سلمت السلطات التركية رجل الأعمال السوري المعارض ماهر الدغيم لدمشق بعد تجريده من الجنسية التركية فيما مازال مصير عائلته المقيمة في تركيا مجهولا.
واستبقت السلطات التركية قرار تسليم الدغيم تجريده من الجنسية التركية، بعد تجميد أصول شركة “DXN Milano” للتجارة والتي نفى دغيم علاقته بها وقال: إنّ ملكيتها تعود إلى قريبه حسان دغيم، وإنّه قدّم الاثباتات الرسمية للقضاء.
وكانت الجريدة الرسمية التركية قد نشرت بتاريخ 23 من ديسمبر/كانون الثاني 2022، وحمل توقيع وزير الداخلية، سليمان صويلو، ووزير الخزانة التركي نور الدين نباتي قراراً بتجميد أصول ماهر الدغيم الحاصل على الجنسية التركية، لمزاعم ارتباطه بشركة DXN Milano” للتجارة التي تعود ملكيتها لقريبه حسان دغيم.
واحتجز ماهر الدغيم (مواليد ريف إدلب )الذي كان عائدا من السعودية في مطار إسطنبول، وتمّ ابلغه أنّ جوازه التركي لم يعد صالحا وإنّه بات مجرداً من الجنسية التركية دون سابق إنذار.
الدغيم بث مقطع فيديو من المطار وهو يناشد منظمات حقوق الإنسان بالضغط للسماح له بالسفر لدولة ثالثة كالبرازيل أو أن يتم ترحيله لأي منطقة في شمال سوريا لا تخضع لسيطرة الجيش السوري محذراً أنّ إعادته لدمشق يعني هلاكه مطالبا بمنحه فرصة للطعن في قرار سحب الجنسية التركية المفاجئ منه ودون سابق انذار.
وأكدت عائلته بعد يومين من ذلك أنّ ماهر الدغيم تم تسفيره مباشرة من مطار اسطنبول إلى قطر ومنها إلى مطار دمشق مكرهاً ومقيداً ومكمماً بالتنسيق تم بين السلطات التركية والسورية.
وأثارت قصة رجل الأعمال السوري المعارضة ماهر الدغيم، وهو مالك شركة DXN Milano التي تنشط بين تركيا وشمال غربي سوريا ومناطق متعددة، مخاوف المعارضين السوريين ورجال الأعمال بخاصة وأنّه كان يحمل الجنسية التركية ورغم ذلك جرد منها في لحظات وسلم للمخابرات الجوية في دمشق (الساعة الحادية عشر ليل أمس السبت 27 أيار 2023 في مطار دمشق) حيث يبدو أنّ اسمه ورد ضمن قائمة سلمتها المخابراتية السورية إلى تركيا في اللقاء الذي جمع وزير خارجية البلدين في موسكو في 5 أيار 2023.
وسجل آخر تواصل بين الدغيم وعائلته الساعة الثامنة مساء السبت، بعدما أرسل عبر تطبيق “واتس آب” لقريبه، رسالة أكد فيها وضعهُ في “طائرة سورية” متجهة لدمشق. حيث اعتقل فور نزول طائرته من قبل مكتب الأمن التابع للمخابرات الجوية في مطار دمشق”.
تفاصيل قصة الدغيم:
بدأت قصة الدغيم قبل ستة أشهر عندما أصدرت السلطات التركية قراراً بتجميد أصول عدة شركات تعمل في مجال الحوالات، مع الحجز على أموال مالكيها، وزعمت إن السبب هو تورط هذه الشركات بتمويل الإرهاب.
لكن الدغيم أكد خلال بث مباشر أجراه قبل أيام عدم صلته بهذه الشركة، وقال إنه قام فور صدور القرار بتقديم الإثباتات التي تؤكد ذلك للسلطات التركية، وبسبب اطمئنانه لسلامة موقفه، فقد غادر قبل شهر إلى السعودية من أجل أداء العمرة.
وأضاف: سافرت بعد ذلك وبجوازي التركي من الرياض إلى دبي، وبعد وصولي إلى هناك أخبرتني ابنتي بأن السلطات التركية أبلغتهم بسحب جنسية جميع أفراد الأسرة أو تجميدها، باستثناء طفلين وُلِدا على الأرض التركية.
وأضاف: ذهبت ابنتي لتثبيت القيود وإجراء معاملة إدارية في إحدى مؤسسات الدولة، لتُفاجأ بعدم وجود قيود لنا، وهناك علمت بتجميد جنسيتنا وسحبها، فقمنا على الفور بتوكيل محامٍ لمتابعة هذه القضية، بينما قررت التوجه إلى البرازيل من أجل تقديم لجوء فيها تحسباً لأي تفاعلات سلبية للموقف.
وبالفعل تمكن الدغيم من مغادرة دبي بجواز سفره التركي، لكن عندما وصل إلى البرازيل بعد 13 ساعة طيران، أبلغته إدارة المطار بعدم صلاحية الجواز الذي يحمله، وطلبت منه العودة إلى الوجهة التي جاء منها، وفي دبي التي عاد إليها بالطائرة نفسها، طُلب منه المغادرة فوراً إلى بلده التي يحمل جنسيتها وهي تركيا.
لكن الصدمة الثانية حصلت عندما رفضت سلطات مطار إسطنبول السماح له بالدخول بحجة أنه لا يحمل أي أوراق رسمية، وطلبت منه العودة إلى دبي التي كانت آخر محطة له قبل وصوله إلى العاصمة التركية، ورغم طلب الدغيم الملح ترحيله إلى شمال سوريا، إلا أن أحداً لم يتجاوب معه.
وتابع الدغيم: رغم وجود محامٍ كان يتابع قضيتي على أرض المطار، ورغم تشبثي بحقي في عدم الترحيل إلا أن السلطات أصرت على قرارها، وعندها أخبرتهم بأني أفضّل ترحيلي إلى قطر على اعتبار أنها دولة عربية قد تحميني ولن تسلمني لدمشق.
وبالفعل استقل الدغيم أول طائرة كانت متوجهة من مطار إسطنبول إلى مطار الدوحة مساء السبت الماضي، لكن المفاجأة الصادمة كانت بقرار السلطات القطرية ترحيله على الفور إلى دمشق على متن طائرة سورية، حيث كانت آخر رسالة كتبها إلى زوجته وأخبرها فيها بأنه أُجبر على صعود هذه الطائرة رغم كل محاولاته بالرفض والتي باءت بالفشل، لتكون آخر كلماته قبل انقطاع الاتصال به “ديري بالك على الأولاد”.
يعتبر طرد / ترحيل الدغيم إلى الدوحة وقيام السلطات القطرية بتسليمه لدمشق التي قد يواجه فيها التعذيب والاعدام انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، ويخالف كذلك القانون والدستور التركي حيث كان يمكن لتركيا اعتقال الدغيم ومنحه حق المثول أمام المحكمة والدفاع عن نفسه قبل اتخاذ اي إجراء بحقه.
الحادثة تشكل بادرة خطيرة فحتى السوري المجنس بات في خطر محدق، وبات معرضا للترحيل القسري بدون منحه فرصة الدفاع عن نفسه.