وفاة الأم سوزان احمد علي من قرية #برافا / العمر 29 عاما مع جنينها جراء طلقة نارية طائشة في الحسكة.
فقدت امرأة نازحة من منطقة عفرين حياتها مساء الأربعاء، جراء إصابتها بطلقٍ ناريّ طائش في مدينة قامشلو شمال شرقي سوريا، حيث فشلت جهود انقاذها بعد اسعافها للمشفى.
وأصيب السكان بالهلع في القامشلي نتيجة أصوات الأعيرة النارية وإطلاق مفرقعات نارية جراء احتفال عدد من العائلات بنجاح أبنائها في امتحانات الثانوية العامة.
الضحية اسمها سوزان أحمد علي ، نازجة إلى قامشلو من مدينة عفرين \ قرية برافا ( 29 عام ) كانت قد تلقت طلقة طائشة في رقبتها أثناء تواجدها في إحدى حدائق القامشلي ، وهي حامل بطفل حيث فشل الأطباء في مشفى فرمان في انقاذ حياتها أو حياة جنينها.
و”الموت بالرصاص الطائش” بدعةٌ من البدع المشاع في سوريا وهي فعل تباهي واعتزاز بخاصة في الاعراس والمناسبات رغم سقوط ضحايا أبرياء.
وتقول وفاء أبو شقرا في مقالة في ( 180Post ) : هي لعبة الموت المعروفة من الجميع. لكنّ الفرق يكمن في نقطةٍ جوهريَّة. أنّ مَن يموت بالرصاصة (الطائشة) ليس اللاعب الانتحاري مع الموت، بل هو الآخر البريء الذي لا حول له ولا خيار أو قرار في لعبة المجازفة بالحياة هذه. لذا، ومع اختلاف الأدوار، يصبح اللعب بالموت الطائش جريمة موصوفة. إذْ يصبح القتل متعمَّداً، وليس عشوائياً. لأنّ مَن سيموت معروف: الأبرياء. ولأنّ مَن يُطلِق الرصاص في الهواء يعرف أنّه يقتل أرواحاً، في المقلب الآخر. هو مجرمٌ مستتر، إذن، مع وقف التنفيذ. لكنّه مجرمٌ مريض، ومرضه معروف. مرضه الجهل والغباء والعنجهيَّة (غالباً)، ولا إمكانيَّة لشفاء هذا المرض إلاّ بإنزال أشدّ العقوبات بحقّ العليل (السجن مع الأشغال الشاقة مثلاً). فمثلما لا يعرف الكثير من الناس ما تعنيه كلمة رصاص طائش، لا يعرف معظم مُطلِقي هذا الرصاص النتائج المترتِّبة على إطلاق العيارات الناريَّة من سلاحهم الرشّاش.
ما هو الرصاص الطائش؟
لغة هي الطلقة التي صدرت صدفةً من سلاحٍ بلا قصد أو هدف.. أمّا في علم الفيزياء، فهي تعني الرصاصة الفارغة من حشوتها، والتي تعود وتهبط على الأرض (أي غلافها النحاسي تحديداً) بعدما تخبو قوة الدفع في آخر نقطة يصل إليها مسارها (trajectoire). ومن الصعب التنبّؤ، طبعاً، بالمكان الذي يمكن أن تصل إليه الرصاصة. لكن، من المعلوم أنّها في رحلة هبوطها إلى الأرض، تزيد سرعتها باضطراد، كون هذه السرعة ناتجة عن حركة التدفّق الحرّة (mouvement de chute libre). وفي كتابه المنشور عام 1947 “مفكّرة هاتشر”، يؤكّد الجنرال الأميركي جوليان هاتشر أنّ رصاصةً (من عيار30) إذا أُطلِقت من بندقيَّة عموديّاً نحو الأعلى ستصل إلى ارتفاع 9000 قدم (2743.2 متراً) خلال 18 ثانية ثمّ تعود إلى الأرض في غضون 31 ثانية أخرى.
القتل عمدا:
كلّ مُطلِق للنيران، يعرف أنّه القاتل المفترض والافتراضي لضحيَّةٍ ما، متى أُعلِنت هويتها. فعندما تتوقّع القوى الأمنيَّة مصدر الرصاص الذي سقطت جرّاءه الضحيّة، وتحدِّد هذه المنطقة أو تلك، يمكن للمجرم المستتر أن يعرف أنّه مجرم مفترض! لأنّه يعرف أين كان يُفرِّغ سلاحه. لكن حتى لو عرِف، فالأكيد أنّه لا يشعر بشيء.
هذه الظاهرة تعود إلى ثقافة سائدة تنبع من افتخار كلّ رجل بوجود السلاح في منزله وتوريثه لأهله (السلاح زينة الرجال!). المسألة تُعتَبر، جزءاً من المنظومة الفكريَّة السائدة في المنطقة، على مستوى الفرد والجماعة.
هل من أرقامٍ عن عدد الضحايا؟
لا توجد إحصاءاتٌ دقيقة حول عدد الإصابات بالرصاص الطائش. فهذه الظاهرة لا تنحصر في منطقةٍ واحدة. بل إنّها تعم سوريا، من أقصاه إلى أقصاه. أي، هي قضيَّة وطنيَّة بامتياز. عشرات القصص تنقلها الأخبار، عن أطفال وكبار قضوا برصاصٍ مبتهج أو حزين أو مُفاخِر. فلا تكتمل فرحة العروسيْن إلاّ بالرصاص. ولا تكتمل فرحة العائلة بولادة طفل إلاّ بالرصاص. ولا تكتمل فرحة ناجح بشهادة إلاّ بالرصاص. ولا تُرقَّص النعوش إلاّ على وقْع الرصاص.
هل مَن يحاسب زارعي الموت المجّاني هذا؟
كلا. فما يؤلم أهل الضحايا أكثرَ من موت أحبابهم، حيث لا توجد نصوص قانونيَّة تجرِّم إطلاق الرصاص ” لا يوجد في القانون السوري عقوبة لمطلق الرصاص الطائش ، لأنّنا ببساطة لا نعرف هوية مطلقه ، كون أنّه من الصعب جداً معرفته، وإن تمت فيُعاقب بجناية “القتل غير العمد””.
كما نص المرسوم التشريعي رقم 51 لعام 2001 “قانون حيازة الأسلحة سوري” وتحديداً الفصل الثاني (المادة 11) بأنّه:
أ – لا يجوز استعمال الأسلحة المرخصة في المناطق التالية:
1- المناطق السكنية.
2- مناطق التجمعات مثل الحفلات والمخيمات.
3- المناطق الصناعية.
4- المناطق النفطية.
5- أي منطقة أخرى يحددها الوزير بعد موافقة رئيس الوزراء.
لكن لا يتم التقييد بالأمر لغياب العقوبات الرادعة.
من جهتها أصدرت قوات سوريا الديمقراطية في 27 سبتمر 2018, قراراً يقضي بمنع المظاهر العسكرية في المدن، وتضمن القرار فقراتٍ تشير إلى منع استخدام السلطة العسكرية في الحياة المدنية، ذلك بعد مقتل طفلة برصاصة طائشة في أحد الاعراس بمدينة قامشلو.
كما أصدرت الإدارة الذاتية قانون ترخيص السلاح وحددت الفئات العمرية التي يحق لها حمله وشروط اقتنائه لكن هذه الإجراءات لم تنجح لحد كبير في مواجهة فوضى السلاح وإطلاق الرصاص العشوائي حيث شهد العام 2018 مقتل 11 شخص في منطقة الجزيرة وحدها برصاصات طائشة.