محلل: لقد نجحت استراتيجية الأكراد المرنة والدينامية

تجولنا مع فهيم طاشتكين على مدى أسبوعين في كردستان العراق وسوريا، والتقينا بالمسؤولين والشعب هناك. طاشتكين شخصية تتردد على المنطقة منذ سنوات. وأحد الخبراء الرئيسين في تركيا. تحدثنا معه عن آخر التطورات السياسية وانطباعاته بشأن روجافا.
“أنا شاهد على روجافا أو على ثلاث فترات مختلفة في شمال سوريا. في البداية كانت هناك شكوك حول ما يريدون القيام به أو من يتحركون باسمه. كان المتدخلون في سوريا بنظام الوكالة، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية وتركيا، يزعمون أن الأكراد يتحركون بالتعاون مع حكومة الأسد، ويشترطون “قطع علاقاتهم بالنظام، وانضمامهم إلى المعركة مع الجيش السوري الحر.”
وعلى حين كان الأكراد يتصدون لهجمات الجيش السوري الحر، وجبهة النصرة، وأخيرًا هجمات داعش استحوذوا في ظل هذا على أرضية مشتركة مع شعوب المنطقة، فأقاموا عليها أركان الحكم الذاتي الديمقراطي. لقد أثبتوا أنفسهم. غيروا الخطط الأصلية للشراكة مع الولايات المتحدة ضد داعش، والتوسع باتجاه المناطق العربية. وأصبح نظام التقسيم الإداري روجافا-شمال سوريا اتحادًا ديمقراطيًا. وكان هذا تحديثًا للمنطقة وفقًا لواقعها الجديد وطبيعتها الاجتماعية.

تم التخلي عن اسم روجافا الذي كان يستخدم للإشارة إلى المنطقة الغربية من كردستان، وذلك من أجل ضم العرب والشعوب الأخرى إلى هذا النظام. وكانت هذه مرونة محلية. بعد ذلك، وعندما دخلت الرقة ودير الزور في هذه الدائرة، أصبح من المفضل استخدام مصطلح الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا. فكانت هذه المرونة تهدف إلى معالجة الواقع المحلي ومنع رفض الدولة السورية التام للمفاوضات المحتملة. الآن تقف أمام هذا النموذج من الحكم الذاتي الكثير من التحديات التي أدى إليها هذا التوسع.
إلى متى ستستمر الشراكة بين العرب والأكراد؟ بالطبع أن ديناميكية التحول في المجالين السياسي والاجتماعي واضحة، ولكنها ليست كافية للتفاؤل. لأن العوامل الهدامة كثيرة. إضافة إلى ذلك، فإن العوامل الخارجية التي تضمن استمرار الشراكة لا تقدم ضمانًا مطلقًا لتطلعات الأكراد المستقبلية.

هناك عقبات خطيرة أمام مرحلة السلام وإعادة الإعمار

مع انتهاء الحرب مع داعش، تتراكم المشاكل الحقيقية أمام الأكراد، أو بعبارة عامة أمام الإدارة الذاتية، في عملية إعادة البناء والسلام. على المستوى المحلي، يُلاحظ أن الكوادر تعطي، وبإصرار، أهمية كبيرةً للتنظيم السياسي والاجتماعي. ولا نرى أي تخوف في هذا الموضوع. أعتقد أن هذا هو البعد الأكثر تأثيرًا في منطقة شرق الفرات. وبعبارة أخرى، لا تزال الجهود المبذولة لزيادة المشاركة والتنوع من خلال فكرة “الإدارة الذاتية المستقلة” فاعلة نشطة في المناطق المتناقضة حيث لا تزال تحافظ على ثوابتها الثقافية وعلاقاتها القبلية وروابطها العميقة مع الدولة. ومع ذلك، أشعر بضرورة إضافة بعض التوضيحات بقول “ولكن” هي منطقة جغرافية كبيرة وصعبة.
ربما لا توجد مشكلة فيما يتعلق بقدرة وحدات الأمن؛ فالناس لم يفقدوا الشعور بالأمن في حياتهم اليومية. ومع ذلك، هناك معضلات خطيرة في إضفاء الطابع المؤسسي على المنطقة. على سبيل المثال، وقد صادفنا أحاديث حول وقائع فساد واستيلاء على الممتلكات. إن الحساسية إزاء المشاكل ليست كافية لحل المشاكل القائمة. يجب أن تكون هناك قوة خفر تنفذ القرارات، وقوة ردع تعمل في الأوضاع غير الطبيعية. قديمًا كانت الإدارة تتخبط بشأن بعض المشاكل؛ ما بين التعامل معها أو عدم التعامل.
التحدي الرئيسي الثاني بعد هذا سيظهر في صورة توزيع العوائد العقارية والدخل. وقد أعرب المندوبون الذين التقيناهم عن حساسيتهم تجاه هذه القضايا. لكنها قضايا صعبة. إذا تعذر إنشاء آلية عادلة لحل المشكلات في مجالات مثل الملكية وتوزيع الأصول وتوزيع العدالة، فإن روح الأخوة بين الشعوب التي تقوم عليها الإدارة الذاتية المستقلة هذه سوف تتهاوى. وعندئذ تنشط العوامل المدمرة.

العوامل التي تتجاوز الأكراد وتمنع الحل تدخل حيز العمل.

قضايا مثل الملكية وتقاسم النفط والفساد تمثل تحديات في نطاق القدرة الخاصة بالإدارة. وبصرف النظر عن هذا، هناك حقائق تتجاوز وحدات الإدارة الذاتية. على سبيل المثال، ستكون هناك انعكاسات وأصداء مباشرة للصفقات القائمة بين تركيا والولايات المتحدة الأميركية من جانب، وبين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا من جانب آخر، وهو ما يتجاوز الإرادة المحلية. ومع هذا تظل المفاوضات مع دمشق أهم طريقة للخروج من هذا، ولكن يبدو أن العقبة أمام هذا تتمثل في الولايات المتحدة الأميركية وتركيا. إن ما سيتغلب على حالة الجمود هو أن تتبع دمشق نهجا جريئا يتوافق مع الواقع في شرق الفرات. لكن دمشق لا تريد أن تفعل هذا ما لم تستهلك البطاقات والخيارات التي بيدها.
إذا تغلبت الدولة السورية على مشكلة إدلب، فمن المحتمل أن تحاول تجربة قنوات تضعف موقف الأكراد في الفترة المقبلة. لهذا السبب فإن اقتراح “ألدار خليل” بأنه لا ينبغي توقع حل حتى عام 2025 أمر واقعي بالنسبة لي. بالطبع، تتغير التوازنات من المساء حتى الصباح، وغداً يمكننا أن نجد أنفسنا نتحدث عن شيء آخر.”
المصدر: إرغون باباهان

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك