وصلت معدلات الفقر في سوريا إلى مستويات غير مسبوقة خلال السنوات السبع الماضية؛ حيث بلغت نسبتها من إجمالي عدد السكان 85% بحسب تقارير ودراسات اقتصادية متعددة، وذلك نتيجة عدة عوامل على رأسها تدهور قيمة الليرة السورية، وارتفاع معدلات التضخم لنسبة تجاوزت الـ1000% وخسارة السكان لمعظم مصادر تمويلهم في ظل 8 سنوات من الحرب التي تعصف بالبلد.
بالإضافة إلى أزمة كورونا والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تهدد العالم وبخاصة سوريا والتي تُنذِر بانفجار الأوضاع نتيجة التضرر البالغ لمختلف القطاعات ومنها الصحية.
وكان لانهيار الليرة وتدهور الاقتصاد أثر سلبي على السكان في كامل الأراضي السورية، إلا أنّ مناطق سيطرة الجماعات المسلحة المدعومة من تركيا في شمال سوريا كانت الأكثر تضرراً في ظل غياب السياسات الاقتصادية هناك وتراجع فرص العمل؛ ما أدى لارتفاع معدل البطالة بشكل كبير في ظل الفوضى وغياب الاستقرار وعسكرة المجتمع.
تركيا تمهد لقطع التمويل عن الفصائل المسلحة الموالية لها:
انتشرت مؤخرا الكثير من الأخبار عن قيام تركيا بإعلام عدد من قادة الفصائل الموالية لها بأنّها تتجه لتخفيض الدعم المقدم لهم؛ تمهيدا لإيقافه.
واقترحت تركيا أن تقوم تلك الفصائل بإيجاد وسائل تمويل بديلة عبر تنفيذ استثمارات أو فرض ضرائب.
مصادر صحفية أكدت ذلك وكشفت أن فصائل المعارضة الموالية لتركيا “الجيش الوطني”، قام خلال الأيام الأخيرة، بجميع فيالقها بتشكيل لجان اقتصادية بمناطق سيطرتها والمعروفة باسم “درع الفرات و غصن الزيتون” شمالي حلب، و”نبع السلام” شمالي الرقة والحسكة، بهدف جباية “الضرائب” من الأهالي بهذه المناطق.
وقال المصدر إنَّ بداية عمل هذه اللجان تركز على إحصاء المحال التجارية وفرض مبالغ شهرية تتراوح ما بين 30 إلى 100 دولار شهرياً.
ولفت المصدر إلى أنَّ حجم المبلغ المفروض يعود لعدة عوامل منها موقع المحل التجارية ومساحته ومن يملكه، وبحال كان المحل التجاري تعود ملكيته للنازحين قسرا فإنّ اللجان تصادره وتنقل ملكيته للفصيل المستلم للقطاع الذي يقع المحل التجاري ضمنه.
وأكمل المصدر بأنَّ الخطوة القادمة للجان الاقتصادية ستكون جرد الأراضي الزراعية وتحديد مالكيها ومصادرة الأراضي التي تعود ملكيتها للنازحين.
ونوّه المصدر إلى أنَّ التحصيل من الأراضي الزراعية سيكون من نسبة 10 بالمئة من قيمة محصول الأرض، وصولًا لمصادرة الأرض بحال كانت ملكيتها تعود للأطراف المذكورة سابقاً.
وأشار المصدر إلى أنَّ الفصائل الموالية لتركيا كانت فيما سبق تقوم بهذه التجاوزات ولكن بطريقة عشوائية وكل فصيل بحسب قطاعه، ولكنها بدأت الآن بتنظيم العملية وجعلها شرعية تحت غطاء “الضرائب”.
وترتكب فصائل المعارضة الموالية لتركيا عدة تجاوزات بحق المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها من سرقة للمنازل وعمليات سلب وتشليح وصولًا لعمليات القتل بهدف الاستيلاء على المنازل وتحويلها لمقرات أو سكن لعائلات العناصر تحت عدة ذرائع وتهم جاهزة كاتهام مالك المنزل بالتعامل مع “قسد”.
ويعيش السكان في هذه المناطق بشكل عام أوضاعاً معيشية بالغة السوء؛ حيث لا يستطيع الشخص تأمين ضروريات وأساسيات الحياة؛ ما دفع جزءاً كبيراً منهم للاعتماد على المعونات الخجولة المقدمة من بعض المنظمات التركية، ولعل الكثير من المشاهد التي تنشر يوميا تكشف أنّ المواطن أو النازح يعيش فعلياً حالة فقر شديدة وأصبح في غالبيته لا يستطيع تأمين المأكل والمشرب.
ويشكل الانضمام للفصائل المسلحة التي تدفع تركيا رواتبهم أو الأجهزة الأمنية مصدر معيشي لكن الرواتب بالكاد تصل الى 200 ليرة تركيا وقد تزيد إلى 300 ليرة وهو لا يكفي لإعانة عائلة.
كما يتوفر فرص عمل لدى المنظمات والمدارس والمجالس المحلية والتي تطلب باستمرار موظفين؛ ويتراوح دخل العاملين لدى المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني بعد النظر إلى رواتبهم والاطلاع على أوضاعهم تبيَّن أنّهم يتقاضون مبلغاً يتراوح بين 125 إلى 700 دولار وما فوق 1500 دولار للأطباء.
أما بالنسبة للعاملين في المهن اليدوية والورشات الصناعية فيتراوح الراتب بين (60 إلى 130 دولاراً) باستثناء أرباب العمل والتجار؛ حيث لا يمكن اعتبارهم من ذوي الدخل المحدود.
بالمقابل تنفق العائلة الفقيرة المكونة من 5 أشخاص مبلغاً يصل إلى (150 – 200 دولاراً) من أجل تأمين الطعام والشراب ويضاف إليها مبلغ 50 $ شهريا لاستئجار منزل.
أما العائلة متوسطة الدخل فتنفق بين (255 – 340 دولاراً) شهرياً لتأمين الطعام والشراب ويضاف إليها (100 – 150 دولاراً) لاستئجار منزل.
تجدر الإشارة إلى أنّ دراسات غير رسمية تشير إلى أنّه منذ اندلاع الحرب في سوريا حتى الآن خسر 13 مليون شخص وظائفهم وأعمالهم التي تُشَكل دخلهم الرئيسي، فيما ارتفعت نسبة البطالة من 8.5% عام 2010 إلى 70 % عام 2017، كما أنّ القوة الشرائية للفرد انخفضت بنسبة 85%، وباتت الطبقة المتوسطة القادرة على تأمين احتياجاتها نسبتها 10% بعدما كانت 60% قبل عام 2011.