10 أساليب من الانتقام والعقاب الجماعي.. كيف ترتكب “تركيا” جرائم حرب علنية شمال سوريا وفقاً للقانون الدولي؟

يواصل الجيش التركي قصف عشرات المدن والبلدات شمال شرق سوريا (منطقة الإدارة الذاتية) بشكل جنوني وغير مسبوق.

وتستغل تركيا انشغال العالم بأحداث غزة وصمت المجتمع الدولي لارتكاب المزيد من المجازر بحق السوريين، وسبق ان أعلنت الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية أن جميع الهجمات التي ترتكبها تركيا في شمال سوريا ترقى إلى جرائم حرب وعقاب جماعي وفقاً للقانون الدولي. ويُطلق مصطلح جريمة دولية عادة على الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وتعتبر جرائم الحرب من أخطر الجرائم على الإطلاق، فهي لا تسقط بالتقادم، مما يعني أنه يمكن محاكمة الأشخاص المتهمين بارتكابها من الرجال والنساء حتى بعد مرور عقود من الزمن.

وقد صنفت هذه الجرائم بوضوح بعد الحرب العالمية الثانية، في قوانين المحاكم العسكرية الدولية التي أقامها الحلفاء في نورمبرغ وطوكيو؛ وفي اتفاقيات جنيف عام 1949 وبروتوكوليها الإضافيين عام 1977 (تحت توصيف الانتهاكات الجسيمة لهذه الاتّفاقيات). وكذلك فإن قانون المحكمة الجنائية الدولية الدائمة الصادر في تموز/ يوليو 1998، يوضح قائمة شاملة بالجرائم التي تخضع للعقوبة من قبل هيئة قضائية دولية.

فما هي الجرائم التي ارتكبتها تركيا في شمال سوريا وتصنف دولياً بجرائم حرب؟
1- استهداف الأطفال والنساء والمدنيين
منذ بداية الهجوم والتوغل التركي في سوريا (بعد ان عقدت صفقات مع روسيا الأولى حلب الشرقية مقابل جرابلس والباب سنة 2016 والثانية احتلال عفرين مقابل منح الغوطة الشرقية لروسيا وإيران سنة 2018 والثالثة احتلال بلدتي تل ابيض و رأس العين مقابل منح روسيا المزيد من النفوذ في ريف إدلب وريف حلب سنة 2019) وتبع هذه التوغلات واحتلال المدن قيام تركيا بتنفيذ مئات الغارات الجوية والقصف المدفعي والصاروخي والطائرات المسيرة، كما شنت هجومين الاول في اكتوبر 2022 والثاني في اكتوبر 2023 مستهدفة البنية التحتية والأحياء السكنية وأساسيات عيش المواطنين.

كل تلك الهجمات العنيفة حولت قوات الاحتلال التركي، الأطفال السوريين إلى بنك أهداف مستباح. تم توثيق استشهاد نحو 49 طفلاً و 37 امرأة بين أكثر من 100 شهيد ارتقوا جراء عدوان الاحتلال التركي، اكثر 60 % من الإصابات البالغ عددهم أكثر من 3200 إصابة هم من الأطفال والنساء.

وبهذا الأسلوب من الانتقام الممنهج، تنتهك قوات الاحتلال التركي قواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف التي تحظر استهداف المدنيين وقتلهم وبشكل أساسي الأطفال والنساء.

2- قصف التجمعات السكانية والمخيمات:
شنت تركيا عمليات قصف عشوائي استهدفت بشكل رئيسي، التجمعات السكنية في الحسكة وقراها وفي بلدات ريف الرقة الشمال وحلب وعفرين، في ظل عجز كبير من قبل طواقم الدفاع المدني والطواقم الطبية عن العمل، بسبب كثافة القصف الذي لا يتوقف وارتفاع أعداد الضحايا بشكل مطرد، إضافة إلى قصف المنازل والتجمعات السكانية والأسواق وحتى المخيمات التي تأوي آلاف المهجرين قسراً من المناطق المحتلة.

هذه السياسة التركية التي تتعمد إحداث أكبر قدر من الضرر، واحتلال الأرض دون سكانها وهي التي أدت إلى محو أجزاء من الأحياء التي تعرضت للقصف.

وفي ظل سياسة “الانتقام التركية” التي تغيب عن الإعلام الغربي، والعربي اعتاد الاحتلال قصف المباني السكنية التي تضم مئات الأسر في كل حرب، ففي هجوم عفرين 2018 على سبيل المثال، قصفت قوات الاحتلال مدينة عفرين بشكل لم تشهده أي مدينة سوريا، القصف خلف دمارا هائلا كانّه زلزال.

ويصنف قصف التجمعات السكنية والمخيمات التي لا تشكل أهدافاً عسكرية وتشريد عشرات الأُسر، كجريمة حرب في القانون الدولي يجب محاسبة مرتكبيها على أفعالهم.

3- سياسة تهجير السكان:
تنتهج قوات الاحتلال التركي سياسة مفادها احتلال الأرض دون سكانها، وهي سياسة كشف عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أكثر من مناسبة مطالبا سكان المناطق الشمالية من الكرد بمغادرتها وأنه سيقوم بتوطين من 2 إلى 3 مليون من العرب الموالين لها ونقلهم للسكن فيها من تركيا. تركيا تعتمد سياسة متعمدة في تهجير السكان عن منازلهم والتي تصنف كجريمة حرب في القانون الدولي، حيث رفضت تركيا السماح لعوائل التي هجرت قسرا ن عفرين ومن الباب ومن جرابلس ومن تل أبيض ومن رأس العين بالعودة إليها والعدد القليل جدا من الذين عادوا جرى اعتقالهم.

4- قصف المستشفيات والمراكز الطبية والمساجد والجامعات:
في كل هجمة تشنها تركيا، يتعمد الجيش التركي قصف المساجد التي تمثل مراكز إيواء للنازحين، والأخطر وقصف المستشفيات واستهداف الطواقم الطبية، في الوقت الذي يكون فيه العبء الأكبر على القطاع الصحي، الذي يتحمل فوق طاقته وقدرته المحدودة في الأساس، بسبب استقبال مئات الشهداء وآلاف الجرحى.

وتواصل المشافي الطبية تقديم خدماتها وسط انقطاع للتيار الكهربائي عن منطقة الإدارة الذاتية المحاصر. وناشدت الطواقم الطبية والمستشفيات في الحسكة وديريك وكوباني وعين عيسى المجتمع الدولي التحرك العاجل للجم العدوان على مراكز العلاج ومركبات وطواقم الإسعاف، حيث يتعمد الجيش التركي قصف المستشفيات وسيارات الإسعاف وقتل وإصابة الطواقم، ما يعد خرقاً كبيراً وواضحاً لكل القوانين والأعراف الدولية ويمثل جريمة حرب.

5- استهداف الصحفيين وأطقم الإسعاف:
منذ بداية الحرب، تعمدت قوات الاحتلال التركي استهداف الصحفيين بشكل مباشر، حيث لقي 7 صحفيين مصرعهم وأصيب 22 بجروح، كما اغتالت القوات التركية والدي (أب وأم) صحفي؛ وقامت الفصائل المدعومة منها بالاستيلاء على منزله ومنزل / 12 / صحفياً في بلدتي تل أبيض ورأس العين.

معظم هؤلاء الشهداء كانوا يرتدون زياً يميزهم كصحفيين وبعضهم يحملون معدات وآلات تصوير، مما يشير إلى تعمد قوات الاحتلال التركي استهدافهم وقتلهم، كما في جرائم سابقة عديدة كان الصحفيون ضحيتها ما بين شهيد وجريح.

ويعد الاستهداف التركي المتعمد ضد الصحفيين ومنازلهم ومؤسساتهم “جريمة حرب”، حيث ينص القانون الدولي وكل القرارات الأممية والمواثيق الدولية على توفير الحماية للصحفيين، واستهدافهم المتعمد هو جريمة حرب تستدعي المحاسبة.

الأمر ذاته ينطبق على طواقم الإسعاف التي تتحرك في الميدان.

6- قطع الماء والغذاء والكهرباء:
قبل بدأ الهجوم التركي في يوم 4 أكتوبر 2023، ذكر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في مؤتمر صحفي: إنّ “جميع مرافق البنية التحتية والبنية الفوقية في العراق وسوريا، وكذلك نقاط الطاقة، أصبحت أهدافاً مشروعة”. ومع بدأ الهجوم والقصف الجوي والمدفعي والصاروخي تم استهداف محطات الطاقة والكهرباء والوقود ومخازن الحبوب لتصبح غالب المدن في منطقة الإدارة الذاتية بلا كهرباء وماء ووقود ومواد غذائية، في إطار سياسة العقاب الجماعي لجميع سكان المنطقة.

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنّ قواته دمرت 194 هدفاً وقتلت 162 شخصاً في الهجمات المستمرة منذ الخامس من أكتوبر الجاري متوعداً بشن عملية برية.

ويرقى العقاب الجماعي للسكان المدنيين إلى جريمة حرب بموجب القانون الدولي، فرض حصار يعرّض حياة المدنيين للخطر من خلال حرمانهم من السلع الأساسية للبقاء على قيد الحياة محظور بموجب القانون الدولي الإنساني”. فـ “القانون الإنساني الدولي واضح: الالتزام بالعناية المستمرة لتجنب إيقاع خسائر في أرواح السكان المدنيين”.

وبحسب المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن المدنيين الصادرة في العام 1949، تحت بند “المسؤولية الفردية والعقوبات الجماعية والنهب والانتقام”، “لا يجوز معاقبة أي شخص محمي على جريمة لم يرتكبها هو شخصياً. وتُحظر العقوبات الجماعية، وكذلك جميع تدابير الترهيب والإرهاب. وتُحظر الأعمال الانتقامية ضد الأشخاص المحميِّين وممتلكاتهم”.

7- منع المساعدات الإنسانية وإغلاق المعابر:
أغلقت تركيا وبشكل كامل كافة المعابر مع منطقة الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا ( نصيبين، القامشلي ، درباسية، كوباني وبقية المعابر.. ) وتستهدف المدنيين المتواجدين قرب تلك المعابر وبالتالي فإنّ أكثر من 6 مليون نسمة لا يتمكنون من الحصول على أي مساعدات أممية إلّا عبر دمشق.

وتنص اتفاقية جنيف والبروتوكول الأول الإضافي لها على السماح بمرور قوافل المساعدات الإنسانية وحمايتها وتسهيل وصولها إلى المدنيين؛ لضمان بقائهم على قيد الحياة.

ويحظر البروتوكول الثاني من الاتفاقية إجبار المدنيين على النزوح القسري لأسباب تتعلق بالنزاع، وهو ما تقوم به تركيا دائما وحالياً من خلال قصفها العشوائي للمناطق السكنية؛ لإجبار أهلها على الفرار من بيوتهم أو الموت تحت أنقاضها.

وينص القانون الدولي: على حق السكان المدنيين بالحماية الكاملة في ظل العمليات العسكرية، ويحظر أو يقيد الإجراءات القتالية التي قد تسبب لهم المعاناة.

ويحظر القانون الدولي أيضاً استهداف المدنيين مباشرة أو بشكل عشوائي أو الاقتصاص منهم، كما يحظر تجويعهم كأحد أساليب الحرب، وهو ما فعلته تركيا ضد منطقة الإدارة الذاتية مؤخراً وسابقا.

كما يحظر القانون مهاجمة أو تدمير أو تعطيل أمور لا غنى للمدنيين عنها مثل المواد الغذائية والزراعة وتربية الماشية، وتحديداً مرافق مياه الشرب، وهو أيضاً أمر أقرته تركيا ضد السكان لا بل وتمنع مياه الفرات من التدفق وفق المنسوب المتفق عليه بسبب السدود التي أقامتها.

8- استخدام الأسلحة المحرمة دولياً:
تستخدم تركيا مختلف أنواع الأسلحة الفتاكة في عملياتها العسكرية، ومختلف أنو الأسلحة الثقيلة والفوسفورية وهنالك اتهامات باستخدامها لأسلحة كيماوية.

في تشرين الأول/أكتوبر 2019 كشف مختبر ويسلينغ وجود غير طبيعي لمادة الفوسفور الأبيض على عينة من جلد مقاتل كردي أصيب في الهجوم التركي.

وخلص التقرير إلى “نوع الإصابة (حروق كيميائية) إضافة إلى الكمية المرتفعة جدا من الفوسفور الموجودة في العينة يثبت بأنّه تم استخدام مادة الفوسفور (ذخائر بالفوسفور الأبيض)”.

وأكد خلال مؤتمر صحافي في باريس “الإصابات والأعراض التي ظهرت على الضحايا وغالبيتهم من المدنيين تتماشى مع التعرض لأسلحة كيميائية”.

وفي حادثة ثانية ظهر الطفل محمد حميد الذي استهدفه الاحتلال التركي وهو يعاني حروقا غير مألوفة اشتبه في كونها “الفوسفور الأبيض” حيث أصيب في مدينة رأس العين عام 2019.

9- قتل اللاجئين السوريين على الحدود:
تواصل قوات الجنتدرما التركية استهداف اللاجئين السوريين برصاصات مميتة وتجاوز عدد المهاجرين الذين قتلوا برصاص الجندرما التركية 572 سورياً، بينهم (104 طفلاً دون سن 18 عاماً، و67 امرأة)، وذلك حتى 30 أيلول 2023 وأصيب برصاص الجندرما 3070 شخصاً وهم من الذين يحاولون اجتياز الحدود أو من سكان القرى والبلدات السورية الحدودية أو المزارعين، وأصحاب الأراضي المتاخمة للحدود حيث يتم استهدافهم من قبل الجندرما بالرصاص الحي.

ومنذ بداية العام الجاري (2023)، قتلت الجندرما التركية 29 شخصاً فيما تجاوز عدد الذين أصيبوا خلال محاولة اجتياز الحدود إلى 118 شخصاً، بينهم إصابات بإعاقة دائمة نتيجة الضرب الوحشي بالعصي والبواريد والركل والقاءهم خلف الساتر الحدودي وهم ينزفون.
-المرافق العامة: تحويل (132) مدرسة ومركز تعليمي وخدمي إلى مقرات عسكرية.

10- قطع مياه الأنهار والتحكم في تدفقها:
نتيجة قيام تركيا ببناء المزيد من السدود على نهر الفرات فإنّ منسوب النهر انخفض بمعدل خمسة أمتار لأول مرة في التاريخ بسبب حجب الجانب التركي لمياه النهر بحيث بات لا يتجاوز تدفقه 200 متر مكعب في الثانية، وهو ما يشكل انتهاكاً صارخاً للاتفاقية الموقعة بين سوريا وتركيا عام 1987؛ حيث التزمت تركيا بإطلاق 500 متر مكعب في الثانية على الأقل يتقاسمها العراق وسوريا.

وهذا الانخفاض يعتبر كارثة وشيكة تهدد حياة وسبل معيشة أكثر من ثلاثة ملايين سوري يعتمدون على النهر في تأمين مياه الشرب والكهرباء والري.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك