وسط معاناة المدنيين في عفرين شمال سورية من انتهاكات الفصائل والمجموعات السورية التابعة لتركيا منذ العملية العسكرية التركيةوالتي بالسيطرة عليها تمّ تهجير غالبية سكانها ومقتل وجرح المئات هذا فضلاً عن التدمير الذي خلفه القصف الجوي والمدفعي والاجتياح البري.
الأيزيديون في عفرين: بقي قسم صغير منهم في قراهم وبلداتهم وهم يعيشون في “خوف كبير” وخاصة أنّ “الجماعات السورية الجهادية المتطرفة” تعاملهم كمرتدين وتتعامل معهم بأسلوب مشابه لتنظيم داعش المتشدد، وفق ما يرى المدير التنفيذي لمنظمة “يزدا” مراد إسماعيل.
ويقول إسماعيل: الأيزيديين في 22 قرية ضمن حدود منطقة عفرين مهددون بخطر التطهير العرقي في ظل تواصل الانتهاكات المتعددة بحقهم، بالاضافة لوجود عشرات العوائل التي تقطن مدينة عفرين.
ورغم أنّ يزدا، وهي منظمة معنية بالدفاع عن حقوق المنتمين للأقلية العرقية الدينية الأيزيدية، أصدرت بيانات،”تحذر فيها تركیا وما يسمى بالجيش السوري الحر والجماعات الجھادیة الأخرى من مغبة التعرض للأیزیدیین وممارسة أيّة عمليات اضطهاد وتطهير عرقي بحقهم” لكن الانتهاكات المتعددة مستمرة.
ويوضح البيان أنّ عدد الأيزيديين في سورية تراجع منذ 2011 من 90 ألف إلى أقل من 15 ألف جراء عمليات تهجير القسري والاضطهاد على الهوية.
يقول مسؤول العلاقات الخارجية في مقاطعة عفرين سليمان جعفر: إنّ معلومات حصل عليها تؤكد أنّ تركيا جهزت وشكلت بشكل سري مجموعة من عناصر داعش الفارين من الموصل والرقة وهم يشاركون حاليا في العملية العسكرية التركية في عفرين.
ويضيف جميل أنّ “الإيزيديين متخوفون من هذه المجموعة المتشددة، لأنها يمكن أن ترتكب مجازر بحق الأقليات الدينية مثلما حصل في سنجار في العراق”.
ويتابع جميل إنّ جماعات كـ “أحرار الشام والجيش الإسلامي التركمانستاني الذين تدعمهم تركيا، يشاركون أيضاً في عملية عفرين، ويمتلكون فكرا متشددا لا يختلف كثيراً عن تنظيم داعش”.
ولا يمتلك الإيزيديون في عفرين أي خيار سوى البقاء في منازلهم، حسب جميل، لأنّ “المنطقة تسيطر عليها مجموعات متشددة مدعومة من تركيا أو جماعات تخضع لجبهة النصرة”.
وتعرض الأيزيديون الذين يتركزون في شمال العراق وسورية إلى عمليات قتل وتهجير بعد سيطرة داعش على مساحات واسعة في البلدين قبل أربعة أعوام.
وتدعو منظمة “يزدا” الأمم المتحدة إضافة إلى الولایات المتحدة وروسیا، بفعل تواجدھما العسكري على الأرض، إلى حمایة الأیزیدیین ومنع الجماعات الأصولیة المتطرفة من الوصول إلیھم.
انتهاكات متواصلة:
منذ سيطرت الفصائل السورية الموالية للقوات المسلحة التركية على مدينة عفرين، سلكت طريقها بصورة مباشرة في إجبار المكون الإيزيدي على اعتناق الإسلام، وتفرض عليهم التوجه للمساجد الإسلامية للعبادة، في الوقت الذي كانت هذه المساجد منازل للسكان المحليين، حيث تمت مصادرتها وتحويلها إلى جوامع ينشد فيها الآذان والأناشيد الإسلامية .
وتبعاً للسكان المحليين والنازحين الذين هربوا من الحرب التي شنتها القوات المسلحة التركية على عفرين، فإنّه سجلت العشرات من انتهاكات حقوق الإنسان التي طالت الإيزيديين، منها تدمير أماكن العبادة والمزارات المقدسة وسرقة محتوياتها، وتهجير السكان واعتقالهم، فقد أجبر “فيلق الشام” أطفال قرية باصوفان التابعة لناحية شيراوا في عفرين على ارتياد المساجد واعتناق الإسلام وقراءة القرآن عنوةً.
وقد كشفت منظمة العفو الدولية في تقرير لها خلال هذا العام، بأنّ جماعات مسلحة موالية لتركيا، من بينها “الفرقة 55″، و”الجبهة الشامية”، و”فيلق الشام”، و”السلطان مراد”، “وأحرار الشرقية”، تقوم بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ضد السكان المحليين في عفرين، وهو أمر يتطابق مع رواية السكان المحليين الذين قالوا في الوقت السابق إنّ “فرقة الحمزات” حوّلت مدرسة قوية في ناحية موباتا إلى مدرسة شرعية يتم تدريس الديانة الإسلامية فيها.
ويتوزع الإيزيديون في عفرين ضمن 22 قرية، ولا توجد إحصائيات دقيقة لأعدادهم في سوريا، ولكن وفقاً لإحصائيات غير رسمية يبلغ تعداد الإيزيديين في كل من عفرين وحلب حوالي مئة ألف نسمة، وقد تناقصت أعدادهم في السنوات الأخيرة نتيجة الاستهداف المتكرر لقراهم، مما دفع بالكثير منهم للنزوح أو اللجوء إلى خارج سوريا.
انتهاكات كثيرة بحق الإيزيديين الذين بات تعدادهم الحالي نحو 15 % فقط، نتيجة تهجيرهم من قراهم، والاستهزاء بديانتهم، وإجبارهم على اعتناق الإسلام، إلى جانب عمليات الاعتقال والاختطاف، وبناء مساجد في القرى الإيزيدية، وغيرها من الانتهاكات طالت الأموات والأحياء والمعتقلين، وكذلك المزارات والمراقد الدينية الإيزيدية.
ما تمكنا من توثيقه في “مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا ” في ظل التعتيم الإعلامي المفروض على عفرين، هو قيام الفصائل السورية الموالية لتركيا ببناء مسجدين في قرية باصوفان وقرية قسطل جندو في عفرين، وإجبار سكانها الإيزيديين على حضور الدروس الدينية وتأدية الصلاة بعد اخضاعهم لدورة شرعية في المدارس الشعرية في القرى، وفي قريتي برج حيدر وقرية غزوة (الملاصقتين لباصوفان)، تتكرر نفس الممارسات.
وقالت المصادر المحلية والتي تراقب وضع المكون الايزيدي في عفرين، بأن القوات التركية قامت بتدمير معظم المزارات الدينية للإيزيديين في عفرين كما جرى سرقة محتوياتها وتخريبها. لافتا “حسب ما نقله علي عيسو وهو يدير موقع إعلامي” أنّ مسلحي المعارضة أحرقوا في أذار الماضي شجرة في قرية كفرجنة تقع أمام مزار ديني مقدس يدعى مزار قره جورنه (مزار هوكر)، كما قاموا بسرقة ونبش القبر في مزار شيخ جنيد في قرية فقيرا وهو مدمر الآن من الداخل”.