أعادت تصريحات المسؤولين الأتراك بشن هجوم جديد يستهدف بلدة تل رفعت الى الأذهان مآسي الهجمات البرية السابقة والكوراث الانسانية التي نتجت عنها حيث أدت لمقتل الآف المدنيين ونزوح مئات الآلاف ضمن مخطط واسع نفذه الجيش التركي لاحتلال المدن الحدودية السورية بذريعة أنّها تشكل خطرا على أمنها القومي وعي حجة تركية لتنفيذ اجندات حكومة العدالة والتنمية سواء أكانت في ليبيا أم العراق أو أرمينيا وفي شرق المتوسط واليونان وقبرص وسوريا.
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قال الأربعاء إنّ تركيا “ستفعل ما هو ضروري لأمنها” مضيفا أنّ الولايات المتحدة وروسيا تتحملان المسؤولية عن هجمات عبر الحدود تشنها وحدات حماية الشعب ، في إشارة إلى هجمات استهدفت جنودها في ريف حلب وإدلب وأدت لمقتل 4 منهم منذ بداية تشرين الأول الجاري لكن لم تقم أي جهة بتبني الهجمات في ظل منطقة عسكرية تتقاسم سيطرتها عدة جماعات مسلحة.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والذي تشير استطلاعات الرأي إلى انخفاض شعبيته لأدنى المستويات أشار يوم الاثنين إنّ أنقرة عازمة على القضاء على التهديدات القادمة من شمال سوريا ، بعد هجوم أستهدف عربة مدرعة تركية وأدى لمقتل جنديين تركيين قرب بلدة مارع بريف حلب التي تقع تحت سيطرة ميليشيات متطرفة موالية لأنقرة.
وانتقد جاويش أوغلو في مؤتمر صحفي بأنقرة روسيا وأنقرة وزعم إنّ الولايات المتحدة وروسيا لم تلتزما بتعهداتهما بضمان انسحاب وحدات حماية الشعب من منطقة الحدود السورية وإنّ الإدانات الأمريكية للهجمات على تركيا غير صادقة لأنّ واشنطن تسلح وحدات حماية الشعب.
وبدعوى التهديد الإرهابي القادم من سوريا، أعطى أردوغان إشارة أولى عن قُرب تنفيذ عملية عسكرية جديدة بالتعاون مع الميليشيات المتطرفة التي أطلق عليها اسم الجيش الوطني، وسط تساؤلات عن مدى سماح روسيا التي تسيطر على المجال الجوي هناك، لتركيا بذلك.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، إنّ بلاده ستقوم باللازم في المكان والزمان المناسبين لوقف الهجمات شمالي سوريا وذلك في كلمة له الخميس، خلال حفل افتتاح العام الدراسي 2021-2022، لجامعة الدفاع الوطني في إسطنبول مشيرا إلى وجود تغيرات وتحولات جادة في المنطقة والعالم وخاصة في قضايا الأمن والدفاع.
وقال أكار إنّهم يتابعون عن كثب جميع التطورات شمالي العراق وسوريا وبحر إيجة وشرق البحر المتوسط وقبرص.
وزعم وزير الدفاع التركي إنّ بلاده تحترم حقوق وسيادة دول الجوار، وفي حال عدم اتخاذ أيّة خطوة تجاه المسلحين الكرد في سوريا فإنّ تركيا ستقوم باللازم.
وحاول وزير الدفاع التركي الحديث عن انجازات الجيش في مواجهة الفصائل الكردية وفي إطار الدعاية المعهودة والمكررة قائلا أنّه تم قتل 18 ألفا و609 كرديا في العمليات المكثفة التي بدأت في 24 يوليو 2015، لافتا إلى قتلهم ل 2201 كردي منذ مطلع العام 2021.
وحول الاتفاقيات المبرمة مع الولايات المتحدة وروسيا بشأن شمالي سوريا، زعم أكار: “نحن كتركيا نقوم بواجبنا على أكمل وجه ونفي بالتزاماتنا” رغم أنّ الوقائع على الأرض ليست كذلك.
وتابع “وبنفس الطريقة نقوم بما يتعين علينا وفق القانون الدولي في بحر إيجة وشرقي المتوسط وقبرص.. نحن مع السلام والحوار والمفاوضات. وفي الوقت نفسه لن نسمح لأحد بفرض الأمر الواقع علينا”.
ولطالما سعت تركيا للسيطرة على بلدة تلرفعت و منبج وأعلنت مرارا عن أطماعها في هاتين المدينتين اللتين تعتبران بوابة حلب وسعت مرارا لعقد صفقات مع روسيا إلا أنّ مساعيها باءت بالفشل مع رفض روسي ايراني حيث تتواجد بلدتي نبل والزهراء هناك واللتين يقطنهما غالبية شيعية مع مخاطر كبيرة تهدد حياتهم حيث تم استهدافهم مرارا من قبل الجماعات المسلحة السورية التركية.
كما وتنتشر في المنطقة خمسة مخيمات للنازحين من مدينة عفرين بعد احتلالها من قبل تركية وتتجاوز أعداد النازحين المنتشرين في المنطقة 100 ألفا وأنّ الهجوم التركي سيتسبب في وضع كارثي لهؤلاء.
وتخضع تل رفعت التابعة لمحافظة حلب لسيطرة وحدات حماية الشعب منذ عام 2016، وتعتبر منطقة آمنة مقارنة مع مناطق خاضعة لسيطرة تركية بريف حلب حيث فوضى السلاح واقتتال الميليشيات وحوادث الاغتيالات وعمليات التصفية المتبادلة بينها والخطف والنهب المنتشرة ضمن مناطق ريف حلب الخاضعة لسيطرة القوات التركية والتشكيلات المتحالفة معها نتيجة عمليات عسكرية شنتها تركيا منذ عام 2016.
ووفقاً لمطلعين فإنّ خطة اللعب الواضحة لأنقرة هي المنطقة التي توقفت فيها القوات التركية عن التقدم ولا يمكن الاستيلاء عليها بعد أن أغلقت روسيا الأجواء في عفرين في نهاية مارس 2018.
وهذه المنطقة هي أيضا تحت السيطرة الجوية المطلقة لروسيا. وفي الجو، تحلق الطائرات الروسية وطائرات سورية في سماء المنطقة كل يوم وتقصف أهدافا برية ومقرات المسلحين الموالين لتركيا بريف حلب وإدلب.
وفي أول تعليق سياسي رسمي على التهديدات التركية اعتبر رياض درار الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية “مسد”، إنّ التصعيد التركي الأخير يأتي لإشغال الشارع التركي وليس لدى تركيا ضوء أخضر للسيطرة على مزيد من الأراضي السورية.
وبحسب درار، فإنّ المزاعم التركية حول الهجمات الأخيرة التي تستهدف أراضيها وجنودها هي “لعبة تركية لكسب المواقف التي تدعم تقدمها وسيطرتها بسوريا.
وقال “تركيا تسعى باستمرار إلى نوعٍ من الحوار بالنار نتيجة ضياع البوصلة”، على حد وصفه.
وبحسب “درار”، فإنّ “تركيا تسعى لفرض إرادتها عبر التصعيد وعدم الالتفات إلى الحلول السياسية، وخاصة بعد إجراءات العزل الأمريكية، والضغوطات الروسية في ظل ما يرسمه بوتين من سياسات حول استرجاع إدلب والطريق الدولي الـM4 في أقرب فرصة، فالتصعيد هو للاستمرار في المنطقة”.
واستبعد درار، أن تقدم تركيا على أي عمل عسكري وسيطرة جديدة، إذ يرى أنّه لا توجد اتفاقيات أو ضوء أخضر لمثل هذه المسألة.