أمريكا تضاعف عدد قواتها في سورية

فيما يبدو إجهاضًا ناعمًا لأطماع الرئيس التركي، رجب أردوغان، في شمال سورية، تبحث الولايات المتحدة الأمريكية زيادودة عداد جنودها في سورية من 400 إلى ألف مقاتل من المارينز.

وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاجون) أعلنت في 20 مارس الماضي، الإبقاء على 400 جندي أمريكي في شمال سورية وقاعدة التنف الحدودية بين سورية والعراق والأردن، قبل أن تؤكد صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية حصولها على معلومات بأن الإدارة الأمريكية ستزيد العدد إلى 1000 جندي.

المراقبون اعتبروا التوجه الأمريكي دليلا على التزام أكثر جدية من واشنطن تجاه الأوضاع في سورية، أو صعوبات تواجهها واشنطن في الحصول على تعهدات من الحلفاء للالتزام بإبقاء قوات عسكرية. لكن في الحالتين سيكون لرفع مستوى التواجد الأمريكي تداعيات أكثر صعوبة على تركيا التي تحلم باجتياح شرق الفرات منذ أعلن الرئيس دونالد ترامب انسحاب قوات بلاده، إذ يعني الأمر بالنسبة لأنقرة استحالة تحقيق مرادها.

صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلت الخبر عن مسؤولين في وزارتَي الدفاع والخارجية الأمريكيتين، وقالت إن الاجتماعات التي عُقدت مع دول الحلفاء الرئيسية في التحالف الدولي ضد داعش، لم تؤدِّ بعد إلى الحصول على تعهدات ملزمة بإيفاد المزيد من الجنود . الصحيفة قالت إن واشنطن اتصلت بنحو 21 دولة بهدف الحصول على تعهدين: مواصلة الحملة لمنع عودة ظهور تنظيم “داعش” الذي تم القضاء على دولته، ومنع تركيا من القيام بأي هجوم على مناطق شمال شرقي سورية، التي تسيطر عليها قوات سورية الديمقراطية المتحالفة مع واشنطن.

المتحدث باسم البنتاجون، الكوماندر شون روبرتسون قال لصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، إن واشنطن على ثقة من أنها ستضمن مع دول التحالف هزيمة دائمة لـ”داعش” وتحقيق الأهداف الأخرى للرئيس ترامب في سورية، بعد سحب القوات الأمريكية، بما في ذلك منع الفراغ الأمني الذي قد يزعزع استقرار المنطقة.

روبرتسون أكد أن “مناقشات مكثفة لا تزال مستمرة مع تركيا لمعالجة المخاوف الأمنية على طول الحدود السورية”، وتم التحدث بإسهاب إلى الحلفاء على مختلف المستويات حول كيفية المضي قدماً في السحب الآمن لقواتنا من شمال شرقي سورية وتثبيت المناطق المحررة.

وتصر تركيا على إقامة منطقة “آمنة” تتولى منفردة الإشراف عليها وإدارتها، لكن واشنطن ترفض الأمر، وتريد إشراك “قوات سورية الديمقراطية” الكردية في إدارتها.

وترى أمريكا أن انسحابها من شمال شرق سوريا، يشجع تركيا على اجتياح تلك المنطقة وضمها إلى الشمال السوري الذي تحتله أنقرة منذ يناير العام 2018، إذ أطلقت عملية “غصن الزيتون”، وهي عملية عسكرية شنتها تركيا وفصائل الجيش السوري الحر المدعومة من قِبلها في يناير 2018 على مواقع قوات سورية الديمقراطية الكردية المحيطة بمدينة عفرين السورية.

الرئيس الأمريكي حذر في وقت سابق تركيا من تنفيذ أي هجمات على شمال شرق سورية، وقال إنه سيدمر الاقتصاد التركي إذا ما قررت استهداف الأكراد.

هذا وأصدر التحالف الدولي ضد داعش تقريراً اليوم الخميس، كشفت فيه نتائج عملياتها العسكرية منذ انطلاقتها عام 2014 وحتى آذار 2019، متضمناً تعداد من فقدوا حياتهم من المدنيين بضربات التحالف بدون قصد والذي قدر بـ 1291 مدنياً، وأكدت تحريرها لـ 7.7 مليون نسمة من ظلم داعش.

وجاء في نص البيان الذي نشرته “قوات المهام المشتركة- عملية العزم الصلب” للتحالف الدولي ضد داعش على موقعه الرسمي ما يلي:

“قام التحالف والقوات الشريكة له منذ بدء العمليات في 2014 بتحرير 110 آلاف متر مربع من داعش حيث تم القضاء على الخلافة المعلنة ذاتياً على الصعيد الجغرافي بالإضافة لتحرير 7.7 مليون نسمة من ظلم داعش. كما سيواصل التحالف العمل مع القوات الشريكة لمنع أي تواجد أو سيطرة لداعش ضمن المنطقة بالإضافة لحرمانه من أية مصادر قد تسهم في إنعاشه من جديد.

وكما وضحنا، إننا ننظر بعين الاعتبار حول أية اتهامات عن إصابات مدنية جديدة وأية أدلة جديدة أو دامغة عن اتهامات سابقة لتتم المحاسبة بناء على أفضل دليل ملموس.

لقد قام التحالف بـ 34,464 ضربة جوية بين آب 2014 وآذار 2019، وحسب المعلومات المتوفرة فإن قوات المهام المشتركة خلال هذه الفترة قدرت مقتل 1291 مدنياً بغير قصد خلال ضربات التحالف منذ بدء عملية العزم الصلب”.

هذا ووقد ذكرت منظمة العفو الدولية ومجموعة (إيروورز) لمراقبة الهجمات الجوية يوم الخميس أن هجوما دعمته الولايات المتحدة لطرد تنظيم الدولة الإسلامية من معقله في مدينة الرقة السورية عام 2017 تسبب في مقتل أكثر من 1600 مدني.

وقال سكوت رولنسون المتحدث باسم التحالف في بيان أُرسل بالبريد الالكتروني يوم الخميس ”إن أي خسارة غير مقصودة في الأرواح خلال هزيمة داعش هي أمر مأساوي“.

وأضاف ”لكن ينبغي مقارنة ذلك بمخاطر تمكين داعش من مواصلة أنشطتها الإرهابية التي تسبب الألم والمعاناة لأي أحد يختاره التنظيم“.

واستولت الدولة الإسلامية على الرقة في مطلع 2014 خلال تقدمها الخاطف عبر سوريا والعراق الذي أعلنت خلاله خلافة اتسمت بإعدام الخصوم دون محاكمة. ووصفت الأمم المتحدة قتل التنظيم الجماعي للأقليات واستعباد أفرادها بأنه إبادة جماعية.

وسيطر التنظيم على ثلث العراق وسوريا في 2014 قبل أن يفقد كل الأراضي التي سيطر عليها في حملات عسكرية شنتها مجموعة من أعدائه، ومنهم الحكومتان العراقية والسورية والولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون وكذلك روسيا وإيران.

وهزمه مقاتلون مدعومون من الولايات المتحدة في آخر معقل له في سوريا هذا العام من قبل قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب عمودها الفقري. وعلى الرغم من أنه لم يعد يسيطر على أراض، فلا يزال يعد تهديدا فيما يتعلق بشن هجمات في أنحاء العالم.

وكانت العفو الدولية قالت العام الماضي إن هناك أدلة على أن ضربات التحالف الجوية والمدفعية في الرقة مثلت انتهاكا للقانون الدولي من خلال تعريض حياة المدنيين للخطر، لكنها لم تعط حتى الآن تقديرا لعدد القتلى خلال المعركة.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك