في مشهد يخلو من أدنى مقومات الإنسانية، أظهر مقطع فيديو، مجموعة من العناصر بقبضتهم فتاة مقاتلة في صفوف قوات سوريا الديمقراطية، مصابة يحملها أحدهم وينادي بها باللهجة السورية: “ع الذبح ع الذبح”، في مشهد يعيد إلى الأذهان ما كانت تفعله عناصر تنظيم داعش الإرهابي.
وفجأة، يخرج صوت آخر يقول: “عاملوها معاملة أسيرة، إنها غنيمة”.
فيما تصرخ الفتاة المصابة بوجه المسلحين الموالين لأنقرة وتقول أنا “عربية”، في محاولة منها لتخفيف ألم مصيرها، لكن دون جدوى.
وبعد التدقيق تبين أن الفصيل المتورط في هذه الجريمة هم من “فيلق المجد”، وهو إحدى الجماعات المقاتلة تحت قيادة تركيا، وسبق أن نشر عناصره قبل يومين فيديو وهم يشوهون جثة مقاتلة كردية ، بتاريخ 21 اكتوبر.
والفتاة اسمها”جيجك بهار” ولدت في مدينة كوباني عام 1997، حيث شن الفصيل المذكور هجوما على قرية مشرافة التابعة لعين عيسى لتصاب بجروح، وتقع اسيرة.
ويظهر في الفيديو أحد المسلحين وهو يحمل الفتاة، ويسمع صوت آخر وهو يقول “أسيرة من الحزب” وإنها من وحدات حماية الشعب.
وتهجّم المسلحون على الفتاة بألفاظ مشينة فوصفوها بـ”الخنزيرة”، في حين كان أحدهم يصرخ “عالدبح”، في إشارة واضحة إلى نية المسلحين قتلها.
ووسط الضحكات يردد المسلحون في الفيديو عبارة “روجافا” التي تشير إلى الإدارة الذاتية، وبدت الفتاة في الفيديو غير قادرة على تكلم اللغة العربية، في حين كان المسلحون يحاولون التواصل معها.
وبعد الحصول على صورة ثانية، يظهر فيها عناصر وقادة فصيل فيلق المجد\ اسمه السابق نورالدين الزنكي، تمكنا من تحديد هوية 3 من المشاركين في “الجريمة” وهم:
ياسر عبد الرحيم، قائد فصيل “فيلق المجد” وهو من مواليد بلدة ترمانيين التابعة لمحافظة إدلب، له تسجيلات مصورة وهو يقصف حي الشيخ مقصود بحلب، كان مشاركاً في غرفة عمليات “لبيك يا أختاه” التي دمرت حي الشيخ مقصود بوابل من الصواريخ وظل يشارك في حصارها مدة ثلاث سنوات، وشارك فصيله مع تركيا لاحتلال مدينة عفرين، وارتكاب الانتهاكات المتعددة بحق من تبقى من سكانها فيها، كما كان ممثل لوفد المعارضة في اجتماعات أستانا. وقد مدحه الرئيس التركي رجب أردوغان، وقام بتكريمه.
زكريا حاج مصطفى، يعمل ضمن الفصيل كمقاتل، وصحفي وهو من ريف حلب، مدينة كفرحمرة.
جميل أحمد رجب اسم الأم زيتونه مواليد 1994، معروف باسم “جميل قوربيج” وهو من “العرب” الذين استقروا في مدينة عفرين، حيث ولد فيها وعاش في قرية باسوطة، انضم بداية لحركة نورالدين الزنكي، التي اتهمت بارتكاب جرائم حرب في حي الشيخ مقصود بحلب.
محمد جميل الديري قيادي في فصيل يسمى بـ “٥١”، تابع لفيلق الشام.
نضال اوسو، يقود جماعة تسمى “مجموعة أحمد تركي اوسو” ضمن فيلق المجد، هو من سكان بلدة حيان غربي حلب تسكن عائلته في حي الأشرفية بعفرين / شارك السرفيس…
كشف هوية عدد من مسلحي "فيلق المجد" الذين ظهروا في الشريط المصور لأسر مقاتلة في وحدات حماية المرأة.https://t.co/j9aRIM4kjU pic.twitter.com/rNZGaaSb9o
— VdC-NsY (@vdcnsyEnglish) October 26, 2019
نضال اوسو، يقود جماعة تسمى "مجموعة أحمد تركي اوسو" ضمن فيلق المجد، هو من سكان بلدة حيان غربي حلب تسكن عائلته في حي الأشرفية بعفرين / شارك السرفيس… https://t.co/j9aRIM4kjU عبر @vdcnsyEnglish pic.twitter.com/6K4x05PmI8
— VdC-NsY (@vdcnsyEnglish) October 27, 2019
ومنذ اطلاق تركيا عمليتها العسكرية في شمال شرقي سوريا، انتشرت مقاطع فيديو مروعة لانتهاكات المسلحين الموالين لتركيا.
وأظهرت مقاطع انتشرت منذ أكثر من أسبوع مسلحين موالين لتركيا وهم يعدمون ميدانيا مدنيين، وأخرى أظهرت عمليات تمثيل بالقيادية الكردية هفرين خلف.
وتوقفت العملية العسكرية التركية بعد اتفاق بين أنقرة وواشنطن، ثم بين أنقرة وموسكو على انسحاب قوات سوريا الديمقراطية نحو 30 كيلومترا باتجاه الجنوب.
وأكدت الولايات المتحدة امتلاكها أدلة على ارتكاب “جرائم حرب” خلال العملية العسكرية التركية شرق الفرات.
وقال المبعوث الأميركي إلى سوريا جيم جيفري إن هناك أدلة على ارتكاب المتمردين المدعومين من تركيا “جرائم حرب” وأضاف خلال جلسة للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب “قد رأينا عدة حوادث نعتبرها جرائم حرب”.
من جهته، قال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر “أعتقد أن المسؤولين (عن ذلك) يجب أن يحاسبوا. في كثير من الحالات، ستكون الحكومة التركية”.
كما أن البرلمان الأوروبي أكد، الخميس، في جلسة عقدها في ستراسبورغ، دعمه لإجراء تحقيق دولي في اتهامات استخدام تركيا أسلحة محظورة في شمال سوريا، منها الفوسفور الأبيض. وصوتت أغلبية النواب على قرار يدين بشدة العملية التركية أحادية الجانب في شمال شرق سوريا.
وأعلن البرلمان الأوروبي إن مقاتلي “أحرار الشرقية”، أحد الفصائل المدعومة من تركيا، نفذوا إعدامات عشوائية وارتكبوا جرائم تعذيب.
وعن تهجير السكان من تلك المنطقة، قال البرلمان إن هذا يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي.
إلى ذلك، دعا دول الاتحاد إلى اتخاذ عقوبات ضد المسؤولين الأتراك عن انتهاكات القانون الإنساني في شمال شرقي سوريا.
بدورها، نادت لجان دولية وحقوقية بفتح تحقيقات في جرائم حرب تركية محتملة ارتكبت ضد الأكراد، وذلك بعد أن عرضت رئيسة الهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية، إلهام أحمد، صورة الطفل محمد، الذي احترق جسده بأسلحة تركية محرمة دولياً، في جلسة استماع عاصفة في الكونغرس، وهو ما أثار حفيظة العالم.
وأكدت أحمد حينها أنه تم تقسيم جغرافية تلك المنطقة، في حين لايزال داعش يواصل هجماته عليها.
كما أشارت إلى أن تركيا أجبرت 300 ألف شخص على النزوح من منازلهم، فيما قتل 250 شخصاً أغلبهم من الأطفال، ولا يزال 300 شخص مفقودين ودمرت مدينة رأس العين بشكل كامل.
واتهمت الإدارة الذاتية تركيا باستخدام أسلحة غير تقليدية كالنابالم والفوسفور الأبيض، في هجومها الذي شنته في 9 من أكتوبر الجاري على المقاتلين الأكراد في شمال سوريا، الأمر الذي تنكره أنقرة. حيث نشر مسؤولون أكراد على مواقع التواصل الاجتماعي شريط فيديو يظهر أطفالاً مصابين بحروق يمكن أن تكون ناجمة عن هذه الأسلحة، بحسب طبيب في محافظة الحسكة.