على غرار غالبية الدول العربية والأجنبية التي يتواجدون فيها، تحوّلت قضية اللاجئين السوريين في تركيا إلى ورقة سياسية، أكثر منها إنسانية، حيث تُطالب عدّة أحزاب وقوى سياسية بعودة اللاجئين إلى بلادهم، لعباً على وتر القومية لكسب أصوات الناخبين، وهذا ما بدا واضحاً في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية يونيو 2018، وفي الانتخابات المحلية 31 مارس الماضي.
وكشفت إحصائيات رسمية تركية أنّ عدد السوريين الذين تم تجنيسهم في البلاد بلغ ما يزيد عن 50 ألفاً، لكن لا توظيف لهم في القطاع الحكومي رغم أنّهم أصبحوا قانونياً مواطنين أتراك، حيث أنّ صبغة الأجنبي ما زالت طاغية على وجودهم في تركيا.
وكانت الحكومة التركية سمحت وللمرّة الأولى، للسوريين الذين تم تجنيسهم بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 24 يونيو الماضي، سواء بالترشح أو الانتخاب.
وفي ظل ما يُقارب الأربعة ملايين لاجئ، يتوزعون على كافة الولايات التركية الثمانين، أصبحت قضية السوريين، مادة تستغلها الأحزاب الحاكمة والمُعارضة في تركيا لغايات سياسية. وهو ما بدا واضحا بقوة خلال الانتخابات البلدية الأخيرة، في خطاب حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض.
وكان مرشح حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم للانتخابات البلدية التركية في إسطنبول، بن علي يلدرم، وهو الرئيس السابق لكل من مجلس الوزراء والبرلمان، قد هدّد خلال حملته الانتخابية مارس الماضي، بإعادة السوريين إلى بلادهم، حيث أبدى غالبية السوريين في تركيا تخوّفهم بعد موجة من التصريحات التي تتحدث عن رجوعهم إلى سوريا.
ويشكّل السوريون ما يقرب من ثلث إجمالي عدد اللاجئين في العالم، وتستضيف تركيا نسبة 63.4 % منهم. وتُشير العديد من التقارير إلى أنّ هذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين، ترك آثارا كبيرة ديمغرافيا وسياسيا واجتماعيا على المجتمع التركي، وقد مثل تواجدهم، وفقا لآخر الإحصاءات، ما نسبته 4.2% من عدد سكان البلاد.
وتشير الأرقام إلى أنّ نحو 1.2 مليون سوري يعملون بشكل غير رسمي في تركيا. ويشتكي كثير من الأتراك، من أن السوريين باتوا يأخذون فرص العمل منهم، بقبول معظم هؤلاء بأجور أقل من أجور العمال الأتراك، رغم أنهم يقبلون بالعمل في ظلّ ظروف قاسية.
في الوقت نفسه تشير الأرقام إلى أن نسبة البطالة في تركيا، سجلت في مايو الماضي، أعلى نسبة لها على مدار عقد كامل. وهذا عامل يضاف إلى عوامل عدّة تمدّ أحزاب المعارضة التركية بذخيرة لا بأس بها، في مجال استغلال ورقة اللاجئين السوريين في أية انتخابات مستقبلية.
وخلال معظم المحطات الانتخابية الماضية، تصدّر حزب الشعب الجمهوري العلماني أكبر أحزاب المعارضة التركية، الحملة ضد اللاجئين السوريين، وقدم وعوداً مختلفة للناخبين، بالعمل على إعادتهم إلى بلادهم حال فوزه بالانتخابات، مُستنداً إلى قائمة طويلة من الاتهامات، التي حاولت الحكومة طوال السنوات الماضية تفنيدها دون جدوى.
وخلال حملة الانتخابات المحلية/البلدية، التي شهدتها تركيا في مارس الماضي، تصدّر الجدل حول اللاجئين السوريين برامج بعض الأحزاب التركية، خصوصا الحزب الصالح الذي تتزعمه ميرال أكشينار، المنشقة عن حزب الحركة القومية التركية.
ووفقاً لتقرير أعدّته “بي بي سي” العربية، فإنّ الحملات المناوئة للاجئين السوريين استندت تقليديا إلى قائمة طويلة من الاتهامات المعتادة، أبرزها أن اللاجئين السوريين يحصلون على راتب شهري ومساعدات مالية من الدولة التركية، ويدخلون الجامعات من دون امتحانات قبول، ويحصلون على مساعدات سكن وشقق سكنية بالمجان، ويرتبكون نسبة عالية من الجرائم، ولا يدفعون الضرائب، ويحصلون على امتيازات اقتصادية تفوق تلك التي يتمتع بها المواطنون الأتراك، وغيرها الكثير.
وتأتي هذه الدعوات والحملات، فيما تواصل أعداد الخسائر البشرية الناجمة عن استهداف حرس الحدود التركي ارتفاعها، إثر قتل مزيد من السوريين ممن حاولوا الهروب من قصف النظام السوري فتلقَّفهم الموت برصاصات تركية.
وتُظهر العديد من الأشرطة المُصوّرة اعتداء حرس الحدود التركي على شبان ومواطنين سوريين بعد اعتقالهم خلال محاولتهم عبور الشريط الحدودي، حيث يعمد عناصر حرس الحدود إلى ضربهم وتوجيه الشتائم لهم.
المصدر: احوال تركية