لا تزال السلطات التركية تواصل ترحيل اللاجئين السوريين “غير النظاميين” إلى داخل الأراضي السورية متذرعة بأن عودة بعض هؤلاء اللاجئين إلى بلدهم كانت “عودة طوعية” ودون إكراه، ومنذ أيام رحّلت هذه السلطات 20 شاباً إلى مدينة اعزاز بريف حلب بعد أكثر من شهر من اعتقالهم أثناء محاولتهم الوصول إلى السواحل اليونانية.
وروى الناشط “مصطفى الخلف” أحد المرحلّين أنه كان مع مجموعة من اللاجئين في قارب باتجاه جزيرة متليني اليونانية ففوجئوا بالكومندوز اليوناني –التحالف- يحطم محرك القارب ويتركه وسط البحر لمدة ساعتين ونصف من غير محرك وعلى متنه 42 شخصاً بعد أن تم سحبهم من المياه الاقليمية اليونانية الى المياه الاقليمية التركية، وقام خفر السواحل التركي بعدها بانتشالهم واقتيادهم إلى مقر الجندرمة في منطقة ديكيلي بعد استكمال الإجراءات الأمنية ليتم نقلهم بعدها إلى مخيم ديكيلي الذي بقوا فيه إلى حوالي الساعة الواحدة ليلاً ليتم نقلهم ثانية إلى سجن اليابنجي في مدينة ازمير بتاريخ 28/10/2019، وكان السجن يضم -كما يقول محدثنا- العديد من العائلات السورية والعراقية والإفارقة وأكثر السوريين فيه ممن ليس لديهم أذونات عمل.
بتاريخ 5/11/2019 تم نقل المحتجزين السوريين من سجن اليابنجي الساعة الخامسة عصراً وكان المزمع أن تكون وجهتهم هي مخيم كلس في ولاية “غازي عينتاب” ولكنهم اكتشفوا عند الوصول إلى غازي عنتاب أنهم أودعوا في مركز ترحيل بمنطقة أوزلي وتم استقبالهم من قبل مأمور ومدير السجن بشكل سيء.
وروى الخلف الذي كان يعمل في مناشر حجر الغرانيت بمدينة ازمير التركية إن عناصر المركز انتزعوا منهم أجهزة الموبايل والأموال التي كانت بحوزتهم وتم إدخال كل واحد منهم إلى ذاتية المركز لتصويره وتبصيمه على ورقة أمانات، وتابع متحدثنا إن موظفي المركز أخفوا ورقة تحت الورقة التي تم توقيعهم عليها ليتضح أنها ورقة ترحيل طوعي –كما يقول- مضيفاً إنه تمكن من سحب الورقة وبعد أن قرأها رفض التوقيع عليها فتم ضربه هو ومن معه وتوجيه الشتائم لهم والسباب من قبل عناصر المركز الذين كانوا يرددون عبارات” سوريلي خاين وطن سوريلي شرف سيس”، وأردف المصدر أن مأمور المركز قال لهم من لا يوقع سيبقى محتجزاً هنا لأن هناك قرار توقيف إداري بحقنا لمدة 6 أشهر قابلة للتجديد.
وكان محدثنا -كما يقول- واحداً ممن رفضوا التوقيع وآثر السجن إلى حين ترحيله، وكشف مصطفى أن السجن الممول من الاتحاد الأوروبي ضم عمالاً سوريين تم اعتقالهم من أماكن عملهم وهناك شبان تم جلبهم من أورفة بتهمة عدم وجود أذون عمل ومنهم 9 عمال من دير الزور تم اعتقالهم في كافتيريا الباشا وترحيلهم إلى سوريا فيما بعد واثنين خرجوا من الإعتقال بالواسطة والمحسوبيات لان القانون في تركيا يسري على أناس دون أناس–حسب تعبيره-وأكد محدثنا أن 12 من المسجونين معه كانت تهمتهم الهجرة غير الشرعية في البحر والباقي عدم امتلاك أذونات عمل وجنح مختلفة، مشيراً إلى أنه كان من بين المسجونين مرضى بحاجة لنقل إلى المستشفى ولكن القائمين على المركز كانوا يكتفون بنقلهم إلى دكتور في الطابق الأول للمبنى وهو عبارة عن صيدلي لم يكن يعطي إلا مسكنات ألم.
بعد شهر من الاعتقال تم ترحيل مصطفى ومن معه مقيدي الأيدي في حافلة إلى مدخل باب السلام- الطرف السوري ليتم إدخالهم بعدها إلى مدينة إعزاز.
وأشار مصطفى إلى أنه يرغب بالعودة إلى تركيا ولكنه يخشى الاعتقال ثانية لأنه لا يملك “كملك” فتتكرر قصة السجن.
وكانت منظمة العفو الدولية قد أشارت في تقرير لها استند إلى شهادات لمرحلين أن الكثير منهم تعرضوا للإكراه، أو التضليل، عند توقيع ما يسمى بوثائق “العودة الطوعية”، وقال بعض من التقتهم المنظمة إن الشرطة التركية اعتدت عليهم بالضرب، أو هددتهم بالتوقيع على وثائق تفيد أنهم كانوا يطلبون العودة إلى سوريا، بينما كانت تركيا في الواقع تجبرهم على العودة إلى منطقة حرب، وتعرض حياتهم لخطر جسيم.