تواصل الولايات المتحدة بذل المزيد من الجهود لتحقيق تقارب بين حكومة العدالة والتنمية في تركيا حليفتها في حلف الناتو، وبين قوات سوريا الديمقراطية شريكتها في الحرب على تنظيم داعش.
وانحصرت طموحات تركيا الجيوسياسية والأمنية التي فشلت في بلوغها مع دعم التمرد العربي السني لإسقاط حكومة الرئيس السوري بشار الأسد في جهودها الآن بمساعي استهداف الأكراد في شمال سوريا والذين أسسوا منطقة الإدارة الذاتية وهي تسعى لتطبيق طموحاتها التي فشلت في دمشق في مدينة قامشلو والتلويح بشن حرب جديدة تستهدف غزو منطقة شرق الفرات، من خلال طرح ما تسميه “المنطقة الآمنة” بذريعة الامن القومي التركي.
وبحث وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، مع الممثل الأمريكي الخاص لشؤون سوريا، جيمس جيفري، مسألة إقامة منطقة آمنة شرق نهر الفرات.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان لها، أن أكار التقى مع جيفري، في مقر الوازرة بأنقرة.
وذكر البيان أن الجانبان بحثا مسألة إقامة منطقة آمنة شرق الفرات، وآخر المستجدات في سوريا ولا سيما مكافحة داعش.
وشدد أكار خلال اللقاء على ضرورة إقامة المنطقة الآمنة بالتنسيق بين تركيا والولايات المتحدة، وإخراج عناصر تنظيم ي ب ك من تلك المنطقة وتدمير التحصينات فيها.
كما أكد ضرورة سحب الأسلحة الثقيلة من المنطقة، وتهيئة ما وصفه بالظروف المناسبة لعودة السوريين إلى منازلهم.
وأشار البيان إلى أن الوفدان العسكريان لتركيا والولايات المتحدة اتفقا على مواصلة الأعمال المشتركة في مقر الوزارة بأنقرة اعتبارا من الثلاثاء حيال إقامة منطقة آمنة في سوريا وأن رؤية كلا الجانبين كانت متطابقة، حول المنطقة الآمنة.
وعلى صعيد متصل، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلاده ستبدأ عملية عسكرية شرقي نهر الفرات إذا لم تتم إقامة منطقة آمنة مزمعة في شمال سوريا وإذا استمرت التهديدات التي تواجهها أنقرة.
وقال جاويش أوغلو إن المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن المنطقة الآمنة تباطأت، مضيفا أن أنقرة أبلغت واشنطن بأن عليها ألا تستغل القتال في محافظة إدلب بشمال غرب سوريا ذريعة لتجاهل المنطقة الآمنة المقترح إقامتها إلى الشرق.
وعبر جاويش أوغلو مجددا عن خيبة أمل تركيا من عدم تنفيذ اتفاق مع الولايات المتحدة حول مدينة منبج حتى الآن، رغم مرور أكثر من عام على التوصل إليه. وحذر من أن أنقرة ستتحرك بشكل أحادي إذا تعثرت المحادثات المتعلقة بالمنطقة الآمنة.
وأضاف “إذا لم تتم إقامة المنطقة الآمنة واستمرت التهديدات الموجهة لبلدنا، فسنبدأ العملية في الشرق من نهر الفرات”.
وتابع قائلا “أرسل الأمريكيون (المبعوث الخاص) جيفري وقالوا إن هناك اقتراحات جديدة ستطرح في المحادثات التي ستبدأ اليوم. نأمل في إمكانية التوصل إلى اتفاق بهذا الصدد. ينبغي اتخاذ خطوات ملموسة في هذا الشأن الآن”.
من جهة أخرى قال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، بإنهم بحثوا تطورات الحدود السورية التركية والتهديدات التركية تجاه مناطق سيطرتهم في شمال وشرقي سوريا إلى جانب ملف معتقلي تنظيم “الدولة الإسلامية” وعوائلهم في المخيمات والوضع الأمني الداخلي الإثنين مع قائد القيادة الأمريكية الوسطى الجنرال كينيث ماكينزي والسفير الأمريكي وليام روباك بالتزامن مع زيارة جيفري لأنقرة.
وأشار عبدي إلى أنه كان لديهم رؤية مشتركة لحل المشاكل التي تواجههم.
وأوضح القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، في تصريح صحفي لوسائل الاعلام عقب لقاءه مع قائد القيادة الأمريكية الوسطى الجنرال كينيث ماكينزي والسفير الأمريكي وليام روباك، بأنه تم مناقشة عدة أمور على رأسها التهديدات التركية للمنطقة.
وقال عبدي: “لقد اجتمعنا مع كينيث ماكنزي قائد القيادة الأمريكية الوسطى وناقشنا عدة أمور منها المشاكل التي تحدث على الحدود مع الدولة التركية وسبل حلها”.
وأضاف القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية أنه تم أيضا مناقشة الرؤى المشتركة مع التحالف الدولي وخاصة فيما يتعلق بإزالة خطر تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، إضافة إلى مناقشة وضع المخيمات وعوائل التنظيم والمعتقلين لدى قوات سوريا الديمقراطية.
وأكد عبدي على أن هناك العديد من الرؤى المشتركة بين الطرفين لمواجهة المشاكل التي تهدد أمن المنطقة.
وبعد اللقاء نقل عن الجنرال كينيث ماكينزي، قوله إن جنود التحالف باقون في سوريا لحين تأمين قوات سوريا الديمقراطية من خطر تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وجاءت تصريحات الجنرال الأمريكي عقب إنهاءه اجتماعاً مع القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، وبعض قياديه في منطقة كوباني ظهر اليوم.
ماكينزي قال بأن نقاشاتهم تركزت على تمكين الأمن المحلي لمنع عودة تنظيم “داعش”.
وعن التهديدات التركية أبدى مكينزي حرصا شديدا وأن أي تصعيد جديد سيفاقم الأوضاع، وأن الإدارة الأمريكية تعمل على تهيئة الوضع بحيث لا يتطلب الأمر تدخل القوات التركية في الشمال السوري.
وأكد ماكينزي على إنهم مازالوا يعملون مع قوات سوريا الديمقراطية على إعادة الأمان لشرق الفرات قائلاً بأنهم سيستمرون في عملياتهم مقدمين الدعم لحلفائهم لإقامة إدارة محلية قوية على المستوى الاستراتيجي.
واستبعد ماكينزي الانسحاب الأمريكي في الوقت الحالي قائلاً بإنهم سيساعدون الأمن الداخلي للتصدي لمخاطر تنظيم “داعش” بشكل أفضل قبل التفكير بالانسحاب من المنطقة.
قائد المنطقة الوسطى في القيادة المركزية للتحالف الدولي في شمال سوريا ويلتقي بقيادة قسدhttps://t.co/ZcKEgQyqLw pic.twitter.com/rqGEaqkpMl
— VdC-NsY Northeastern Syria (@vdcnsy) July 22, 2019
هذا واستبق قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي اللقاؤات بالتحذير من أن اي هجوم من قبل تركيا وفصائل موالية على شرق الفرات سيؤدي إلى «فتح جبهة بطول 600 كيلومتر» من المالكية (ديريك) قرب حدود العراق إلى كوباني، مشيرا إلى أن قواته مستعدة لقبول منطقة أمنية بعمق خمسة كيلومترات.
وشدد عبدي على أن حربا كهذه إن حصلت ستؤدي إلى نشوب حرب داخلية ثانية في سوريا، وستستمر حتى انسحاب تركيا.
وحول موقف واشنطن من هجوم تركي محتمل على المنطقة، أوضح عبدي: «لدينا اتفاق مع الولايات المتحدة فيما يخص الحرب ضد داعش، وحربنا مع داعش هي الآن في مناطق الرقة ودير الزور، وإذا حدث أي هجوم علينا، ستنسحب وحدات حماية الشعب التي هي ضمن قوات سوريا الديمقراطية إلى المناطق الحدودية، وحدوث ذلك يعني توقف الحرب على داعش.. وهذا سيضر بالاتفاق».
وعن المنطقة الآمنة التي جرى الحديث حول تشكيلها، قال عبدي: «الرئيس التركي أردوغان صرح منذ العام 2018 وقال بأن الجيش التركي قد أتم استعداداته وسنبدأ بعملية في شرق الفرات؛ ونحن نعلم بأنه على مدى الأعوام السبعة الماضية لم يحدث أي هجوم على تركيا من طرفنا؛ ولكن وجودنا يمثل قضية ومشكلة بالنسبة لأردوغان والدولة التركية؛ ونقولها دائماً: نحن لا نريد حرباً جديدة، حرباً كبيرة، أي إنه حال حدوث أي حرب ستتوسع رقعتها وتتحول إلى حرب كبيرة، وحينها لن يكون هناك وقف إطلاق نار؛ وقد طلبنا من حلفائنا أن يوصلوا هذه الرسالة، وقد طلبنا ذلك من المبعوث الخاص للولايات المتحدة جيمس جيفري، وهو بدوره أعرب عن سروره القيام بهذه المهمة».
وطالب عبدي بأنّ تقوم قوّات دولية بمهمّة «الدوريّات الحدوديّة»، مضيفا: «يجب أن تكون هذه القوات الدولية من ضمن التحالف الدولي أو من قوة دولية أخرى، فالدولة التركية هي طرف في مسألة الحدود هذه ونحن نطالب بجهة حيادية». وزاد: «خروج قوى الاحتلال التركي من عفرين شرط أساسي لقبولنا بمشاركة تركيا في دوريّات مراقبة الحدود».