يسود مدينة تل ابيض السورية في شمال الرقة حالة من الهدوء والترقب في ظل تصاعد وتيرة التهديدات التركية، وارسالها لتعزيزات إلى الحدود في منطقة آقجةقلعة التركية.
ورغم التهديدات فإن الحياة في مدينة تل أبيض تجري بشكل طبيعي، مع شعور بالقلق لدى السكان وتخوف من أن تدفع تركيا الاوضاع المستقرة فيها إلى التأزم، وخلق فتنة قد تؤدي لنشوب حرب جديدة.
“قوات حماية المجتمع” إلى جانب “الجهات الأمنية” والعسكرية من وحدات حماية الشعب والمجلس العسكري لمدينة تل أبيض التابع لقوات سورية الديمقراطية تواصل القيام بمهمة حماية أمن واستقرار المنطقة في خضم التوترات التي تلف الوضع العام، ويقول أعضاء هذه القوات إن “تركيا عبر تهديداتها تهدف إلى ضرب أمن في المنطقة”.
وتم تعزيز هذه القوات واعادة انتشارها تحسبا لأي اعمال او نشاطات قد تستغلها خلايا محسوبة على تنظيم داعش أو تركيا مستغلة التهديدات التركية.
في احصائية لعدد عمليات التفجير، فقد سجل مركز التوثيق حدوث 12 حادثة غالبها تفجير دراجات نارية/ و سيارة مفخخة منذ بداية الشهر الحالي، وهو تاريخ التصعيد التركي والتلويح بعملية عسكرية تستهدف شرق الفرات.
المؤسسات الأمنية والعسكرية في تل أبيض كثفت تنفيذ دورياتها ونصبت المزيد من الحواجز ونقاط المراقبة.
ويقول أعضاء هذه القوى أن هدف تركيا من تهديداتها وتحشيد قواتها هو ضرب أمن المنطقة والتعايش المشترك الذي تنعم به المنطقة، مؤكدين بأنهم سيحمون مناطقهم من أي اعتداء كما دحروا داعش.
كوكو أكمكجيان، أرمني وهو عضو في قوات حماية المجتمع يقول “نحن كأبناء ومكونات مدينة تل أبيض نقوم بحماية المدينة والأهالي من خلال نصب حواجز داخل المدينة وعلى أطرافها بالإضافة إلى الخروج بدوريات جوالة”.
وأشار أكمكجيان أن “تركيا تهدف إلى النيل من مشروع أخوة الشعوب والتعايش المشترك الذي تنعم به المنطقة من خلال تهديداتها المستمرة بشن هجوم عسكري وتحشيد القوات قبالة مقاطعة كري سبي”.
وأكد المواطن الأرمني بأنهم سيقاومون ويدافعون عن أمن أهل المنطقة مهما كلفهم ذلك.
محمد حسن عضو آخر في قوات حماية المجتمع من المكون العربي يقول إن عملهم هو لحماية المدينة من أي تهديد.
وتابع “نحن نعيش بأمن واستقرار وتركيا تحاول ضرب الأمن والاستقرار في مناطقنا من خلال تهديداتها وتحشيد قواتها قبالة مدينة كري سبي”.
وأكد محمد حسن رفضه التهديدات التركية، وقال بأنهم سيحمون مناطقهم من أي عدوان يهدف إلى ضرب أمن واستقرار المنطقة.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأحد، خطوات مرتقبة لبلاده في منطقتي تل أبيض وتل رفعت شمالي سوريا وذلك في كلمة ألقاها أردوغان خلال استقباله رؤساء تحرير مؤسسات إعلامية تركية في مدينة إسطنبول.
ولفت أن بلاده تستعد لتحضيرات سيتم تنفيذها في تل أبيض وتل رفعت، مبينا أنه نقل الموضوع إلى زعماء روسيا والولايات المتحدة وألمانيا خلال مباحثاته معهم مؤخرا.
وأكد أردوغان أنه دعا الزعماء الثلاثة إلى دعم خطوات تركيا في المنطقة لوجستيا وجويا، وإنشاء بيوت في هذه المناطق (السورية)، يعود إليها السوريون القاطنون في المخيمات ضمن الأراضي التركية.
وأوضح أن الزعماء يوافقونه الرأي في هذه المقترحات، “إلا أنه عندما يأتي الأمر إلى التنفيذ يقولون لا يوجد نقود”.
وشدد على ضرورة أن تصل المنطقة الآمنة إلى عمق 30 إلى 40 كم داخل الأراضي السورية انطلاقا من الحدود التركية.
وأشار أن الولايات المتحدة لم تف بوعودها المتعلقة بإخراج وحدات حماية الشغب من منطقة منبج بمحافظة حلب شمالي سوريا.
مما وأكد تحالف “قوات سوريا الديمقراطية” أنه لا يريد الانخراط في حرب مع تركيا، محذرا رئيسها رجب طيب أردوغان من أن الهجوم على أي مناطق كردية شرقي الفرات سيحول المنطقة الحدودية لساحة حرب.
وفي حديث لصحيفة “يني أوزغور بوليتيكا” الكردية الصادرة في هولندا، قال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، إن الأرضية مهيأة، وقواته مستعدة لحدوث استفزازات ومؤامرات من الدولة التركية التي حشدت قوات كبيرة على الحدود مع الشمال السوري.
وأضاف: “لا يمكن أن يتكرر هنا (في منطقة شرق الفرات) ما حدث في عفرين، لن نسمح بذلك أبدا.. إذا بادر الجيش التركي إلى مهاجمة أي من مناطقنا، فسيتسبب ذلك بحرب كبيرة”.
وتابع قائلا إن مهاجمة الجيش التركي لمنطقة كري سبي (تل أبيض) “ستحول المنطقة الممتدة من منبج إلى ديريك لجبهة معارك واسعة”، وأشار إلى أن قيادة “قوات سوريا الديمقراطية” قد أخبرت قرارها لدول التحالف الدولي ضد “داعش”، ومن بينها الولايات المتحدة وفرنسا.
وشدد عبدي على أن حربا كهذه إن حصلت ستؤدي إلى نشوب حرب داخلية ثانية في سوريا، وستدوم حتى انسحاب تركيا.
وحول موقف واشنطن من هجوم تركي محتمل على المنطقة، أوضح عبدي قائلا: “لدينا اتفاق مع الولايات المتحدة فيما يخص الحرب ضد داعش، وحربنا مع داعش هي الآن في مناطق الرقة ودير الزور، وإذا حصل أي هجوم علينا، سوف تنسحب وحدات حماية الشعب التي هي ضمن قوات سوريا الديمقراطية إلى المناطق الحدودية، وحدوث ذلك يعني توقف الحرب على داعش.. وهذا سيضر بالاتفاق”.