في مدينة سري كانيه” رأس العين” والتي تتبع إدارياً لمحافظة الحسكة والمتاخمة للحدود التركية، يرزح الأهالي تحت وطأة الانتهاكات اليومية التي يمارسها الحرس الحدودي التركي من جهة عرقلة الموسم الزراعي وتعطيل حركة المواشي، في خطوة اعتبرها السكان المحليين بأنها تدخل في خانة ” التجويع الاقتصادي المنظم”.
تمتد الأراضي الزراعية لمدينة سري كانيه” رأس العين” بمحاذاة الشريط الحدودي مع تركيا على مسافة 70 كلم، وعلى تلك المسافة تحديداً، أقدمت الدولة التركية في السنوات الماضية على تنفيذ بناء جدار اسمنتي بارتفاع 3 أمتار وعرض مترين بغرض تطويق المنطقة وإخضاعها تحت حصار خانق.
المؤسسات الحقوقية الدولية إلى هذه اللحظة لم تسعى إلى تسليط الضوء على هذه الانتهاكات العنصرية والممنهجة ضد السكان المحليين، منذ 5 أعوام تواصل القوات المسلحة التركية على الحدود استهداف أهالي سري كانيه من خلال منع الأهالي من الاقتراب من أراضيهم القريبة من الحدود، ففي بعض القرى يمنع الأهالي من الاقتراب مسافة 1000 متر، وفي مناطق أخرى 600 متر وفي بعض القرى الواقعة على الحدود يمنع الاقتراب مسافة 50 متر، وعليه يتم حرمان الأهالي الاستفادة من أراضيهم تلك المحاذية للحدود ولا يستطيعون زراعتها أو رعي المواشي فيها والتي تشكل بالنسبة لهم مصدر قوتهم الوحيد.
ورصدت وكالة هاوارا المحلية في شمال شرقي سوريا هذه الانتهاكات عبر أخذ عينات ميدانية في كل من قريتي تل جمود وتل خنزير الواقعتين غربي سري كانيه.
يقول المزارع جاسم خضر عبدالله من أهالي قرية تل خنزير إنّه يملك 20 دونم من الأراضي الزراعية على طول الحدود، لكنه لا يستطيع الاقتراب من أرضع بسبب انتهاكات الجيش التركي واستهدافهم لكل من يقترب من تلك الأراضي، ويؤكد أنّ هدف الاحتلال التركي تهجير الأهالي من قراهم الحدودية، منوهاً أنّ منطقة سري كانيه تعتبر السلة الغذائية لإنتاج الخضروات والحبوب في منطقة الجزيرة لكن انتهاكات القوات المسلحة التركية أدى لانخفاض الانتاج في الأعوام الأخيرة.
وفي نفس السياق تحدثت المواطنة أمينة موسى البالغة من العمر 46 عاماً من أهالي قرية تل خنزير وهي مربية للمواشي ولديها أكثر من 100 رأس من الأغنام، تقول إنّها وقبل أشهر كانت ترعى أغنامها في الأراضي الزراعية القريبة من الحدود وأقدم الجندرمة التركية على إطلاق الرصاص صوبها وعلى ماشيتها، ولكنها لم تصب بأذى وطلبوا منها الخروج من تلك الأرضي، مؤكدة أن أحد أبنائها أيضاً عندما كان يرعى أغنامه في تلك الأراضي استهدفه الجندرمة وتسببوا في نفوق 4 من أغنامه، وعليه لا يجرؤن الاقتراب من الأراضي الحدودية.
أطلقوا الرصاص على طفل يبلغ 13 عاماً!
أما الطفل سليمان عبدالرزاق العلي البالغ من العمر 13 عاماً من أهالي قرية تل حمود سوري الحدودية تعرض لإصابة برصاص الجندرمة التركية على الحدود، أشار سليمان أنّه كان مع اثنين من رفاقه يرعون الماشية في الأراضي الزراعية القريبة من الحدود، وفجأة تعرضوا لوابل من الرصاص أطلقه عليهم حرس الحدود التركي وبنتيجتها أصيب سليمان بطلق ناري في ساقه اليسرى، وبعد تلك الحادثة أضطر أهل سليمان إلى بيع مواشيهم وشراء بقرة بدلاً منها حتى لا يضطروا إلى رعي الماشية في تلك الأراضي وتعريض أنفسهم وماشيتهم لخطر جيش الاحتلال.
والد الطفل سليمان المواطن عبدالرزاق العلي يقول:” أملك أراضي قريبة من الحدود، ولكننا منذ 5 أعوام لا نستطيع الاستفادة أوالاقتراب منها، وبعض المزارعين الذين تمكنوا من زراعة أراضيهم لا يستطيعون جني محاصيلهم فيما بعد، وإضافة إلى ذلك أصيب ابني بطلق ناري أثناء تواجده مع بعض الأطفال على مسافة تزيد عن 400 متر عن الحدود، ومع ذلك لم يتوانى حرس الحدود التركي على استهداف الأطفال”.
واختتم عبدالرزاق حديثه بالقول:” بسبب ممارسات الجيش التركي، لا يستطيع أحد الاقتراب من الأراضي الحدودية، هناك مساحة تقدر بحوالي 800 دونم من الأراضي المحاذية للحدود من قرية تل خنزير حتى قريتنا باتت بوراً ولا يستفيد أحد منها “