فرضت الولايات المتحدة عقوبات على ثلاث ميليشيات ضمن الجيش الوطني وهي: “سليمان شاه” (العمشات)، و”فرقة الحمزة”، و”أحرار الشرقية”. غير أن هذه العقوبات لم تؤدِّ إلى الحد من الانتهاكات التي ترتكبها هذه الميليشيات ضد المدنيين السوريين، حيث تواصل تلك المجموعات ارتكاب مختلف أنواع الجرائم والانتهاكات بما في ذلك الاعتقال التعسفي، التعذيب، الاختطاف، ومصادرة الممتلكات.
استمرار الدعم الخارجي
رغم العقوبات الأمريكية، تستمر هذه الميليشيات في تلقي دعمٍ هائل من تركيا وقطر، ما يتيح لها مواصلة أنشطتها دون قيود فعلية. يأتي هذا الدعم في صور متعددة تشمل الأسلحة، التمويل، والمساعدات اللوجستية، بالإضافة إلى توفير المأوى والملاذ الآمن لقادة هذه الميليشيات داخل الأراضي التركية.
السجون السرية والانتهاكات الممنهجة
من أبرز جرائم هذه الميليشيات هي إدارة السجون السرية التي تستخدم لاحتجاز وتعذيب المواطنين السوريين، إضافة إلى مصادرة ممتلكاتهم بشكل ممنهج. هذه السجون تعمل خارج نطاق القانون، وتستهدف بشكل رئيسي المعارضين لنفوذ الميليشيات أو من يُشتبه في ولائهم لجهات أخرى.
العقوبات الأمريكية وأثرها المحدود
العقوبات الأمريكية التي فرضت على هذه الميليشيات لم تحقق النجاح المأمول في وقف أنشطتها الإجرامية. يرجع ذلك إلى عدة عوامل، أهمها:
1. الدعم الخارجي المستمر: تتلقى الميليشيات دعماً مباشراً من تركيا وقطر، مما يمكنها من تجاوز أثر العقوبات الأمريكية.
2. الغياب الفعلي للضغط الدولي:لم يصاحب العقوبات ضغط دولي حقيقي على الجهات الداعمة لتلك المجموعات، مما سمح لها بالاستمرار في تنفيذ أنشطتها.
3. الملاذ الآمن لقادة الميليشيات: تركيا، بوصفها الداعم الأكبر لهذه الميليشيات، توفر ملاذاً آمناً لقادتها، حيث يتمتعون بحرية الحركة داخل الأراضي التركية ويسيطرون على مناطق واسعة في شمال سوريا.
الحاجة إلى إجراءات أكثر فعالية
من الواضح أن العقوبات وحدها غير كافية لتقييد أنشطة هذه الميليشيات، مما يستدعي ضرورة اتخاذ خطوات أكثر جدية من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، تشمل:
1. الضغط على تركيا: يجب على الولايات المتحدة وحلفائها ممارسة ضغط دبلوماسي واقتصادي حقيقي على تركيا للحد من دعمها لهذه الميليشيات ووقف توفير الملاذ الآمن لقادتها واعتقالهم.
2. تجفيف مصادر التمويل: من الضروري استهداف مصادر التمويل والدعم اللوجستي لتلك الميليشيات من خلال آليات أكثر تشدداً، تشمل العقوبات الاقتصادية على الأفراد والجهات التي تقدم الدعم.
3. مراقبة التحركات والأنشطة: يجب تكثيف الجهود الدولية لمراقبة أنشطة الميليشيات على الأرض، بما في ذلك استخدام الأدوات الاستخباراتية لكشف الشبكات التي تدير السجون السرية والانتهاكات بحق المدنيين لا سيما أن غالب قادة داعش الفارين باتوا في صفوف هذه الميليشيات وارتقوا في درجات القيادة.
على الولايات المتحدة أن تنظر في استراتيجيات أكثر فعالية، من خلال الضغط على تركيا وقطع مصادر التمويل والدعم المادي واللوجستي، لتقليص نفوذ هذه الميليشيات واعتقال قادتها والحد من انتهاكاتها بحق السوريين.