قبل غزة وإسرائيل.. أردوغان هجّر مليون سوري من ثلاثة مدن رئيسية بعد قصف وحشي ومجازر


هجرت القوات المسلحة التركية أكثر من مليون سوري من منازلهم في 3 مدن رئيسية شمال سوريا، عبر شن عمليتين عسكريتين على النطاق واسع انتهت باحتلال ( عفرين، رأس العين وتل أبيض ).

قبيل التوغل البري للجيش التركي والذي رافقه آلاف من المسلحين السوريين الذي جمعتهم الاستخبارات التركية ودربتهم من المدن السورية (مسلحي التسويات) -لاحقا أرسلت هؤلاء كمرتزقة إلى ليبيا واذربيجان- شنت تركيا مئات الغارات الجوية بالطائرات الحربية والطائرات المسيرة والقصف المدفعي والصاروخي الذي استهدف بشكل مكثف المدن والبلدات المأهولة بالسكان. الغارات تلك استهدفت المشافي و المدارس ودور العبادة ومخازن الحبوب والمقرات الأمنية والعسكرية والبنية التحتية وتجمعات اللاجئين والمخيمات ومنها مخيمات كانت تؤوي مقاتلي داعش وعوائلهم (الهول ، روج ، عين عيسى …) وخلفت دمارا هائلا ومقتل وإصابة 3200 مدنياً ومئات العسكريين من قوات سوريا الديمقراطية والقوات الأمنية.

هجوم واحتلال عفرين:
في هجوم بري وجوي واسع على مدينة عفرين شمال غربي سوريا، تمكنت القوات المسلحة التركية بعد 58 يوم من القتال والقصف الجوي والمدفعي والدبابات من احتلال المدينة السورية في 18 آذار / مارس 2018.

وأدت العملية العسكرية التي أطلقت عليها أنقرة، اسم “غصن الزيتون” إلى تهجير أكثر من ثلثي السكان من عفرين، وفق أرقام الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان التي ماتزال محظورة في المدينة، بالإضافة لفقدان المئات منهم لحياتهم إلى جانب مئات الجرحى والمعتقلين والمختفين.

ومنذ ذلك الحين، تستمر الانتهاكات ضد السكان من قبل فصائل عسكرية تدعمها تركيا، وتعد أكبر تلك الانتهاكات الاعتقالات والقتل تحت التعذيب الخطف مقابل فدية، والسطو على ممتلكات المدنيين، كالبيوت والسيارات وأشجار الزيتون.

خلفت الحرب التركية على عفرين دمارا وكانت لها نتائج كارثية لا سيما وأنّ المدينة كان يقطنها قرابة مليون نسمة نصفهم من النازحين، كانت تحافظ على استقرار نادر وتشهد تنمية اقتصادية ورخاء معيشة.

في الساعة الـ 16.22 من يوم السبت المصادف لـ 20 كانون الثاني 2018، غزت الطائرات التركية سماء منطقة عفرين، وبدأت بقصف عنيف لعشرات المناطق، ومستهدفة منطقة لا تتجاوز مساحتها 3850 كم2 يقطنها قرابة مليون مدني.

مجازر وجرائم حرب:
القصف الجوي ترافق مع توغل بري للجيش التركي، وعشرات الآلاف من مسلحي الميليشيات السورية الموالية لتركيا في اليوم الأول ارتكبت عدة مجازر منها مجزرة في قرية جلبرة بناحية شيراوا راح ضحيتها 9 مدنيين وأصيب 12 آخرين. وفي 26 كانون الثاني ارتكبت مجزرة في مركز ناحية موباتا راح ضحيتها 7 مدنيين.

كما ارتكبت مجزرة بحق أهالي قرية كوبله في ناحية شيراوا استشهد على إثرها 18 مدنيّاً وجرح 7 آخرين 4 منهم من عائلة واحدة. كما ارتكبت مجزرة في قرية شكاتا في ناحية شيه استشهد على إثرها 5 مدنيين.

ولم تسلم قرية يلانقوز التابعة لناحية جندريسه من المجازر، إذ استشهد 5 مدنيين نتيجة غارات نفذتها طائرات تركية في ساعات الفجر من يوم 26 شباط، تلتها مجزرة أخرى بحق 13 مدنيّاً في مركز ناحية جندريسه.

ومن المجازر أيضاً استشهاد 7 مدنيين بينهم 4 أطفال وجرح 17 آخرين في مركز مدينة عفرين، بالإضافة إلى استشهاد 20 مدنياً في حي محمودية بمدينة عفرين أثناء اشتداد القصف عليها.

واستهدف طيران تركي مشفى آفرين بتاريخ 16 آذار ما أدى لاستشهاد أكثر من 16 مدنيّاً بينهم أطفال كانوا يتلقون العلاج فيه.

وبحسب هيئة الصحة في مقاطعة عفرين، وصل عدد الشهداء المدنيين خلال 58 يوماً من الهجمات التركية إلى 257 مدنياً هم 45 طفلاً و36 امرأة و 176 رجلاً. إلى جانب إصابة 742 مدنياً منهم 113 طفلاً، 113 امرأة و 516 رجلاً.

واستهدف الجيش التركي كذلك مركزي الهلال الأحمر الكردي في مركز جندريسه وراجو ما أدى لخروجهما عن الخدمة.

كما استهدف جامع صلاح الدين الأيوبي في مركز ناحية جندريسه الذي بُني عام 1961م وهو أحد أقدم الجوامع في عفرين، واستهداف جامع بلدة جلمة التابعة لجندريسه والذي بُني عام 1958، إلى جانب قصف مزار الشهيد سيدو في بلدة كفر صفرة في جندريسه.

كما استهدف الجيش التركي مصادر المياه “سد ميدانكي الذي كان يزود أهالي عفرين بمياه الشرب، ومضخة المياه الصالحة للشرب في قرية متينا بناحية شرا، وينبوع بلدة جلمة، ومضخة المياه في بلدة كفر صفرة في جندريسه”.

وخلال الهجمات، دمرت تركيا 68 مدرسة بشكل كامل من أصل 318 مدرسة في عفرين، كما استهدفت المواقع الأثرية، ودمرت موقع تل عين دارا الأثري بتاريخ 28 كانون الثاني. بالإضافة لتدمير مدرّج نبي هوري التاريخي بشكل كامل. وبلغ عدد المواقع الأثرية التي دمرتها تركيا 3 مواقع مدرجة على لائحة منظمة يونسكو إلى جانب مزارات للمجتمع الإيزيدي وآخر للطائفة العلوية إلى جانب كنائس قديمة للمسيحيين ومزارات ومساجد قديمة للمسلمين في عفرين وريفها.

وواصلت تركيا جرائمها بحق المواقع الأثرية بعد الاحتلال، وبحسب مديرية آثار عفرين فإنه يوجد في منطقة عفرين حوالي 75 تلّ أثري، وخرب الاحتلال التركي والمسلحين السوريين الموالين لها غالبية هذه المواقع نتيجة تنقيبهم عن الآثار وتهريبها إلى تركيا.

وبحسب إحصائية المديرية تم تخريب وتدمير أكثر من 28 موقع أثري ومستودع وأكثر من 15 مزار ديني لمختلف المذاهب والأديان بالإضافة الى تجريف العديد من المقابر وتحويل إحداها إلى سوق للماشية.

هجوم واحتلال بلدتي رأس العين و تل أبيض:
شنت القوات المسلحة التركية هجوما واسعا على شمال شرق سوريا في (9 تشرين الأول/أكتوبر 2019)، وأطلقت عليه اسم عملية نبع السلام (بالتركية: Barış Pınarı Harekâtı)، انتهت بغزو مدينتين (تل أبيض ورأس العين) ونتج عنه كوارث إنسانية، ونزوح السكان ودمار في البنية التحتية ومقتل وإصابة المئات.

في 6 تشرين الأول/أكتوبر 2019 أمرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب القوات الأمريكية بالانسحاب من شمال شرق سوريا، بشكل مفاجئ.

بدأت العملية في 9 أكتوبر 2019، حيث استهدفت الغارات الجوية التركية ومدافع الهاوتزر مُدن تل أبيض، القامشلي، عين عيسى ورأس العين وكوباني الحدوديّة، ممّ أدّى إلى فرار آلاف المدنيين. وذلك بالتزامن مع بدأ انسحاب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا، التي كانت قد عقدت اتفاق سمي بالآلية الآمنة مع تركيا، انسحبت بموجبها قوات سوريا الديمقراطية من المدينتين بعد تدمير تحصيناتها وخطوط الدفاع. أوامر ترامب بالانسحاب المفاجئ للقوات الأمريكية من سوريا قد تمت إدانته على نطاق واسع باعتباره خيانة خطيرة لقوات سوريا الديمقراطية الحليف الموثوق للتحالف الدولي في حربه ضد داعش وضربة كارثية لمصداقية الولايات المتحدة.

وتم الإبلاغ عن انتهاكات لحقوق الإنسان، حيث صرحت منظمة العفو الدولية ولجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا والمنظمات المحلية بأنّهم جمعوا أدلة تشير إلى أنّ القوات التركية والمجموعات المسلحة المدعومة منها قد “أبدت تجاهلًا مخزيًا للحياة المدنية، وارتكبت انتهاكات جسيمة وجرائم حرب، بما في ذلك القتل المتعمّد والهجمات غير القانونية التي أدّت لقتل وجرح المدنيين” وهو ما يمكن وصفه ب جريمة الإبادة، كما وثقت هيومن رايتس وتش قيام ميليشيا الجيش الوطني المدعومة تركيا بارتكاب جرائم حرب وقتل المدنيين وإعدامهم.

ورغم أنّ العملية التركية تعرضت للإدانة على نطاق واسع من قبل المجتمع الدولي. فقد واصل الرئيس التركي الهجمات، ولم يلتفت للدعوات الدولية الخجولة، التي طالبته بوقف الهجمات وانتهاك حقوق الإنسان.

في 17 أكتوبر 2019، أعلن نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس أنّ الولايات المتحدة وتركيا قد توصّلا إلى اتفاق يقضي بوقف العملية العسكرية التركية لمدة 5 أيام من أجل انسحاب قوات سوريا الديمقراطية من منطقة (رأس العين \ سري كاني). وفي 22 أكتوبر 2019، توصل الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان إلى اتفاق آخر لتمديد وقف إطلاق النار لمدة 150 ساعة إضافية من أجل إكمال قوات سوريا الديمقراطية لانسحابها مسافة 30 كيلومتراً بعيداً عن المنطقة الحدودية، وكذلك من مدينتي تل رفعت ومنبج. كما تضمن الاتفاق تسيير دوريات مشتركة بين روسيا وقسد من جهة وتركيا من جهة أخرى، على بعد 10 كيلومترات من الجانب السوري للحدود باستثناء مدينة القامشلي. بدأ وقف إطلاق النار الجديد في 23 أكتوبر الساعة 12 ظهراً بالتوقيت المحلي.

وفي أثناء الهجوم أبلغت سلطات الإدارة الذاتية والأطباء عن عدد من المرضى المصابين بحروق خطيرة يبدو أنّها ناجمة عن سلاح كيميائي، متهمين فيها تركيا باستخدام الفوسفور الأبيض الكيميائي لاستهداف الناس. وقال هاميش دي بريتون-غوردون، وهو قائد سابق للوحدة الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية في المملكة المتحدة، عن الجروح التي تم عرضت عليه: “من الأرجح أن يكون الفاعل هو الفوسفور الأبيض”. كما اتهمت الإدارة الذاتية تركيا باستخدام النابالم.

وذكرت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إنّها تدرك الحالة وتقوم بجمع معلومات عن الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية ولكنها حذرت من أنّها لم تحدد بعد مصداقية هذه الادعاءات.

وذكرت منظمة العفو الدولية إنّها جمعت أدلة على جرائم الحرب وغيرها من الانتهاكات التي ارتكبتها القوات التركية والسورية بدعم تركي، والتي قيل إنّها “قد أبدت استهانة مخزية بحياة المدنيين، وارتكبت انتهاكات خطيرة، وجرائم حرب، بما في ذلك عمليات القتل بإجراءات موجزة والهجمات غير المشروعة التي أدت إلى مقتل المدنيين وإصابتهم بجراح”.

ظهرت العديد من لقطات الفيديو والصور الفوتوغرافية حيث شوهدت قوات المتمردين السوريين المدعومين من تركيا وهم يرتكبون جرائم حرب وغيرها من الفظائع.

أُعدمت هفرين خلف، الزعيمة السياسية الكردية السورية، و(ثلاثة مسعفين) وغيرهم من الأشخاص، من قبل مسلّحي تنظيم أحرار الشرقية المدعوم من النظام التركي. صرح روبرت كولفيل، المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بأنّه “يمكن اعتبار تركيا كدولة مسؤولةً عن الانتهاكات التي ترتكبها الجماعات المسلحة التابعة لها، ما دامت تركيا تمارس سيطرة فعلية على هذه الجماعات، أو عن العمليات العسكرية التي وقعت خلالها تلك الانتهاكات.

رداً على الانتقادات الأوروبية، هدّد أردوغان بأنّ تركيا “ستفتح الأبواب” لـ 3.6 مليون لاجئ موجودين حالياً على أراضيها للذهاب إلى أوروبا إذا كان الأوروبيون يصفون عمليتها العسكرية بالغزو. يأتي ذلك في سياق قيام أوروبا بتوظيف دول أجنبية مثل تركيا للعمل كحرس حدود في سياسة الحدود الخارجية.

النتائج الكارثية للتوغل والاحتلال التركي:
خلّف التدخل التركي في مدينتي تل أبيض ورأس العين ومدينة عفرين أوضاع كارثية على المنطقة برمتها، وأدى لتفاقم التوترات العرقية بشكل كبير في مناطق كانت متعايشة وآمنة ومستقرة، نجحت فيها الحكومة الإدارية التابعة للإدارة الذاتية في توفير ظروف مناسبة لإقامة مشاريع تنموية ودعم المجتمع المدني وهو ما ساهم في خلق بيئة مستقرة، ودفع المنطقة لأن تتحول لمركز جذب سكاني واقتصادي وتوفرت فيها فرص العمل والتنمية. لا سيما وأنّ قرابة مليون من السكان نزحوا (400 ألف نزحوا من بلدتي تل أبيض ورأس العين وقراهم وبلداتهم ، 550 ألف نزحوا من عفرين وقراها وبلداتها ) نتيجة العمليات العسكرية التركية وهم مازالوا نازحين قسرا عن منازلهم وممنوعين من العودة.

تنفذ تركيا مشروع الاستيطان في تلك المناطق بما يتضمنه من تلاعب كارثي في الهندسة الاجتماعية، وما يشكله من ضرب للبنية الاجتماعية والاستقرار الاجتماعي.

ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة، والعديد من تقارير المنظمات الدولية والمحلية واستنادا إلى العشرات من اللقاءات التي أجريناها فقد ارتكبت جرائم حرب من قبل تركيا والمجموعات السورية المسلحة التي تدعمها تحت مسمى (الجيش الوطني السوري)، من إعدامات ميدانية، إلى قصف البنية التحتية، وقصف المدارس والمشافي، وخطف واعتقال المدنيين، واعدامهم ميدانيا والاستيلاء على العقارات والأملاك والأراضي و المحاصيل والثروة الحيوانية وتفريغ صوامع الحبوب وقطع المياه، إلى جانب ابتزاز السكان في قوت عيشهم وأمنهم والخطف بغرض الفدية.

القوات التركية، والجماعات الموالية لها ترتكب جرائم حرب في الهجوم على شمال سوريا:
شكل اتفاق وقف إطلاق النار في شمال شرق سوريا وتعليق العملية العسكرية التركية الذي وقعته تركيا والولايات المتحدة في 17 أكتوبر 2019 خطوة أولى للدخول في مفاوضات دولية بين قوات سوريا الديمقراطية وتركيا بدل اختيار الحرب كخيار انتهجته تركيا متذرعة بمخاوف أمنية وهي المخاوف التي بددتها واشنطن بداية من خلال الاتفاق على تشكيل آلية آمنة في 7 أغسطس 2019 والبدء بتسيير دوريات مشتركة في 24 أغسطس 2019، وهي الخطوة التي قبلتها قسد وأعلنت إنّها ستساهم في إنجازها وهو ما تم بالفعل.

لم تلتزم تركيا بأي حال بأيًة من الاتفاقيات الموقعة، وإنّما بدأت بشن هجمات عسكرية جوا، وعلى الأرض لغزو شمال شرق سوريا \ شرق الفرات في 9 أكتوبر 2019 بمشاركة من المسلحين التابعين لها والذين قامت على فترات سابقة بنقلهم من مختلف المدن السورية، وإعادة تسليحهم وإغرائهم بأنّ الهجوم على شرق الفرات سيوفر لهم مكاسب كبيرة، وفرصة لإعادة توطينهم مع عوائلهم في المدن التي يسيطرون عليها بعد هزيمة قوات سوريا الديمقراطية.

تركيا ومسلحيها لم يلتزموا كذلك باتفاقية “تمديد الهدنة”، التي وقعتها مع روسيا الثلاثاء (22 تشرين الأول/ أكتوبر 2019)، رغم البدء بتسيير دوريات مشتركة “روسية، تركية” بعمق 10 كم وانسحاب وحدات حماية الشعب لعمق 30 كم.

منطقة الإدارة الذاتية:
حافظت منطقة الإدارة الذاتية، على الأمان والاستقرار النسبي مقارنة مع حالة الفوضى التي عمت بقية المناطق السورية، وبخاصة الخاضعة لسيطرة القوات التركية ضمن إطار عمليتي درع الفرات، وغصن الزيتون، أو تحت سيطرة تنظيم جبهة النصرة، والمشمولة بمناطق خفض التصعيد التي ترعاها كذلك تركيا. كما أنّ الأوضاع في المناطق التي استعاد النظام مؤخرا السيطرة عليها تعتبر أفضل خدميا وأمنيا من المناطق الخاضعة لتركيا.

تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي كسرت قاعدة الاستقرار من خلال الإعلان عن شن البدء بهجوم عسكري من طرف واحد، استخدمت خلاله سلاح الطيران وقصف المدن والقرى والبلدات حتى عمق 65 كم داخل الأراضي السورية شرق الفرات، مستهدفة المقرات، والبنى التحتية لـ قسد والخدمية للمواطنين. كما واستخدمت سلاح المدفعية في قصف المدن الحدودية تل أبيض \ كريسبي، رأس العين\سري كاني، قامشلو، الحسكة.

كما قامت تركيا بتجنيد الآلاف من “المتطرفين” الإسلاميين المتشددين تحت راية “الجيش الوطني السوري” وأرسلتهم كرأس حربة للتوغل البري والقتال شرق الفرات وعفرين في مواجهة سكان المدن، وقوات سوريا الديمقراطية، وهي القوات التي يبدو أنّها أخذت موافقة من تركيا بإعدام كل مدني، مقاتل من قسد تعثر عليه في القرى، حيث وثقنا العشرات من عمليات الإعدام الميدانية بحق طواقم طبية، موظفين، سياسيين، بينهم نساء، أطفال.

غلفت تركيا مجددا عزوها بالستائر الدينية، والشعارات الإسلامية، والآيات القرآنية، في محاولة لتجميل الغزوة على إنّه تحرير من الكفار أو بذريعة المنطقة الآمنة، وإقامة مشاريع تنموية وتوطين 2 حتى 3 مليون لاجئ سوري يعيشون الآن في أراضيها بتلك المناطق بعد تهجير أو قتل واعتقال سكانها، كردا كانوا، أم عربا وغيرهم..

السيطرة التركية على مدن في شرق الفرات وعفرين يزيد من حدة التوتر العرقي وتفتت المجتمع في سوريا:
كانت منطقة شرق الفرات وعفرين عموما معروفة بمستوى عال من الاستقرار وقلة التوترات العرقية. وقد تفاقم هذا إلى حد كبير نتيجة للتدخل التركي.

بعد الهجوم الذي شنه الجيش التركي والميليشيات السورية في 9 أكتوبر على شمال شرق سوريا والهجوم على عفرين في شباط 2018 في مواجهة قوات سوريا الديمقراطية وسكانها، ازدادت التوترات العرقية في المنطقة سوءاً.

تسببت الحملات التركية في نزوح السكان المحليين في الوقت الذي تم البدء بتوطين الآلاف من الأشخاص من المسلحين وعوائلهم الذين شاركوا تركيا في القتال وهم بالأصل جرى نقلهم من ريف دمشق ومناطق أخرى في سوريا إلى هذه المناطق وجرى توطينهم في منازل سكان تل أبيض ورأس العين وريفها حيث نزح السكان الأصليين نتيجة العملية العسكرية التركية وقام هؤلاء بالاستيلاء على أراضي المهجرين وممتلكاتهم.

وقضايا الإسكان والأراضي والممتلكات ذات أهمية خاصة. يعيش العدد القليل من الباقي في المدن التي توغلت الفصائل الموالية لتركيا إليها تحت تهديد مستمر من عمليات الاعتقال والخطف والإخلاء والمصادرة واعتقال والنهب من قبل تلك الميليشيات. علاوة على ذلك.

كما تسبب الهجوم التركي 2018 و 2019، في تضرر بالغ لبنية المجتمع السوري، نتيجة انتهاج تركيا خطة اعتمدت على التجييش الطائفي والديني، كما لازالت تركيا وفصائلها المسلحة تمارس مختلف أنواع الانتهاكات، التي يشكل بعضها جرائم ضد الإنسانية ويشكل بعضها الآخر جرائم حرب، فلاتزال عمليات التعذيب داخل مراكز الاحتجاز مستمرة، ولاتزال عمليات قصف المراكز الحيوية وأبرزها مراكز طبية ومدارس ومحطات المياه والكهرباء مستمرة، ولاتزال الفصائل تواصل إعدام المدنيين والعسكريين والطواقم الطبية ميدانيا، وتواصل شن المزيد من الهجمات، كما وتواصل تركيا استخدام سلاح الجو والمدفعية في قصف المدن والبلدات، وهو ما يدفع بالمزيد من المدنيين إلى النزوح، كما ولم يتم الكشف عن مصير المعتقلين، كما ولاتزال الفصائل تواصل حملات الاستيلاء على منازل المدنيين، وترفض عودة السكان تحت تهديد القتل والخطف، وتواصل الخطف والتعذيب لدفع ذويهم لدفع الفدية، وتواصل قطع الأشجار والاستيلاء على المحاصيل، وفرض الإتاوات، وسرقة القمح من المخازن.

القوات التركية والفصائل التابعة لها، تنفذ بالضبط التعليمات التركية، وأنّ كل الانتهاكات تجري تحت أعين الجنود الأتراك وبمشاركتهم وهو خرق بشكل لا يقبل التَّشكيك لقراري مجلس الأمن 2139 و2254 القاضيَين بوقف الهجمات العشوائية، وخرقت عدداً واسعاً من قواعد القانون الدولي الإنساني العرفي، وأيضاً انتهكت عبر جريمة القتل العمد المادتين السابعة والثامنة من قانون روما الأساسي؛ ما يُشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، كما وانتهكت بنود اتفاقية الهدنة بينها وبين الولايات المتحدة 17 أكتوبر، وبينها وبين روسيا 30 أكتوبر.

الضحايا:
نتيجة العمليات العسكرية التركية شرق الفرات \ شمال شرق سوريا نزح سكان 600 منطقة سكنية وقرية في مساحة 4300 كيلومتر مربع، بتعداد يصل إلى 300 ألف مدني، وقتل 478 مدنيا، وأصيب 1070 بجروح، بينهم 45 حالة بتر أطراف، كما قتل 203 من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية في مواجهة الهجمات التركية، وأصيب 900 مقاتل بجروح.

بلغ عدد الأشخاص الذين تم اعتقالهم (320) شخص/ من قبل القوات التركية، والفصائل الموالية لها وتعرض (88) منهم للتعذيب، من بين المعتقلين 16 نساء، وصلت حالات المطالبة بفدية مالية للإفراج عن المختطفين 190 حالة، تم تحرير 9 منهم، وصلت المبالغ المدفوعة إلى 20 ألف دولار لأحدهم، كما وتم توثيق فقدان الاتصال ب 95 شخصا حتى الآن، مصيرهم مجهول.

كما وتم توثيق 42 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية على يد الفصائل التابعة لتركيا “الجيش الوطني”، بينها 19 على مدارس و8 على منشآت طبية، و5 على أماكن عبادة، و8 مؤسسات خدمية، و3 محطات كهرباء، و3 محطة مياه، و3 جسور، وقصف 3 نقاط طبية القوات التركية هي المسؤولة عنها بشكل مباشر، كونها تستخدم سلاح الجو والقصف.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك