أصدر مركز التوثيق تقريرًا أوليًا يستند إلى شهادات الشهود وعائلات الضحايا، بالإضافة إلى متابعة فريقه، لرصد الانتهاكات التي ارتكبت إثر الهجمات التي نفّذتها مجموعات مسلحة مرتبطة بوزارة الدفاع في الحكومة السورية الانتقالية. وتركزت هذه الهجمات بشكل أساسي في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة، وأسفرت عن مقتل أكثر من 820 شخصًا خارج نطاق القانون بين 6 و10 آذار/مارس 2025.
شهدت سوريا خلال تلك الفترة تدهورًا أمنيًا غير مسبوق، في واحدة من أسوأ موجات العنف التي ضربت البلاد منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024. وقد نفّذت المجموعات المسلحة التابعة للدولة السورية، بما في ذلك فصائل عسكرية وتنظيمات إسلامية أجنبية تحت مظلة وزارة الدفاع، 11 مجزرة من خلال هجمات منسقة وممنهجة استهدفت الطائفة العلوية. تضمنت هذه الهجمات اقتحام منازل المواطنين وإعدام عائلات بأكملها، بناءً على معلومات مسبقة يبدو أنها جُمعت حولهم وأماكن إقامتهم.
رافق هذه العمليات حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو إلى التعبئة العامة ضد القرى والبلدات التي يقطنها العلويون، إلى جانب تظاهرات في عدة مدن تضمنت خطابات تحريضية ضد هذه الطائفة، بمشاركة شخصيات سورية مقيمة في دول عربية وأوروبية.
تُظهر طبيعة الهجمات أنها كانت منظمة ومخططًا لها بعناية فائقة، سواء من حيث عدد الضحايا، أو دقة تحديد أماكن إقامتهم، أو شمولية عمليات القتل، إضافة إلى انتشار واسع لمقاطع فيديو توثق هذه الجرائم.
تم تبرير هذه الهجمات في سياق اشتباكات وقعت بين قوات أمنية وعسكرية تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية في الحكومة الانتقالية، ومجموعات مسلحة لم تُحدد هويتها، ما أدى إلى سقوط قتلى من الطرفين. وجاءت حملة التعبئة لاحقًا مستهدفة المدنيين في منازلهم، حيث تم تنفيذ عمليات قتل عشوائية وإعدامات ميدانية، في انتهاكات جسيمة واسعة النطاق اتسمت بالطابع الانتقامي والطائفي. وشملت هذه الجرائم عمليات قتل خارج نطاق القانون، وجرائم إبادة منظمة، إلى جانب استهداف المرافق العامة والممتلكات الخاصة، مما تسبب في موجات نزوح قسري للسكان.
ووفقًا لمركز التوثيق، فقد قُتل ما لا يقل عن 820 شخصًا، بينهم 40 طفلًا و53 امرأة وفتاة، خلال الفترة من 6 إلى 10 آذار/مارس 2025، إلى جانب مقتل ما لا يقل عن 727 مدنيًا جراء عمليات إطلاق نار مباشر نفذتها هذه المجموعات المسلحة.
كما شهدت الأحداث تصاعدًا خطيرًا في الخطاب الطائفي، حيث انتشرت مقاطع فيديو تدعو إلى قتل العلويين وإبادتهم، مما زاد من معاناة المدنيين الذين تعرضوا لعمليات قتل جماعي وانتقامي، إلى جانب الاستهداف الممنهج لممتلكاتهم، ما أدى إلى موجات نزوح واسعة وأزمة إنسانية متفاقمة.
يدعو مركز التوثيق المفوضية السامية لحقوق الإنسان ولجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا إلى متابعة هذه الأحداث بشكل عاجل، وإجراء تحقيق مستقل لتوثيق الجرائم والانتهاكات.
كما يناشد المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية الدولية تقديم دعم فوري وعاجل للمتضررين، وخاصة في مناطق اللاذقية وطرطوس وحماة، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية والطبية إلى السكان المتأثرين بهذه الأحداث.