تصعيد خطير في استهداف الكرد بسوريا: خطفٌ ممنهج وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان
يشهد الملف الكردي في سوريا تصعيدًا خطيرًا ومقلقًا، يتمثل في ازدياد وتيرة عمليات الخطف والاعتقال التعسفي بحق المواطنين الكرد، في مشهد يُظهر بوضوح طابعًا منظمًا وممنهجًا يستهدف هذه الفئة من السكان على خلفية قومية.
وقد تزامن هذا التصعيد مع تصاعد خطاب الكراهية والتحريض ضد الكرد في عدد من المناطق السورية، حيث تسجّل منطقة عفرين، الواقعة تحت الاحتلال التركي منذ عام 2018، النسبة الأعلى من هذه الحوادث، في ظل انتشار ميليشيات الجيش الوطني التي تفرض سيطرتها على المنطقة عبر ما يسمى بـ”الأمن العام” وأجهزة أمنية أخرى تابعة لها.
ورصد مركز التوثيق خلال شهر حزيران فقط، اختطاف ما لا يقل عن 25 مواطنًا كرديًا في مناطق متفرقة من سوريا، شملت عفرين وحلب ودمشق، إضافة إلى حواجز التفتيش التي تربط بين المدن والمحافظات، في ظل صمت الجهات الرسمية وفقدان الرقابة القانونية على هذه الممارسات.
تتم معظم عمليات الخطف عبر اقتحام منازل الضحايا، حيث يُقدم المسلحون على كسر وخلع الأبواب، وتفتيش المنازل ونهب محتوياتها وتخريبها، دون أوامر تفتيش أو مذكرات توقيف. كما تُسجّل حوادث أخرى على الحواجز أو في الطرقات، دون معرفة وجهة المعتقلين أو التهم الموجهة إليهم.
وبحسب الإحصائيات الموثقة، بلغ عدد المختطفين الكرد منذ بداية عام 2025 وحتى نهاية شهر حزيران 131 شخصًا، من بينهم طفلان دون سن الـ18، وسبع نساء، و46 معتقلاً يعانون من أمراض مزمنة، بينهم 28 في حالة صحية حرجة تستوجب رعاية طبية عاجلة. ويُرجّح أن يكون العدد الفعلي أعلى من ذلك، إذ امتنعت بعض العائلات عن كشف أسماء ذويها لأسباب أمنية، كما أن هناك حالات لم يتمكن المركز من الوصول إليها.
ويؤكد فريق مركز التوثيق أنه على تواصل دائم مع ذوي المختطفين وشهود عيان، وأن جميع هذه الحالات تمت دون وجود مذكرات قضائية صادرة عن المدعي العام، ما يجعلها انتهاكات جسيمة للقانون السوري والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. كما تُسجّل حالات متكررة لفقدان الاتصال مع المعتقلين فور اختطافهم، وغياب أي معلومات عن مصيرهم.
ويحمّل مركز التوثيق المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية مسؤولية الضغط الجاد لوقف هذه الممارسات، وضمان محاسبة المسؤولين عنها، والكشف عن مصير المختطفين، وضمان سلامتهم الجسدية والنفسية.