أقر مجلس الأمن الدولي، السبت 11 يوليو/تموز، آلية جديدة لدخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر تركيا، فقط وذلك بعد انتهاء صلاحية المدة الزمنية للعملية الإنسانية التي استمرت 6 أعوام بتفويض من المنظمة الدولية، وعجز أعضاء المجلس عن التوصل إلى اتفاق لتمديدها، وسط رفض روسي وصيني على تقليصها واختصارها على معبر واحد فقط وأزيل مقترح فتح معبر اليعربية الحدودي مع العراق بضغوط روسية – تركية.
مشروع القرار المعدّل الذي تمت الموافقة عليه والمقدم من ألمانيا وبلجيكا، يسمح بإيصال المساعدات العابرة للحدود من معبر واحد فقط، وهو باب الهوى في إدلب لمدة عام، وهذا المعبر خاضع لسيطرة تنظيم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) في حين تم إلغاء المساعدات التي كانت تقدَّم عبر باب السلام.
وتصف الأمم المتحدة المساعدات المنقولة من تركيا عبر المنظمات الإنسانية الأممية بأنّها “شريان حياة” للسوريين في شمال غربي البلاد، وتحديداً في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة الموالية لتركيا، فيما يشكل القرار ضربة للاستقرار وتفاقما للأوضاع الإنسانية في منطقة الإدارة الذاتية لا سيما وأنّ معبر اليعربية الذي يربطها بالعراق أزيل من مسودة المناقشات رغم أنّه المعبر الوحيد الذي تقدم الأمم المتحدة المساعدات من خلالها إلى شمال وشرق سوريا مما يعني نقص حاد في الرعاية الصحية في عموم مناطق الإدارة الذاتية شمال شرق سوريا وبشكل خاص في المخيمات ومنها الهول ومدينة الرقة، و استبعاد شمال وشرق سوريا من صندوق الإغاثة الخاص بالفيروس التاجي.
وكان المجلس قد وصل إلى طريق مسدود بعد رفض 4 مشاريع تصويت على مدار الأسبوع الماضي، استخدمت روسيا والصين ضد اثنين منها حق النقض (فيتو)، أحدهما تقدمت به كل من بلجيكا وألمانيا، وينص على تمديد آلية إيصال المساعدات الدولية إلى سوريا من معبري باب السلام وباب الهوى (بتركيا) لمدة عام.
وطوال السبت، توقف العمل بآلية المساعدات العابرة للحدود، وأُغلقت البوابات الحدودية لمعبري باب الهوى وباب السلام على الحدود التركية وكذلك معبر اليعربية على الحدود العراقية.
يأتي هذا رغم تحذير الأمم المتحدة من أنّ حياة المدنيين السوريين تعتمد بشكل كبير على المساعدات عبر الحدود، إذ أصبحت الشاحنات المحملة بالأغذية والأدوية والتي تحمل شعار الأمم المتحدة عالقة في صراع سياسي بين روسيا والغرب وتركيا، مع وجود ملايين السوريين عالقين في المنتصف.
وتعمل روسيا، منذ أواخر العام الماضي، على إنهاء العملية الإنسانية التي تنفذها الأمم المتحدة بشكل فعال، والتي تقوم بموجبها بتوصيل البضائع إلى السوريين من الدول المجاورة، بحجة أنّها تقوّض سيادة نظام الأسد على سوريا، فيما تعرقل تركيا ورغم كونها دولة ليس عضو دائم في مجلس الأمن فتح معبراليعربية الذي يربط مناطق الإدارة الذاتية مع العراق عبر اتفاقيات ضمنية مع روسيا.
من جهتها، شدّدت شيرين تادرس، المسؤولة في منظمة العفو الدولية، على أنّ هذه المساعدات الإنسانية “حيوية” للمحتاجين إليها.
وتقول إنّ هذه المساعدات تشكّل “بالنسبة لملايين السوريين الفرق بين تناول الطعام والموت من الجوع”.
ووفقاً للأمم المتحدة، يعتمد نحو 2.8 مليون شخص على هذه المساعدات في شمال سوريا.
وفي 30 نيسان من العام الجاري جاء في مسودة مذكرة لمنظمة الصحة العالمية -اطلع عليها أعضاء مجلس الأمن الدولي- إنّ منظمات الإغاثة العاملة مع الأمم المتحدة تريد من المجلس السماح بشكل عاجل باستخدام معبر اليعربية الحدودي السوري مع العراق مجددا لتسليم مساعدات لمواجهة جائحة كورونا، إلا أنّ “الصحة” تراجعت عن هذه الدعوة بضغوط تركية وروسية.
فقد حذفت منظمة الصحة، في نسخة محدثة من مذكرتها لاحقا، المناشدة المباشرة بإعادة فتح معبر اليعربية بعد نحو أربعة أشهر من توقف استخدامه في العمليات الإنسانية للأمم المتحدة.
بخصوص التغييرات في مذكرة منظمة الصحة، قال لويس شاربونو مدير الشؤون الأممية بمنظمة هيومن رايتس ووتش “يجب أن تقف الصحة العالمية ثابتة ولا ترضخ للضغوط من القوى الكبرى، الأمر يتعلق بإنقاذ الأرواح، وليس تجنب الانتقادات”.
وأضاف شاربونو “ينبغي لمجلس الأمن على الفور أن يجدد التفويض باستخدام معبر اليعربية” الذي يقع شمال شرقي سوريا ضمن مناطق سيطرة قوات “سوريا الديمقراطية” التي تدعمها واشنطن. ويقابل “اليعربية” من الجانب العراقي معبر “ربيعة”.
وقال دبلوماسيون غربيون إنّ إغلاق المعبر السوري العراقي يمنع 40% من المساعدات الطبية إلى شمال شرقي سوريا.
وفي اجتماع لمجلس الأمن بشأن الوضع الإنساني بسوريا عقد في 29 أبريل، دعا أعضاء للمساعدة في تعزيز عمليات نقل المساعدات عبر الحدود إلى سوريا، واقترحت سفيرة أميركا الأممية كيلي كرافت بحث استخدام “اليعربية” إلا أنّ نظيرها الروسي فاسيلي نيبينزيا رفض بشكل قاطع.