بات أسم الجندرمة التركية بالنسبة للسوريين متعلقا بالقتل والضرب، كما هو اسم البرميل أو القناص على المعابر التي كانت تفاصل مناطق سيطرة الفصائل أو مناطق سيطرتها مع قوات الحكومة السورية..
ولهذا الارتباط الكثير من المعاني المتعلقة بعشرات بل بمئات الضحايا من الذين سقطوا برصاص هذه القوات… قتلوا، او اصيبوا بجروح، او تم اعتقالهم وضربهم احيانا حتى الموت، هؤلاء الضحايا هم اللاجئون السوريون الفارون من بلدهم التي تشارك فيها تركيا كطرف يدعم ويؤجج الحرب الاهلية المستعرة منذ 9 سنوات، ولا تنتهي.
الخبر الذي نقلته وكالة الأناضول الحكومية التركية يتعلق بقيام الجندرمة التركية بتنظم دورات تأهيلية متخصصة لعناصر أمن من 23 دولة حول العالم، وهو يأتي بعد يومين فقط من قيام عناصر من الجندرمة بقتل لاجئ آخر كان هاربا من الحرب في إدلب، وهي المدينة التي من المفترض أنها باتت آمنة عبر تعهدات أطلقها الرئيس التركي بتوقيع العديد من الاتفاقيات التي اوقفت فيها التصعيد.
ويضيف الخبر أنه تطبيقاً لاتفاقيات التعاون التي أبرمتها وزارة الداخلية التركية مع نظيراتها في الدول الشقيقة والحليفة، فإن القيادة العامة لقوات الجندرمة تواصل برامجها التأهيلية لعناصر الأمن من هذه الدول، في مراكز تأهيلية وأكاديمية خاصة بالجندرمة وخفر السواحل.
التقرير يشير انه خلال الـ 35 عاما الأخيرة، نظمت القيادة العامة لقوات الدرك “الجندرمة” دورات تأهيلية في مجالات متعددة، لأكثر من ألف و800 عنصرا أمنيا من 23 دولة متفرقة حول العالم لكن التقرير يغفل أن هذه القوات قتلت 438 لاجئا سوريا، بينهم ( 80 طفلا دون سن 18 عاما، و 55 امرأة) واصابت 385 لاجئا بجروح عبر استهدافهم بالرصاص الحي وهم من الذين يحاولون اجتياز الحدود هربا من الحرب المندلعة في سوريا منذ 8 سنوات أو من سكان القرى والبلدات السورية الحدودية أو المزارعين، وأصحاب الأراضي المتاخمة للحدود حيث يتم استهدافهم من قبل الجندرمة بالرصاص الحي.
يضيف التقرير “وصل عدد المجالات الأمنية التي نظمت فيها الدرك التركية الدورات 102 مجالا، أبرزها دورات القناصة والقوات الخاصة، والعمليات الأمنية في أحوال الطقس الصعبة كالبرد القارس والثلوج الكثيفة، فضلا عن القيادة التكتيكية للعربات ضمن إطار مكافحة الإرهاب”
ونشرت القيادة العامة للدرك التركية “كتيب تأهيلي دولي، يضم الدورات التي نظمتها للعناصر الأجانب ونبذة عن تاريخ القيادة، إلى جانب التعريف بالأقسام والوحدات التابعة لها.
وحسب الكتاب، يشرف 8 موظفين مختصين في مجال رمي القناصة على تأهيل عناصر الأمن الأجانب، وتتضمن الدورة 100 ساعة تدريبية، يجري فيها تعليم أساسيات القنص والاستخدامات التكتيكية لفرق القنص، ويكتسب فيها المشاركون مهارة الرمي بسلاح القناصة حتى مسافة ألف و200 متر.
الجندرمة التركية تقتل وتصيب قرابة 850 لاجئا سوريا على الحدود:
تتواصل أعداد الخسائر البشرية الناجمة عن استهداف الجندرمة التركية ارتفاعها، إثر قتل مزيد من السوريين ممن حاولوا الهروب من الموت فتلقَّفهم الموت برصاصات تركية.
وتُظهر العديد من الأشرطة المُصوّرة اعتداء حرس الحدود التركي على شبان ومواطنين سوريين بعد اعتقالهم خلال محاولتهم عبور الشريط الحدودي، حيث يعمد عناصر حرس الحدود إلى ضربهم وتوجيه الشتائم لهم.
الجمعة قتلت قوات حرس الحدود التركية الشابة هديل احمد الحسين الدخيل بعد اصابتها بطلق ناري في الصدر على الحدود التركية السوري أثناء محاولة عبورها للجانب التركي. وهديل من محافظة ديرالزور قرية البوعمر.
وأصبحت حوادث قتل اللاجئين شائعة أكثر فأكثر في السنوات الثلاث الماضية، رغم ادعاء السلطات التركية أنها تتبع سياسة الحدود المفتوحة في أعقاب اندلاع الحرب الأهلية السورية منذ عام 2011.
وقتلت الجندرمة التركية الأثنين اللاجئ “هشام مصطفى” من مدينة السفيرة وكان يقيم في تركيا وقامت السلطات التركية بترحيله إلى الأراضي السورية قسرا منذ قرابة 25 يوم، بسبب عدم حوزته على بطاقة الحماية المؤقتة “الكيملك” حيث بقيت زوجته وأولاده الثلاثة في تركيا، ما دفعه لمحاولة الدخول لاحقا من أراضي محافظة إدلب قرب بلدة دركوش، حيث أطلقت “الجندرما” عليه النار ما أدى لمقتله.
وكانت السلطات التركية رحلت 6160 لاجئا سوريا خلال شهر تموز الفائت حسب ما صرحت إدارة معبر “باب الهوى” على موقعها الرسمي.
والجمعة، 4 اغسطس فقد الطفل ماهر حسن، حياته متأثرا بجراحه بعد أيامٍ على إصابته برصاص الجندرمة التركية في قرية سفتك في مقاطعة كوباني على الحدود التركية. ماهر (17 عاماً) أصيب برصاصة في الرأس في الـ30 من تموز/يوليو المنصرم، أثناء مساعدته لأهله في ترميم سطح منزلهم في قرية سفتك غرب مدينة كوباني.
وفي الأربعاء 24 يوليو أصيب الشاب “كانيوار شاهين جزائر” ( 29 عاماً) من أهالي قرية قره موغ شرقي كوباني بطلقتين في الكتف أثناء عمله في أرضه قرب قرية غريب على الحدود السورية -التركية، حيث تم اسعافه إلى مشافي مدينة كوباني وتحويله إلى مشافي مدينة منبج؛ لتلقي العلاج.
وبتاريخ 20 يوليو الجاري قتل شاب من أبناء مدينة سلقين برصاص قوات حرس الحدود التركي “الجندرما” أثناء مروره على الطريق الواصل بين بلدة دركوش وقرية الدرية الحدودية مع ولاياة هاتاي / لواء اسكندرون غرب إدلب، كما وأصيب نازحان اثنين في مخيم صلاح الدين غرب جسر الشغور، برصاص عشوائي مصدره حرس الحدود التركي أثناء ملاحقة -الجندرما- لمهربين حاولوا دخول الأراضي التركية الجمعة.
الانتهاكات تجاه اللاجئين والنازحين على حد سواء من قبل الجندرما متواصلة رغم أن تركيا تعتبر من الدول الضامنة لوقف التصعيد وتشارك كأحد أطراف الصراع الرئيسية في سوريا وتقع على عاتقها مهمة حماية اللاجئين والنازخين فصباح السبت اعتقلت الجندرمة لاجئين وقامت بضربهم بشكل وحشي بالإضافة إلى حلاقة شعر الرأس والحاجبين لتمييزهم في حالة حاولوا العودة إلى الحدود التركية.
بحسب احصائية من مركز توثيق الانتهاكات Vdc-Nsy فإنّ الجندرمة التركية قتلت حتى نهاية تموز من العام الجاري 436 شخصا بينهم ( 80 طفلا دون سن 18 عامًا، و 53 امرأة) ووثق إصابة 376 بجروح.
وتتكرر حالات استهداف “الجندرمة” للاجئين السوريين الذين يحاولون عبور الحدود من سوريا هربا من الحرب الدائرة في بلادهم، كما قامت ببناء جدار عازل على طول حدودها التي يبلغ طولها 911 كم لمنع دخول اللاجئين، ما يسفر عن سقوط قتلى وجرحى مدنيين بشكل مستمر.
في إدلب الإثنين 11 شباط، عُثر على جثث 10 مدنيين على الشريط الحدودي، بالقرب من بلدة زرزور شمالي إدلب في منطقة دركوش ..معظم الجثامين بقيت داخل الأراضي التركية بينهم أطفال ونساء…
وفي حزيران، قتل ثلاثة مدنيين بينهم طفلة تبلغ من العمر 10 سنوات، برصاص “الجندرمة” التركية، في أثناء محاولتهم العبور من منطقة دركوش بريف إدلب إلى الأراضي التركية.
وكانت أبرز الحوادث السابقة في حزيران 2016، حين قتل 11 شخصًا بينهم نساء وأطفال، قرب معبر خربة الجوز في ريف إدلب الغربي إضافة لمقتل 9 مدنيين أغلبهم نساء في 9 فبراير 2019.
وقالت منظمة (هيومن رايتس ووتش) في تقرير لها فبراير الماضي إن قوات حرس الحدود التركية تطلق النار عشوائيا على طالبي اللجوء السوريين الذين يحاولون العبور إلى تركيا، ويعيدونهم بشكل جماعي إلى حيث قدموا.
وذكرت المنظمة، التي يقع مقرها في نيويورك، أنها تحدثت مع 13 سوريا قالوا جميعهم إن قوات حرس الحدود التركية أطلقت النار عليهم بينما كانوا لا يزالون في سوريا، ما أسفر عن مقتل 10 أشخاص، من بينهم طفل، وإصابة عدد آخر.
الشاب السوري عبد الكريم خلف، قال: “حالما دخلنا تركيا، وجدنا أنفسنا محاصرين من حوالي عشرين جنديا من قوات الدرك التركية. وقبل أن نتمكن من فعل أي شيء، انهالوا علينا بالضرب بالهراوات وبكعوب بنادقهم بقوة، لدرجة أنني كدت أفقد الوعي. لذا بدأت بالركض نحو الجدار مرة أخرى، وتسلقته مجددا عائدا إلى الجانب السوري. ثم فقدت الوعي بالفعل.. لكن مجموعة من السكان المحليين هرعت بي إلى المستشفى. فيما بقي ابنا عمي على الجانب التركي ولم يتمكنا أبدا من العودة بسبب الضرب والتعذيب اللذين تعرضا له على أيدي قوات حرس الحدود التركية.”
وقال مسؤولون في المستشفى إن جثتي ابني عمه وجدتا متروكتين في وقت لاحق في منطقة الحدود قبل أن يتم نقلهما إلى مستشفى محلي.