معتقلوا سجون الأجهزة الأمنية وفصائل الجيش الوطني بعفرين يستغيثون

يقبع آلاف المحتجزين في سجون تديرها فصائل وجماعات المعارضة السورية المدعومة من تركيا تحت مسمى (الجيش الوطني). هذه السجون تشرف عليها أجهزة الاستخبارات التركية بشكل مباشر. اعتُقل الكثير منهم تعسفيا لأسباب عرقية، وطائفية حيث يتعرض السكان بشكل ممنهج إلى مضايقات لا تنتهي، تبدأ بالاعتقالات والتهديد بالتصفية مروراً بالخطف وانتهاءاً بالاغتيال.

يتسبب التعذيب والإعدامات بمقتل المئات من المحتجزين لدى (الجيش الوطني) الذي يمتلك فصائله عدد من سجون سرية يستخدمها عادة لخطف المواطنين بغرض طلب فدية من ذويهم أو إخفائهم قسرا، لكن السجناء يموتون أيضا بسبب الظروف المروّعة في السجون. تمكنا في مركز توثيق الانتهاكات من جمع أدلة عن مقتل 80 شخصا حتى الآن تحت التعذيب أو بسببه، وجمعنا شهادات عبر لقاءات لمحتجزين سابقين وصفوا ظروفا في زنزاناتهم انتهكت حقوقهم في الصحة والحياة وارتقت في بعض الأحيان إلى حد التعذيب أو المعاملة اللإنسانية أو المهينة.

الأمر المرعب هو أنّ السلطات التركية وقيادات في الحكومة السورية المؤقتة والائتلاف السوري الذي يتخذ من اسطنبول مقر له علموا بهذه الظروف، وفرضها عبر حرمان المحتجزين من الطعام الكافي، والرعاية الطبية، ومرافق الصرف الصحي، والتهوية والمساحة والتعذيب وبقاء المحتجزين دون محاكمة ومنعهم من توكيل محامي ومنعهم من زيارتهم من قبل ذويهم أو حتى إعلامهم بمكان احتجازهم. وهو ما يتماشى مع ما نعرفه عن الممارسات التعسفية لهذه الفصائل في ظل صمت من الحكومة التركية والهيئات الدولية تجاه المحتجزين، بما فيه التعذيب على نطاق واسع والمنهجي وسوء المعاملة والعنف الجنسي.

تصرّ الفصائل المعارضة والمدعومة من تركيا على أنّه لم تُسجَّل أي إصابة مؤكدة بفيروس كورونا في سوريا حتى الآن. لكن جميع دول الجوار أبلغوا عن حالات، ومن الواضح كم سيكون كارثيا لو سُجِّلت إصابة واحدة فقط في السجون السورية المكتظة.

تتخذ بقية دول العالم إجراءات وقائية واسعة النطاق لمنع انتشار الفيروس. أعلنت تلك الفصائل عن عدد من الإجراءات التي تهدف إلى أن تكون وقائية، لكن بالطبع لا تصل هذه التدابير إلى الأشخاص الأكثر عرضة.

لهذا السبب، تقع على عاتق المنظمات الإنسانية ووكالات “الأمم المتحدة” مسؤولية الضغط بشكل عاجل على “تركيا” لفتح هذه المناطق التي ظلت مغلقة وترفض السماح للمنظمات الحقوقية والمؤسسات الإعلامية للوصول إلى مرافق الاحتجاز المتعددة في شمال سوريا، للاطلاع على أوضاعهم أو لتزويد المحتجزين بمساعدات تنقذ حياتهم. من المؤكد أنّ الحكومة التركية لن تفعل ذلك.

كارثة حتمية وأرقام مرعبة:

كارثة حتمية تلاحق آلاف من الأسر والمعتقلين، في سجون “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا في منطقة عفرين ومنطقي تل أبيض ورأس العين، في شمال سوريا تمثل حالة رعب لذويهم والمنظمات الحقوقية الذين يناشدون العالم ومنظمات حقوق الإنسان كافةً للإفراج عنهم بشكل فوري، بعد تفشي فيروس كورونا في المنطقة واستمرار تصاعد نِسبه مؤخراً، مع تحذيرات أطلقتها منظمة الصحة العالمية في أنّ الأوضاع في سوريا ستنفجر وينتشر الوباء وتوارُد أنباء عن وصول الفيروس القاتل لبعض السجون والمعتقلات، التي يقطن فيها كثير من المرضى والمسنين والأطفال والنساء.

وتنتشر في مدينة عفرين الخاضعة لسيطرة القوات المسلحة التركية وفصائل الجيش الوطني عشرات السجون، حيث اعتقلت هذه القوات منذ 18 آذار 2018/ حتى نهاية أيام مايو 2020 ( 6420 ) شخصا.

لايزال مصير 3500 مدنيا معتقلا مجهولا، بينهم 181 امرأة منهم 98 شخصا قتل تحت التعذيب، وتعرض 900 آخرين لكافة أشكال التعذيب، وهم يعيشون في سجون مكتظة في ظروف صحية وإنسانية صعبة دون أدنى مراعاة للقيم الإنسانية وحقوق الإنسان.

عدد السجون والمعتقلين:

لا تخلو قرية أو منطقة تابعة لفصائل الجيش الوطني من سجون غالبا ماتكون سرية، عدا عن سجون عامة نالت شهرتها وكأنّها مسالخ بشرية كسجن عفرين المركزي وسحن معبطلي وسجن جندريسه وغيرهم إضافة إلى سجن الراعي وسجون الشرطة العسكرية في اعزاز والباب وجرابلس ومدينتي تل أبيض ورأس العين.

ففي سجن عفرين يضم السجن بقواطعه الأربعة أكثر من 1200 سجين، حيث تقطن 350 إلى 450 سجين بينهم نساء وأطفال ويتزايد هذا في تزايد كل شهر.

ولا تتعدى كل مساحة السجن 800 متر ومساحة القواطع وقسم الإدارة وباقي أجزاءه فيما حصة كل سجين أقل من نصف متر فقط.

ولا يوجد غرف في السجن، عدا الزنزانات المنفردة بل هناك صالة واحدة فيها عدد محدود من الأسرة وينام غالب السجناء على الأرض.

وفي مدينة تل أبيض تمكنا من توثيق وجود 370 معتقلا في سجون الفصائل الموالية لتركيا الأجهزة الأمنية منهم 200 في سجن واحد يديره (العقيد أبو حمزة) قائد الشرطة العسكرية. كما وتم توثيق وجود 295 معتقلا في سجون بمدينة رأس العين.

أبرز السجون:

(1) سجن باسوطة، تديره فرقة الحمزات وبإشراف من الاستخبارات التركية عرف هذا السجن باسم القلعة نسبة إلى إحدى السجون في فترة العثمانيين أثناء احتلالهم مدينة دمشق، وتتواجد فيه كل أنواع التعذيب الوحشية من “البلنغو” و”الكهرباء” و”الدولاب”.

(2) سجن المحطة وسمي بالمحطة نسبة لكونه محطة للقطار أيضا تشرف عليه الاستخبارات التركية ويقع بالقرب من راجو، وأغلب المعتقلين فيه هم من أهالي راجو موباتا ميدانو أيضا يعرف بكونه من السجون السيئة الصيت.

(3) سجن راجو أو ما يعرف بالسجن السلفي، من السجون الدينية القاسية ويمارس فيه التعذيب بشكل ممنهج ويفرض فيه الصلاة وقراءة القران والدروس الدينية يعامل فيه الكرد بأنّهم كفار.

(4) سجن الاستخبارات التركية في راجو، ويعتبر أيضا من السجون السرية، وتديره وتشرف عليه الاستخبارات التركية لوحدها، ويعتبر السجن مكان للتحقيق وترحيل المعتقلين إلى تركيا.

(5) سجن كوران، وهو سجن صغير عبارة عن أحد المنازل الواقعة على أطراف القرية تديره عناصر فيلق الشام الإرهابية أغلب المعتقلين فيه من أهالي قرية كوران وكفر صفرة وناحية جندريسه.

(6) سجن المواصلات، أيضا يعتبر من أسوأ السجون في مدينة عفرين، ويديرها عناصر الجبهة الشامية، ويعرف بسجن التحقيق أيضا تحدث العديد من شهود العيان والمعتقلين فيها عن التعذيب الشديد.

(7) سجن مدرسة الكرامة والتي تعتبر من أقدم المدارس في مدينة عفرين يمارس فيها شتى أنواع التعذيب وتديره عناصر فيلق الشام والاستخبارات التركية وفيها جناح للنساء.

(8) سجن المحكمة ويقع بالقرب من مشفى آفرين الجراحي قديما وهو عبارة عن إحدى الأقبية التي تقع ضمن المحكمة القديمة وهو سجن خاص بالنساء.

(9) سجن حاجز ترنده تديره وتشرف عليه الاستخبارات التركية ويعتبر أيضا من أخطر السجون التركية تمارس فيه كل أنواع التعذيب الجسدي والنفسي.

(10) سجن مدرسة أزهار عفرين الخاصة تديره وتشرف عليه الاستخبارات التركية بشكل مباشر.

(11) سجن مدرسة أمير غباري في وسط عفرين أيضا تديره وتشرف عليه الاستخبارات التركية.

(12) سجن مدرسة قرية خراب شران أيضا قامت المجموعات الإرهابية بتحويلها إلى سجن.

(13) سجن مدرسة الإتحاد العربي في عفرين أصبح مقرا عسكري ويوجد فيه جناح خاص للسجناء تشرف عليه مجموعات الجبهة الشامية الإرهابية.

(14) سجن شارع الفيلات في عفرين، وهو عبارة عن أحد المنازل المهجورة حوله عناصر أحرار الشرقية لسجن .

(15) سجن الأشرفية، أيضا عبارة عن أحد المنازل التي استولت عليها مجموعات تابعه لتجمع عدل بقيادة المدعو أبو ادريس وتم تحويله إلى سجن سري.

(16) سجن عفرين أو كما يعرف باسم سجن معراته وهو قسمان مدني وعسكري.

(17) سجن الشرطة العسكرية في عفرين:

(19) سجن يديره “فصيل أحرار الشام” ويعتبر من السجون السرية.

(20)” السجن الأسود” ويضم هذا السجن حوالي 800 سجين أكثرهم متهمين بالتعامل مع الإدارة الذاتية.

(21) سجن الشرطة العسكرية في مقر الثانوية التجارية بعفرين.

(22) سجن كفرجنة

(23) سجن ميدان اكبس تابع لفيلق الشام ويطلق عليها فرع فلسطين.

(24) سجن الحمزات، في مدينة عفرين وهو سجن سري تابع لفصيل فرقة المزات اقتحم مؤخرا من الأهالي وتبين وجود العشرات من المعتقلين والمختطفين منذ عامين دون عرضهم قضاء على القضاء بينهم 11 امرأة.

هذه السجون الرئيسية في عفرين إضافة أنّ كل فصيل أو لواء له سجون مرتبطة به مباشرة في كل ناحيه إضافة إلى السجون الموجودة في مقرات الفصائل للقرى التابعه لكل فيصل أضف أنّ هنالك سجون أخرى خارج عفرين يتم نقل غالب المعتقلين إليها وهي سجون الراعي وسجن سجو باعزاز.

التعذيب:

بحسب مصادر، يتعرض المساجين إلى كافة أنواع التعذيب، كما يتعمد اتباع الإهانة والازدراء والضرب والشتم كأسلوب للتعامل مع السجناء وهذا ما خلف آثارا نفسية مدمرة عليهم.

ومن طرق التعذيب رداءة الطعام، عدم وجود خدمات صحية، رمي المعتقل في الزنزانة الانفرادية.

من الظروف الأخرى يوجد في كل قاطع حمامان فقط وهناك نقص حاد في الأدوية ولا يتم إرسال المرضى منهم لمستشفيات المدينة حتى في الحالات الطارئة، وهذا تسبب في إيجاد مافيا وسوق سوداء للأدوية في السجن ويضطر المعتقل دفع مبالغ كبيرة للحصول على أبسط الأدوية في حال أنّ المسجون كان يمللك ذلك المبلغ أصلا.

الطعام:

رداءة الطعام والخبز العفن وعدم وجود طعام كاف حيث تقدم وجبات مكررة من المعكرونة والبطاطا المسلوقة والخبز، الأمر الذي يؤدي إلى نقص حاد في الكثير من الفيتامينات والمواد الضرورية الأخرى للجسم.

سجون أخرى:

سجن الراعي لا يقل سوء عن سجون عفرين، حيث يروي أحد أهالي عفرين الناجين من أحد أسوأ السجون التي تديرها القوات التركية في ريف حلب الشمالي على الحدود داخل سوريا. السجن يشرف عليه مسلحون سوريون مختارون بعناية من قبل المخابرات التركية.

تفاصيل عما يجري داخل هذا السجن رواه /خ، م/ حيث تحدث عن أساليب التعذيب الوحشية التي تجري داخل السجن حيث غالب معتقلين من الرجال والنساء الذي جرى اعتقالهم في عفرين بدءا من فرض تركيا سيطرتها على المدينة، بتهم تعاونهم وانضمامهم إلى وحدات حماية الشعب ويقع في بلدة الراعي التابعة لمنطقة إعزاز.

وسرد المواطن (خ م) من أهالي مقاطعة عفرين تفاصيل ما تعرض له من تعذيب وانتهاكات خلال 65 يوماً من اعتقاله من قبل مسلحي الفصائل حيث يجري تجميعهم وثم إرسالهم إلى السجن المذكور، والذي تشرف عليه المخابرات التركية.

تحدث المواطن (خ م ) عن كيفية اعتقاله مع مجموعة مدنيين” عند محاولتنا الخروج من عفرين نتيجة الانتهاكات المتكررة من قبل الفصائل، سلكنا طرقاً فرعية ووعرة في محاولة النجاة حتى اعتقلنا على أحد الحواجز، وكنا 27 شخصاً، رغم أنّنا كنا غير مسلحين، لكن جرى إطلاق النار علينا وربطوا أيدينا واعيننا وضعوا رؤوسنا في أكياس ثم تم نقلنا في سيارة”.

وأشار (خ م) أنّه وأثناء نقلهم بالسيارة كاد العديد من المختطفين يختنقون من الأكياس الموضوعة على رؤوسهم وكل من كان يصرخ طالباً رفع الكيس عن رأسه لأنّه يشعر بالاختناق كانوا يقدمون على ضربه بأخمص السلاح، وتعرض الجميع تقريباً للضرب والإهانة حتى وصلوا إلى السجن”.

وأضاف بالقول:” عند الوصول إلى السجن أنزلونا من السيارة بشكل همجي مع الضرب وأدخلونا جميعاً في غرفة واحدة بمساحة الطول 3 متر والعرض مترين فقط، بعد أن رفعوا الأكياس عن رؤوسنا دون أن يفكوا وثاقنا ، وكان بداخلها بطانية واحدة فقط وأحضروا لنا بعض الطعام بعد منتصف الليل، وطلبنا فك أيدينا لنستطيع الأكل، فقالوا لنا (عليكم أن تأكلوا مثل الكلاب)”.

وأردف (خ م):” بعد مضي يومين نقلونا إلى مهجع ثانٍ وفكوا قيودنا، وبعدها بدأت رحلة العذاب والذل” بحسب وصفه.

وأضاف” لدى الرغبة في التحقيق مع أحد يختارون شخصاً لا على التعيين ويأخذونه ويعذبونه بشكل وحشي وهم يحققون معه ثم يعيدونه بعد أن ينهكوه من الضرب” وقال (خ م) في اليوم الذي وقع اختيارهم علي ليحققوا معي ناداني أحد مشرفي السجن وعندما اقتربت منه أغمض عيني أوقعني على الأرض وبدأ بركلي وتجمع عدد منهم حولي وبدأوا بضربي بالكابلات الرباعية والخراطيم والعصي بشكل وحشي وأنا أتقلب في ساحة المهجع وأصرخ من الوجع الذي لم أعد أحتمله حتى انهارت قواي”.

ونوه أنّه من شدة الضرب والتعذيب الذي تعرض له في المهجع وأثناء التحقيق معه أنهك جسده وأصبح لا يقوى على الوقوف مدة 12 يوماً.

وحول ما شاهده من ممارسات المسلحين بحق المختطفين أشار المواطن (خ م) إنّه كان شاهداً على إقدام أحدهم على قطع أذن أحد المختطفين داخل السجن بواسطة “قطاعة” ووصف المشهد “بالوحشي ولا يتقبله ضمير ووجدان إنسان”.

وعن أساليب التعذيب أيضاً بحق المختطفين ذكر (خ م) إنّهم كانوا يعصبون أعين المختطفين ويطلبون منهم الركض في المهجع ويلحقون بهم ويضربونهم بالخراطيم والكابلات، وكل من يتوقف ينهالون عليه بالضرب بشكل وحشي ومنهم من يحاول الهرب من ضرباتهم من شدة الألم ولدى ركضه في المهجع وهو مغمض العينين يصطدم بقوة بالحائط أو الأشياء الموجودة داخل الغرفة ما يسبب له آلاماً كبيرة.

ومن جهة أخرى أكد المواطن (خ م) إنّه وأثناء تواجدهم في السجن كانوا يسمعون صرخات النساء داخل السجن وهن يتعرضن للضرب والتعذيب، وكانوا ينظرون خلسة من ثقب قفل الباب وشاهدوا كيف يقدمون على ضرب بعض النساء بوحشية في ممرات السجن. كما وأنّهم يوجد المئات من العرب المعتقلين بتهمة رفض الانضمام إلى الفصائل أو أنّ لهم علاقات مع القوات سورية الديمقراطية.

وأفاد المواطن (خ م) أنّه قضى 65 يوماً داخل السجن وتعرض لكافة أشكال الضرب والإهانة دون أي جرم ارتكبه، ونوه أنّه وقبل إطلاق سراحه بيوم واحد حقق ضابط تركي معه، وفي اليوم الثاني أخذه المسلحون لمكان بعيد عن السجن وأوهموه أنّهم سيقتلونه لبث الرعب في قلبه، وأطلقوا عدة طلقات بجانب أذنه لترويعه، ثم فكوا وثاقه وأطلقوا سراحه، ثم استطاع الوصول إلى مقاطعة الشهباء بمساعدة بعض المواطنين بمنطقة اعزاز، أما باقي رفاقه فمازالوا في السجن.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك