كشفت مصادر خاصة عن تفاصيل ما تم الاتفاق عليه بين قوات سوريا الديمقراطية و التحالف الدولي. الاتفاق الذي جاء في ختام مشاورات ونقاشات طويلة خلص إلى أنّ التحالف الدولي ملتزم بحماية حلفاءه في سوريا والعمل معهم لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، وأنّ الاتفاق سيكون مرحليا يتجدد كل عامين، الاتفاق يضمن أيضاّ استمرار امداد قوات سوريا الديمقراطية، والقوات الأمنية بالدعم لضمان بناء قوات أمنية وعسكرية متكاملة بهيكلية الجيوش النظام تنحصر مهمتها في الدفاع عن الحدود الخارجية ضد أي تهديد بالإضافة إلى ضمان الأمن الداخلي.
الاتفاق يشمل تخصيص ميزانية ثابتة لتمويل قوات سوريا الديمقراطية، والقوات الأمنية للسنتين المقبلتين، 2019 و 2020 وإنشاء برنامج جديد لشرق الفرات حسب المصدر الذي اشار بأنّ الاتفاق هو بمثابة تجديد الطدعم التحالف الدولي لقوات سوريا الديمقراطية، وتم من خلاله التوسع والاستمرارية في العمل في مناطق شرق الفرات بالاضافة إلى منطقة منبج.
وأضاف المصدر ذاته بأنّ الاتفاق يقوم عبر تأسيس برنامج كامل للتحالف وآلية تطبيقه، ومن ثم تجديده كل عامين، وجاءت الموافقة على البرنامج بعد اجتماعات مكثفة جرت بين كل من التحالف الدولي وقيادة قوات سوريا الديمقراطية، وجرى الاتفاق على آلية عمل مشتركة، بين الطرفين، تتضمن تقديم مساعدات عسكرية لقوات سوريا الديمقراطية طوال فترة العقد، فيما تأتي عملية توقيع العقد الجديد وإنشاء البرنامج الجديد لعمل التحالف الدولي في شرق الفرات ومناطق في غربه بشكل أوسع وفي مجالات أكثر.
وتجلت مشاركة التحالف في العمليات العسكرية من خلال المساحة الجغرافية التي تمكن التحالف من دعم القوات البرية المتحالفة معه أو المدعومة منه للسيطرة عليها، فالتحالف الدولي والقوى المدعومة منه المتمثلة بقوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب عمودها الفقري، تسيطر على مساحة 52528 كلم مربع من الأراضي السورية، بنسبة 28.2% من الجغرافية السورية، حيث تشمل كامل منطقة منبج وريفها في غرب نهر الفرات، وكامل منطقة شرق الفرات باستثناء الجيب الأخير لتنظيم “داعش” عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات.
المصدر كشف كذلك أنّ التحالف الدولي ومنذ وجوده في المنطقة انشأ 18 قاعدة بين عسكرية إلى دعم لوجستي ومقر قيادة عمليات ودعم، وذلك في مناطق في شرق الفرات ومنطقة منبج في القطاع الشمالي الشرقي من ريف حلب، عند الضفة الغربية للنهر، ومن ضمن هذه القواعد 6 قواعد كبرى، وتوزعت هذه القواعد في منطقة كوباني، خراب عشك، منبج في محافظة حلب، وعين عيسى، الرقة، الطبقة بمحافظة الرقة، والشدادي والهول وتل تمر وتل بيدر ورميلان في محافظة الحسكة، وحقل العمر النفطي والبحرة في ريف دير الزور، وتتضمن القواعد الكبرى مطارات لهبوط وإقلاع الطائرات، كما أقيمت بعضها على شكل قواعد صغيرة.
وكشف المصدر كذلك أنّ قادة قوات سوريا الديمقراطية تلقوا ضمانات بحماية الحدود الشمالية والحد من الهجمات التركية المتكررة على المدن السورية، وأنّهم ناقشوا إمكانية انفاقة نقاط مراقبة دائمة على طول الحدود الشمالية مع تركيا، وأنّ القوات الأميركية ستقوم بنشر مراكز مراقبة على الحدود الشمالية لسورية من أجل منع الحد من التهديدات والمخاوف التركية.
وكان التحالف الدولي قد أكد في بيان صحفي نشره سابقا أنه يعمل في سوريا تحت إشراف سلطات دولية معترف بها على دعم القوات المحلية الشريكة “قسد” من أجل تحقيق الاستقرار في الأراضي المحررة. وأن تحقيق الاستقرار يشمل استعادة الخدمات الأساسية الضرورية، وإزالة الألغام والمواد المتفجرة، وتمكين التوزيع المجاني للمساعدات الإنسانية. إن هذه الأمور ستتيح أيضا الظروف التي تسمح للنازحين داخلياً واللاجئين بالعودة بأمان.
وكجزء من تحقيق الاستقرار، سيقوم التحالف بتسهيل تحول شركائه إلى قوات أمن محلية دائمة ومكتفية ذاتياً ومتنوعة عرقياً. وفي حين أن طبيعة الدعم للقوات الشريكة سوف تتكيف مع تحول التحالف من العمليات القتالية الرئيسية ضمن المدن إلى مهام تحقيق الاستقرار، فإن دعم التحالف لن ينتهي حتى الهزيمة الدائمة لداعش.
وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254، سيقوم التحالف بتنسيق وتعزيز جهود تحقيق الاستقرار في سوريا بهدف تعزيز حكم موثوق به وشامل وغير طائفي. سيساند التحالف ممثلين الحكم الشامل للمجتمعات المحلية التي تم تحريرها من داعش.
يأتي هذا في وقت أكد فيه وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إنّ تعقيدات عدة تعترض استقرار منطقة الشرق الأوسط، مضيفا في تصريحات لمراسلي البنتاغون الأربعاء أنّ الولايات المتحدة “لم تحدد موعدا زمنيا لإنهاء عملياته في سوريا”، مضيفا أنّ تحرير آخر معاقل داعش معقد.
وصرح كذلك بأنّ الجانب الأميركي طلب من قوات السورية الديمقراطية (قسد) التي يدعهما، التركيز على محاربة تنظيم داعش في وسط وادي نهر الفرات، مشيرا إلى أنّ القوات الأميركية ستقوم بنشر مراكز مراقبة على الحدود الشمالية لسورية من أجل منع وقوع اشتباكات بين “قوات سوريا الديمقراطية” والقوات التركية.
وقال ماتيس: “نقوم بنشر مراكز مراقبة في بعض الأماكن على حدود سورية الشمالية”. وأضاف أنّ الهدف من وراء ذلك هو منع وقوع اشتباكات بين “قوات سوريا الديمقراطية” والقوات التركية، مشيرا إلى أنّ هذا الأمر يضر بمحاربة تنظيم “داعش” الإرهابي.
وحول سبب تشكيل نقاط المراقبة، اعتبر ماتيس أنّ «هذا تم التخطيط له للحيلولة دون انسحاب المقاتلين في وادي الفرات الأوسط من الحرب، وتأمين مواصلتهم للقضاء على ما تبقى من الخلافة الجغرافية المتبقية».
وتابع: «عندما ينحصر العدو في مساحة صغيرة يقوم بتعزيز المناطق التي يسيطر عليها، طبعاً كما تحدثت قبل أشهر، توجد حرب صعبة هناك».
ومنذ نهاية تشرين الأول/أكتوبر، طغى التوتر على الأجواء في شمال سوريا مع بدء القوات التركية استهداف مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي تدعمها أميركا.
وأكد أنّ الولايات المتحدة تعتزم “رصد أي خطر محتمل يهدد تركيا”، وسيكون هناك اتصال بالقوات التركية عبر الحدود. وأشار إلى أنّ ذلك لن يتطلب نشر قوات إضافية في المنطقة. وامتنع عن تحديد الجدول الزمني لعملية نشر مراكز المراقبة.
وقال ماتيس: «ننشئ مواقع المراقبة في عدد من النقاط على امتداد الحدود السورية، حدود سوريا الشمالية، لأننا نريد أن نكون الطرف الذي ينبه الأتراك ويحذرهم إذا رأينا شيئاً قادماً من خارج إحدى مناطق عملياتنا». وأضاف أن الهدف من ذلك، هو «ضمان تركيز القتال ضد الأشخاص الذين نقاتلهم (في القطاع الأوسط من وداي نهر الفرات) وأننا قادرون على سحق ما تبقى جغرافيا من (أرض) الخلافة» في إشارة إلى المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «الدولة»، ويذكر أن التنظيم يحافظ على وجوده داخل جيب شرقي نهر الفرات قرب الحدود مع العراق.
مراقبون، عقبوا على التطور الميداني على الحدود السورية – التركية، بالقول: إن الولايات المتحدة الأمريكية ترمي من خلال الخطوات الأخيرة إلى تبريد الموقف التركي نوعاً ما، وكذلك خلق ملفات جديدة شائكة تطيل من عمر الجولات التفاوضية الدبلوماسية والسياسية بين أنقرة وواشنطن حول مستقبل قوات سوريا الديمقراطية، والتي تتخذها واشنطن حليفاً إستراتيجياً في سوريا. كما تسعى واشنطن من خلال نقاط المراقبة التي بدأت بتشكيلها، لمنع الجيش التركي من مواصلة قصفه المتقطع لمواقع الحلفاء ضمن المناطق الحدودية التي ينتشر فيها، وكذلك تحجيم التوتر العسكري، ومنع استهداف الأراضي التركية من مواقعهم في سوريا.
ممثل الولايات المتحدة الخاص بشأن سوريا جيمس جيفري كان قد صرح الأربعاء في مؤتمر صحفي عقده في مقر وزارة الخارجية في واشنطن إنّ الهدف الأول للولايات المتحدة في سوريا هو إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش. و إنّ “هزيمة داعش لا تعني بالضرورة تدمير آخر وحداته العسكرية هناك وإنّما ضمان أن لا يعود كحركة تمرد مرة أخرى”.
وتابع جيفري إنّ الولايات المتحدة تهدف أيضا إلى تقليص مدى النزاع في سوريا والتوصل إلى حل سياسي ووقف إطلاق النار وخاصة في إدلب”.
وأكد السفير جيفري أنّ من أهداف واشنطن أيضا “إخراج القوات الإيرانية والحليفة لها من سوريا”. وأشار إلى أنّ “واشنطن تأمل في بناء قوات أمنية في سوريا وأن يشارك الشعب في العملية السياسية حتى لا يعود للتوجه نحو داعش”.
وأضاف: «بخلاف القتال الذي نؤديه مع حلفائنا (قوات سوريا الديمقراطية) على طول نهر الفرات ضد (داعش)، هناك وقف إطلاق نار نسبي في سوريا اليوم؛ لكن الصراع للأسف لم ينته، ولا تزال هناك أخطار. وبالنظر إلى القوات الموجودة في سوريا، هناك خمس قوى خارجية: القوات الأميركية، والإيرانية، والتركية، والروسية، وفي بعض الأحيان وحدات سلاح الجو الإسرائيلي، التي تشارك في سوريا لأهميتها، أو في كثير من الحالات لمصالح وجودية، بيد أنّ خطر التصعيد يأتي من مختلف الجهات، بما في ذلك مجموعات شديدة الخطورة، مثل (حزب الله)، و(داعش)، وتنظيم القاعدة، و(تحرير الشام) أو (النصرة)».
وأشار إلى أنّ الوجود العسكري الأميركي في سوريا لمهمة واحدة، هي هزيمة «داعش»، ويدعم بشكل غير مباشر مع شركاء أميركا التأثير على الأنشطة الإيرانية التي وصفها بـ«الخبيثة»؛ لإخراجها من سوريا دون اشتباك عسكري مباشر، موضحاً أنّ واشنطن تعتقد أيضاً أنّه لا يمكن تحقيق هزيمة دائمة لـ«داعش» حتى يتم تغيير أساسي في النظام السوري، والتغيير الأساسي في دور إيران في سوريا.
وأضاف: «هدفنا الثاني هو إزالة الصراع، بناء على وقف إطلاق النار في الوقت الحالي. ومن المهم بشكل خاص الإتفاق الذي توصل إليه الأتراك مع الروس خلال فترة نهاية سبتمبر الماضي في إدلب؛ حيث قام الروس مرة أخرى في اجتماع مع قادة فرنسا وتركيا وألمانيا، في 27 أكتوبر (تشرين الأول)، بالاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار، وسنحاول عقد الروس على كلماتهم. وهذا أمر مهم للغاية؛ لأنّه من خلال هذه المعاهدات فإنّ القدرة على وقف إطلاق النار هو هدف قرار الأمم المتحدة رقم 2254، الصادر في ديسمبر (كانون الأول) 2015، والذي يدعو في نهاية المطاف إلى وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، كخطوة مهمة نحو السلام».