يتواجد في مدينة القامشلي شمال سوريا مئات المواطنين الأرمن والسريان والإيزيديين، يحملون معهم آلاف القصص حول مجازر العثمانيين بحقهم. حيث ارتكبت العديد من المجازر ما بين أعوام 1914 – 1918 وفقد الملايين من الأشخاص حياتهم وتشرد مئات الآلاف.
في حي البشيرية بمدينة قامشلو، تتواجد عائلة أرمنية معروفة باسم عائلة آلكو. العائلة حافظت على لغتها وثقافتها وديانتها. سيران ميلكون آلكو تبلغ من العمر 95 عاماً، سيران كبُرت مع آلام المجازر العثمانية.
سيران نزحت في الخامسة من عمرها من مدينة إيله في تركيا إلى مدينة قامشلو بسوريا عام 1923. عائلة وقطنت قرية خوجا.
خلال المجازر التي ارتكبها العثمانيون قتل العديد من أفراد عائلة آلكو. والد وشقيقات زوج سيران قتلوا خلال المجازر. بصدد المجازر قالت سيران “قتلوا العديد من أفراد عائلتنا. والدتي كانت دائماً تقصّ لي المجازر والأحداث التي مرت بها، لكي لا أنسى تاريخي، كانت أمي تقول لي بأنّ النساء الحوامل كن يُقتلن بالسكاكين، وإنّ جنود الإمبراطورية العثمانية كانوا يختطفون شبان الأرمن ويغتصبون نساءهم”.
سيران تحدثت عن السياسات العثمانية وقالت “الدولة العثمانية كانت تعادي وجودنا وديننا، والآن الدولة التركية تفعل الشيء نفسه، فهي تقدم على سياسات قذرة تهدف لإبادتنا. في مجزرة عام 1914 كانوا يجبرون الأشخاص الذين لم يستطيعوا الهرب، على أن يصبحوا مسلمين، كما كانوا يأخذون الصغار من عائلاتهم ويأخذونهم إلى الجوامع لكي يصبحوا مسلمين من الصغر، وبعدما أصبحوا مسلمين أطلقوا عليهم أسماء مثل علي، عبد الله، جميل، مجيد. عندما رأى زوجي أشقاءه، لم يستطع التعرف عليهم، لذلك فقد حياته قبل 20 عاماً بعدما تألم كثيراً”.
تابعت ” تركية الآن تنتهج نفس سياسة الدولة العثمانية، فهي عنصرية تجاه الشعوب الأخرى. داعش هي استمرار للدولة التركية والعثمانية، ليس هناك فرق بينهم، يجبرون الأشخاص على أن يصبحوا مسلمين. في شنكال خطفوا النساء وأجبروهن على أن يصبحوا مسلمات، والآن نرى في عفرين الشيء نفسه. هذا بعيد عن الإنسانية”.
بنت سيران، آلماست هاكوك مانوك 60 عاماً، ذهبت إلى مدينة إيله في الطرف التركي، قبل انطلاق ثورة روج آفا. هناك لاقت تهديدات من قبل جنود الدولة التركية، حيث قالت آلماست “عندما كنت أعود من مدينة إيله إلى قامشلو اشتريت الطمبور(البزق) لزوجي. كان زوجي ينتظرني على البوابة الحدودية، أظهرت له الطمبور، لكن جنود الدولة التركية كانوا يراقبونني وأوقفوني، اتهموني بأنني أحمل رسالة للإرهابيين، لكن بعدها علموا بأنني أرمنية وقالوا “سنهشم عظامكم مرةً أخرى”، ما زلوا يريدون قتلنا، الذهنية العنصرية لا تزال تتغلغل فيهم، لم يشبعوا من قتلنا وتهجيرنا”.
عائلة آلكو حافظت على ثقافاتها. كافة أفراد العائلة تعلموا التحدث باللغة الكردية، وبصدد عيشهم في روج آفا قالت سيران ميلكون آلكو “جيراننا كلهم من العرب والكُرد. نحن تعلمنا اللغة الكردية. لم تنشب أي خلافات فيما بيننا حتى الآن، نحن نتبادل الثقافات. بعد ثورة روج آفا تم تأسيس كومينات خاصة بالسريان والأرمن، أولادي يلعبون دورهم ضمن الكومينات. هنا يعترفون بنا، لكن في تركيا لا يعترفون بنا ولا حتى بالمكونات الأخرى”.