تستمر التفجيرات والانفلات الأمني في المناطق التي تسيطر عليها #تركيا شمالي سوريا، وخصوصاً منطقة #عفرين. وتحدث التفجيرات دون الكشف عن ملابساتها، من قبل السلطات الأمنية المسؤولة في المنطقة، فمن المسؤول عن هذا الانفلات؟
بدأت السيطرة التركية على المدن السورية في عام 2016، عندما توغّل الجيش التركي داخل الحدود السورية، وصولاً إلى مدينة #جرابلس، وبعدها مدن #الباب وإعزاز وعفرين، وفي عام 2019 احتلت تركيا مدينتي #تل_أبيض ورأس العين، بحجة إقامة منطقة آمنة على طول الحدود.
ورغم الحضور الكبير للجيش التركي لم تتوقف التفجيرات وحالات الخطف وطلب الفدى المالية، ناهيك عن الاشتباكات، التي تحصل بين فصائل المعارضة المسلّحة، الموالية لأنقرة، التي ساعدت الجيش التركي في السيطرة على تلك المناطق.
ويرى البعض أن الفصائل المسلّحة هي من يقف وراء الانفلات الأمني في المنطقة، يشجعها تغاضي الأتراك عن ممارساتها، بينما يحمّل البعض الآخر #قواتسورياالديمقراطية المسؤولية، من خلال اتهامها بالقيام بعمليات، تعتبرها “مقاومة” للوجود التركي في الشمال السوري.
موقع «الحل نت» حاول استقصاء هذه المسألة، والتقى بعدة أطراف، لمعرفة وجهات النظر المختلفة، والحجج والأدلة التي يقدمها كل طرف.
الائتلاف يحمّل “قسد” والحكومة السورية المسؤولية
“مضر الأسعد”، المتحدث باسم “مجلس القبائل والعشائر السورية”، ورئيس “الهيئة السياسية لمحافظة الحسكة”، التابعة للائتلاف المعارض، يحّمل مسؤولية الانفلات الأمني لقوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية.
ويقول “الأسعد” في تصريح خاص لـ«الحل نت»: «بالنسبة للتفجيرات الإرهابية في عفرين والباب، وبقية المناطق المحرّرة، فسببها الأساسي الاختراقات الأمنية، والخلايا المتحركة، التي تعمل لمصلحة #حزبالاتحادالديمقراطي وقوات سوريا الديمقراطية، وحكومة #دمشق أيضاً، فهذه الجهات تضخّ الأموال، وتقوم بالحشد على أساس قومي وطائفي. وهدفها القتل والتدمير وترويع الأهالي، لجعل الناس يفقدون ثقتهم بالجيش الحر، والأجهزة الأمنية في عفرين وغيرها، وكذلك لمنع عودة أهالي المناطق المحررة. وبذلك يوجهون رسالة للعالم، مفادها أنّ #الجيش_الوطني السوري، لا قدرة له على إدارة المنطقة»، حسب تعبيره.
ويتهم “الأسعد” بعض سكان المناطق، التي تسيطر عليها تركيا، بالتواطؤ في العمليات التفجيرية: «رغم القبضة الأمنية القوية، فإنّ الذي يحدث أنّ بعض سكان المناطق المحررة يسهّلون حدوث هذه التفجيرات، وخاصة النساء وكبار السن، فهم يعرفون أنّ عناصر الجيش التركي، والجيش الوطني السوري، يحجمون عن تفتيش النساء خاصةً، لأسباب أخلاقية».
ويدعو “الأسعد” القوات التركية والفصائل لـ«منع دخول السيارات، من المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية»، مبرراً ذلك بأنّ «”قسد” تقوم بتفخيخ السيارات، حتى بدون علم أصحابها. وكثير من أصحاب السيارات يذهبون فوراً إلى الحواجز الأمنية للجيش الوطني، بعد دخولهم الأراضي المحررة، خوفاً من أن تكون “قسد” أو #القوات_النظامية قد زرعت القنابل في سياراتهم، بعد توقيفها على الحواجز التابعة لهما».
وحول الصراعات المسلّحة بين فصائل المعارضة يشير “الأسعد” إلى أنّ «بعض كتائب الجيش الوطني السوري مُخترقة من قبل عملاء #الحكومة_السورية و”قسد”، والدول المعادية للثورة السورية، وهؤلاء العملاء يعملون في الظلام، من أجل افتعال الأزمات، ولهذا السبب تحدث المشاكل والمعارك بين الكتائب والفصائل».
ويختتم رئيس الهيئة السياسية للحسكة حديثه بالقول: «تناقشت كثيراً مع القيادة التركية حول كل هذه المواضيع، فقالوا لي حرفياً: “نحن لا نتدخّل بالحياة اليومية في المدن والبلدات السورية، وتركنا مسؤولية ضبط الأمن للجيش الوطني، وهو الجهة التي تشرف عسكرياً وأمنياً على المناطق المحررة».
قيادي في “قسد” يحّمل الفصائل مسؤولية التفجيرات:
“أبو عمر الإدلبي”، القيادي في المجلس الأعلى لقوات سوريا الديمقراطية، لا يبدو متفاجئاً من الاتهامات التي رماها “الأسعد” على “قسد”، فهو يرى أنّ «اتهام قوات سوريا الديمقراطية أمر بديهي من دولة الاحتلال التركي وعملائها ومرتزقتها، فهم يسعون دائماً للتغطية على فشلهم الأمني، وعجزهم عن بسط الأمن والأمان، ويريدون إيجاد الذرائع، لتبرير عدوانهم على المناطق الآمنة، التي تدافع عنها “قسد”».
ما يحدث في عفرين والمناطق الأخرى، بحسبه، «سببه حالة الفوضى، من انتشار السلاح المنفلت، والاقتتال بين فصائل الجيش الوطني، وكذلك حضور الإسلاميين المتطرفين ضمن فصائل هذا الجيش، وهم كانوا وما زالوا ينتهجون العنف والإجرام سبيلاً لتحقيق أطماعهم، من خلال السرقات وفرض الإتاوات، واختطاف المواطنين، واستغلال الحواجز الأمنية لسلب ممتلكات وأموال الناس. لذلك فالمجرم واضح، ولا يحتاج كشفه كثيراً من عناء البحث والتفكير»، حسب تعبيره.
وحول الحلول المقترحة، لوقف حالة الانفلات الأمني في الشمال السوري، لا يرى القيادي الميداني في “قسد” سبيلاً إلا بـ«تحرير المناطق المحتلة من إرهاب فصائل وعملاء تركيا، وهذا هدف وطني، يحمله كل سوري مخلص لبلاده».
«لماذا تخفي تركيا وقائع وملابسات التفجيرات؟»
“مصطفى عبدي”، الصحفي والإداري في “مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا”، تحدث لـ«الحل نت» عن التفجيرات في المنطقة، وحمّل تركيا مسؤوليتها.
«كل المعابر والحواجز الرئيسية، في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا شمالي سوريا، توجد فيها نقاط مراقبة، يشرف عليها الجيش التركي، وتُدار عبر غرف عمليات إلكترونية، وأجهزة مسح ومراقبة حديثة. ويمكن ملاحظة أنّ المفخخات والاغتيالات لا تستهدف الجنود الأتراك، أو عناصر المخابرات التركية، وكذلك لا تستهدف الوالي التركي والمسؤولين الأتراك وأعضاء الائتلاف الوطني، أو القادة الموالين لتركيا، مثل “أبو عمشة” و”أبو سيف بكر” و”حاتم أبو شقرا”»، يقول “عبدي”، مضيفاً باستغراب شديد: «توجد في المنطقة ست وعشرون ميلشيا، ومئة جماعة مسلحة، و ستة أجهزة أمنية، ومئات العملاء، وآلاف الحواجز، ورغم هذا تمرّ الشاحنات المفخخة، وتنفجر وسط المدنيين، في الأسواق والأحياء الشعبية. من يقف وراء التفجيرات إذاً؟».
ويورد “عبدي” أمثلة لتوضيح وجهة نظره: «في التاسع والعشرين من شهر نيسان/أبريل 2020 خرج #أردوغان معلناً اعتقال منفذ تفجير عفرين، الذي أدى لمقتل وإصابة مئة وتسعة وأربعين شخصاً، ولكن تركيا لم تكشف إلى اليوم نتائج التحقيقات، والجهة المسؤولة عن التفجير؛ أما في مدينة الباب، فتمّ، في السادس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2019، اعتقال شخص اعترف بالوقوف وراء التفجير الإرهابي في المدينة، الذي أدى لمقتل أحد عشر شخصاً، وتم وقتها اتهام “قسد”، ثم تبيّن لاحقاً أنّ المتورط في الجريمة عنصر في الجيش الوطني، ومقاتل سابق لدى تنظيم #داعش، تم الإفراج عنه فيما بعد؛ وفي بلدة “سلوك” برأس العين استُهدفت نقطة أمنية، بتاريخ السادس عشر من كانون الثاني/يناير 2020، ما أدى لمقتل ثلاثة جنود أتراك، وثلاثة عناصر من فصيل #أحرار_الشرقية، وعقب العملية هاجم عناصر أحرار الشرقية مقرات “الفرقة 20″، التابعة أيضاً للجيش الوطني، والتي تبيّن أنّ عناصرها رافقوا السيارة المفخخة، التي استهدفت النقطة الأمنية، وهم المتورطون بالعملية، فتم إغلاق الملف، دون كشف نتائج التحقيقات، واتهام “قسد” إعلاميا بالهجوم».
ويختتم الناشط الإنساني حديثه بالقول: «مع كل تفجير يخرج الأتراك، ومن بعدهم أنصارهم في المعارضة، ليتهموا الكُرد بالوقوف وراء العمليات الإرهابية، رغم أنّ ضحاياها غالباً من الكُرد أنفسهم، ويدّعون اعتقال منفذيها، وتختفي بعدها المعلومات. أين نتائج التحقيقات؟ لماذا لا تنشرها الأجهزة الأمنية التركية أو الموالية لتركيا؟».
«دائماً هناك حلقة مفقودة»:
وتعقيباً على كلام “مصطفى عبدي” يقول “عمر خليل”، وهو صحفي من #الغوطة مقيم في عفرين: «في كل تفجير هناك حلقة مفقودة، وهي الجهة التي تقف وراء التفجيرات. لا يمكننا اتهام كيان واحد بالمسؤولية، فمن الممكن توجيه أصابع الاتهام لـ”قسد” أو الحكومة السورية أحياناً، وأحياناً أخرى قد تكون التفجيرات نتيجة معارك تصفية الحسابات بين فصائل المعارضة، ففي الفترة الأخيرة حدث كثير من الاشتباكات بين الفصائل، أو داخل صفوف فصيل معيّن، لأسباب تافهة للغاية، مثل السيطرة على بناء أو محل تجاري، والمدنيون هم من يدفعون الثمن، ولا صوت لهم، فلا توجد جهة قادرة على تمثيلهم أو الدفاع عنهم».
ويضيف: «الجيش التركي لن يتدخل، بالتأكيد، عندما يرى كل هذه المشاكل، بل على العكس، ربما تكون لمصلحته، ليظهر أنّه هو الجهة المُنظّمة الوحيدة، التي يمكن أن يعوّل عليها الأهالي، لإنقاذهم من فوضى الفصائل والميلشيات».