قرار سحب القوات الأمريكية يُحدّده الوضع على الأرض في سوريا

أعلن الجنرال جوزيف فوتيل قائد القيادة العسكرية المركزية الأميركية الأحد أنّ من المرجح أن تبدأ الولايات المتحدة خلال أسابيع سحب قواتها البرية من سوريا تنفيذا لما أمر به الرئيس دونالد ترامب.
لكن فوتيل الذي يشرف على القوات الأميركية في الشرق الأوسط حذر من أنّ توقيت الانسحاب على وجه الدقة يتوقف على الوضع في سوريا حيث يشنّ مقاتلون تدعمهم الولايات المتحدة هجوما أخيرا على جيوب تنظيم الدولة الإسلامية قرب الحدود العراقية.
وبدأت القوات الأميركية بالفعل في سحب العتاد من سوريا. وسئل فوتيل عما إذا كان سحب القوات الأميركية التي يتجاوز عددها ألفي جندي سيبدأ خلال أيام أو أسابيع فقال “ربما أسابيع. ولكن مرّة أخرى هذا كله يحدده الوضع على الأرض”.
وقال للصحفيين المسافرين معه خلال زيارة للشرق الأوسط “فيما يتعلق بالانسحاب… أعتقد أننا على المسار الصحيح حيثما نريد أن نكون.
“نقل الأفراد أسهل من نقل العتاد ولذا ما نحاول فعله الآن هو من جديد نقل هذه المواد، هذا العتاد، الذي لا نحتاجه”.
ويتسبب انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط على ما يبدو في دفع عجلة الإنفاق على التسلح في دول المنطقة.
فقد ذكرت صحيفة “فيلت” الألمانية الصادرة اليوم الإثنين استنادا إلى “تقرير ميونخ للأمن”، أنّ حجم النفقات على الأسلحة في الشرق الأوسط تضاعف منذ عام 2013 مقارنة بالسنوات الخمسة السابقة، وذلك بالتزامن مع تقلص تواجد القوات الأمريكية في المنطقة على نحو كبير خلال هذه السنوات.
وبحسب التقرير، فإنّ من بين الدول العشرة الأكثر إنفاقا على التسلح في العالم حاليا سبع دول في الشرق الأوسط، من بينها حلفاء للغرب مثل السعودية وتركيا وإسرائيل والكويت.
وساهم إعلان ترامب المفاجئ في ديسمبر سحب القوات الأميركية من سوريا في استقالة جيم ماتيس وزير الدفاع وبريت مكفورك المنسق الدولي للتحالف كما جعل المسؤولين العسكريين الأميركيين في سباق مع الزمن لإعداد خطة انسحاب تحافظ على أكبر قدر ممكن من المكاسب.
وأُرسل مئات الجنود الإضافيين إلى سوريا لتسهيل الانسحاب.
ويقدر المسؤولون الأميركيون منذ فترة طويلة بأن تنفيذ الانسحاب من سوريا بشكل كامل قد يستمر حتى مارس أو أبريل لكنهم أحجموا عن تحديد جدول زمني دقيق في ضوء أوضاع ساحة القتال التي يصعب التكهن بها.
ولم يتكهن فوتيل بموعد الانتهاء من الانسحاب.
ومن بين الأسئلة المهمة ما إذا كان سيتم نقل بعض القوات الأميركية من سوريا إلى العراق المجاور حيث تحتفظ الولايات المتحدة بأكثر من خمسة آلاف جندي لمساعدة بغداد على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية ومنع صعوده من جديد.
وقال فوتيل إنّه لا يعتقد أنّ الولايات المتحدة ستزيد بشكل كبير العدد الإجمالي لقواتها في العراق. وترك الباب مفتوحا أمام احتمال تغيير تركيبة القوات لمساعدة الولايات المتحدة على مواصلة الضغط على تنظيم الدولة الإسلامية.
وفي إشارة إلى مستويات القوات الأميركية في العراق في المستقبل قال فوتيل “أعتقد أنّها ستظل ثابتة تقريبا”.
وأضاف “نقل كل من هم في سوريا إلى العراق.. هذا ليس منطقيا”.
وفوتيل واحد من بين مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين الكثيرين الذين حذروا من مخاطر صعود تنظيم الدولة الإسلامية ما لم تواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها الضغط على التنظيم في أعقاب الانسحاب. ويقول هؤلاء إنّ التنظيم المتشدد ما زال لديه ما يكفي من القادة والمقاتلين والوسطاء والموارد المالية لتأجيج تمرد.
لكن لم تظهر بعد خطة أميركية واضحة لكيفية مواصلة الضغط على التنظيم. كما لم يتضح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتمكن من تهدئة المخاوف الأمنية لتركيا شريكتها في حلف شمال الأطلسي دون التضحية بمصالح المقاتلين الأكراد المدعومين من واشنطن.
وتنظر واشنطن إلى المقاتلين الأكراد على أنّهم شركاء مخلصون في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية ومن المرجح أن تستمر الحاجة لتقديم المساعدة لهم بهدف الحيلولة دون صعود التنظيم مرة أخرى.
وأصدرت هيئة رقابية تابعة لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تقريرا الأسبوع الماضي قالت فيه إنّ تنظيم الدولة الإسلامية ما زال يمثل خطرا. وحذر التقرير من أنّ التنظيم سيعود للظهور في سوريا على الأرجح خلال ما يتراوح بين ستة أشهر و12 شهرا ما لم يتواصل الضغط عليه وسيستعيد السيطرة على بعض الأراضي.
وقدّر تقرير للأمم المتحدة نقلته رويترز الأسبوع الماضي أنّ هناك ما يصل إلى 18 ألفا من مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق وسوريا بما في ذلك ما يصل إلى ثلاثة آلاف مقاتل أجنبي. وحذر من أن التنظيم مهتم بمهاجمة الطيران واستخدام المواد الكيماوية والبيولوجية والإشعاعية والنووية.
وأمام خطة الانسحاب الأمريكي ماتزال حكومة العدالة والتنمية على نهجها في الاستثمار في هذه القضية، وتمارس من أجل ذلك شتى الوسائل ومنها الابتزاز وقلب الحقائق وشن الحملات الاعلامية والدعائية ضد خصومها وضد حلفائها على السواء.
فأذا كان الأكراد هم الد خصومها على الأرض السورية فإنّ الحليف الاميركي لم يسلم من تلك الحملات والانتقادات اللاذعة والاتهامات.
وفي اطار مناورة جديدة تسعى تركيا أن تكون صاحبة قرار ونفوذ على الأرض يسد فراغ الانسحاب الأميركي وهو الأمر الذي لن تناله تركيا في نهاية المطاف…

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك