رغم محاولاتها اعتماد أنظمة جديدة للتعليم، تعاني الجامعات المنشأة في شمال شرقي سوريا من صعوبات عدة، أبرزها غياب الاعتراف الدولي الذي يجعل مستقبل الطلاب ضبابيًا، ويجعلهم يفكرون بحلول للحصول على شهادة تخولهم للعمل خارج المنطقة رغم توفر فرص العمل محليًا.
وتستوعب هذه الجامعة ما يزيد على 1500 طالب بحسب ما ذكرت لجنة العلاقات الخارجية في جامعة “روج آفا”، لعنب بلدي.
توقفت جامعة عفرين عن العمل بشكل كامل بعد عملية “غصن الزيتون”، في كانون الثاني 2018، وتوزع طلابها بين جامعة حلب وجامعتي “كوباني” و”روج آفا”.
نائب الرئاسة المشتركة لجامعة “روج آفا”، المهندس مسعود محمد، يقول، إنه في الوقت الحالي لا يوجد اعتراف من الدول الإقليمية، لكن إدارة الجامعة تملك علاقات جيدة مع جامعات أخرى، نافيًا أن تكون هذه العلاقات بنيت على أساس سياسي، بل على أساس علمي، مع جامعات في كردستان العراق وفي أوروبا وأمريكا، وقد تم توقيع اتفاقيات علمية مع هذه الجامعات.
وأوضح عضو لجنة العلاقات الخارجية في الجامعة ذاتها، وليد بكر، أن الجامعة وقعت اتفاقيات علمية مع جامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية، وجامعة فيينا في النمسا وجامعة السليمانية في إقليم كردستان العراق.
وأضاف وليد بكر، لعنب بلدي، أن ما يهم الجامعة في الوقت الحالي ليس الحصول على الاعترافات الدولية، بقدر تأهيل كادر أكاديمي اختصاصي يسهم في خدمة المؤسسات بمناطق الإدارة الذاتية وخدمة المجتمع، على حد تعبيره.
لا تتوقف المصاعب على الاعتراف بالجامعة فقط، فالمشاكل تطال الكادر التدريسي أيضًا، من ناحية تدني الرواتب المدفوعة لهم من جهة، ومن ناحية خوف بعضهم من العمل في الجامعة مع تبعيتهم لمؤسسات النظام السوري، وهذا ما يمنعهم من العمل بأريحية، بحسب وليد بكر.
كما أن طبيعة النظام التعليمي التي اتبعته الجامعتان سببت مشاكل في البداية للكادر التعليمي، نظرًا لاتباعه نظام التقييم لا نظام الامتحانات، “التحدي الأساسي هو النظام التعليمي التي اعتمدته الجامعة، والمختلف عن الجامعات السورية والجامعات المنتشرة في المنطقة بشكل عام، إذ اعتمدت على نظام التقييمات لا نظام الامتحانات وهو نظام جديد كليًا حتى على أساتذة الجامعات الحاصلين على شهادات الدكتوراه أو الليسانس أو الماجستير من الجامعات السورية”، بحسب تصريحات مسعود محمد.
وتؤثر الخلافات السياسية بين النظام والإدارة الذاتية على سير العملية التعليمية ككل، وليس فقط على أوضاع أساتذة الجامعات، ما يؤثر بالتالي على الطلاب أيضًا.
وينفي مسؤولوا جامعة “روج آفا” أي تحديات تذكر فيما يخص الطلاب، إلا فيما يتصل بتوفير المراجع العلمية الكافية.
ويقول مسعود محمد إنه “بعد ثلاث سنوات من عمر الجامعة استطعنا تأمين المراجع من خلال الإنترنت أو من خلال علاقتنا الجيدة مع الجامعات الإقليمية والأوروبية، وتم حل هذه المشكلة”.
ويؤكد محمد أن الدراسة في الجامعة مجانية، ويملك الطالب حقوقًا وواجبات يتعاملون مع الجامعة من خلالها، كما يوجد مجلس خاص للطلاب يمثلهم ويشارك في القرارات التي تتخذها الجامعة، مشيرًا إلى سكن مجاني بجميع الخدمات مخصص للطلاب الوافدين من المناطق البعيدة عن مدينة القامشلي.
وتنفي صافية محمد، وهي طالبة في كلية الزراعة في جامعة “روج آفا”، وجود تقصير في الجانب العملي، مؤكدةً أن التعليم بغالبيته عملي وميداني، على عكس الجامعات الحكومية السورية التي لم تمتلك أقسامًا مخبرية وعملية، وكان الاهتمام مقتصرًا على الجانب النظري فقط.
وأشارت صافية إلى أن السلبيات الموجودة في الجامعة قليلة بالمقارنة مع المدة الزمنية لتأسيسها، خاصةً مع إحساس الطلبة بقيمتهم وعملهم المشترك للحفاظ على البنية التحتية للجامعة ومعاقبة أي مدرس يخطئ بحق الطلاب، بحسب وصفها.
وأوضحت الطالبة أن كل قسم يملك ناطقًا رسميًا باسمه يتكفل بالدفاع عن الطلاب وتقديم شكاواهم لإدارة الجامعة، وتتم محاسبة أي موظف أو إداري أخطأ بحقهم.
الهاجس الأكبر لأي طالب هو مستقبله بعد الانتهاء من الدراسة والالتحاق بسوق العمل، خاصة مع الظروف السياسية والعسكرية التي تعيشها سوريا ونسب البطالة المرتفعة والتراجع الاقتصادي في كل المناطق بمعزل عن القوى المسيطرة على الأرض.
لكن هذه المخاوف لا تشكل هاجسًا للطلاب في مناطق “الإدارة الذاتية”، وتشير صافية إلى أن الجامعة تؤمّن فرص عمل للطلاب، موضحة، “أنا أدرس في قسم الهندسة الزراعية، وكلّ طلاب هذا القسم مُلزم توظيفهم في هيئة الزراعة بالإدارة الذاتية الديمقراطية. هذا عدا عن أن الطالب يحق له افتتاح صيدلية زراعية”.
كلام صافية يؤكده وليد بكر، عضو لجنة العلاقات الخارجية في الجامعة، الذي أشار أن فرص العمل مضمونة بالنسبة للطلاب، إذ يتم التحاقهم بالعمل لدى مؤسسات الإدارة الذاتية ضمن اختصاصاتهم.
وأكد المهندس مسعود محمد أنه “في العام الماضي تم تخريج الدفعة الأولى بعد سنتين مكثفتين من الدراسة وتم توظيفهم جميعًا مباشرةً في مؤسسات الإدارة الذاتية، لأن هذه الإدارة أصلًا بحاجة ماسة لكوادر علمية مؤهلة، وكذلك بقية المؤسسات الموجودة”.
وأوضح أن “كل الاختصاصات التي تم افتتاحها في الجامعة، تحتاجها المنطقة بشكل كبير، لذا فجميع الخريجين يعملون مباشرة في دوائر الإدارة الذاتية”، بحسب وصفه.