“القاعدة” تتغزل بتركيا العثمانية

كتب محمد حسن :

يُعد تنظيم القاعدة بمثابة الأم لجميع الحركات الإسلامية المتطرفة خلال العقدين الماضيين، سواء في الشرق الأوسط كداعش وجبهة النصرة، أو غيرها من الحركات التي ظهرت تحت مسميات عديدة في افغانستان وباكستان وشمال ووسط وغرب أفريقيا.

هذا التنظيم لم يكن وليدة صدفة، بل ساهم في تكوينه وإستمراريته العديد من مراكز الأستخبارات الدولية، التي استثمرت النصوص المتطرفة في المراجع الإسلامية، مناسبة الحديث هو صدور العدد الجديد ذي الرقم(18) من صحيفة “ثبات” التابعة للقاعدة وتغزل التنظيم بالدولة العثمانية ومؤسسها ( عثمان بن أرطغرال)، حيث أفردت الصحيفة وعلى طول صفحتين، مقالة طويلة تحت عنوان ” بطل من هذه الامة”، تسعى من خلالها إلى إظهار “عثمان” بصورة البطل المدافع عن الأمة الإسلامية ضد “البيزنطينين الصليبين” متجاهلة الكوارث والمجازر التي ارتكتبها الدولة العثمانية بحق شعوب المنطقة الأصليين من العرب والكرد والفرس وغيرهم.

ويشير مقال “القاعدة” إلى التحالفات التي أقامها “عثمان” في بداية تأسيس دولته، دون الإشارة إلى التصفيات والجرائم التي أرتكبها بحق منافسيه وخصومه، والتي لم يسلم منها حتى أقرب مقربيه، فتاريخ التصفيات والإغتيالات العائلية داخل آل عثمان معروف لدى الجميع.

ومن النقاط التي تستحق الوقوف عندها هو إشادة المقال بما تسميه “الجهاد في سبيل الله لغزو الصليبين”، وخاصة “تحويلهم أول كنيسة إلى مسجد وإقامة الآذان فيه” في إشارة غير مباشرة إلى ما قام به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخراً من تحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد، في مغازلة واضحة لهذا التنظيم المتطرف للدولة التركية ورئيسها أردوغان.

وبينما تدعي الصحيفة بإنّها مختصة بما تسميه “أخبار المجاهدين في جميع الدول الإسلامية” وتسرد العمليات الإرهابية للتنظيم في العدد من دول العالم، من المستغرب أن تخصص الصحيفة كل هذه الحيز لتمجيد الدولة العثمانية ومؤسسها، متناسية تماماً مجازر العثمانية في بلاد الشام والعراق ومصر والجزيرة العربية، كمذبحة التل عام (1516) في مرج دابق التي راح ضحيتها آلاف السوريين، ومذبحة “العشرة آلاف” في مصر، حيث قتلت فيها الدولة العثمانية الغازية (10) آلاف مصريٍ في يوم واحد مع بدء احتلالها لمصر، و مذبحة “سفربرلك” في المدينة المنورة وتهجير سكانها خارج الجزيرة للتتريكها عام (1915)، إضافة لمجازرها ضد الكُرد والأرمن مع بدايات القران الماضي.
ويصل التماهي بين القاعدة والدولة العثمانية إلى ذروته، عندما تشبه سقوط قلعة “بيك جاك” بيد الانكشارية خلال فترة تأسيس الدولة العثمانية، بـ”العملية الانغماسية” في خطوة تتماشى تماماً مع الآلة الدعائية المقربة من أردوغان التي تعمل على خلق إسقاطات من فترة الحكم العثماني وإلصاقها بنظام حكم أروغان الحالي.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك