جددت تركيا الترويج عن صفقة مع روسيا تضمن لها السماح بالتوغل في مدينة تل رفعت مقابل سحب المقاتلين الذين تدعمهم في منطقة جسر الشغور، وخان شيخون بريف أدلب وحماة في ظلّ غموض وتصعيد عنيف يلف المنطقة العازلة الخاصة بمحافظة إدلب السورية، المشمولة لاتفاق تهدئة ما بين الرئيسين بوتين وأردوغان.
لكن روسيا في تلرفعت ليست الوحيدة، أو لكانت قبلت الصفقة، إيران مهتمة بالمدينة لكونها تشرف على منطقتي نبل والزهراء، وانتشار قوات المعارضة المسلحة في تلرفعت سيشكل تهديد مباشر على البلدتين التي عانتا سابقا من حصار وقصف لثلاث سنوات،كما وأن وحدات حماية الشعب عززت انتشارها في المنطقة، واعتبرها نقطة ارتكاز لا يمكن التنازل عنها وهو ما أثبتته المحاولات العديدة لفصائل المعارضة والقوات التركية بشن هجمات برية، وقصف مدفعي كما وأن الجيش السوري لم يعد مهتما بعقد أي صفقات جديدة، وخسارة اي ارض في ظل هجومه على ادلب من عدة محاور، بذريعة اخلال مقاتلي المعارضة باتفاقية استانا وتحالفهم مع هيئة تحرير الشام المصنفة كتنظيم إرهابي.
في ادلب كذلك يبدو أن صبر روسيا بدأ ينفد من تقاعس تركيا عن تحجيم هيئة تحرير الشام في شمال غرب سوريا خاصة مع تكرار الهجمات ضدّ حميميم. كما أن دمشق، التي تعهدت باسترداد “كل شبر” من الأراضي السورية، أبدت استياءها علانية من الوضع القائم.
لكن ماتزال تركية، وفصائل المعارضة تتأمل على الفرضية التي تُفضي إلى مقايضة تسمح بدخول الفصائل المعارضة إلى تل رفعت، وذلك مقابل دخول قوات النظام ومن معها إلى شمال حماة ومثلث جسر الشغور لحماية قاعدة حميميم الروسية باللاذقية، في سيناريو مشابه لمقايضة 2016 على شرق حلب مقابل ما سمي حينها بـ”درع الفرات”، والتي تمّت على وقع المدافع والصواريخ، وفقاً لما تنقله صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية عن قيادي سوري معارض استدل على ذلك بعدم دخول الجيش الروسي بثقله المعهود وتجنبه سياسة الأرض المحروقة التي لا يتردد في المضي فيها إذا استدعت الحاجة.
ويتعرّض الريف الجنوبي لمحافظة إدلب مع الريف الشمالي لمحافظة حماة المجاورة، لقصف كثيف منذ نهاية الشهر الماضي، تشنّه قوات النظام السوري مع حليفتها موسكو، رغم كون المنطقة مشمولة باتفاق روسي تركي تمّ التوصل إليه العام الماضي.
وتسيطر هيئة تحرير الشام مع فصائل جهادية على إدلب وأرياف حلب الغربي وحماة الشمالي واللاذقية الشمالي الشرقي وعقدت مؤخرا تحالفا واسعا مع فصائل مدعومة بشكل مباشر من انقرة، شاركت في لقاءات الاستانة. وشهدت المنطقة هدوءاً نسبياً منذ توصل موسكو حليفة دمشق وأنقرة الداعمة للمعارضة إلى اتفاق في سوتشي في سبتمبر، نصّ على اقامة منطقة “منزوعة السلاح” تفصل بين مناطق سيطرة قوات النظام والفصائل.
ولم يتم استكمال تنفيذ الاتفاق بعد. وتتهم دمشق أنقرة بـ”التلكؤ” في تطبيقه.
وفي وقت سابق من العام الجاري شدّدت هيئة تحرير الشام قبضتها في حملة على جماعات المعارضة الأخرى. ولا يزال لبعض هذه الجماعات وجود من خلال “الجبهة الوطنية للتحرير” المدعومة من تركيا.
وقد أقام الجيش التركي حوالي 12 موقعا عسكريا في المنطقة بموجب اتفاقات مع روسيا.
وأنشأ الاتفاق الروسي التركي منطقة منزوعة السلاح كان على المتشددين الانسحاب منها الأمر الذي فرض على تركيا مهمة معالجة المشكلة، وفي الوقت نفسه ترك منطقة الشمال الغربي في نطاق النفوذ التركي.
لكن الوضع في تلرفعت بدا مختلفا، حيث كشفت مصادر قيادية من مدينة تلرفعت بريف حلب الشرقي إن النقاشات بين وحدات حماية الشعب والقوات الروسية استمرت ثلاث أيام تمخض عنها اتفاق على إقامة ثلاث نقاط مراقبة روسية في المدينة..تمهيدا لتنفيذ دوريات مراقبة في مناطق التماس بين وحدات حماية الشعب والقوات التركية في خطوة من شأنها إغضاب تركيا التي توعد رئيسها رجب طيب أردوغان مرارا بالتوجه للمدينة بعد فرض قواته سيطرتها على مدينة عفرين في آذار 2018.
وكانت القوات الروسية قد انسحبت من المدينة قبل عام إبان الحرب التركية على منطقة عفرين، لتهدد تركيا باجتياح المدينة التي انسحبت إليها وحدات حماية الشعب.
وكان نائب الرئيس التركي، فؤاد أوقطاي، قد كشف في 5 أيار/ مايو الجاري عن لقاءات عقدها مسؤولون من تركيا وروسيا للترتيب انتشار قوات البلدين في منطقة تل رفعت الحدودية السورية، وذلك بعد تصعيد تخلله تبادل للنيران عبر الحدود من المنطقة أسفر عن مقتل جندي تركي.
وقال أوقطاي في مقابلة مع قناة (كانال 7) التلفزيونية إن تركيا وروسيا تناقشان التطورات في المنطقة، مضيفاً أن العمليات العسكرية التركية على طول الحدود ستتواصل حتى يتم القضاء على ما سماها التهديدات.
وأضاف “الاتفاق هو أن نتوقف هناك (في تل رفعت) لكن إذا استمرت هذه الهجمات فإن الأمر قد يأخذ شكلا مختلفا. ونناقش هذا مع روسيا”.
وتخضع منطقة تل رفعت لسيطرة وحدات حماية الشعب وتقع على بعد حوالي 20 كيلومترا شرقي عفرين، التي تخضع لسيطرة تركيا وحلفائها من فصائل سورية مسلحة كانت تقاتل سابقا نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد تحت اسم الجيش الحر.
وقامت تركيا، الداعم الرئيسي لجماعات المعارضة التي تقاتل الرئيس السوري بشار الأسد، بدوريات مشتركة مع روسيا، أحد حلفاء الأسد الرئيسيين، في المناطق الشمالية بموجب اتفاقات تم التوصل إليها العام الماضي.
وفي مارس، قالت وزارة الدفاع إن القوات التركية والروسية قامت بأول دوريات “مستقلة ومنسقة” في منطقة تل رفعت.
شريط مصور بتاريخ الامس 25 ايار يظهر استمرار انتشار القوات الروسية في مدينة تلرفعت شرقي حلب الواقعة تحت سيطرة وحدات حماية الشعب، وانها تعمل عل اقامة ثلاث نقاط مراقبة في المدينة للفصل بين الوحدات والقوات التركية. pic.twitter.com/n71GCbbGYm
— VdC-NsY Northeastern Syria (@vdcnsy) May 26, 2019