ماذا يقول أهالي عفرين عن توغل “تحرير الشام” في مدينتهم !

لا يبدي أهالي عفرين أي اهتمام بتوغل هيئة تحرير الشام / جبهة النصرة في مدينتهم، حيث أشار أربعة أشخاص التقيناهم من أربع بلدات أنّهم لا يجدون أي فارق بين الهيئة وفصائل الجيش الوطني لا بل وقالوا: الهيئة كانت موجودة سابقاً، ولكن ما يحدث الآن هو إشهار لتواجدها فحسب.

التقينا بالمواطن جوان (38) عاماً والذي تعرض للاعتقال منذ الاحتلال التركي لمدينته (آذار 2018) أربع مرات على يد مسلحي أربع فصائل مختلفة (العمشات، الحمزات، سلطان مراد، فيلق الشام) وبلغ مجموع ما دفعه من أموال (فدية) ليظل خارج السجن حتى الآن 11300 دولار -ثمن الحرية كمواطن- وفقد ثلاثة من أصابع يده اليسرى ويعاني من صعوبة في الكتابة باليد اليسرى وبالنطق نتيجة التعذيب الذي لاقاه في سجون تلك الميليشيات (مجموع أيام اعتقاله 410 يوم).

يقول جوان: لا نجد أي اختلاف فمن كان يحكم عفرين ليسوا أفضل حالا من الهيئة، الظلم كبير في كل شيء. القلق الأكثر الذي نهابه هو من الاشتباكات التي تجري ضمن الأحياء السكنية فهي تتسبب في تدمير ما بقي سليماً من منازلنا وتدمير المرافق العامة والبنية التحتية وتُعطل الحياة والخدمات وفقدان الوصول للمواد الأساسية.

يضيف جوان: كلا الطرفين يتبع النهج ذاته، يتخذون المدنيين كدروع بشرية … منذ آذار 2018 واحتلال تركيا لعفرين لم تتوقف المظاهر العسكرية في مدننا، ففي كل قرية وحارة وحي وبلدة تجد العديد من المقرات العسكرية مقامة وسط أحياء مدنية والاشتباكات بين الجماعات المسلحة لا تتوقف، وتلك الاشتباكات مرتبطة بالصراع بينهم على السلطة والنفوذ والنقود والعقارات والمحلات المستولى عليها وتارة الغسالات والبرادات المسروقة (تعفيش المنازل).

أحمد من جهته يضيف: لست مهتما فيما ذهب ومن حل بديلاً عنه، بالنسبة لي ولغالب الأهالي وحتى النازحين والمستوطنين فأنّه يمكننا المقارنة بين حياة الناس الذين يعيشون في إدلب وبينا الفوضى التي نعيشها هنا … في إدلب الأوضاع أفضل بكثير …هنا ينتشر اقتتال يومي، العسكر في كل مكان في المدارس يعنفون المدرّسات، في الأفران أيضاً يتعرض الناس للمضايقة، يضربون الأطباء والممرضات في المشافي .. اغتصاب وخطف ممنهج وجثث ملقاة بين الأحراش بقاتل مجهول الهوية تجنيد للأطفال وإرسالهم إلى ليبيا تارة واذربيجان تارة أخرى، خطف الأطفال والمسنين لطلب الفدية واستيلاء على الاراض والمنازل والمحلات التجارية والإتاوات والضرائب وغير ذلك …

يضيف أحمد: رغم وحشية “تحرير الشام”، لكنها نجحت في فرض نوع من الاستقرار في المناطق الخاضعة لنفوذها، ما نال قبول الناس، وبغض النظر عن أنّ “الجولاني” يقمع حرية الناس في التعبير، وأنّ محاكمه غير منصفة في أكثرية المسائل، لكنه على الأقل هنالك أناس يحصلون على حق توكيل محامي والخضوع للمحاكمة وهو ما نفتقده الآن في عفرين …فكل شيء مخادع وكاذب ومسير فقط لخدمة 20 ميليشيا تحكمنا لكل منها مناطق سيطرة وقوانين خاصة بقائد الفصيل، يفرض ما يشاء، وحده يقرر كل شيء… تاركاً لعناصره كامل الحرية في البطش والتعدي على الناس فعناصر الفصائل لهم حصانة مطلقة ومحميون من قادة الفصيل ، وقائد الفصيل محمي من قبل الاتراك.

يضيف أحمد: نحن نتوق إلى الاستقرار وسبيل إلى كسب الرزق، وتعليقي ليس يعني أنّنا نتفق أو سنتفق مع مبادئ الجولاني وتنظيمه أو سنكون راضين عن وضعنا.

سوزان معلمة سابقة في إحدى المدارس تعرضت للاعتقال (قضت 106 أيام في السجن، خرجت بعد أن استطاعت والدتها تأمين الفدية المالية التي مقدارها (4500) دولار دفعتها لسيف ابو بكر قائد ميليشيا الحمزات) تقول: نحن الآن في أسوء واقع يمكننا تخيله، نعيش في منزل بالآجار على بعد أمتار من منزلنا الذي تم الاستيلاء عليه من قبل مسلح ينتمي إلى ميليشيا العمشات (سليمان شاه).. أخي مفقود منذ ثلاث سنوات وبقية عائلتي فرت إلى حلب خشية الاعتقال .. اعتقلوا أخي بعمر 13 سنة الذي كان يعمل أجيراً لدى أحد الحلاقين من قبل عناصر مسلحة يرفعون رايات فيلق الشام ولا نعرف له أثر منذ ثلاث سنوات ولا سبب اعتقاله.

لا تخشى سوزان من أن تسيطر الهيئة على مدينة عفرين، وتقول: لا اعتقد أنّ الاوضاع ستتحسن كثيراً، لكن بالتأكيد لن تصبح أكثر سوءا مما نحن فيه.

الأم مهيبة رحبت بمشاركتها في التقرير مبدية حزنها وخوفها وقلقها من القادم وقالت: الأوضاع تذهب للانفجار، قذائف تسقط على منازلنا والرصاص يثقب الجدران .. قتلوا أحد أبنائي نتيجة رصاصة قالوا انها طائشة استقرت في جبهته أثناء انظلاع اشتباكات بين جماعتين مسلحتين من الجيش الوطني، بالإضافة إلى ذلك لدي ابن مختطف من قبل جماعة ابو عمشة منذ سنتين وابن أخت مختطف من قبل جماعة السلطان مراد ويطالبوننا بستة آلاف دولار للإفراج عنهم.

مهيبة انتقدت بكلمات قاسية صمت الولايات المتحدة وصمت الدول الأوربية والأمم المتحدة ومنظماتها على ما يتعرضون له من ظلم وتهاونهم مع المجرمين وأنّ ذلك سيساهم في غلوهم أكثر مطالبة بتحرك دولي لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب في سوريا.

تنويه: تم اعتماد أسماء رمزية للشخصيات التي اجرينا معها الحوارات خشية تعرضهم للخطف وأي ضرر من قبل (الجيش الوطني السوري، هيئة تحرير الشام).

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك