لماذا يجب أن تشدد القوى المسيطرة على شمال سوريا من إجراءات الو قائية ضد كورونا؟

أعدّ الفريق الميداني في مركز توثيق الانتهاكات دراسة عن الأخطار والتبعات المحتملة لظهور فيروس كورونا (كوفيد-19) في منطقة الإدارة الذاتية حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية، والمناطق التي يسيطر عليها (الجيش الوطني السوري) بدعم تركي وحكومة الإنقاذ في إدلب التابعة لهيئة تحرير الشام.

عبر لقاءات والبحث مع طواقم طبية، ومختصين والسكان ثبت أنّ قرابة 3 مليون شخص على الأقل يمكن أن يصابوا بهذا الفيروس فيما لو انتقل إلى المنطقة، ولم تتخذ القوى المسيطرة على الأرض ومجالس الحكم المحلية والهيئات الصحية إجراءات مشددة لتفادي الإصابة تتضمن إغلاق المعابر، حظر التجوال، إغلاق المراكز التعليمية، والمؤسسات العامة ومنع تنظيم أي تجمعات أو إقامة النشاطات وإغلاق المساجد وغيرها من إجراءات السلامة.

في مناطق الإدارة الذاتية بحسب الدراسة يمكن أن يصاب بفيروس كورونا قرابة مليون شخص، من أصل 5 ملايين يسكنونها، وأنّ مابين 110 إلى 130 ألفاً يمكن أن يلقوا حتفهم، فيما سيحتاج 13 ألف شخص مصاب على الأقل إلى وضعهم على أجهزة التنفس الصناعي. وقدر البحث أنّ هنالك بحدود 27 – 30 جهاز تنفس صناعي في مختلف المراكز الصحية، حيث أوضح الرئيس المشترك لهيئة الصحة في شمال وشرق سوريا جوان مصطفى: “نملك الآن 27 منفس هوائي، ونسعى إلى تأمين منافس أخرى ليصل العدد إلى 100” وأنّ عدد الغرف المتوفرة بالكاد يمكن أن يصل إلى 200 غرفة، قادرة على استيعاب حتى 1500 شخص فقط، فيما ولا يتوفر في مناطق الإدارة الذاتية سوى /28/ سريراً فقط في وحدات العناية المركزة في جميع مشافي المنطقة مجتمعةً، كما ليس هناك سوى طبيبين اثنين مدربين على كيفية التعامل مع أجهزة التنفّس، ما “سيؤدي إلى كارثة إنسانية مع انتشار الفايروس في ظل الإمكانيات المتوفرة” أي إنّ قدرة الاستيعاب قد تشمل فقط 5 %، كما أن الخطوةرة الكبيرة تأتي من أن الفيروس سيكون سريعا في التفشي خاصة في المخيمات وعددها 15 مخيم وحوالي 35 مركز إيواء مؤقت يؤيها ما يصل إلى 110 ألف.

في المناطق الخاضعة لتركيا وضمنها أدلب بحسب الدراسة يمكن أن يصاب بفيروس كورونا قرابة مليون ونصف مليون شخص، وأنّ مابين 130 إلى 140 ألفاً يمكن أن يلقوا حتفهم، فيما يحتاج 16 ألف شخص مصاب على الأقل إلى وضعهم على أجهزة التنفس الصناعي. وبحسب الدراسة هنالك بحدود 150-200 جهاز تنفس صناعي فقط في مختلف المراكز الصحية، وأنّ عدد الغرف المتوفرة بالكاد يمكن أن يصل إلى 250 غرفة، قادرة على استيعاب حتى 1600 شخص فقط، أي إنّ قدرة الاستيعاب قد تشمل أقل من 4 %، ويشكل انتشار المخيمات بيئة خصبة للفيروس وسرعة التفشي، اضافة للمعتقلات المنتشرة في تلك المناطق والتي أكدت شهادات أن المعتقلين فيها يعانون من الحرمان من الرعاية والغذاء والصحة.

هشاشة البنية التحتية عامة في شمال سوريا، والنقص في الكادر الطبي، الأدوات، التجهيزات، ستتسبب في مضاعفة أعداد الوفيات لتعذر القدرة على استقبال المصابين وفحص المشتبه بهم في المراكز الصحية لضخامة العدد أي أنّ عدد الوفيات قد يصل إلى 500 ألف، سيتضاعف عدد المصابين إلى مليونين، كوباء يجتاح المجتمع برمته.

وكان مركز التوثيق قد أصدر بيانا بتاريخ 19 آذار \ مارس 2020 دعا فيه جميع الأطراف والقوى الفاعلة في شمال سوريا، والتحالف الدولي والمنظمات ذات الشأن إلى تنسيق الجهود لإيجاد آلية مشتركة في مقاومة هذا الفيروس:

رغم الإعلان عن اتخاذ جملة من الإجراءات الوقائية في (شمال سوريا) – مقسمة بين القوى: قوات سوريا الديمقراطية و الحكومة السورية و الجيش الوطني السوري والجيش التركي وتنظيم هيئة تحرير الشام السيطرة فيها – إلا أنّها غير كافية للوقاية وحماية السكان وحماية النازحين في المخيمات.

يجب إيجاد صيغة تنسيق بين مختلف الأطراف بهدف تنظيم آلية موحدة لمواجهة هذا الفيروس الخطير، الذي سيشكل انتشاره في شمال سوريا كارثة ووباء سيحصد آلاف الأرواح في وقت قصير نظرا لضعف الإمكانيات والبنية التحتية الهشة وقلة المراكز الصحية.

ماتزال حتى تاريخه كل المراكز الصحية في منطقة الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا بدون أي جهاز للكشف عن كورونا والذي يعرف ب (PCR)، وإجراءات التعقيم التي تنفذها الإدارة الذاتية جيدة لكنها غير كافية لإيقاف هجوم الفيروس في ظل غياب خطة شاملة لمواجهته.

كما وأنّ مناطق سيطرة القوات المسلحة التركية، مازالت الإجراءات المتخذة فيها دون الحد المطلوب، ولم تقم مجالسها المحلية والفصائل العسكرية فيها بأي خطوات عملية لمنع التجمعات، أو إجراء عمليات تعقيم.

كما وأنّ حكومة الانقاذ في إدلب ماتزال بطيئة الاستجابة ولا تقوم بما يجب ولم تعلن حتى الآن عن أي خطوات تضمن الوقاية من الفيروس.
من المهم لمختلف الأطراف التنبه لمدى خطورة وصول هذا الفيروس إلى مناطقهم، هذا يعني وباء سيتسبب في مقتل الآلاف في وقت قصير، يجب تنسيق الجهود والعمل على الحد من الحركة والعزل وحظر التجمعات والتجوال قدر الإمكان، والعمل على تجهيز مراكز صحية وتوفير أجهزة الفحص بسرعة قصوى إلى جانب تفعيل دور المنظمات الإغاثية والإنسانية للتدخل في الوقت المناسب.

يجب على الحكومة السورية التدخل في المساعدة في إيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، وتجميد العمليات العسكرية، والتنسيق لمد المراكز الصحية بأجهزة الفحص كونها الجهة الرسمية، ويمكنها مخاطبة منظمة الصحة العالمية حول ذلك.

من الواجب على التحالف الدولي إيصال الأجهزة اللازمة وتوفير التمويل الفوري بإنشاء المراكز الصحية في مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية بشكل عاجل.

كما ويجب على تركيا مد دعم وإقامة مراكز طبية في المناطق الخاضعة لسيطرة قواتها وتوفيرها بالأجهزة والمعدات اللازمة، وإصدار قرارات تحظّر التجمعات والحد من الحركة قدر الإمكان.

ونحذر أنّ التأخر في الإجراءات الوقائية والتأخر في اتخاذ التدابير اللازمة قد يؤدي إلى انتشار الفيروس في شمال سوريا، و”المرض سينتشر بسرعة كبيرة، خاصة في المخيمات”.

هذا الفيروس يمثل “تهديداً خطيراً جداً” للعالم، ويجب تضافر الجهود في سبيل الوقاية والحد من انتشاره قدر الإمكان فأكثر ما يهم الآن هو وقف (انتشار) الوباء وإنقاذ الأرواح. وهو يحتاج دعم وتضامن الجميع وتضافر جهودهم.

مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا
19 آذار \ مارس 2020

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك