زيادة تنمّر السوريين ضد تركيا في المناطق الخاضعة لسيطرتها


زادت وتيرة الاحتقان ضد تركية وقواتها المسلحة المنتشرة في عدة مناطق شمال سورية، لا سيما مع شعورهم بالخذلان والياس من المواقف التركية وتنصلها من وعودها بحمايتهم وتقديم الدعم لهم.

وتنتشر القواعد العسكرية التركية في عدة مناطق لاسيما منطقة الباب بريف حلب الشرقي، وجرابلس اعزاز وعفرين ومدينة الراعي إضافة لنقاط المراقبة وعدد 12 نقطة في ادلب كما وتنشط الاستخبارات التركية في المنطقة، من خلال عملاء أتراك أو مجندين سوريين سواء أكانوا ظاهرين في مختلف المؤسسات والمجالس المحلية، أم كانوا عملاء سريين او من خلال جماعات سرية تتبع حزب الحركة القومية ومن تلك الجماعات نذكر “الذئب الرمادي”..

وتحكم تركية قبضتها على المنطقة من خلال قواتها العسكرية والأمنية وتديرها مباشرة من خلال قواعدها وضباطها العسكريين والأمنيين، كما وتدعم عشرات الفصائل السورية المعارضة، والتي كانت تقاتل سابقا تحت راية “الجيش السوري الحر” نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وعدد من تلك الفصائل تتلق دعما سخيا، مثل فيلق الشام، وسليمان شاه، حيث يحظى قادتهم بدعم من الضباط الأتراك، وخصص لهم تمويل منفصل عن بقية الفصائل، كما وهي لا تشارك في العمليات القتالية عموما، وكثيرا ما تقوم بحماية الدوريات التركية داخل المدن، وحماية محيط القواعد العسكرية التركية، والمعابر الحدودية.

كما وتشرف تركية إداريا من خلال مسؤولين متنفذين تدعهم في كل منطقة، سواء كانوا أعضاء في مجالسها المحلية، أم في المؤسسات المتعددة التي تعمدت إنشائها بما يخدم مصالحها.

وقفة احتجاجية في مدينة الباب تطالب القوات التركية بالتعويض

مظاهر معارضة تركيا رغم أنها جوبهت باعتقال من يقف ورائها وبالتهديد والقتل، لكن وتيرتها ازدادت ويكشف ذلك حجم فقدان الثقة تركيا، بعدما كانت بالنسبة للسوريين الذين ثاروا ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد داعم أساسي لهم، لتغلق الحدود في وجوههم من خلال بناء ساتر وتقتل أي لاجئ يحاول اجتيازها، حيث بلغ عدد اللاجئين الذين قتلتهم قوات الجندرمة التركية بحسب إحصاء أعده مركز توثيق الانتهاكات في شمال سورية 501 لاجئا، وعدد الجرحى 729 لاجئ. فلا تتوقف الانتهاكات التركية بحق المواطنين السوريين عند الحدود، وذلك على الرغم من التصريحات الحكومية الزائفة التي تُحاول أن تعكس صورة إيجابية عن تعامل حكومة حزب العدالة والتنمية مع السوريين.

 

في أيلول 2018 نشر “مسلح” يدعى أبو بدر عيد فيديو هدد فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدخول مدينة الريحانية التركية في حال تخلت تركيا عن مسلحي المعارضة في إدلب. وأشار المسلح في التسجيل المصور إلى الجدار الإسمنتي الذي وضعته تركيا على طول الحدود مع سوريا، حيث ظهر واقفاً أمام الجدار المقابل لمدينة الريحانية. وأضاف المسلح أنهم سيواجهون الجدار التركي بحفر الأنفاق التي تمكنهم من دخول الريحانية في تركيا، مضيفاً أن “آخر ملجأ للجيش الحر أو المعارضة في حال قرر أردوغان بيع إدلب هو الريحانية”، وأنه سيتم السيطرة عليها خلال ساعتين فقط.

وفي اليوم التالي اعتقل بدر من قبل دورية امنية مشتركة من فيلق الشام في بلدة كفرتخاريم التي يقيم فيها، وتم نقله الى تركية ومازال لتاريخه مصيره ومكان اعتقاله مجهولا.

واشتدت المعارضة ضد الوجود التركي بعد فشلها من تحقيق الامن والاستقرار، وتوحيد الفصائل، ونزع السلاح من المجموعات المسلحة وإبعاد القواعد العسكرية ومقرات المسلحين عن المدن، اضافة الى الفساد والفوضى في مجالسها المحلية، واعتمدها على شخصيات لا تتمتع بقبول شعبي وتجاهل الشكاوي المقدمة اليهم، ضد قادة الفصائل… اضافة الى التأخير أحيانا في دفع معاشات المسلحين، او توكيل قادة الفصائل بالانابة في التوزيع.

كما وساهم التصعيد الأعنف على الإطلاق في مناطق “خفض التصعيد” التركية-الروسية في محافظة إدلب السورية، بردات فعل حيث نظمت تظاهرات عدة مدن رفعت فيها شعارات تسأل عن غياب تركية وصمتها تجاه الغارات وخروقات الجيش السوري، وقصف المدن ففي مدينة معرة النعمان تظاهر العشرات، حيث قام أحد المتظاهرين بإحراق العلم التركي وسط هتاف المتظاهرين بـِ “الشعب يريد اسقاط النظام”، و”علم تركيا نحنا اللي رفعناه ونحنا اللي منزلو وكل شي خاين هاي نهايتو إن شاء الله”، و”يسقط بشار”، و”ليش خايفين الله معنا”. واجبر المتظاهر في اليوم التالي على تسجيل فيديو اعتذار عن قيامه بحرق علم تركيا وإطلاق شعارات ضدها.

وفي خطوة نادرة انتقد سفير الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في باريس، منذر ماخوس، موقف تركيا وروسيا من الوضع في إدلب. وحمل سفير “الائتلاف الوطني” الذي يتلقى الدعم من أنقرة، روسيا وتركيا وإيران مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في محافظة إدلب، مشددا على ضرورة العمل على إيجاد حل سريع لإنهاء الازمة الراهنة في إدلب.

كما واتهم ممثلوا مكاتب المهجرين في مدينة عفرين الحكومة التركية بالعمل على توطينهم في منطقة عفرين التي اضطروا للنزوح نحوها بموجب اتفاقيات مصالحة رعتها تركية وروسية. ممثلو المهجرين اعتبروا ان قيام تركيا بإغلاق مكاتبهم خطوة تهدف لطمس الهوية السورية وإلحاق المهجرين بالمناطق التي يقيمون فيها، كما وتهدف الى توطين المهجرين وترسيخ عقلية سلخ المهجرين عن الارتباط بمناطقهم وحقهم في العودة إليها. ودعا ممثلوا المكاتب لتظاهرات ضد القرار التركي حتى العودة عنه وفتح مكاتبهم بكافة الطرق والوسائل.

الناشط سليمان أبو ياسين كتب “كأحد أبناء محافظة حمص في عفرين أرفض قرار القيادة التركية إغلاق مكاتب المهجرين في مناطق غصن الزيتون والذي يهدف إلى طمس الهوية السورية وإلحاق المهجرين بالمناطق التي يقيمون فيها ونزع فكرة العودة إلى مناطقهم . وأدعو كل المهجرين في هذه المناطق للوقوف ضد هذه القرارات”.

ومن مظاهر التنمر الاخرى استهزاء السوريين بالدوريات التركية، ونقاط المراقبة التي يقولون إنها لا تقوم بوظيفتها في ايقاف القصف وإنما باتت مهمتها محصورة في احصاء عدد الغارات والقذائف على تسقط على مدنهم، وتقل اطفالهم ونسائهم، حيث نشرت عدة فيديوهات وكتبت تعليقات هروب الجنود الأتراك وإخلاء نقاط المراقبة، كمارفع شاب سوري في بلدة معصران بريف إدلب برفع حذائه أمام احدى الدوريات التركية المتوجهة الخارجة من نقاط المراقبة في ريف إدلب.. تعبيرًا عن سخطه لعجز الدوريات عن إيقاف القصف الذي تتعرض له المدينة من طائرات روسية، ومدفعية الجيش السوري…كونها دولة ضامنة لوقف إطلاق النار. حيث اعتقل في اليوم التالي من قبل فيلق الشام، وتم تعذيبه.
تطور وتصعيد لافت آخر للمظاهر الاحتجاجية ضد “الاحتلال التركي” في مدن ومناطق شمال غرب سوريا لاسيما بعد المظاهرات والاعتصامات التي جوبه بعضها بالاعتقالات وإطلاق الرصاص على المتظاهرين الذين خرجوا ضد انتهاكات الفصائل المدعومة من أنقرة وفساد مجالس المحلية التابعة لتركيا حيث نظمت تظاهرات في اعزاز وجرابلس والباب وعفرين وبلدات تابعة لها.

ففي مدينة الباب في ريف حلب الشرقي، كتبت عبارات مناهضة لتركيا على جدران “قيادة الشرطة” في المدينة التي تسيطر عليها القوات التركية والفصائل التابعة لها منذ مطلع العام 2017 في إطار عملية “درع الفرات” العسكرية في المنطقة.

واستخدم كاتبوا العبارات المناهضة لتركيا في مدينة الباب “دهان بخاخ” أزرق اللون، وتكررت عبارة “يسقط الاحتلال التركي” ثلاث مرات بين الصور، بينما جاء في إحدى الكتابات عبارة “فساد الحكام من فساد المحكومين”.

المظاهر الاحتجاجية خرجت في مدينة الباب عدة مرات رافقها اضطراب للتجار و اغلاق الاسواق، نتيجة للفلتان الامني واتهموا الضباط الاتراك بحماية قادة الفصائل المتورطين في ارتكاب انتهاكات. كما وجرت تظاهرات في اعزاز ضد مجلسها المحلي الموالي لتركية، وتظاهرات ضد مجلس صوران المحلي استمرت 3 أشهر ولم تتوقف حتى عزل رئيس المجلس والأعضاء رغم حمايتهم من قبل تركية، ورفضها مطالب تنحية قادة المجلس.

في معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا، بريف حلب الشمالي، سادت حالة من التوتر جرّاء خلاف بين “لواء الفتح” ، والجبهة الشامية، وذلك إثر احتجاز لواء الفتح مدرعة وجنوداً أتراك. ولم يتم فك اسر المدرعة التركية والجنود الا بعد تدخلت قوات خاصة تركية واستقدام تعزيزات دخلت عبر معبر “أونجو بينار” التركي، لإخراج المدرعة العسكرية المنجزة قرب معبر باب السلامة في منطقة اعزاز.

وفي نهاية العام الماضي تم اعتقال جنود أتراك وضابط من قبل “الفصائل المسلحة في اعزاز” وتم إخضاعهم للتحقيقات وتحويلهم للقضاء على خلفية دعاوي وتهم تتعلق بالاغتصاب، ولم يتم الافراج عنهم إلا بعد أن أرسلت تركيا تعزيزات ضمت طائرة هليكوبتر ودبابات بمنطقة اعزاز وقامت بتطويق مقر السجن، والذي يضم أيضا المحكمة ولم تفك الحصار حتى تسلمت الجنود، الذين أعادتهم لتركية.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك