“اللجوء إلى قطر”.. شائعات وعمليات نصب، وقعت ضحيتها آلاف العائلات شمال سوريا

على عكس ما يردده المسؤولون الاتراك وعلى راسهم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في ان المناطق التي توغلت قواته اليها شرقي حلب بعمليتي غصن الزيتون ودرع الفرات تعتبر مناطق آمنة وتشهد عودة يومية للاجئين بشكل طوعي، فقد كشف تقرير اعدته صحيفة الاقتصاد ان آلاف العائلات في مدن بشمال حلب، انساقت وراء شائعات، وعمليات نصب، تتعلق بإمكانية تقديم طلبات لجوء إلى دولة “قطر”، وذلك رغم عدم صدور اللوائح التنفيذية الخاصة بقانون اللجوء الذي صدر مؤخراً عن الحكومة القطرية، مما يعني أن قانون اللجوء المشار إليه، لم يدخل بعد حيز التنفيذ.

وفي حديث مع أكثر من شاهد عيان، في مدينة الباب، شمالي حلب، أقرّ بعض من تفاعلوا مع هذه الشائعات أنهم لم يكونوا مقتنعين بصحتها، لكنهم تفاعلوا معها وفق مبدأ “الغريق يتعلق بقشة”.

وتوافرت معطيات أن بعض مطلقي تلك الشائعات، ربما حاكوا محاولات نصب على المتفاعلين معها، كما حدث سابقاً في مدينة جرابلس القريبة من الباب.

وتوافدت عشرات العائلات في مدينة “الباب” بريف محافظة حلب الشرقي الخاضع لسيطرة تركيا، في الأسابيع القليلة الماضية، إلى مركز (ptt) التابع لـ”المؤسسة العامة للبريد والشحن التركية” في المدينة، من أجل تقديم “استمارة طلب لجوء” إلى دولة “قطر”.

الاستمارة المشار إليها، لم تكن صادرة عن أي جهة رسمية، وكان يتم طباعتها، حسب مصادرنا، من قبل أشخاص، وبصورة فردية.

وقبل بضعة أيام، أكد موظفون في مؤسسة البريد التركي، العاملين في مدينة الباب، على أن موضوع اللجوء شائعة، وأن لا علاقة لهم به.

وقال موظفون في “البريد التركي” لمراجعين في مركز مدينة الباب، إن مسألة اللجوء شائعة لا علاقة للمؤسسة به. وذلك بصورة شفهية.

وقال شهود عيان إن المؤسسة التركية علّقت ورقة على باب مركزها في المدينة، قبل أن يتم إزالتها. وقد تضمنت الورقة جملة مختصرة تفيد بأن مسألة اللجوء إلى قطر، مجرد شائعات، ولا علاقة لمركز “البريد” التركي، بها.

وقد أدت هذه التوضيحات لاحقاً إلى تراجع كبير في حركة الإقبال على تقديم طلبات لجوء إلى “قطر”، عبر “البريد” التركي، في الباب وبلدات أخرى بشمال حلب.

لكن قبل ذلك، كانت المنطقة قد شهدت توافد عشرات العائلات على مراكز البريد التركي، تحت تأثير الشائعات وبعض عمليات النصب، بدافعٍ من الأمل في اللجوء إلى دولة “قطر”.

إقبال كثيف

وحول هذا الموضوع قال “محمود الشيخ” أحد أبناء مدينة “الباب”، إن العشرات من أبناء المدينة والمهجّرين فيها على حدٍ سواء عملوا في الأسابيع القليلة الفائتة على تجهيز واستكمال الأوراق الخاصة بمعاملة الهجرة/ اللجوء إلى دولة “قطر”؛ إذ قاموا أولاً بمراجعة مديرة النفوس في المجلس المحلي لمدينة “الباب” للحصول على ورقة “بيان عائلي” قبل التوجه إلى مركز (ptt) في المدينة.

وأضاف: “شملت استمارة طلب اللجوء إلى دولة (قطر)، معلومات شخصية تتضمن (مكان الإقامة، الخبرات، الشهادة التعليمية، العمل الحالي، رقم الهاتف المحمول والبريد الإلكتروني) للمتقدّم، فضلاً عن صور الهويات الشخصية الجديدة لأفراد العائلة، وبعد ذلك كان يجري وضعها في ظرف ورقي وإرسالها عبر مركز(ptt) إلى السفارة (القطرية) في العاصمة التركية (أنقرة)”.

ووفقاً لما أشار إليه “الشيخ” فإنه اضطر إلى مراجعة مديرية النفوس في المجلس المحلي في مدينة “الباب”، مراراً، للحصول على ورقة “البيان العائلي”، بسبب حالة الاكتظاظ التي شهدتها المديرية جراء إقبال عددٍ كبيرٍ من العائلات عليها منذ لحظة شيوع شائعة اللجوء إلى “قطر”. ولم تتعدى تكلفة أوراق الاستمارة الواحدة –حسب الشيخ- 700 ليرة سورية.

البحث عن حياة أفضل

بدورها أوضحت السيدّة “سامية” وهي أرملة في الـ 45 من عمرها، من أبناء “الغوطة” الشرقية، أنها ذهبت إلى المجلس المحلي في مدينة “الباب” فور سماعها بشائعة اللجوء إلى دولة “قطر”، شأنها في ذلك شأن عشرات المراجعين الذين أخذوا يتوافدون بكثرة على المجلس للحصول على ورقة “البيان العائلي”.

واستطردت قائلة “اضطررت إلى الوقوف والانتظار لساعات طويلة أمام مكاتب المجلس في سبيل استخراج ورقة (البيان العائلي)”. حسب تعبيرها.

وعلى الرغم من أن “سامية” لم تكن مقتنعة بجدية طلب اللجوء الذي تقدّمت به- عبر مركز (ptt)-إلى دولة “قطر”، إلا أنها كانت تأمل في الوقت نفسه أن يتسنى لها الفرصة للمغادرة ، لتتمكن –كما تقول- من العيش برفقة ابنها حياة يسودها الأمن والاستقرار الذي تفتقده في المنطقة.

نصب واحتيال

مصدر من “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة” أكدّ أن ما حدث في مدينة “الباب”، وما حدث قبلها في مدينة “جرابلس” هو عملية نصب واحتيال على المدنيين البسطاء الذين يسارعون إلى تصديق أي أخبار دون محاولة التأكد من مصداقيتها، وذلك أملاً منهم في الخروج من الواقع المعيشي والأمني المتردي في معظم الشمال السوري المحرر.

وأضاف: “قام الأمين العام للائتلاف بالتواصل بشكلٍ مباشر مع السفارة (القطرية) في (تركيا) لتبيان حقيقة الأمر، فكان الرد أن اللوائح التنفيذية الخاصة بقانون اللجوء الذي صدّر مؤخراً عن حكومة (قطر) لم تدخل إلى الآن حيز التنفيذ، وبالتالي فهي غير مخولة باستقبال أي من طلبات اللجوء من سوريا أم من غيرها”.

بدوره، أوضح المصدر الخاص في الائتلاف، أن “المخابرات التركية” والجهات المحلية في مدينة “جرابلس” بصدد فتح تحقيقات تخص نفس الحادثة في مدينة “جرابلس”، ولا سيما بعد الأخبار التي تمّ تداولها بين أبناء المنطقة عن قيام أحد المكاتب بإيهام حوالي 8000 عائلة بإمكانية مراجعته وتقديم طلبات اللجوء من خلاله لقاء قيمة مالية مقدارها 1000 ليرة سورية، منها 500 ليرة إلى مركز(ptt) في المدينة.

وكانت “مؤسسة البريد التركية” افتتحت في وقت سابق العديد من مراكز البريد (ptt) في مدن وبلدات “درع الفرات” و”غصن الزيتون”، بغية تقديم خدمات بنكية وبريدية فيها، وهذه المراكز غير معنية-حسب المصدر- بموضوع الهجرة إلى أي دولة؛ وهي تتلقى الطلبات المقدّمة إليها بحكم عملها القائم على تسليم وإيصال الطرود البريدية من الجهة المرسلة إلى الجهة المرسلة إليها فقط.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك