس المستخلصة من الحرب العالمية الثانية، وفي نص البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977.

ويؤكد القانون الدولي الإنساني على احترام كرامة الموتى، ووجوب معاملة الجثث بطريقة لائقة، واتخاذ كل التدابير الممكنة لضمان التعرف إلى هوية أصحابها وتسليمها إلى عائلاتهم.

وتشكل مخالفة هذه القوانين “جرائم حرب”، لا تسقط بالتقادم، ويتحمل مسؤوليتها مرتكبوها والمسؤولون عنهم، فحتى لو ارتكب المقاتل هذه الجرائم بأوامر من قائده، لا يُعفى من مسؤوليتها، إذ إن التذرع بإطاعة الأوامر لا يبرر ارتكابها وانتهاك قوانين الحرب.

ويُسهم توثيق مثل هذه الانتهاكات من قبل المنظمات الحقوقية السورية والدولية، بما في ذلك تحديد اسم المنتهك وانتمائه العسكري، في ملاحقة المجرمين عبر تقديم ملفاتهم إلى الجماعات المتخصصة برفع الدعاوى والمحاكم المعنية.

“محكمة الجنايات الدولية”
هي أول هيئة قضائية مستقلة أُسست عام 2002 بموجب نظام روما الأساسي الموقع عام 1998، باعتبارها أول محكمة قادرة على محاكمة أفراد متهمين بارتكاب “جرائم حرب”، و”جرائم ضد الإنسانية”، و”إبادة جماعية” حول العالم.

يصل عدد الدول الموقعة على قانون إنشاء المحكمة إلى 121 دولة حتى عام 2012، وتواجه انتقادات حادة من كبرى دول العالم، ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين والهند، التي رفضت التوقيع على نظام روما الأساسي أو انسحبت منه لاحقًا.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك