لمح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في خطابه أمس إلى ضم كل من مدينة إدلب، وعفرين السوريتين لبلاده.
وقال الرئيس التركي إنّهم موجودون في سوريا، وفي ليبيا، وفي أذربيجان، مشيرا إلى أنّ الموقف والتصرفات التركية واحدة في سوريا، وفي ليبيا وفي قبرص وفي ناغورني قره باغ (أرتساخ)، في إشارة إلى احتلال وضم قبرص.
أضاف ” في كل صراع كبير، كان لتركيا قفزات كبيرة، وثمنا كبيرة… حيث قتل جنودنا في عملياتنا خارج الحدود، في عفرين، وفي إدلب….” وقال ” تذكروا أنّ كل مكان قتل فيه جنودنا، وسالت دمائهم فإنّنا نعتبرها وطننا….نعم هي وطننا”.
أردوغان يلمح لضم إدلب وعفرين السوريتين الى تركيا https://t.co/SjqMgBa3Wt pic.twitter.com/WRKaZyJlAA
— مركز توثيق الانتهاكات (@vdcnsyria) November 2, 2020
ولم يسبق أن كشف الرئيس التركي الذي يعاني من أزمات داخلية، واقتصاد منهار بهذا الوضوح عن طموحاته ومساعيه الاستعمارية، وهذه تعتبر المرة الأولى التي يتحدث فيها عن ضم مدن سوريا.
وتعرضت تركيا لضغوط كبيرة بعدما شنت هجوما على شمال شرق سوريا، تسبب في كوارث إنسانية، وأدى لعرقلة جهود قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي في القضاء على تنظيم داعش، وحدد حينها الرئيس التركي شروط انسحاب قواته من سوريا، بالحل السياسي تارة، وتارة بانسحاب بقية الدول، وأخرى بالقضاء على الإدارة الذاتية، وغيرها من الشروط والمبررات. كما وبرر أردوغان هجماته، واحتلال المدن بأنّ القوات التركية موجودة في سوريا بـ”دعوة الشعب السوري وبموجب اتفاق أضنة” المبرم بين البلدين عام 1998.
خلّف التدخل التركي في 3 مدن رئيسية بشمال سوريا (عفرين، راس العين، تل أبيض) أوضاع كارثية على المنطقة برمتها، وأدى لتفاقم التوترات العرقية بشكل كبير في مناطق كانت متعايشة وآمنة ومستقرة، نجحت فيها الحكومة الإدارية التابعة للإدارة الذاتية في توفير ظروف مناسبة لإقامة مشاريع تنموية ودعم المجتمع المدني وهو ما ساهم في خلق بيئة مستقرة، ودفع المنطقة لأن تتحول لمركز جذب سكاني واقتصادي وتوفرت فيها فرص العمل والتنمية.
الآن هناك حاجة ماسة لكي يقوم الاتحاد الأوروبي بما يجب من أجل تخفيف حدة التوترات العرقية، وتجنب المزيد من التصعيد لا سيما وأنّ قرابة 600 ألف من السكان نزحوا نتيجة العمليات العسكرية التركية وهم مازالوا نازحين قسرا عن منازلهم وممنوعين من العودة.
يجب على الاتحاد الأوروبي التحرك والتوقف عن اتباع سياسة غض النظر، وأن يضغط على تركيا للتوقف عن مشروع الاستيطان الذي يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التلويح به، لما قد يتضمنه من تلاعب كارثي في الهندسة الاجتماعية، وما يشكله من ضرب للبنية الاجتماعية والاستقرار الاجتماعي. تلك خلاصة تقرير أعده مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا، تناول الآثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لموجات النزوح من منطقتي تل أبيض (كري سبي) ورأس العين (سري كاني) و (عفرين) نتيجة الهجوم التركي.
ووفقاً لتقارير أمم المتحدة، والعديد من تقارير المنظمات الدولية والمحلية وتقاريرنا واستنادا للعشرات من اللقاءات التي أجريناها فقد ارتكبت جرائم حرب من قبل تركيا والمجموعات السورية المسلحة التي تدعمها تحت مسمى (الجيش الوطني السوري)، من إعدامات ميدانية، إلى قصف البنية التحتية، وقصف المدارس والمشافي، وخطف واعتقال المدنيين، والاستيلاء على العقارات والأملاك والأراضي والمحاصيل والثروة الحيوانية وتفريغ صوامع الحبوب وقطع المياه، إلى جانب ابتزاز السكان في قوت عيشهم وأمنهم والخطف بغرض الفدية.
واستند التقرير على 45 شهادة، واستغرق تجهيزه ثلاثة أشهر من الاستقصاء، والجمع، والرقابة، والاتصال، وسلط فيه الضوء كذلك على الوضع المأساوي لآلاف من النازحين قسرا، وتشريد السكان الأصليين وإعادة توطين النازحين وأغلبهم من عوائل المسلحين الموالين لتركيا، وما يسبب ذلك من تصعيد في التوترات العرقية، والخلافات بين السكان المحليين والمسلحين -الغرباء- والعوائل النازحة داخليا بحماية هؤلاء المسلحين وما اكتسبوه من سلطة واستيلاء على منازل وعقارات السكان الأصليين.
كما سلط التقرير وبحسب شهادات ميدانية الضوء على التمييز الذي يتعرض له السكان المحليين إجمالا، وخاصة الأكراد وأنّ أقل من 4 % فقد عادوا لمنازلهم، في ظل الظروف الصعبة من الاضطهاد ويتعرضون لتمييز واسع النطاق وهم مع بقية السكان المحليين ضحية العديد من انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الفصائل الموالية لتركيا.
كما يتطرق التقرير إلى قضايا مثل الإسكان، والعمل، والملكيات، والمجتمع المحلي، والتغييرات السياسية والأمنية، ويختتم بعدة توصيات تتضمن ضرورة أن يبادر الاتحاد الأوروبي للتحرك والضغط على الحكومة التركية لتصحيح الخلل الذي ارتكبته، ودعوات للأمم المتحدة للقيام بما يتوجب عليها، وعدم غض الطرف عن ما يجري من انتهاكات ترتقي لمصاف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد انتقد تركيا، ورئيسها رجب طيب تركيا وقال إنّ لها أطماع إمبريالية في المنطقة، وهذه الأطماع تضر باستقرار المنطقة على العموم، وطالب الرئيس التركي بوقف “الأكاذيب والشتائم فهو أمر لا يليق بتاريخ الدولة التركية.
ولم يفوت الرئيس الفرنسي فرصة انتقاد تصرفات تركيا، في أول مقابلة له بعد 3 عمليات إرهابية تعرضت له بلاده، والاحتجاجات التي ترافق ذلك ضد بلاده، بتحريض من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ذلك في حوار مع قناة الجزيرة، الذي قال اختارها كمنبر لنقل تصريحاته، كونها قامت في وقت سابق بتحريف تصريحات سابقة أطلقها عن حرية التعبير، والإسلام المعتدل، عقب قتل مدرس بالقرب من باريس عرض على تلاميذه رسوما كاريكاتورية للنبي محمد.
وبثت الجزيرة المقابلة السبت (31 تشرين الأول/ أكتوبر 2020)، الساعة 16:00 بتوقيت غرينتش واستمرت 50 دقيقة.
وأكد ماكرون في المقابلة، أنّ الرسوم الكاريكاتورية لم يتم نشرها من قبل الحكومة، بل نشرتها صحف حرة ومستقلة. وأعرب عن اعتقاده أنّ “ردود الفعل كان مردها أكاذيب وتحريف كلامي، ولأنّ الناس فهموا أنّني مؤيد لهذه الرسوم” وقال “ما يمارس باسم الإسلام هو آفة للمسلمين بالعالم” وأضاف أنّ أكثر من 80 بالمئة من ضحايا الإرهاب هم من المسلمين أنفسهم.
وفيما يتعلق بشمال سوريا، والهجوم التركي الذي شنته القوات المسلحة التركية، وميليشيات سورية متعاملة معها جمعتها تركيا تحت اسم ( الجيش الوطني) وهم بقايا داعش، وتنظيم جبهة النصرة، والجيش الحر ( وهي تنظيمات مصنفة على لوائح الإرهاب ) قال الرئيس الفرنسي تسببت الهجمات التركية على شمال شرق سوريا ( مدينتي تل أبيض، رأس العين ) في ضرر بالغ، لقد كنا موجودين على الأرض في إطار “التحالف الدولي لمحاربة داعش”. أضاف ماكرون ” الهجوم التركي يأتي ضمن مخطط تركي إمبريالي (استعماري)، لقد كنا في المنطقة، وتمكنا بفضل قوات سوريا الديمقراطية وبفضل المحاربين والمحاربات الكرد الشجعان (وحدات حماية الشعب، وحدات حماية المرأة) من قتال داعش وكنا بصدد الانتصار على التنظيم الإرهابي، فقامت تركيا بشن هجوم على ظهر حلفائنا واحتلت مدينتي تل أبيض ورأس العين، وما نتج عن ذلك من كوارث إنسانية، ومنح داعش فرصة الحياة…
أضاف ماكرون أنّ تركيا خرقت كل الاتفاقيات الأخرى، في ليبيا، وفي شرق المتوسط، ولم تلتزم بالعهود والمواثيق الدولية ولم تلتزم بحظر السلاح، ووقف إرسال المرتزقة ( الجيش الوطني السوري ).
واعتبر ماكرون أنّ موقف أوربا موحد، ضد التجاوزات والخروقات التركية، وطالبها بالالتزام بالمواثيق الدولية ووقف الانتهاكات.
ماكرون: لتركيا أطماع “إِمْبِرْياليّة” وأضرت حلفائنا في سوريا وعرقلت هجماتها هزيمة داعش
التوغل التركي في شمال سوريا أثار المزيد من الانقسام والتوتر العرقي