شهدت الدنمارك، الأربعاء 19 مايو/أيار 2021، احتجاجات عارمة ضد قرار الحكومة إلغاء تصاريح الإقامة لطالبي اللجوء السوريين وترحيلهم إلى بلادهم، إذ عمت الاحتجاجات العاصمة كوبنهاغن و25 مدينة أخرى، بينها مدن كبرى.
وتسود مخاوف من أن تحذو دول أوروبية تستضيف آلاف اللاجئين السوريين حذو الدنمارك وقد تلجأ تركيا التي تقول إنّها تستضيف قرابة أربعة ملايين لاجئ لتصعيد عمليات الترحيل القسري للكثير من اللاجئين إلى ما تسميها المنطقة الآمنة في شمال سوريا وكانت قد رحلت في السابق العشرات منهم سرا.
وازدحمت ساحة البلدية في كوبنهاغن كما نظمت تظاهرات في أكثر من عشرين مدينة أخرى في المملكة التي يتحدر نحو 10 بالمئة من سكانها البالغ عددهم 5.8 ملايين نسمة من أصول أجنبية.
وقال تيم وايت الأمين العام لمنظمة “أكشن إيد” المشاركة في تنظيم الاحتجاج إنّ “الهدف من التظاهرة هو الإظهار للحكومة أن مجموعة كبيرة تخجل حقا من التراجع الذي نشهده حاليا في حقوق اللاجئين”.
وتجمع المتظاهرون أمام قاعة مدينة كوبنهاغن ولوحوا بلافتات على شكل قلب كُتب عليها “تضامن” و”لدينا متسع”.
الدنمارك : سوريون سيُرحَّلون نحو الخطر … على الاتحاد الأوربي التدخل لحمايتهم
وقالت المتظاهرة ماري لويز مولر (50 عاماً) “أنا هنا لأنّني لا أعتقد أنّه من المنطقي إعادة اللاجئين السوريين إلى سوريا بالنظر إلى الوضع الذي يشهده البلد الآن”.
وكانت السلطات الدنماركية قد قررت في أبريل/نيسان الماضي، عدم تجديد تراخيص الإقامة لطالبي اللجوء السوريين، ومطالبتهم بالعودة إلى مناطق “أصبحت آمنة” في بلادهم.
وقوبل قرار الحكومة الدنماركية باعتراضات واحتجاجات واسعة من قِبل السوريين ومنظمات المجتمع المدني، سواء على أراضيها أو في بلدان أخرى.
كما رفضت الدنمارك تجديد تصاريح الإقامة المؤقتة لأكثر من 189 سوريّاً تقدموا بطلبات التجديد منذ الصيف الماضي، وهي خطوة برَّرتها السلطات الدنماركية بالاستناد إلى تقرير ذكر فيه إنّ الوضع الأمني في بعض أجزاء سوريا قد “تحسَّن على نحو ملحوظ”، وبناء على ذلك، أعادت الدنمارك تقييم حالة نحو 500 شخص من دمشق والمناطق المحيطة بها.
فيما ألغت السلطات حتى الآن أكثر من 205 إقامات، ما جعل الدنمارك أول دولة في الاتحاد الأوروبي تحرم السوريين من وضع اللجوء، رغم أنّ معظم مناطق سوريا تصنف على أنّها غير آمنة من قِبل الأمم المتحدة.
وتجاوز في العام الماضي عدد اللاجئين الذين غادروا الدنمارك عدد الوافدين، وتحدث رئيس الوزراء ميتي فريدريكسن، في تصريحات أقلقت المنظمات الإنسانية بشأن تشديد اللجوء إلى البلاد، حيث قال إنّ الهدف هو عدم وجود أي طالب لجوء في الدنمارك.
إذ قال وزير الهجرة ماتياس تسفاي، لوكالة رويترز، إنّ “كانت الدنمارك صريحةً وصادقةً، منذ اليوم الأول أوضحنا للاجئين السوريين أنّ تصاريح إقامتهم مؤقتة، ويمكن إلغاء التصاريح إذا لم تعد هناك حاجة للحماية”، تسفاي أضاف: “عندما تتحسن الظروف في بلادهم يجب أن يعود اللاجئون السابقون لوطنهم، ويعيدوا بناء حياتهم هناك”.
فيما عبّرت كبيرة مسؤولي الاتحاد الأوروبي لشؤون الهجرة، اليوم، عن قلقها إزاء هذا النهج، بعد أن قررت الدنمارك، في العام الماضي، مراجعة المئات من تصاريح الإقامة لطالبي اللجوء السوريين.
الدنمارك تسعى لاستعادة أطفال جهاديين من المخيمات السورية:
من جهة أخرى أعلنت الحكومة الدنماركية إنّها بصدد استعادة 19 طفلا دنماركيا وثلاث من أمهاتهم من عوائل زوجات مقاتلي داعش، يعيشون مؤقتا في مخيم الهول شمال شرق سوريا، بعدما رفضت طويلا استعادة أي رعايا لها على صلة بالجهاديين.
ويأتي قرار الدنمارك بعد صدور تقرير للجنة مكلّفة دراسة شروط استعادة الرعايا الدنماركيين في ملف يثير انقسامات في العواصم الأوروبية.
وصرّح وزير الخارجية يبي كوفود في مؤتمر صحافي إنّ “الأوضاع على صعيد الأمني و الإنساني في المخيمات شهدت تدهورا. وهذا الأمر ينطبق خصوصا على مخيم الهول الذي يشهد شحا في المواد الغذائية والرعاية الطبية”.
وتتراوح أعمار هؤلاء الأطفال الـ19 بين عام واحد و14 عاما، وهم يتواجدون حاليا في مخيمي الهول وروج في شمال شرق سوريا، في منطقة خاضعة لسيطرة قوات كردية.
ومنذ أكتوبر 2019 بات من الممكن بمجرد قرار إداري سحب الجنسية الدنماركية من جهاديين غادروا البلاد للقتال في الخارج، شرط أن يكونوا يحملون جنسية أخرى.
وكان نواب في الغالبية البرلمانية قد أعربوا عن قلقهم إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية واحتمال تطرّف هؤلاء الأطفال، وأجبروا الحكومة على تغيير موقفها الرافض لاستعادة أي رعايا دنماركيين على صلة بالجهاديين.
لكن على الرغم من أنّ رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن كانت قد شدّدت في مارس على أنّ أي استعادة لرعايا من سوريا ستقتصر على أطفال، إلا أنّ القرار المعلن الثلاثاء والذي يشمل استعادة ثلاث أمهات يشكّل تحوّلا في الموقف الحكومي.
وقال وزير العدل نيك هايكروب إنّ هؤلاء “النساء يجب أن يعاقبن أشد عقاب لدى وصولهن إلى الدنمارك”.
وبحسب الاستخبارات الدنماركية، هؤلاء الأمهات يواجهن ملاحقات قضائية بتهم “الإرهاب” لدى عودتهن إلى البلاد البالغ عدد سكانها 5,8 ملايين نسمة.
ووفق الاستخبارات الدنماركية غادر 160 شخصا على الأقل الدنمارك للقتال في سوريا أو العراق. نحو ثلث هؤلاء قتلوا في النزاع، ونحو النصف إما عادوا إلى الدنمارك أو استقروا في بلد ثالث.
وتعتبر الاستخبارات الدنماركية الشبكة الجهادية أكبر خطر يتهدد أمن البلاد.
أوروبيا، أعلنت بلجيكا في مطلع مارس إنّها تعتزم استعادة نحو ثلاثين طفلا بلجيكيا يتواجدون في مناطق الإدارة الذاتية شمال سوريا.
وفي ديسمبر أعلنت ألمانيا وفنلندا إنّهما استعادتا 18 طفلا وخمس نساء كانوا محتجزين في شمال سوريا، بعضهم ملاحقون قضائيا في بلادهم بتهمة الانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية.