بدأت وسائل اعلام التركية تتحدث عن الواقع الجديد الذي ستفرضه نتائج الانتخابات البلدية التي أجريت في تركيا في 31 آذار/مارس نتيجة الهزيمة القاسية التي تعرض لها حزب العدالة والتنمية الحاكم بخسارته في كبرى المدن التركية منها أنقرة واسطنبول وازمير…
وسيشكل ملف اللاجئين السوريين القضية الأكثر اهمية لا سيما وأن المعارضة ظلت تتوعدهم بالترحيل وأنهم يشكلون عبئا ثقيلا على الدولة التركية.كما وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحدث ضمن برنامج حزبه الانتخابي أنه ملتزم باعادة السوريين لبلادهم.
ويبدو أن الحكومة التركية بدات تعمل على بلورة خطة لترحيل المزيد من السوريين بهدف توطينهم في منطقة عفرين.و«تشمل الخطة بناء 40 ألف وحدة سكنية بدعم قطري»، و«خلق فرص عمل ومشاريع في مجالَي المواصلات والصحة والتعليم والخدمات والأمن والجيش».
ومع بدء الحرب التركية على منطقة عفرين قبل عام نزح قرابة 300 ألف من سكانها وبقي أقل من 30% في قراهم وتم منع عودة النازحين وجرى توطين دفعات من القادمين من الغوطة الشرقية وريف دمشق وحماة وحمص وإدلب في مساكنهم.
موقف المعارضة الفائزة في تركيا من اللاجئيين السوريين:
اعتمد زعيم المعارضة التركية، كمال قليجدار أوغلو، خطاب مشدد تركز على ضرورة إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، مشيرًا أنه لا يرى منحهم الجنسيات التركية “أمرًا صائبًا”. وتعهّد قليجدار أوغلو في أكثر من مناسبة، بطرد اللاجئين السوريين من الأراضي التركية في حال وصوله إلى السلطة، الأمر الذي قوبل برفض شعبي كبير في تركيا.
وقال قليجدار أوغلو في تصريحاته بخصوص اللاجئين السوريين “نعم كانت هناك حرب، واشتباكات في سوريا، وشاركناهم طعامنا، لكن عليهم أن يعودوا الآن لبلدهم، ولا أراى منحهم الجنسيات أمرًا صائبًا”. واتهم حكومة حزب “العدالة والتنمية” تهدر الأموال عليهم بدلاً من استخدام هذه الأموال في زيادة رفاهية الشعب التركي.
كما وتعهد حزب “إيي” (الجيد) التركي المعارض، عن ضرورة إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وشددت رئاسة الحزب على إن 200 ألف سوري يعيشون اليوم في مرسين التي تعدّ “لؤلؤة تركيا”، الأمر الذي تسبب بانخفاض مستوى المعيشة.
ورأت أن هؤلاء اللاجئين يعيشون في الوقت الراهن بمرسين بسبب السياسات الخاطئة التي انتهجها رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان.
تجدر الإشارة أن تركيا تتصدر دول العالم من حيث استيعاب عدد اللاجئين، حيث تستضيف قرابة 3 ملايين لاجئ من إجمالي عددهم حول العالم بحسب الأرقام الرسمية التركية.
خطة التوطين:
تربط تركيا دائما اعادة اللاجئين بانشاء منطقة امنة، هي تعتبر المناطق التي “احتلتها” شمال غرب سوريا وشرقي حلب مناطق آمنة، وإنها تشهد عودة الكثير من اللاجئين إليها… لكن الأرقام التي تعلنها تركيا غير حقيقة، فلم يحدث أن تم تسجيل عودة أي من اللاجئين السوريين في دول العالم عدا تركيا اليها، وهم باعداد قليلة للغاية، وليس كما تذيعها تركيا في قنواتها الإخبارية…رغم أن الرئيس التركي أشار مؤخرا عن عودة 300 ألف الى مناطق “درع الفرات” و “غصن الزيتون” لكن حينما يعيد احصائيات اللاجئين السوريين في تركيا يكرر نفس العدد السابق، ويركز على 3,9 مليون، رغم أن الاعداد يجب ان تتناقص إلى أقل كون تركيا بالأصل اغقلت كل طرق التهريب، وبواباتها وحدودها أمام اللاجئين الجدد…
لكن يبدو أن النظام التركي يبتز كل من الغرب و روسيا والولايات المتحدة وحتى النظام السوري بورقة اللاجئين مثل يبتز منظمات الأمم المتحدة ويحثها على تقديم المزيد من الدعم المالي كونها دولة ترعى اللاجئين.
نجاح الخطة التركية – الروسية في ما سمي قبل عام بصفقة الغوطة مقابل عفرين، وقيامهم بتوطين لاجئي الغوطة وريف دمشق في منطقة عفرين، بعد تهجير ثلثي سكانها دفع تركيا للتفكير بالمزيد وبدأ يتحدث عن شرقي الفرات، وعن تلرفعت ومنبج، وأنها ستضمن عودة 1 مليون سوري إلى تلك المناطق. علما أنها مناطق مستقرة، أمنيا وخدميا، وتشهد كثافة سكانية وتنمية وازدهار في سوق التجارة والعقارات..يبدو أن الهدف التركي مرتبط بتهجير سكان المنطقة الحالية، كما فعلت في عفرين، بهدف تشكيل حزام “عربي” يفصل أكرادها عن أكراد سوريا، خاصة وأن مخطط “المنطقة الآمنة” يهدف لتوغل تركيا إلى 30 كم، وهي مناطق الأكراد على طول الحدود.
بطبيعة الحال تسير تركيا بخطتها الخاصة لإعادة توطين أكبر عدد ممكن من اللاجئين السوريين، وأن تلك الخطط ستتسارع لا سيما بعد الهزيمة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية خاصة وإن الرأي العام التركي بات يضغط أيضاً على حكامه للتخفيف من عبء اللاجئين. ولا يقتصر الضغط على جمهور المعارضة المؤيد لأحزاب تتبنى موقفاً “سلبياً” قومياً وسياسياً من جمهور المعارضة السورية في تركيا، بل إن التململ يصل في الكثير من الأحيان إلى أطياف واسعة من جمهور الحزب الحاكم “العدالة والتنمية”، وهو ما تستشعره القيادة التركية، وبناءً عليه تحاول التسريع من مشاريعها التنموية وخدمية وغيرها.
وعملت الحكومة التركية على النهوض بمنطقة “درع الفرات” من واقع خدمي وتعليمي وطبي سيئ، وبذلت جهوداً في إنشاء مستشفيات، وجامعات، ومدارس، ومراكز خدمية للسوريين المقيمين في المنطقة في ريف حلب الشمالي والشمالي الشرقي بهدف رئيسي هو تأمين الظروف المعقولة لعودة أكبر قدر ممكن من اللاجئين المقيمين على أراضيها. ومن المنتظر أن يتم خلال العام الحالي افتتاح العديد من المنشآت الكبرى في المنطقة، إثر الانتهاء من مستشفى الباب، الذي يعد الأول من نوعه في المنطقة على صعيد المساحة والسعة والتخصصات والكوادر الطبية والإمكانيات. وبيّن القائمون على المستشفى أن قدرته الاستيعابية تبلغ 200 سرير وثماني غرف عمليات، ومخبر تحاليل كامل. ويعد مستشفى الباب الجديد الأول من نوعه في المنطقة، ومن المنتظر أن يدخل الخدمة قريباً بعد استكمال كادره الطبي والإداري. كما ستقوم الحكومة التركية بإنشاء مستشفيات أخرى، خصوصاً في مدينة إعزاز، أبرز مدن ريف حلب الشمالي، ومستشفى آخر في مدينة جرابلس شمال شرقي حلب، وهناك مستشفيان في بلدتي مارع والراعي في طور الإنشاء ما يعني تقديم خدمات طبية متكاملة لسكان منطقة “درع الفرات”، و”غصن الزيتون”.
ويوجد30 مستوصف وستة مستشفيات في الخدمة في مناطق “درع الفرات” و “غصن الزيتون”، تشرف عليها وزارة الصحة التركية، في مدن الباب وجرابلس وإعزاز وعفرين .
كما وتشهد المنطقة عمليات إعادة إعمار لمساكن جديدة باشراف من شركات تركيا ودور لقادة الفصائل، بالإضافة إلى إنشاء مساكن جديدة، بهدف اتمام توطين آلاف النازحين من ريف دمشق وريف درعا وجنوب دمشق ومن مدينة حمص وريفها. كما و”قامت الحكومة التركية بترميم بعض المدارس والمساجد في المنطقة، وأقامت حدائق عامة، فضلاً عن الاهتمام بالطرق التي تربط بين مدن وبلدات المنطقة”. وأن وزارة التربية التركية تشرف على المدارس وتصرف رواتب للمدرسين السورية تعادل 150 دولاراً أميركياً. كما أنشأت جامعة غازي عنتاب فرعاً لها في مدينة جرابلس السورية، وطلبت أخيراً كادراً للتدريس بمختلف الاختصاصات. كما أنشأت جامعة “حران” التركية فرعاً لها في مدينة الباب السورية، يضم اختصاصات علمية وأدبية عدّة.
والخطة التركية تجري على عدة مراحل منها توطين سكان المخيمات في منازل دائمة أولا، توزيع البطاقات الشخصية لهم واعتبارهم من السكان، إضافة إلى الدفع اللاجئين في أراضيها للعودة من خلال توفير فرص عمل لهم، ومنح إذن العبور من المعابر التركية ذهابا إلى سوريا وايابا كل فترة، حتى اتخاذ قرار الاستقرار النهائي والعودة..
تبقى العقبة الكبرى هي الفوضى والفلتان الأمني حيث لا يزال الوضع الأمني غير مستقر في ظل “فوضى السلاح”، وتعدد الفصائل المتباينة في الأهداف. ولم يحاول الجيش التركي بشكل واضح وجاد “لجم” أو “تقليم أظافر” هذه الفصائل المتفلتة التي لا تزال “تعيث فساداً في المنطقة دون رادع حقيقي”، وفق مصادر محلية. وتنتشر في المنطقتين العشرات من الفصائل التي تقيم حواجز بين المدن والبلدات، فضلاً عن دخولها، بين فترة وأخرى، في احتراب داخلي بسبب النفوذ والسيطرة وهو ما يعزز بيئة عدم الاستقرار الأمني.
5 ملايين لاجئ في تركيا
وعلى الرغم من كون اللاجئين السوريين هم الأعلى عدداً بالنسبة للاجئين في تركيا، لكنهم فعلياً يشكلون ثلثي اللاجئين، ووجودهم بأعداد كبيرة يغطي على لاجئين من دول ومناطق سبقوا السوريين إلى تركيا بسنوات، وعلى رأسهم الأفغان والعراقيون.وبحسب تصريح للرئيس التركي يوم الإثنين الفائت، والذي قال فيه أن تركيا تحتوي خمسة ملايين لاجئ، منهم 3.5 مليون سوري، يبقى حوالي مليون ونصف المليون من اللاجئين من دول عدة.وتقول تقارير نشرتها الأمم المتحدة، إن نسبة اللاجئين السوريين في تركيا هي 68 بالمئة من مجمل اللاجئين، في حين تشكل باقي الجنسيات ما نسبته 32 الباقية من عدد اللاجئين في تركيا حتى نهاية 2018.