تغيير ديموغرافي ممنهج يرتقي إلى مستوى التطهير العرقي بحق الكُرد (أرقام وحقائق عن التوطين)

الحرب التي شنّها الجيش التركي برفقة أكثر من /20/ ألف مسلح من الميليشيات الجهادية المرتبطة بالائتلاف السوري- الإخواني على عفرين في الربع الأول من عام 2018م، بُعيد تحشيدات وتحضيرات إعلامية وعسكرية كبيرة، تحت مسمى “غصن الزيتون” بحجة “الدفاع عن الأمن القومي التركي” و”محاربة تنظيمات إرهابية، دحرّ الانفصاليين، إعادة اللاجئين السوريين وتوطينهم…”، وبمسوغات دينية “محاربة الكفرّ والإلحاد، نشر الدين الحنيف…”، وتحت يافطة “الثورة والجهاد”… استهدفت احتلال المنطقة وإنهاء إدارتها الذاتية، واقتلاع أهالها الكُـرد من جذورهم التاريخية وطمس هويتهم القومية، ومحاربة ثقافتهم ولغتهم وتبديد نسيجهم ومحو تراثهم الحضاري وإفراط ممتلكاتهم وقدراتهم التنموية، بمختلف الأدوات والأساليب، وبممارسة الانتهاكات وارتكاب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية؛ فخلال ثلاثة أعوام تحولت عفرين من منطقةٍ آمنةٍ نسبياً وكانت تشهد تطوراً طبيعياً في كافة مناحي الحياة العامة إلى منطقةٍ غير آمنةٍ، يسودها الفوضى والفلتان والتوتر، فأصبح الوضع الأمني والإنساني متفاقماً، بل يَتَدَهوَر من سيءٍ إلى أسوأ.

وكان من أبرز أهداف الاحتلال تطبيق تغيير ديموغرافي ممنهج (تغيير مجموعة من خصائص السكّان، وهي الخصائص الكميّة منها “الكثافة السكّانية، التوزيع، النمو، الحجم، هيكلية السكّان…”، والخصائص النوعية منها “التنمية، الثقافة والتعليم، التغذية، الثّروة…”)، وفق ما يلي:

أولاً: تغيير التركيبة السكّانية:

تتألف المنطقة من مدينة عفرين وسبع نواحي (مركز عفرين، جنديرس، شيه/شيخ الحديد، مابتا/معبطلي، راجو، بلبل، شرّا/شرَّان) وأكثر من /360/ قرية وبلدة وحوالي /40/ مزرعة، ولغاية نهاية عام 2017م (كان تعداد أبنائها ما يقارب /700/ ألف نسمة، أكثر من نصفهم هاجروا بحثاً عن فرص العمل، وبقي منهم حوالي /325/ ألف نسمة مقيماً، بينما توافد إليها حوالي /300/ ألف نازح – بحركة متغيرة- من الداخل السوري خلال سنوات الأزمة وبقي منهم أكثر من /30/ ألف مقيم)؛ وإذ تدنت نسبة الكُـرد في المنطقة من /95%/ إلى ما دون /25%/؛ وذلك من خلال:

– القتل والتسبب فيه:

بينهم كبار في السن ونساء وأطفال، حيث سقط المئات من أبناء عفرين في صفوف وحدات حماية الشعب والمرأة YPG-YPJ وأكثر من /300/ مدني ضحايا و شهداء أثناء العدوان على المنطقة براً وجواً، وحوالي /165/ شهداء ومغدورين مدنيين فقدوا حياتهم في ظل الاحتلال منذ 18 آذار 2018م، وهناك العشرات ماتوا تحت وطأة ضغط ظروف الحياة القاسية المفروضة عليهم، وبهذا فقدت العائلات جميعاً أشخاص لهم ومنهم من تشتت شملهم، وفقدت الأُسر معيليها.

– التهجير القسري:

الهجرة القسرية من عفرين باتجاه مناطق النزوح شمال حلب، آذار 2018م

تحت ضغط هجمات الغزو التي شنّها الجيش التركي ومرتزقته بمختلف صنوف الأسلحة وقعت حركة نزوح كبيرة، بدايةً من القرى نحو مركز عفرين ومن ثم إلى خارجها، فتسبب الاحتلال بتهجيرٍ قسري لأكثر من /250/ ألف نسمة، ومنع ما يقارب /200/ ألف منهم من العودة إلى ديارهم بإغلاق معابر المنطقة أمامهم من قبل سلطات الاحتلال اعتباراً من 4/4/2018م، ظلوا مشرَّدين في مناطق النزوح الواقعة تحت سيطرة الجيش السوري (بعض قرى جبل ليلون، بلدات نبل والزهراء وديرجمال وتلرفعت، وقرى وبلدات الشهباء…)- شمال حلب، ومنهم من فرّ إلى حلب ومناطق كوباني والجزيرة- شرق الفرات، كما أُغلقت قرى بأكملها أمام عودة أهاليها إما لاتخاذها قواعد عسكرية أو لاستحلالها من قبل عوائل المسلحين (“جلبر، كوبله، ديرمشمش، زريكات، باسلِه، خالتا” – روباريا، “چيا، درويش”- راجو، “قسطل جندو، بافلون، بعرافا”- شرَّا، “حفتار، شيخورزيه”- بلبل…)، لاسيما وأنّ النزوح من المنطقة مستمر بسبب الأوضاع السيئة وإن بأعداد متدنية؛ إذ يُقدر عدد المتبقين من أهالي عفرين داخل المنطقة حالياً بحوالي /150/ ألف نسمة، أغلبهم من الفئات العمرية الكبيرة، إذ تقل نسبة الشباب بسبب هروب أغلبهم من التعديات والظروف القاسية.

قرية جلبر- جبل ليلون المُهجَّرة.

وتستمر الاعتقالات التعسفية وحالات الاختطاف والقتل والمضايقات والضغوط ضد الكُـرد المتبقين ويتواصل تقييد حركتهم وضرب مقومات حياتهم والتنمر والاستعلاء عليهم، لدفعهم نحو الهجرة ومغادرة الديار والممتلكات.

– التوطين:

مشروع قرية استيطانية نموذجية في موقع جبلي قرب قرية “حج حسنا”- جنديرس، نيسان 2021م.

تم توطين أكثر من /450/ ألف نسمة من المستقدمين العرب والتركمان المنقولين من ريف دمشق وحماه وحمص وإدلب وغرب حلب، وفق صفقات وتفاهمات أستانه بين تركيا وروسيا وإيران، في منازل وممتلكات أهالي منطقة عفرين المستولى عليها عنوةً وفي مخيمات أنشأت قرب (مدينة عفرين، قرية محمدية- جنديرس، قرية آفراز- معبطلي، بلدة راجو، بلدة بلبل، قرية كفرجنة، قرية ديرصوان…) وأخرى عشوائية؛ ومؤخراً باشرت سلطات الاحتلال بالعمل على بناء /7/ قرى استيطانية نموذجية لأجل إسكان المستقدمين فيها، بالاعتماد على منظمات مرتبطة بها والميليشيات وشبكات الإخوان المسلمين الممولة والمنفذة، وعبر مؤسسة “إدارة الكوارث والطوارئ التركية- AFAD”، وأموال قطرية وكويتية، وهي تقع في (جنوبي قرية “شاديرِه”- شيروا، جبل “شيخ محمد” شمالي بلدة كفرصفرة- جنديرس، جبل “شوتي- Çiyayê Şewitî” – طريق جبل قازقلي شمالي بلدة كفرصفرة- جنديرس، موقع “ليجه- Lêçe” بين قريتي “قرمتلق و جقلا تحتاني”- شيه/شيخ الحديد، قرب المستوصف في بلدة شيه/شيخ الحديد، موقعٍ جبلي قرب قرية “حج حسنا”- جنديرس، قرب قرية “خالتا”- شيروا).

مشروع قرية استيطانية نموذجية في موقع قرب قرية “خالتا”- جبل ليلون، نيسان 2021م.

فيما يلي بعض إحصائيات التوطين التقديرية في بعض القرى والبلدات والمدن:

– كان في مركز مدينة عفرين أكثر من /100/ ألف نسمة سكّان أصليين، وبعد الاحتلال بقي منهم حوالي /30/ ألف نسمة، وتم توطين حوالي /80/ ألف نسمة من المستقدمين.

– مركز ناحية جنديرس مؤلف من حوالي /5/ آلاف منزل، وكان فيه حوالي /20/ ألف نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /10/ آلاف نسمة، وتم توطين حوالي /18/ ألف من المستقدمين.

– مركز ناحية شيه/شيخ الحديد مؤلف من حوالي /1200/ منزل، وكان فيه حوالي /4800/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /2500/ نسمة، وتم توطين حوالي /6/ آلاف من المستقدمين.

– مركز ناحية مابتا/معبطلي مؤلف من حوالي /1200/ منزل، وكان فيه حوالي /4800/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي ألفي نسمة، وتم توطين /7500/ نسمة من المستقدمين.

– مركز ناحية راجو مؤلف من حوالي /1500/ منزل، وكان فيه حوالي /6/ آلاف نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /1200/ نسمة، وتم توطين حوالي /7500/ نسمة من المستقدمين.

– مركز ناحية بلبل مؤلف من حوالي /750/ منزل، وكان فيه /3/ آلاف نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /220/ نسمة، وتم توطين حوالي /3750/ نسمة من المستقدمين.

– مركز ناحية شرّا/شرّان مؤلف من حوالي /400/ منزل، كان فيه حوالي /1600/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /400/ نسمة، وتم توطين حوالي /1500/ نسمة من المستقدمين.

– بلدة جلمة مؤلفة من حوالي /1200/ منزل، كان فيه حوالي /4800/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /2500/ نسمة، وتم توطين حوالي /10/ آلاف نسمة من المستقدمين.

– بلدة ميدان أكبس مؤلفة من حوالي /450/ منزل، كان فيه حوالي /1800/ سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /500/ نسمة، وتم توطين حوالي ألفي نسمة من المستقدمين.

– قرية ديرصوان مؤلفة من حوالي /450/ منزل، وكان فيها حوالي /1800/ سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /500/ نسمة، وتم توطين حوالي ألفي نسمة من المستقدمين.

– قرية إسكا مؤلفة من حوالي /310/ منازل، كان فيها حوالي /1250/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /400/ نسمة، وتم توطين ألف نسمة من المستقدمين.

– بلدة كفرصفرة مؤلفة من حوالي /1200/ منزل، كان فيها حوالي /4800/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /1300/ نسمة، وتم توطين حوالي ألفي نسمة من المستقدمين.

– قرية تل سلور مؤلفة من حوالي /80/ منزل، كان فيها حوالي /320/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي مئتي نسمة، وتم توطين حوالي مئتي نسمة من المستقدمين.

– قرية عربا، مؤلفة من حوالي /345/ منزل، كان فيها حوالي /1400/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /800/ نسمة، وتم توطين حوالي /500/ نسمة من المستقدمين.

–  قرية قيبار مؤلفة من حوالي /300/ منزل، كان فيها حوالي /1200/ سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /570/ نسمة، وتم توطين حوالي /500/ نسمة من المستقدمين.

– قرية باسوطة مؤلفة من حوالي /800/ منزل، كان فيها حوالي /3200/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /1800/ نسمة، وتم توطين حوالي /1500/ نسمة من المستقدمين.

– قرية برج عبدالو مؤلفة من حوالي /200/ منزل، كان فيها حوالي /800/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /150/ نسمة، وتم توطين حوالي /400/ نسمة من المستقدمين.

– قرية شنگيلِه مؤلفة من حوالي /120/ منزل، كان فيها حوالي /480/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /150/ نسمة، وتم توطين حوالي /500/ نسمة من المستقدمين.

– قرية بافلون الإيزيدية مؤلفة من حوالي /80/ منزل، كان فيها حوالي/250/ نسمة سكّان أصليين ولم يبقى منهم أحداً، وتم توطين حوالي /750/ نسمة من المستقدمين.

– قرية چقماق كبير مؤلفة من حوالي /300/ منزل، كان فيها حوالي /1200/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /280/ نسمة، وتم توطين حوالي ألفي نسمة من المستقدمين.

– قرية قوݒيْ مؤلفة من حوالي /122/ منزل، كان فيها حوالي /500/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /130/ نسمة، وتم توطين حوالي /600/ نسمة من المستقدمين.

– قرية فقيرا الإيزيدية مؤلفة من حوالي /110/ منزل، كان فيها حوالي /440/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /130/ نسمة، وتم توطين حوالي /325/ نسمة من المستقدمين.

– قرية قده مؤلفة من حوالي /250/ منزل، كان فيها حوالي ألف نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /240/ نسمة، وتم توطين حوالي /850/ نسمة من المستقدمين.

– قرية آغجله مؤلفة من حوالي /120/ منزل، كان فيها حوالي /480/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /300/ نسمة، وتم توطين /350/ نسمة من المستقدمين.

– قرية زركا مؤلفة من حوالي /60/ منزل، كان فيها حوالي /250/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /120/ نسمة، وقرية جوبانا المجاورة مؤلفة من حوالي /50/ منزل، كان فيها حوالي /200/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم /60/ نسمة، وتم توطين حوالي /500/ نسمة في القريتين من المستقدمين.

– قرية حسيه/ميركان مؤلفة من حوالي /300/ منزل، كان فيها حوالي /1200/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /700/ نسمة، وتم توطين حوالي /250/ نسمة من المستقدمين.

– قرية آشكان شرقي مؤلفة من حوالي /100/ منزل، كان فيها حوالي /400/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي مئة نسمة، وتم توطين حوالي /4/ آلاف نسمة من المستقدمين فيها وفي مخيم بجوارها.

– قرية كوبلك مؤلفة من حوالي /55/ منزل، كان فيها حوالي /220/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /75/ نسمة، وتم توطين حوالي /400/ نسمة من المستقدمين.

– قرية دُمليا مؤلفة من حوالي /280/ منزل، كان فيها حوالي /1120/ نسمة سكّان أصليين وبقي منهم حوالي /350/ نسمة، وتم توطين حوالي ألف نسمة من المستقدمين.

– الاستيلاء على الممتلكات:

سوق عفرين، فيه محلات محجوزة من قبل الميليشيات المسلحة، أيار 2018م.

منذ اليوم الأول للاجتياح العسكري، اُستهدفت منازل ومنشآت مدنية وإدارية وبنى تحتية ومرافق عامة، فقد تم تدمير- بشكل كامل أو جزئي- آلاف المنازل السكنية ومنشأة دواجن عامة ومسلخ للمواشي وجوامع ومدارس ومراكز طبية وأفران لصناعة الخبز ومحطة رئيسية لتخزين وتعبئة المحروقات ومنشأة لإصلاح الآليات الثقيلة ومعاصر للزيتون، إضافةً إلى تدمير أو تخريب شبكات ومحولات ومولدات التغذية الكهربائية العامة والخاصة، وشبكات ومراكز الاتصالات الأرضية واللاسلكية، ومحطات وخزانات لمياه الشرب، ومحطات وشبكات الري المرتبطة بسد ميدانكي ولوحات التحكم به ومستودعاته وصالاته. زد على ذلك عمليات السرقة والنهب العام للممتلكات الخاصة والعامة واستنزاف مصادر أرزاق الأهالي وتضييق فرص العمل والأعمال أمامهم بشكل كبير؛ كما أعيد تسجيل العقارات والأملاك الزراعية في المنطقة بغية حصر ممتلكات الغائبين والاستيلاء عليها بالكامل (تجاوز 70% من العقارات و 50% من الممتلكات الزراعية)، وفرض المزيد من الضرائب والأتاوى على المتبقين (10-20%)، كما يكتنف عمليات التسجيل أخطاء وحالات تزوير واستيلاء غير قانوني كثيرة، نظراً لتوفر نية التعمد في نزع الملكية لدى السلطات وغياب نسبةٍ كبيرة من المالكين الحقيقيين وفقدان الكثيرين لوثائقهم.

ثانياً: تغيير هوية المنطقة وخصوصيتها ومحاربة ثقافة ولغة أهاليها:

تل عيندارا الأثري قبل وبعد القصف من قبل الجيش التركي، الربع الأول عام 2018م.
تل دروميه الأثري- معبطلي، قبل وبعد الحفر والتجريف.
مزار “شيخ حميد” الإيزيدي- قرب قرية قسطل جندو، قبل وبعد التدمير.

استهدف القصف التركي أثناء الحرب مواقع أثرية تاريخية (عيندارا، هوري، تقلكه، سمعان، براد، تل جنديرس…) وتخريب معالمها، فأزيلت أجزاء أثرية قيّمة وأخرى تضررت، وقد تحولت منحوتات تل عيندارا من الحجر البازلتي إلى ركام بفعل القصف وفيما بعد سرقت الميليشيات الأسد البازلتي الكبير وحوّلت التل إلى منطقة عسكرية، وتم تحويل تل جنديرس إلى قاعدة عسكرية تركية؛ ومنذ نيسان 2018م تم نبش العديد من الأضرحة التاريخية (شيخ موس عنزلي- ميدانا، قره جرن- شرّا، بربعوش- معبطلي، شيخ عبد الرحمن- قرية كاني كوركيه، المرقد الروماني- النبي هوري، مزارات إيزيدية “شيخ ركاب، شيخ حميد، شيخ سيدي، شيخ حسين، ملك آدي، چيل خانه”) وتخريبها، وحفر وتجريف عشرات المواقع والتلال الأثرية وسرقة كنوزها ونقلها إلى تركيا بإشراف استخباراتها، منها (النبي هوري ومرقدها الروماني، براد، تلال “ترنده، برج عبدالو، قيبار، زرافكِه، كتخ، بربعوش، دروميه، جرناز، كمروك، ديرصوان”)، بعضها مدرجة على لوائح التراث العالمي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونيسكو”. وتم تحويل مرقد “النبي هوري” الهرمي الروماني والمسجد المجاور له إلى “مَعلم تركي- عثماني”.

تمثال “كاوا الحداد” المدمَّر في مدينة عفرين، 18 آذار 2018م.

وتم تدمير تمثال “كاوا الحداد” رمز نـوروز- الكردي الأسطوري ونُصُب ورموز أخرى، وكذلك تغيير أسماء ساحات وقرى بأسماء عربية وتركية (دوار كاوا= دوار غصن الزيتون، دوار نـوروز= دوار صلاح الدين، دوار وطني = ساحة الرئيس أردوغان، قرية كوتانا= ظافر أوباسي، قرية قورنه = أوندر أوباسي، قرية قسطل مقداد= سلجوق أوباسي، مشفى آفرين= مشفى الشفاء)، وأزيلت الكلمات والكتابات الكردية من أغلب واجهات المقرّات والمؤسسات وعن لوحات الدلالات الطرقية وشاخصات أسماء القرى والبلدات واستبدالها بالتركية والعربية.

“ساحة الرئيس أردوغان”- مدينة عفرين، نيسان 2018م.

كما أنّ تركيا والائتلاف السوري- الإخواني وحكومته المؤقتة والميليشيات الموالية لهما تُروج الاسم التعريبي الجديد “غصن الزيتون- اسم الغزو” بدلاً عن اسم “عفرين- Afirîn/Efrîn” التاريخي الأصيل، ومن خلال تسمية بعض المؤسسات به (مديرية التربية والتعليم في منطقة غصن الزيتون، غرفة زراعة منطقة غصن الزيتون، …)، وحجب اسم عفرين من التداول الإداري ما أمكن مع ربط المنطقة إدارياً بولاية هاتاي التركية.

وقد تم رفع العلم التركي على مآذن مساجد ومزارات والمدارس والحدائق ومباني المؤسسات وفي ساحات ومواقع لها رمزيتها التاريخية والثقافية، وعلى المقرّات الإدارية والعسكرية.

العلم التركي في كتيب للغة الكردية يُدرَّس في عفرين.

واعتمدت مناهج “حكومة الائتلاف المؤقتة” التعليمية العربية، مع فرض اللغة التركية وزيادة حصص التربية الدينية، دون اعتماد اللغة الكردية وتعليمها بشكلٍ جدي، سوى بشكل قليل في بعض المدارس؛ وإضافةً إلى تدمير مدارس كلياً أو بشكل جزئي أثناء الهجوم، تم تحويل بعضها لمقرّات عسكرية، وأُفرغت المدرسة الصناعية الثانوية الرائدة والجامعة والمعاهد التخصصية والعديد من المدارس من تجهيزاتها وسرقة محتوياتها بالكامل، حيث بات التعليم في أغلب القرى متدنٍ، بينما كانت المناهج الابتدائية والاعدادية والثانوية أثناء الإدارة الذاتية السابقة تُعطى في أكثر من /300/ مدرسة باللغة الكردية، وكانت تُطبع عشرات آلاف الكتب المدرسية وكتب ثقافية ومنشورات وجرائد ومجلات باللغة الكردية أو تعنى بالثقافة الكردية، إذ أُلغيت تلك الدينامية التي أحيت خصوصية المنطقة وتراثها.

مقبرة “الشهيد سيدو، كفرصفرة”- جنديرس، قبل وبعد التدمير.

وتم تدمير ثلاث مقابر للشهداء (“الشهيد رفيق” في قرية متينا، “الشهيد سيدو” في بلدة كفرصفرة، “الشهيدة آفستا” في قرية كفرشيل)، وتخريب أضرحة شخصيات كردية معروفة (نوري ديرسمي، كمال حنان، عارف خليل شيخو…) وقبور مكتوب على شواهدها باللغة الكردية.

وبسبب أجواء الإرهاب السائدة والممارسات العدائية ضد الكُـرد، فقد أحجموا على مدار ثلاث سنوات عن إحياء مناسباتهم القومية والوطنية والاجتماعية والدينية بالشكل الطبيعي المعتاد كالسابق، مثل مناسبات (8 آذار يوم المرأة العالمي، 12 آذار يوم الشهيد الكردي، 16 آذار ذكرى مجزرة حلبجة، 21 آذار عيد نـوروز، 22 نيسان يوم الصحافة الكردية، 14 حزيران يوم تأسيس أول حزب سياسي كردي في سوريا…)، وتغيب مظاهر الاحتفاء والابتهاج في أعياد الفطر والأضحى الإسلاميين والأربعاء الأحمر الإيزيدي عن أهالي عفرين عموماً وسط مشاعر الحزن والفراق وأجواء الاضطهاد والطغيان؛ ومعظم صالات الأفراح والمقاصف ومعاهد الموسيقا والفن التشكيلي ومراكز إيواء المعاقين واليتامى والصم والبكم قد أُغلقت أو سيطرت على بعضها الميليشيات لتُشغلها لصالحها.

وتعرض الكُـرد الإيزيديين لاضطهاد مزدوج (نعتهم بالكفّار، إفراغ بعض قراهم “بافلون، قسطل جندو…”، منعهم من ممارسة شعائرهم الدينية والاحتفاء بمناسباتهم الدينية، نبش وتخريب مزاراتهم وقبورٍ لموتاهم، إجبار بعضهم على ارتياد المساجد)، لقد كانوا يقطنون في أكثر من /20/ قرية وفي مدينة عفرين، ولم يبقى منهم إلاّ حوالي /5/ آلاف نسمة من أصل /25/ ألف نسمة، بسبب التهجير القسري وهجرة سابقة؛ بينما كانوا يتمتعون بحريتهم وحقوقهم كاملةً في ظل الإدارة الذاتية السابقة. وهم يشكلون جذراً تاريخياً أساسياً للكُـرد وتراثهم وثقافتهم، حيث أنّ الميليشيات الجهادية تُشكل خطراً على مجمل حياتهم.

بطاقة هوية شخصية تمنحها سلطات الاحتلال فرضاً.

وتم إجبار أهالي عفرين والمستقدمين إليها عبر المجالس المحلية على حيازة بطاقات تعريف شخصية تمنحها سلطات الاحتلال باللغتين التركية والعربية، وإهمال البطاقة الشخصية السورية الرسمية، بغية صهر الجميع في بوتقةٍ مجتمعية جديدة وبهويةٍ عثمانية جديدة.

مسجد “دار الخليل”- قرية “برجكِه”- جنديرس، آذار 2021م.

وهناك حركة دينية متشددة نشطة ممزوجة بأفكار عثمانية جديدة، بإشراف الاستخبارات و”وقف الديانت” التركي، بين أوساط الشباب والأطفال بشكلٍ خاص، عبر حملات إعلامية وبناء المساجد وافتتاح معاهد حفظ القرآن وأنشطة عديدة تحت مسميات مختلفة (جمعيات خيرية وثقافية ودينية، جامعة ومعاهد ومدارس خاصة، مدارس إمام الخطيب، أنشطة شبابية، إحياء مناسبات تركية مع رفع العلم التركي بكثافة وتقليد شارة الذئاب الرمادية، دورات تدريبية، مسابقات…) ودروس مؤدلجة في المناهج.

حرائق وقطع أشجار غابة قرب قرية “بافلون”- شرّا.

ولطالما الكُـرد في عفرين معرفون بتعلقهم بالطبيعة والأرض وشجرة الزيتون خاصةً، يواصل الاحتلال التركي والميليشيات المرتبطة به إلحاق أضرار شديدة بها عمداً، فقبل الغزو تم تجريف مساحات زراعية وحراجية واسعة، بعمق /200-500/ متر بمحاذاة الشريط الحدودي /135/كم، وبناء جدار اسمنتي عازل، كما قامت آليات تركيا العسكرية أثناء العدوان بقلع آلاف أشجار الزيتون في العديد من المواقع، مثل جبل بلال وجرقا وقرية درويش وفي قرية جيا – ناحية راجو وفي قرى حمام ومروانية فوقاني وتحتاني وآنقلة و أشكان غربي-ناحية جنديرس وقرمتلق وجقلي- ناحية شيه/شيخ الحديد وبين قريتي كفرجنة ومتينا-ناحية شران وفي جبل شيروا، بقصد إقامة قواعد عسكرية؛ وطالت الحرائق والقطع الجائر- لم تشهد المنطقة مثيلاً لها من قبل- غابات حراجية طبيعية وأخرى مزروعة في “جبال سارسين وكمرش وهاوار وجرقا وبلال وطريق ميدان أكبس وميدانا وقاسم وشيخ وقره بابا – راجو، رمضانا ووادي الجهنم وتترا وروتا وحج حسنا وموقع قازقلي وشيخ محمد وجولاقا- جنديرس، ميدانكي وديرصوان وكفرجنة- شرّا، المحمودية-عفرين، إيسكا وجلمة- شيروا… “؛ ومن جهةٍ أخرى تم قطع مئات الآلاف من أشجار الزيتون والمثمرة وأشجار حراجية معمرة من قبل الميليشيات والمستقدمين بغاية التحطيب وصناعة الفحم؛ حيث وصلت مساحة الغابات الحراجية الطبيعية والمزروعة المتدهورة في منطقة عفرين إلى أكثر من /15/ ألف هكتار من أصل 32 ألف هكتار. كان الكُـرد يعتنون بالغابات ويحمونها ويتخذونها مصايف وأماكن للراحة والتبرك أحياناً، علاوةً على زراعة الأشجار المثمرة بأنواعها، ولكن المسلحين والمستقدمين قطعوا أو أحرقوا الكثير الكثير منها عمداً.

وفقدت المرأة الكردية في عفرين حريتها وتدنت أنشطتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وتحصيلها للعلم، وتعرضت لمحاولات فرض الحجاب وحالات (التنمر والتحرش بمختلف أشكاله والاختطاف والاغتصاب والقتل العمد والإكراه على الزواج أو استغلال القاصرات). وكان قد اعتاد أهالي عفرين منذ عقود على المدارس المختلطة بين الجنسين في كافة المراحل، بينما المستقدمون الذين تم توطينهم يرفضون الاختلاط، إذ خرج جموعٌ منهم في تظاهرات تُطالب السلطات المحلية بالفصل بين الجنسين، وقد تم ذلك في أغلب المدارس بدءاً من الصف الخامس ولغاية الثالث الثانوي.

كانت عفرين من الناحية الاجتماعية مدنية منفتحة وتعج بالحركة والنشاط في كافة مجالات الحياة، متجاوزة الروابط العشائرية ومتحررة من العادات والتقاليد البالية بدرجةٍ كبيرة؛ اهتم أهاليها بتحصيل العلم والمعرفة لأبنائه وبحفظ مكانة مميزة للمرأة، وتفانوا في الزراعة والصناعة والتجارة والصرافة والعمران، ولهم علاقات وطيدة مع مدينة حلب والعديد من المدن الكُبرى الأخرى، إلى جانب الاهتمام الكبير بالنشاط السياسي والثقافي، من نشر جرائد ومجلات سياسية وثقافية، وفتح مكاتب أحزاب وإقامة الندوات والمنتديات والمهرجانات وإحياء المناسبات والأعياد؛ وكانوا متعاونين مع الإدارة الذاتية في توفير الأمان والاستقرار ومحاربة الفوضى والفلتان، ومثابرين على حماية الممتلكات العامة والبنى التحتية والحفاظ على السلامة والنظام العام والبيئة والنظافة.

= المسؤولية:

خالفت تركيا ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية لاهاي 1907م، وشنَّت عدواناً على أراضي دولة مجاورة، فاكتسبت وصف الاحتلال لمنطقة عفرين دون أن تعترف بذلك، وهي التي تفرض سيطرتها الفعلية العسكرية والإدارية على المنطقة وتمارس أنشطة سيادية فيها، ولم تلتزم بمضمون قرار مجلس الأمن 2254 (2015) من حيث “اتخاذ الخطوات الملائمة لحماية المدنيين، وتهيئة الظروف المواتية للعودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين داخلياً إلى مناطقهم الأصلية وتأهيل المناطق المتضررة، وفقاً للقانون الدولي”؛ وعلاوةً على شركائها والمتعاونين معها من السوريين فهي تتحمل بالدرجة الأساسية مسؤولية الأوضاع السائدة في المنطقة (انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، خاصةً اتفاقيات جنيف الأربعة 1949م والبروتوكولين الإضافيين)، من تدهور عام وفقدان النظام والسلامة العامة وكذلك الانتهاكات ومختلف الجرائم المرتكبة، وخاصةً جريمة التغيير الديمغرافي (تغيير خصائص مجموعة إثنية باتجاه التدهور والتفكيك والتبديد، وفق سياسات عدائية وخطط مبيَّتة وبأساليب قسرية، أساليب الترهيب ووسائل الفتك والتنكيل) والتي ترتقي إلى مستوى التطهير العرقي (ورد كمصطلح في تقارير أممية، وفي قرار الأمم المتحدة رقم (47/121) الصادر بتاريخ 18/12/1992م بخصوص البوسنة والهرسك) بحق الكُـرد- كإثنية متمايزة وسكّان المنطقة الأصليين.

= الخاتمة:

لقد تعرضت منطقة عفرين وأهالها لجريمة التغيير الديموغرافي التي تعتبر جريمةً ضد الإنسانية، وهي تمرُّ بمرحلةٍ تاريخية خطيرة، تستدعي التحقيق والمساءلة من قبل لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا وباقي هيئات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية، وكذلك تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي وخاصةً القوى الدولية الفاعلة في الشأن السوري للضغط على الحكومة التركية لوضع حدٍ للانتهاكات والجرائم، وللعمل على إنهاء الاحتلال التركي ووجود الميليشيات الإرهابية المرتزقة وعودة المنطقة إلى السيادة السورية وإدارة أهالها.

28/04/2021م

المصدر : المكتب الإعلامي-عفرين – حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)

——————

الصور:

– الهجرة القسرية من عفرين باتجاه مناطق النزوح شمال حلب، آذار 2018م.

– قرية جلبر- جبل ليلون المُهجَّرة.

– مشروع قرية استيطانية نموذجية في موقع جبلي قرب قرية “حج حسنا”- جنديرس، نيسان 2021م.

– مشروع قرية استيطانية نموذجية في موقع قرب قرية “خالتا”- جبل ليلون، نيسان 2021م.

– سوق عفرين، فيه محلات محجوزة من قبل الميليشيات المسلحة، أيار 2018م.

– تل عيندارا الأثري قبل وبعد القصف من قبل الجيش التركي، الربع الأول عام 2018م.

– تل دروميه الأثري- معبطلي، قبل وبعد الحفر والتجريف.

– “ساحة الرئيس أردوغان”- مدينة عفرين، نيسان 2018م.

– تمثال “كاوا الحداد” المدمَّر في مدينة عفرين، 18 آذار 2018م.

– العلم التركي في كتيب للغة الكردية يُدرَّس في عفرين.

– مقبرة “الشهيد سيدو، كفرصفرة”- جنديرس، قبل وبعد التدمير.

– مزار “شيخ حميد” الإيزيدي- قرب قرية قسطل جندو، قبل وبعد التدمير.

– بطاقة هوية شخصية تمنحها سلطات الاحتلال فرضاً.

– مسجد “دار الخليل”- قرية “برجكِه”- جنديرس، آذار 2021م.

– حرائق وقطع أشجار غابة قرب قرية “بافلون”- شرّا.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك