خلال اجتماع مع وزرائه عصر الأربعاء دافع الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن خططه للانسحاب من سوريا.
وفي إجابة عن سؤال أحد الصحافيين حول تأثير الانسحاب على القوات الكردية، انتقد ترمب الأخيرة لبيعها البترول لإيران، لكنه أكد في الوقت عينه أنّ الولايات المتحدة ستحمي الأكراد.
فكيف يمكن للولايات المتحدة أن تحمي الأكراد بعد انسحابها؟
يجمع الخبراء بحسب ما يؤكد للعربية.نت، ديفيد بولاك، وهو زميل في معهد واشنطن للشرق الأدنى، على عنصرين أساسيين: إبقاء القوات الكردية والعربية المتحالفة معها مسلحة من ناحية، والتنسيق مع تركيا لمنعها – أو إقناعها – بعدم التعرض للقوات الكردية من ناحية أخرى.
ويرى بولاك أنّ المفتاح يكمن في التوصل إلى تفاهم مع تركيا، الأمر الذي سيركز عليه مستشار الأمن القومي جون بولتن في زيارته لتركيا قريباً.
كما يوضح قائلاً: “منع غزوة تركية على المنطقة الكردية داخل سوريا هو الهدف. فتركيا تهدد الأكراد داخل سوريا ملوحة بغزو منبج أو حتى الحسكة أو القامشلي شرق الفرات، ولكنها في الحقيقة لا تريد تنفيذ تلك العملية لأنها قد تكون صعبة جدا. فهناك 60 ألف مسلح كردي وعربي داخل سوريا، وتركيا لا تريد اشتباكات مباشرة”.
ويضيف: “من ناحية أخرى، يعتبر خروج القوات الأميركية من سوريا بحد ذاته، تطميناً لتركيا بأنّ الولايات المتحدة غير مهتمة في إنشاء منطقة دائمة مستقلة للأكراد على الحدود التركية-السورية، أو على الأقل، غير مهتمة في الدفاع عن مثل هذا الكيان، مما قد يخفف من رغبة أنقرة في الدخول بمواجهة مع القوات الكردية.”
كما ويرى الباحث في مجموعة الأزمات الدولية هايكو فيمن أنّ الأمر يحتاج وقتاً، “لأنّه من غير المرجح في الوقت الحالي أن يتحرك النظام من دون اتفاق، إن كان مع قوات سوريا الديموقراطية أو تركيا. وينطبق الأمر ذاته على تركيا التي تحتاج موافقة روسية”.
وكانت صحيفة الوطن السورية المقربة من السلطات قد نقلت الإثنين عن ديبلوماسي عربي في موسكو أنّ التفاهمات الأخيرة بين أنقرة وموسكو إثر القرار الأميركي تتضمن “أن تعود (مدينة) منبج تحت إشراف الدولة السورية كاملة وكذلك المناطق المحيطة بها”.
أما في ما يخص مناطق الأكراد الأخرى الواقعة شرق نهر الفرات، وفق الصحيفة، فسيتم بحث مستقبلها و”عودة مؤسسات الدولة إليها، في اجتماع أستانا المقبل” الذي ترعاه كل من روسيا وإيران وتركيا.
والهدف الأبرز لدمشق، استعادة حقول النفط والغاز في محافظة دير الزور، مرجحاً أن يحصل ذلك إثر تفاهم مع الأكراد. ويرى أنّ ما سيسهل مهمة دمشق هو تحالف فصائل عربية ضمن قوات سوريا الديموقراطية وعشائر من المنطقة معها على اعتبار أنّها “الأكثر قوة”.
ويقول الخبير في الجغرافيا السورية والأستاذ في جامعة “ليون 2” فابريس بالانش في تصريحات لوكالة فرانس برس إنّ تركيا تطمح لإقامة “منطقة عازلة”، لكنها ستحتاج إلى “موافقة روسية للتقدم” وستجد أمامها صعوبات عدة.
ويوضح “تريد روسيا الحفاظ على علاقات جيدة مع تركيا إلا أنّه من الصعب التوفيق بين سيطرة الأخيرة على جزء جديد من سوريا وتحقيق هدف موسكو في استعادة حليفتها (دمشق) كامل السيادة” على أراضيها.
ويتحدث عن عائق آخر قد يقف في وجه تركيا وهو اقتحامها منطقة يعيش فيها سكان “معادون لها”.
الباحث في مجموعة الأزمات الدولية هايكو فيمن يقول حول الحفاظ على المُكتسبات الكردية “لدى الأكراد الكثير ليخسروه، ويبقى السؤال ما اذا كانت ستكون خسارة كاملة أو سيتمكنون من إنقاذ شيئاً ما”.
ويرى أنّ “الفرصة الوحيدة” لإنقاذ بعض من مكتسباتهم هو “اتفاق مع النظام برعاية روسية”، محذراً في الوقت ذاته من أنّه “ليس هناك أسباب كثيرة للتفاؤل بالنظر إلى سجل النظام في المفاوضات والتزامات روسيا في مناطق أخرى”.
ويقول بالانش “لا يجدر بالأكراد أن يتوقعوا الكثير من النظام السوري”، مشيراً إلى “سيناريو يصعب تحقيقه، ويتمثل ببقاء منطقتين تحت سيطرتهم هما كوباني والجزيرة (الحسكة) لكن بحماية الجيش السوري”.