طالبت المفوضية الأميركية للحريات الدينية الدولية المعروفة اختصاراً بـUSCIRF، الإدارة الأميركية بممارسة ضغوطٍ على تركيا وتحديد جدولٍ زمني لها لسحب قواتها العسكرية من الأراضي السورية التي وصفتها المفوضية بـ”المحتلة”، إضافة لمطالبتها واشنطن بضرورة العمل على إيقاف أنشطة الجماعات السورية المسلّحة المدعومة من أنقرة، والتي تؤثر “سلباً” على الأقليات الدينية والعرقية في سوريا.
وقالت نادين ماينزا، نائب رئيس المفوضية الدولية: “لقد أصدرنا تقريرنا السنوي لعام 2021 للتو، وأوصينا فيه الحكومة بممارسة الضغط على أنقرة والتعامل معها للوصول إلى جدولٍ زمني لانسحابها من جميع الأراضي التي تحتلها منذ شنّها عدّة عملياتٍ عسكرية داخل الحدود السورية شمال وشمال شرقي البلاد”.
وأضافت المسؤولة الأميركية لمصادر أنّ “المفوضية طالبت الحكومة الأميركية أيضاً بضرورة العمل على إيقاف أنشطة الجماعات السورية المسلّحة المدعومة من أنقرة، والتي تؤثر سلباً على الأقليات الدينية والعرقية في المناطق التي تسيطر عليها أو تخضع لنفوذها”، واصفة ما يسمى “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركياً بـ”ميليشيات متشددة” وأنّ عناصره “إرهابيون حقيقيون”.
وتابعت أنّ “سكان شمال شرقي سوريا قاموا بعملٍ مميز في بناء حكومة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا التي تحمي الحريات الدينية وتؤمن المساواة بين الجنسين وتمنح الناس حرية التعبير، لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يرى في هذه التجربة تهديداً على بلاده”.
وأشارت إلى أنّ “الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ادعى إنّ عملياته العسكرية داخل سوريا تهدف لإخراج (الإرهابيين) من مدنٍ حدودية مثل عفرين وتل أبيض ورأس العين، لكن في واقع الأمر أرغمت أنقرة مئات الآلاف من سكان هذه المناطق على الفرار منها وجلبت بدلاً منهم إرهابيين حقيقيين من الميليشيات المتشددة كالجيش الوطني السوري والتي ارتكبت فظائع بحق الإيزيديين والمسيحيين والأكراد وخاصة النساء منهم”.
كما لفتت إلى أنّ “الأمم المتحدة أصدرت تقريراً خاصاً يوثق العديد من الجرائم التي حصلت في المناطق التي تحتلها تركيا وشملت القتل والاغتصاب والاختطاف والابتزاز والاستيلاء على الأراضي بشكل غير قانوني”، موضّحة: “أنا شخصياً شاهدت الكثير من صور المنازل الجميلة في عفرين وتل أبيض ورأس العين والتي سُلبت من أصحابها الشرعيين”.
وشددت على أنّ “جميع السكان في شمال شرقي سوريا معرضون لخطر الهجمات التي تشنها تركيا وميليشياتها، وليس السكان الأكراد فقط، وقد خلفت هذه الهجمات ظروفاً تسمح لتنظيم داعش بالعودة، ولذلك زاد التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لهزيمة التنظيم المتشدد من وتيرة العمل مع قوات سوريا الديمقراطية للقضاء على خلايا داعش النائمة”.
واتهمت المسؤولة الأميركية، أنقرة بخرق وقف إطلاق النار الذي توصّلت إليه في شهر أكتوبر من عام 2019 مع كلٍّ من واشنطن وموسكو في غضون آخر هجومٍ عسكري واسع النطاق للجيش التركي على مدن تقطنها غالبية كردية في الجانب السوري على الحدود مع تركيا.
وقالت في هذا الصدد إنّه “من الضروري أن تستخدم الحكومة الأميركية والمجتمع الدولي، الدبلوماسية، والعقوبات، وكل الطرق الأخرى المتاحة للضغط على تركيا لإنهاء وجودها العسكري في شمال وشمال شرقي سوريا”.
واستهدف الجيش التركي المقاتلين الأكراد السوريين بشكلٍ مباشر عند شنّه لهجومٍ على مقاطعة عفرين الكردية السورية الواقعة شمال غربي البلاد، واحتلها في مارس 2018. ومن ثم احتل مدينتي تل أبيض ورأس العين ذات الغالبية الكردية شمال شرقي البلاد في أكتوبر من عام 2019.
ومنذ ذلك الحين لم تتوقف المنظمات الدولية مثل هيومن رايتس وواتش ولجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا عن رصد انتهاكات ترتقي لمستوى جرائم ارتكبها الجيش التركي والميليشيات السورية المدعومة منه، بحق الأكراد والمسيحيين في تلك المناطق.
وهذه ليست المرة الأولي التي يكون وجود تركيا وانتشار مرتزقتها ومليشيتها، والجرائم المرتكبة من المرتزقة التركية في سوريا محور مهم في تقرير المفوضية الأميركية للحريات الدينية.
فقد دعت اللجنة في تقريرها السنوي الذي صدر في الـ28 أبريل عام 2020م, للضغط على تركيا ومرتزقتها للخروج من سوريا, بسبب انتهاكاتها المتواصلة لحقوق الإنسان بحق شعوب المتواجدة في سوريا وعلى وجه الخصوص في عفرين.
وأشارت نادين إلى أنّه لا يوجد فرق بين ممارسات داعش وممارسات الدولة التركية ومرتزقتها بحق المرأة والانتهاكات التي ترتكبها من قتل, اغتصاب, وتهجير وغيرها من الممارسات اللاإنسانية.
وأكدت نادين على أنهم كهيئة حرية الأديان والمعتقدات الدولية في أمريكا شاهدوا التطبيق الفعلي للمساواة بين الرجل والمرأة و تواجد حرية الأديان والمعتقدات في شمال وشرق سوريا, وأنّهم سيقومون بدورهم بنقل هذه الصورة والرسالة للولايات المتحدة الأمريكية.
وأشادت نادين بدور الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا في حماية المنطقة وأمنها, وبضرورة الاعتراف السياسي بهذه الإدارة.
واختتمت نادين حديثها بالقول:” سنعطي الصورة الحقيقة عن انتهاكات الدولة التركية التي تمارسها بحق المرأة في المناطق المحتلة”.
يذكر أنّ المفوضية الأمريكية للحريات الدينية“USCIRF”، منظمة حكومية فدرالية مستقلة لها صفة استشارية لدى الكونغرس والرئيس الأمريكي ووزير الخارجية، الذين يأخذون بتوصياتها لصياغة سياسة بلدهم على أساسها، وتستخدم معايير دولية لمراقبة انتهاكات الحرية الدينية وتأسست من قبل الكونغرس الأمريكي عام 1998 بدعم من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لتقديم توصيات فيما يتعلق بالحريات الدينية حول العالم.